تقف الاسرة في الوقت الحاضر امام تحديات مختلفة خاصة ونحن نشهد تطورات في التكنولوجيا والتقنيات الحديثة بشتى المجالات، حيث غرقت الاسواق بالاجهزة المتطورة ونخص بالذكر منها ما يتعلق بما نريد التطرق اليه في السطور القادمة وهو الهاتف الذكي والتلفاز.
تلك التطورات جعلت ارباب الاسر في تحد صعب يتمثل في كيفية تربية ابنائهم التربية التي معها يتحصنون من الانزلاق في مغريات ما يعرض وما يسمع على شاشات التلفاز وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات وذلك من خلال تقوية الوازع الديني لديهم وتعريفهم الصح من الخطأ وأخذ ما يمكن ان يفيدهم من التكنولوجيا.
المجتمع العربي وما يتمتع به من عادات وتقاليد جعل منه مجتمعا صالحا قادر على ان يكون مثالا يحتذى به من قبل المجتمعات لاسيما ما يتعلق بتنظيم الاسرة وطبيعة العلاقات بين جميع افرادها، الدين الاسلامي دين شامل وكامل لم يثتني جزئية من الحياة البشرية الى ونظمها فهو دين لم يدعو الى التخلي عن التتطور في مجالات الحياة بل على العكس دعى الى العلم والمعرفة والتقدم.
الوظيفة الاساسية التي تقوم بتأديتها الاسرة للمجتمع هي وظيفة التنشئة الاجتماعية لافرادها والتي بموجبها يتم تزويد المجتمع بعناصر يحملون العادات والتقاليد الاصيلة، لكن ومن الملاحظ باتت تلك المنظومة القيمة تأخذ بالتهاوي امام معاول التغيير التي عصفت بالمجتماعات الانسانية والاسلامية على وجه الخصوص.
الحداثة المعاصرة مثلما لها الكثير من الايجابيات غير القابلة للعد لها من جانب آخر سلبيات جمة، حيث ساهمت وبشكل كبير في اطماس ملامح الاسرة العربية القائمة على المودة والتفاهم وخلفت محلها عادات دخيلة لا يمكن ان تتماشى وطبيعة المجتمع الاسلامي.
نرى اليوم وبفعل الانفتاح على العالم الخارجي عبر وسائل متعددة منها وعلى سبيل المثال لا الحصر التلفاز والهاتف المحمول الشباب وغيرهم من افراد المجتمع يحاولون الانسلاخ عن هويتهم المجتمعية واستبدالها بما لا يليق وموروثهم الثقافي.
العولمة وعبر ادواتها المتعددة تهدف وبنسبة معينة لتفكيك النسيج المجتمعي وخاصة المجتمعات العربية بالتحديد من خلال تقويض الاسس الدينية التي تشكل ركائز مهمة لحياة افراد المجتمع وتماسكه وذلك من خلال ماطرحته من قواعد جديدة محاولة منها التلاعب بمقدرات الشعوب العربية تحت مسميات وافكار مستلهمة من الرؤية الغربية.
لقد اثرت العولمة على الاسرة من محاور عدة من بينها تغيير نمط العلاقات الاجتماعية والتواصل الاسري بين الازواج وظهور علاقات جديدة بمسميات عولمية فضلا عن استهداف المراة بشكل رئيس محاولة من ذلك محو خصوصيتها الاخلاقية والثقافية والتاريخية.
ولم تسلم من سطوة العولمة جميع مفاصل الاسرة فنشاهد تغيير الثقافة الاسرية وخاصة علاقة الابناء بالآباء وضعف التواصل الاسري بينهم من خلال التأثر بماتعرضه الفضائيات من برامج وافلام بعيدة عن واقعنا الذي نعيشه، اضف الى ذلك الشبكة العنكبوتية والموبايل كلها امور اصبحت جزء لاتتجزأ من حياتنا اليومية ومن الكماليات التي قد يراها الكثيرين لايمكن ان تستمر حياتهم بدونها، وحتى الطفولة وضعت ضمن دائرة الاستهداف من قبل العولمة ذلك عبر منافذ عدة وبصور متباينة ولكن بشكل غير معلن يندرج ضمن الدعوات من اجل حماية الطفولة.
في القديم كان رب الاسرة هو من يتحكم بمجريات الامور ويصدر القرارات الخاصة بالمنزل ويعمل جاهدا من اجل توفير المتطلبات الاساسية للحياة اليومية، بينما كانت علاقة المرأة بزوجها علاقة الطاعة والخضوع ويشتمل عمل المراة على تربية الاطفال ورعايتهم، مع تقادم الايام والتطورات التي حصلت تشوهت تلك الصورة وبرزت الخلافات للسطح وباتت العلاقة قائمة على التكاملية بعيدا عن الاحادية في اتخاذ القرارات.
للعولمة تأثير مباشر على التقاليد والعادات، بما في ذلك عادات الملبس والمأكل من حيث اختلافه في الطريقة والنوعية، فالملابس الشعبية صارت شيئاً من التراث، وطعام الوجبات السريعة اصبح جزءاً من حياتنا وثقافة اضيف لثقافتنا.
واثبتت دراسات لمختصين ان للعولمة تأثير واضح على اللغة الأم التي اخذت بالانحسار وظهور لهجات عبارة عن خليط منوع، حيث سيطرت بعض المفردات الاجنبية على لغة التخاطب اليومي بين شرائح المجتمع لاسيما الشباب منها.
وبعد الخوض بتأثيرات العولمة في الجانب الاسري والمجتمع الاسلامي، لابد من التسلح بالطرق والوسائل من اجل المحاربة والوقوف بوجه الهجمات التي تريد طمس الهوية العربية والاسلامية تحديدا وجعل الافراد يرتدون غير ردائهم، الى جانب تعزيز الافكار الرامية للنيل من النظام الاجتماعي القائم على مبادئ تحفظ للانساية كرامتها وللفرد هيبته وحقوقه التي نصت عليها التعاليم الالهية وحفظتها القوانين الوضعية، اذ من الضروري ان تكون وقفة جادة لاستعادة المجد المسروق والتأريخ الانساني الزاخر.
رابط المصدر: