عبد الامير رويح
في ظل اتساع رقعة الخلافات والصرعات الدولية المستمرة، ومع ازدهار التطور العلمي والتكنلوجي العسكري الكبير في العديد من الدول، باتت الطائرات المسيرة أو ما يعرف بـ”الدرونز” وكما نقلت بعض المصادر، رقماً مهماً في معادلة الصراعات والتوازنات الاستراتيجية في توترات، حيث شهدت السنوات الأخيرة استخدام مفرط ومتزايد لهذا النوع من الطائرات التي أضحت السلاح الأكثر استخدام في ميادين الحرب وغيرها. وكانت النتائج التي حققتها تلك الطائرات خلال أحداث كثيرة وخصوصا في المجال العسكري، لافتة إلى حد الدخول في مرحلة المنافسة بين دول عدة من ناحية تطويرها والاستفادة منها.
وبحسب التقارير الأمنيَّة والعسكريَّة المتخصصة، فإن الطائرات من دون طيار أو الطائرات المسيَّرة أو ما يعرف بـ”الدرونز”، هي أسماء تُطلق على طائرات صغيرة يتحكم فيها عن بعد، واستخدمت في البداية لأغراض بحثية وعلمية، إلا أنها سرعان ما استخدمت لأغراض عسكرية، سواء تجسس أو تصوير منشآت، وأخيراً حملت متفجرات بغرض استهداف القوات والمنشآت، وتنفيذ اعتداءات وهجمات. ووفق الدراسات المعنيَّة، ظهر أول هذه الأنواع من الطائرات المسيرة للمرة الأولى في بريطانيا عام 1917، واستمرت عدة عقود تستخدم بصفتها طائرة انتحارية تتصدى لطائرات معادية، حتى استخدمها كل من الولايات المتحدة وألمانيا في الحرب العالميَّة الأولى، ثم لحق بهما الاتحاد السوفييتي في ثلاثينيات القرن الماضي.
وأتاحت الحرب العالميَّة الثانية (1939 – 1945)، والحرب الكورية (1950 – 1953)، المجال لاستخدامها من قبل القوات الأميركية في الأغراض التدريبية، وكصواريخ موجهة، وفي التصدي للطائرات الحربية المأهولة بالطيارين، إلى أن تطور دورها ليشمل المجال الاستخباري الذي برز بعد حرب فيتنام (1955 – 1975)، في حين زودت للمرة الأولى بالصواريخ في الهجوم على كوسوفا عام 1999.
في السنوات الأخيرة باتت سلاحاً رئيساً، لا سيما بمنطقة الشرق الأوسط، للتنظيمات والقوى العسكرية، لكن اختلف استخدامها بين ما هو مشروع، وما هو غير مشروع. يقول موقع “أرمي تكنولوجي”، المعنيُّ بتطور التكنولوجيا العسكرية، “الطائرات من دون طيار تتكون من جزأين: الأول الطائرة، والثاني وحدة التحكم الأرضي، وتكون كل وسائل الاستشعار والملاحة الجوية والاتصال اللا سلكي مثبتة في مقدمة الطائرة، بينما بقية التقنيات في باقي جسم الطائرة، التي لا يوجد بها مكان مخصص للبشر. ويضيف يجرى التحكم في طائرات الدرون المتطورة عبر نظام الطيران الآلي، بينما يجلس طيار فعلي حقيقي في مركز القيادة والسيطرة، وهو الذي يحدد المسار كما يقدم المعلومة لتفادي الأخطار.
إسرائيل
بينما تخوض معركة ضارية للحصول على حصة في السوق العالمي ضد قوتين عظميين، الصين والولايات المتحدة، تعتبر صناعة الطائرات المسيرة في إسرائيل أن لديها سلاحا سريا يدعم إنتاجها: الخبرة العسكرية. ويستخدم الجيش الإسرائيلي يوميا الطائرات المسيرة لإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على التظاهرات الفلسطينية، أو لمراقبة مواقع حزب الله في لبنان، أو لضرب مقار تابعة للجهاد الإسلامي أو غيره في قطاع غزة.
ويشغل المناصب العليا في الشركات الإسرائيلية المصنعة للطائرات المسيرة مسؤولون عسكريون واستخباراتيون سابقون أصبح الكثير منهم مؤسسين أو مهندسين في الشركات المحلية الناشئة. واستخدمت إسرائيل الطائرة بدون طيار عام 1969 للتجسس على جارتها مصر. وكانت الطائرة متصلة بكاميرا وتم التحكم فيها عن بعد. لاحقا، أصبح استخدام هذه الطائرات أكثر شيوعا، واستعانت فيها إسرائيل خلال الحرب في لبنان عام 1978، لكنها لم تكن متطورة تقنيا.
وبعد نصف قرن، أصبحت الدولة الصغيرة قوة عالمية في صناعة الطائرات المسيرة وتنافس في هذا المجال الصين والولايات المتحدة الأميركية. ويساعد استخدام إسرائيل للطائرات المسيرة ضد أعدائها على تسويق هذا النوع من الطائرات في الخارج. كان رونين ندير قائدا عسكريا متخصصا في تطوير الصواريخ قبل تأسيس شركته “بلو بيرد آيرو سيستمز”. وتبيع شركته الطائرات المقاتلة بدون طيار في جميع أنحاء العالم، ومنها “في تول”، وهي طائرة بدون طيار تقلع وتهبط عموديا مثل المروحيات ولكن بأجنحة لتحسين السرعة. ويمكن للطائرات المسيرة أن تقلع وتهبط في بلدة أو غابة أو على ظهر مركب في البحر.
ويقول ندير “لن تصدق ذلك، استغرق الأمر أربعة أشهر فقط، بين التخطيط على الورق إلى عرض هذه الطائرات على الزبون الأول”. وأضاف “تم بيع المئات منذ تشرين الأول/أكتوبر 2018”. ويقول ندير “عندما تقوم شركة أميركية بتطوير طائرة صغيرة بدون طيار ثم يستخدمها المارينز في العراق أو أفغانستان، فإن الأمر يستغرق بضع سنوات ما بين تطوير النظام واستخدامه في ساحة المعركة”. أما في إسرائيل، ف “كل العاملين في هذه الصناعة هم جنود وضباط سابقون في الجيش”.
ويوضح أن “المهندسين العاملين على تطوير الأنظمة هم في الاحتياط، يقومون في الواقع باختبار هذه الطائرات في الخدمة الفعلية على الأرض. وعندما يعودون الى المكتب، يعطون تقييما فوريا لما اختبروه”. لذلك، فإن دورة تطوير هذه الطائرات قصيرة بالنسبة اليه، ما يضمن لإسرائيل أن تواكب “أحدث التطورات” الحاصلة في هذه الصناعة. وصنفت إحدى الدراسات في العام 2013 إسرائيل كأكبر مصدّر للطائرات المسيرة في العالم، بحسب ما نقلت عنها السلطات المحلية.
ومنذ ذلك الحين، زادت الولايات المتحدة بشكل كبير صادراتها من “غلوبال هوك”، وهي طائرة مسيرة متطورة الأداء ومرتفعة الكلفة. كما زادت من صادراتها من طائرات “بريداتور” التي تباع في الأسواق الأوروبية بشكل خاص، ما جعلها تتقدم على حليفتها إسرائيل. ويشير مدير تحليل الأسواق في شركة “تيل غروب” الأميركية فيليب فينيجان، إلى أن الصين التي تقدم حلولا أقل كلفة وأقل جودة هي الآن أيضا متقدمة على إسرائيل، وغالبا ما تبيع هذه الطائرات إلى دول ليس للدولة العبرية علاقات معها.
وينوه فينيجان إلى أن “الصعوبة في تصنيف الشركات الإسرائيلية في السوق مرده إلى كونها تحافظ على السرية التامة في ما يتعلق بما تبيعه ولمن، وكذلك يفعل الصينيون”. لكنه يشير الى أن إسرائيل “تبقى بالتأكيد في أحد المراكز الثلاثة الأولى، إن لم تكن في المرتبة الثانية”. وفي مؤتمر عقد أخيرا في “مدينة المطار”، وهي المنطقة الصناعية القريبة من مطار تل أبيب، وجه رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية في إسرائيل “شين بيت” نداف أرغمان رسالة مفادها “نحن نشتري التقنيات الإسرائيلية قبل أي شي آخر”. بحسب فرانس برس.
أما نائب قائد الشرطة الأسبق زوهر دفير فقال “من أجل البقاء على قيد الحياة، علينا دائما أن نتقدم إلى الأمام بما في ذلك في مجال الطائرات المسيرة”. وزوهر دفير عضو مجلس إدارة في شركة “غولد درون” المتخصصة في الطائرات المسيرة الزراعية. ويقول زوهر “حتى هنا، الخبرة العسكرية في متناول يدي”. أما بن ألفي من شركة “بي دبليو آر” المتخصصة في الطائرات المسيرة، فينوه إلى أن “الزراعة اليوم أكثر مكان فيه فرص” لاستخدام الطائرات المسيرة. ويشير ألفي إلى أن الطائرات المسيرة تلعب دورا محوريا متزايدا في إحداث ثورة في الممارسات الزراعية سواء في الرش أو الحصاد أو التلقيح. ويضيف “عندما يتعلق الأمر بأنظمة هندسية فعالة من حيث التكلفة والكفاءة… فإن إسرائيل هي الأفضل”.
إيران
الى جانب ذلك كشفت عن طائرة مسيّرة قتالية جديدة باستطاعتها أن تضرب أهدافاً خارج حدود البلاد. وأكد قائد قوة الدفاع الجوي الإيراني العميد علي رضا صباحي-فرد وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء “إرنا” الرسمية، أن هذه الطائرة التي أطلق عليها اسم “كيان” صُمّمت وصُنعت وجُرِّبت خلال عام فقط. وصرّح أن هذه الطائرة صُمّمت “في نوعين، مع قدرة عالية السرعة لمهام الاعتراض والاستطلاع واستمرارية التحليق المرتفع لمهام التصويب بدقة عالية جداً”. وأزيح الستار عن الطائرة ذات اللونين البرتقالي والأبيض.
وأضاف أن الطائرة المسيّرة لديها قدرة على الطيران “لأكثر من ألف كيلومتر والعثور على هدفها بدقة” وهي قادرة على “استهداف أهداف بعيدة عن حدود البلاد وتأمين الدفاع الجوي في أراضي العدو”. وأفادت قنوات التلفزة الإيرانية أن الطائرة قادرة أيضاً على حمل أنواع عدة من الذخيرة وعلى التحليق على ارتفاع خمسة آلاف متر. ويأتي هذا الإعلان في خضمّ توترات بين طهران وواشنطن على إثر الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة من الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات أميركية قاسية تخنق الاقتصاد في إيران.
وشهدت التوترات بين البلدين تصعيداً جديداً بعد هجمات غامضة تعرضت لها سفن في منطقة الخليج في أيار/مايو وحزيران/يونيو. وأسقطت إيران طائرة أميركية بحسب طهران فيما أسقطت الولايات المتحدة طائرة أخرى نفت إيران أن تكون عائدة لها. واحتجزت السلطات البريطانية في جبل طارق ناقلة نفط إيرانية ثم أُفرج عنها في حين احتجزت إيران ثلاث ناقلات نفط إحداها ترفع علم بريطانيا حليفة الولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.
وتثير هذه النزاعات البحرية الخشية من تصعيد خارج نطاق السيطرة رغم أن تهدئة خفيفة سُجلت أثناء انعقاد قمة مجموعة السبع في بياريتس في فرنسا في أواخر آب/أغسطس. وشكلت طائرات مسيّرة أيضاً محور توترات في الأيام الأخيرة خصوصاً في لبنان حيث اتهم حزب الله إسرائيل بتنفيذ اعتداء بواسطة طائرتين مسيّرتين على معقله في جنوب بيروت.
ليبيا
على صعيد متصل تبدو سماء ليبيا مزدحمة اليوم أكثر من أي وقت مضى ليس بسبب كثافة الطيران التجاري بل بنوع آخر من الطائرات العسكرية الذكية المسيرة، وخصوصا الإماراتية والتركية بينما لم يتمكن أي من طرفي النزاع من حسم المعارك في جنوب طرابلس بعد مرور أشهر على بدئها. وتتبادل القوات الموالية للمشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد الذي يشن هجوما للسيطرة على العاصمة منذ الرابع من أبريل/نيسان، وحكومة الوفاق المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، الاتهامات باستخدام الطيران المسير في شن الهجمات. وليس لدى ليبيا هذا النوع من الطائرات.
ويرى الخبير في الشؤون العسكرية أرنو دولالاند أنه بعد “الاستعمال المكثف للطيران الحربي في بداية الحرب، خرجت معظم الطائرات عن الخدمة وأصبحت بحاجة للصيانة ما اضطر الطرفين للتسلح بنوع متقدم (من الطائرات) بدون طيار”. وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في فيديو نشرته الأمم المتحدة إن ليبيا “على الأرجح أكبر مسرح لحرب الطائرات المسيرة في العالم”. ونوه سلامة “باستخدام مكثف جدا للطائرات المسيرة” في الأسابيع الأخيرة، مشيرا إلى أنها نشرت “600 مرة في جهة و300 مرة على الجهة الأخرى” دون أن يوضح أي جهات يشير إليها.
من جهته، يؤكد العميد المتقاعد من الجيش أحمد الحسناوي أن مشاركة طيران أجنبي مسير في المعارك الدائرة بطرابلس، ليس سرا. وقال لوكالة الأنباء الفرنسية إن “سلاح الجو (الليبي) لا يملك على الإطلاق هذا النوع من الطائرات، بل أسطوله مشكل من طائرات تعود للحقبة السوفيتية قبل أربعين عاما”. وأشار إلى أن “ليبيا لا تملك جيشا نظاميا” و”الدعم التركي للسراج والإماراتي لحفتر واضح للعيان”. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن حسم المعركة برا في غياب قوات نظامية لدى الطرفين صعب إن لم يكن مستحيلا. وقال إن “الأمر معقد وحسم معركة دون تدخل جوي فعال ليس سهلا”.
ويواصل الطرفان تكثيف هجماتهما بالطائرات المسيرة. وتستهدف طائرات حكومة الوفاق قاعدة الجفرة الجوية على بعد 650 كلم جنوب شرق طرابلس، التي تتخذها قوات حفتر قاعدة عمليات وإمداد رئيسية، لأنها بوابة حيوية تربط بين مدن شرق وجنوب وغرب ليبيا. أما القوات الموالية لحفتر، فتواصل ضرب القاعدة الجوية في طرابلس ومصراتة التي تبعد نحو مئتي كيلومتر شرق العاصمة.
ويؤكد الطرفان في تصريحاتهما الرسمية أن ضرب القواعد الجوية بشكل متكرر يستهدف “حظائر الطائرات المسيرة الأجنبية” وإعطاب غرف التحكم التي تشغلها. وعبر سلامة عن قلقه من اتساع “النطاق الجغرافي للعنف” بتبادل الهجمات بالطيران المسير بين الطرفين للمرة الأولى عبر استهداف قاعدتي الجفرة ومصراتة الجويتين نهاية يوليو/تموز الماضي.
من جهة أخرى، أشار دولالاند لوكالة الأنباء االفرنسية إلى أن “تركيا صناعتها الحربية أقل ارتباطا بالمزودين إذ تصنع بنفسها، عكس أبوظبي التي تشتري الطائرات، وبالتالي باتت ليبيا مكان اختبار للصناعة التركية وبإمكانها تجربة الطائرات المسيرة الأكثر حداثة”. إلا أن هذا الخبير العسكري يرى أن الطائرات المسيرة لا يمكنها إحداث فارق إذا أخفقت القوة على الأرض في إحراز تقدم. وردا على سؤال عن صحة نظرية أن فشل التقدم على الأرض سيدفع الطرفين باتجاه الحوار، قال “باعتقادي حفتر لا ينوي الحوار بل يحاول جر الإمارات إلى مزيد من التدخل في الحرب”، مشيرا إلى أنه لا يستبعد أن تشن أبوظبي قريبا ضربات جوية تنفذها (طائرات) الميراج 2000 الفرنسية”.
من جهته، كرر جلال الفيتوري المحلل السياسي الليبي فكرة أن “دولا أجنبية تدعم الطرفين وتزودهما بهذا النوع من الطائرات”، موضحا أنه “لا يمكن تجاهل اسمي دولتي الإمارات وتركيا في هذا الأمر”. وأضاف أن “الهجمات المتبادلة التي تستهدف بشكل مكثف هذه القواعد منذ نهاية يوليو/تموز الماضي، تظهر معرفة كل طرف بامتلاكه طائرات مسيرة تتحرك لضرب خطوط الإمداد وتحركات الأفراد على خطوط محاور القتال”. بحسب فرانس برس.
ومنذ اندلاع الحرب جنوب العاصمة، تبادلت قوات حفتر والوفاق إسقاط معظم الطائرات الحربية السوفياتية المتهالكة ونشرت صورا عديدة تظهر حطام طائرات في مواقع مختلفة من أنحاء البلاد. وتسببت المعارك بين الجانبين التي تقترب من إتمام شهرها السادس بسقوط نحو 1093 قتيلا و5762 جريحا بينهم مدنيون، فيما قارب عدد النازحين 120 ألف شخص، بحسب وكالات الأمم المتحدة. ورأت أستاذة القانون في جامعة درنة نجلاء الشحومي أن النزاع في ليبيا “حرب علنية بين أقطاب المجتمع الدولي المتصارع في ليبيا بأياد ليبية”، مشيرة إلى أن هذا البلد تحول إلى “ساحة فعلية للصراع بين معسكري تركيا وقطر من جهة وفرنسا والإمارات من جهة ثانية”.
سوريا
في السياق ذاته أكد الجيش الروسي تدمير نحو 60 طائرة مسيّرة منذ بداية العام كانت مرسلة باتجاه قاعدته العسكرية في سوريا في منطقة حميميم غير البعيدة من مناطق لا يزال مقاتلون معارضون وجهاديون يسيطرون عليها. وقال اللواء إيغور كوناشينكوف إنّ القوات الروسية اعترضت 58 طائرة مسيّرة و27 صاروخاً كانت ستستهدف القاعدة العسكرية الواقعة في محافظة اللاذقية، معقل نظام الرئيس بشار الأسد في شمال غرب البلاد.
وقال للصحافيين إنّه جرى التصدي لكل الهجمات. وأضاف خلال جولة صحافية نظمتها القوات الروسية، “قد يبدو نظام (الطائرات المسيّرة) بدائياً، ولكنه يسمح بإطلاق قذائف من ارتفاع كيلومترين”. وشكّلت بلدتا خان شيخون واللطامنة اللتان سيطر عليهما الجيش السوري في آب/اغسطس، مصدر غالبية الهجمات. غير أنّ طائرات مسيّرة أطلقت أيضاً من مناطق أخرى في محافظة إدلب، آخر معاقل الفصائل المقاتلة والجهادية في سوريا والخاضغة لتفاهم هش بين موسكو وأنقرة بهدف منع هجوم واسع النطاق يقوده النظام السوري.
ونشرت روسيا في حميميم منظومتي دفاع، هما “بانتسير اس1” و”تور إم-2″، تكمن مهتمهما في اعتراض طائرات مسيّرة، بالإضافة إلى منظومة “اس 400” الشهيرة. كما نشرت في قاعدة بحرية في طرطوس، جنوب اللاذقية، نظام “اس 300”. وأوضح اللواء الروسي أنّ مقاتلي المعارضة يطوّرون باستمرار طائراتهم المسيّرة بشكل بات بمقدورها استهداف نقاط من مسافة 250 كيلومتراً والتحليق على علو 4 كيلومترات، ما يصعّب مهمة رصدها. ويجري التحكّم في بعض المسيّرات من بعد، بينما تطلق أخريات باتجاه أهداف محددة.
الى جانب ذلك أسقطت القوات الجوية التركية طائرة مسيرة مجهولة المصدر على الحدود السورية بعدما اخترقت الأجواء التركية ستة مرات، وفق ما قالت وزارة الدفاع التركية. وكتبت الوزارة على تويتر “أسقطت طائرتين (تركيتين) من نوع أف 16 طائرة بدون طيار اخترقت أجواءنا ست مرات”، موضحة أن الطائرتين التركيتين انطلقتا من قاعدة إنجيرليك الجوية، كما أرفقت التغريدة بصور للطائرة المسيرة مع التأكيد أن مصدرها لا يزال مجهولا.
وعثرت قوات من الدرك التركي على “حطام الطائرة في قاعدة تشيلديروبا” في محافظة كيليس، وفق الوزارة. وفي عام 2015، أسقطت تركيا مقاتلة روسية من نوع “سوخوي 24″، على الحدود التركية السورية، ما أدى إلى أزمة غير مسبوقة بين موسكو وأنقرة. واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخطوة حينها بأنها “طعنة في الظهر”. لكن العلاقات تحسنت بعد ذلك بين البلدين من أجل العمل معا حول النزاع السوري. وتدعم تركيا جماعات معارضة في سوريا تريد إسقاط الرئيس بشار الأسد، فيما تدعم روسيا دمشق.
من جانب اخر أعلنت دمشق إسقاط طائرة مسيرة في جنوب البلاد من دون أن تحدد مصدرها، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في ثاني حادث من هذا النوع خلال يومين. ونقلت سانا عن مصدر ميداني قوله إن “الجهات المختصة العاملة في محافظة القنيطرة ومن خلال الرصد والمتابعة تمكنت من السيطرة على طائرة مسيرة قادمة من جهة الغرب باتجاه الشرق فوق أجواء بلدة عرنة في سفوح جبل الشيخ (…) وقامت بإسقاطها”.
وأوضح المصدر أن بعد تفكيك الطائرة “تبين أنها مزودة بقنابل عنقودية إضافة إلى تفخيخها بعبوة من مادة السيفور شديد الانفجار”. ولم يوجه المصدر اتهامات مباشرة لإسرائيل أو أي طرف آخر، إلا أن سانا اكتفت بالإشارة إلى أن الدفاعات الجوية السورية تصدت خلال سنوات لـ”اعتداءات إسرائيلية وأميركية بالطائرات والصواريخ”. وعادة ما تتهم سوريا إسرائيل بشن هجمات ضدها. ونفذت إسرائيل على مر السنوات الماضية عشرات الغارات ضد مواقع عسكرية سورية وأخرى لمقاتلين إيرانيين أو لحزب الله اللبناني، الداعمين لقوات النظام.
رابط المصدر: