تعدد الحُكومات وأثره على مبدأ السيادة الوطنية : دراسة تحليلية للواقع الليبي

اعداد الباحث : عبدالسلام محمد مخلوف إبراهيم الرياحي – جامعة السلطان زين العابدين- ماليزيا

 

المُلخص:

يروم هذا البحث في تسليط الضوء على تعدد الحكومات وأثره على مبدأ السيادة الوطنية، المتمثل في عمل النظُم السياسية، والإقتصادية، والإجتماعية، حيث تكمنّ مشكلة البحث في إخفاء دور هذه النظُم نتيجة تعدد الحكومات المتصارعة على السلطة، وأثرها في إبراز فكرة السيادة الوطنية للدولة، وقد أُعـتمد في هذا البحث المنهج التحليلي لٍتحليل الواقع الليبي وبيان العلاقة الجامعة بين الحكومات المتصارعة، ومن أبرز النتائج هو تأكيد تعدد الحكومات وأثره على مبدأ السيادة الوطنية، وإهمال دور الحكومة الشرعية”حكومة الوفاق” المعترف بها دولياً في إبراز السيادة الوطنية للدولة والقوانين المعمول بها.

مقدمة:

دخلت ليبيا حالة من التجاذبات السياسية، والجدل الدستوري المعُقد، والناتج أصلًا عن تعدد الحكومات، وارتباطاتها المختلفة بأجسام تشريعية، وأجنحة عسكرية وأمنية كثيرة ومتعددة، وتحالفات داخلية وخارجية،  ممايتضح وجود إنقسام كبير جدًا بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية في البلاد؛وهذا الإنقسام الحاصل هو ناتج عن ما حصل في السابق بين مشروعية كلً من “المؤتمر الوطني العام” الذي يرئ في نفسه جهة تشريعية، و”مجلس النواب الليبي” الذي يعتبر نفسه جسمًا تشريعيًا مُنتخبًا أيضًا.وسوف نتطرق في هذا الصدد إلى

((مفهوم السيادة الوطنية وتطورها)) على فرعين تحدث في الفرع الأول عن ماهية السيادة الوطنية وفي الفرع الثاني عن تطور السيادة الوطنية وتعدد الحكومات؛ وكذا نتطرق إلى “التدخل الأجنبي وأثره في سيادة الدولة ” إلى فرعين نشير في الفرع الأول إلى مفهوم التدخل وأنواعه وفي الفرع الثاني الإشارة إلى شرعية التدخل وأسبابه.

  • مفهوم السيادة الوطنية وتطورها

يشغل مفهوم السيادة حيزاً بارزاً في علاقته بالتطور الحاصل في عالمنا المعاصـر، إذ أن مفهومها يرتبط بالدولة ارتباطا وثيقاً؛ ذلك لأن ظهور فكرة السيادة كان بظهور الدولة، فالسيادة هي العنصر الأساسي المكون والمميز للدولة عن غيرها من الكيانات، وهذا ما جعلها تلقى اهتماماً مُزدوجاً من فقهاء القانون الدستوري والدولي على حد السـواء، وقـد أسال موضوعها الكثير من الحبر باعتبارها حجر الزاوية لبناء الدولة وأساس تصـرفاتها في الداخل والخارج؛ لأن الدولة تتصرف في نطاق إقليمها أو على صعيد المجتمع الدولي بناءاً على قواعد القانون الدولي العام الذي تعتبر فيه السيادة العمود الفقري، وهو الأساس الذي تقوم عليه الدولة الحديثة كما أنتجتها الحضـارة الغربيـة القانونيـة وانتقلـت إلـى الحضارات الأخرى بنفس الخصائص الأصلية الغربية.([1])

الفرع الأول : ماهية السيادة الوطنية .

يعد مفهُوم السيادة الوطنية أو كما يُطلق عليه في الإنجليزية (National or Popular Sovereignty)  من المفاهيم السياسية المعقدة التي لا يوجد لها تفسير أو دلالة واضحة، ويختلف اتجاه تعريفه تبعاً لاختلاف فكر الفلاسفة والسياسيين، نتيجة سلب حق اتخاذ القرار الفردي من المواطنين، وإعادتها إلى الهيئة الوطنية التي تمثّل الشعب ككل.

  • السيادة لغة ً:

السيادة لغة ً: من سود ،يقال فلان سَيًد قومه إذا أُريد به الحال ، وسائدُ إذا أُريد به الاستقبال ،والجمع سائد ([2]) والسيد يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومُحتمًل أذى قومه ُوالزوج والرئيس والمقدم ،وأصله ساد يسوُد الزعامه السيادة والرياسة ([3]).

وفي الحديث قال “عليه السلام ” “أنا سيد الناس يوم القيامة ” ([4]) وخلاصة  المعنى اللغوي للسيادة أنها تدل على المقدم على غيره جاهاً أو مكانة ً أو منزلة ً أو غلبة ًأو قوةً ورأياً وأمراً.

  • السيادة إصطلاحاً:

عُرفت السيادة في المعنى الإصطلاحي بأنها : ” السلطة العليا التي لاتعرف فيما تنظم من علاقات سلطة عليا أخرئ إلى جانبها “([5]) .

وكما عُرفت بأنها : “السلطة العليا المطلقة التي تفردت وحدها بالحق في إنشاء الخِطاب الملزم المتعلق بالحكم على الأشياء والأفعال ” ([6]).

وهذه التعريفات متقاربه ولعل أشملها لمفهوم السيادة هو التعريف الأخير ،لوصف السيادة بأنها : سُلطة عليا مطلقة ،إفرادها بالإلزام وشموالها بالحكم لكل الأمُوار والعلاقات سواء التي تجري داخل الدولة أو خارجها .

الفرع الثاني : تطور السيادة الوطنية وتعدد الحكومات.

  • تطور السيادة

ارتبطت فكرة السيادة باسم الفيلسوف “جان بودان” الـذي حـدد وفصـل مـدلولا استعمالها إلا أنه لم يكن مُبتدِعها ([7])، ذلك لأن السيادة ظهرت منـذ ظهـور المجتمعـات البشرية الأولى حيث اكتسبت بمرور الزمن قداسةً وسمواً جعلها تصـبح شـعاراً يجسـد الحرية والاستقلال والسلطة العليا للدولة على الإقليم والسكان على اعتبار السيادة سلطة عليا تضمن للمتمتع بهـا سواءً الحاكم أو الشعب أو الدولة (حسب التطور التاريخي) للإسقلالية و عدم الخضوع.

وبالرجوع إلى العصر القديم نجد أن فلاسفة اليونان أدركوا السيادة بمفاهيم مختلفة نتيجة لتاريخهم الحافل بالازدهار حيث كانت مدينة “أثنا “تعد من المدن الرائِدة في شتى المجالات وهو ما فتح الباب أمام التقدم العلمي خاصة في ميداني الفلسفة والرياضـيات و سـاعدهم على إقامة مجتمع ديمقراطي نظم علاقاته الداخلية والخارجية مع الدول الأخرى المجاورة ووضع قوانين خاصة لحسم النزاعات التي قد تنشأ بين هذا المجتمع والمجتمعات الأخرى وذلك باللجوء إلى التحكيم كوسيلة لحسم النزاعات بشكل يشبه ما هو عليـه الحـال فـي العصر الحديث.

  • تعدد الحكومات.

القارئي للوضع السياسي الليبي القائم، يرئ وجود انقسام كبير جدًا بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية في البلاد، ولكن يبقى الحسم الشرعي والقانوني كمؤسسة تشريعية في ليبيا هو “مجلس النواب”، أما الانقسام الحاصل فهو ناتج عن ما حصل في السابق بين مشروعية كلٍ من “المؤتمر الوطني العام” الذي يرئ في نفسه جهة تشريعية، و”مجلس النواب الليبي” الذي يعتبر نفسه جسمًا تشريعيًا مُنتخبًا أيضًا.

ما حصل بينهما ارتبط بجدل قانوني وعُرض على القضاء في حينها، وأصدرت المحكمة الدستورية في ذلك حكمًا قضائيًا واعترف به البعض ورفضه آخرون، ومر الموضوع بجدل قانوني كبير جدًا، لكن بحديثنا عما نمر به اليوم، فإنه من الواجب علينا كليبيين أن نلتف حول شرعية البرلمان؛ باعتباره المؤسسة التشريعية الوحيدة في البلاد، ونلتف حول المجلس الأعلى للدولة، باعتباره الجهة الاستشارية التي تُقدم الرأي والمشورة لباقي مؤسسات الدولة.

أما فيما يخص حكومة الوفاق الوطني والتي انبثقت عن الحوار الليبي، وأقول الحوار الليبي لأن الأطراف المشاركة فيه كانوا ليبيين، سواءً من المؤتمر أو من البرلمان أو من المقاطعين أو المستقلين، والحوار كان ليبيًا صرفًا، أما الأمم المتحدة فكانت راعية له فقط ولم تكُن طرفًا فيه، بالتالي هذه الحكومة انبثقت عن حوار ليبي بين الأطراف المتنازعة على الأرض.

أما فيما يتعلق بالحكومتين الأخريين، سواءً “الإنقاذ” في طرابلس أو “المؤقتة” في طبرق، فهما في حكم المنتهيتين، ولكن الإشكال القائم الآن هو قدرة حكومة “الوفاق” على الحصول على موافقة وثقة مجلس النواب.

خصوصًا أن الجميع يذكر ما كان قد حصل في جلسة مجلس النواب الأخيرة، والتي انعقدت لمنح الحكومة الثقة من أن مجموعة من الرافضين لها -وهم قلة- أفسدوا هذه الجلسة، وأصروا على عدم استمرارها، ليخرج باقي النواب المؤيدين لها خارج قاعة الجلسة، ويتم الاتفاق في قاعة مجاورة على منح الحكومة الثقة عبر التوقيع على قائمة بأسماء النواب الموافقين وتوقيعاتهم ومن ثم إحالتها للجنة الحوار والأمم المتحدة.

وجود “المجلس الأعلى للدولة” خلق الكثير من اللغط، كون أغلب أعضائه هم من “المؤتمر الوطني العام”، كذلك لعدم وضوح دوره.

حيث أن مهام المجلس الأعلى للدولة واضحة وفق الاتفاق السياسي، وما نصت عليه المواد من 19 إلى 25، ويتلخص دوره في مراجعة كل القوانين الصادرة عن الحكومة، والتي تسعى لتمريرها في البرلمان.

كذلك يعتبر المجلس الأعلى للدولة طرفًا في سحب الثقة من الحكومة على الرغم من أن ذلك من اختصاصات مجلس النواب.

عادة في المؤسسات التشريعية ينحصر دور المجلس الأعلى للدولة في تقديم المشورة والرأي، ولكن وفق ما نص عليه الاتفاق السياسي، أصبح له دور تنفيذي، بهذا يمكن أن تكون هذه المؤسسة الاستشارية تمتلك صفة الإلزام في آرائها.

بهذا يكون المجلس الأعلى متحصلًا على سلطات أعلى حتى من البرلمان، طالما يستطيع أن يؤثر في قرار سحب الثقة من الحكومة!!!

لا يمكن إعتبار المجلس الأعلى للدولة مؤسسة لها سلطة أعلى من البرلمان، ولكن الاتفاق السياسي حفظ له حُقوقه.

كما هناك شبه تلويح بالتدخل الخارجي بذريعة محاربة الإرهاب في ليبيا، وهذا أمر حتمًا سيحصل في ظل تعدد الحكومات وفي ظل عدم تنسيق مع أي منهما، بالتالي فإن أي إعانة أو مساعدة من المجتمع الدلي لمكافحة الإرهاب يجب أن تكون مع حكومة الوفاق وبالتنسيق معها. وجود الحكومة الموحدة من شأنه أن يحمي البلد من التدخل في القرار الليبي والسيادة الليبية، كذلك سيعمل على وحدة التراب الليبي.

بعد دعوة الأمم المتحدة الدول الأعضاء بعدم التعاطي مع أي مؤسسة موازية للمؤسسات السيادية المنضوية تحت حكومة الوفاق الوطني، دعني أربط ذلك برؤية المجتمع الدولي للحالة الليبية؛ حيث إن الجميع يهمه استقرار ليبيا، واستقرار ليبيا يعني الهدوء في حوض المتوسط الذي تطل عليه أغلب الدول الغربية، ومصالحها في المنطقة، بالتالي هذه الدول جدُ حريصة على الإستقرار في ليبيا، من هنا نجد أن الدعوة الأممية لكل المؤسسات للتعامل فقط مع حكومة الوفاق، هي دعوة تصب في مصالحها بشكل مباشر.

ثم إنه لم يرد في الاتفاق السياسي، تفاصيل سير عمل هذه المؤسسات السيادية أو مواقعها باستثناء أن الحكومة والمجلس الأعلى مقرهما طرابلس والبرلمان مقره بنغازي.

أما مقار باقي المؤسسات السيادية كالمصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، فإنه أمر يعود للحكومة وهي من سيفصل فيه، وستكون من ضمن التحديات التي تواجه الحكومة، خلق التوازن ما بين المُدن والمناطق المختلفة وخصوصًا التي تعتبر في نفسها مُهمشة وغير مشمولة بالخدمات من قِبل مؤسسات الدولة.

  • التدخل الأجنبي وأثره في سيادة الدولة

شهدت ليبيا تطورات كثيرة ،وثأثرت بعدة عوامل سياسية وإقتصادية وعسكرية وثقافية ،ولعل أخطر ماواجه الشعب الليبي في تلك الفترة الزمنية هو التدخل الأجنبي إعتباراً من نزول الإستعمار الإيطالي على الشواطي الليبية سنة 1911م

ولقد جاهد الشعب الليبي حق جِهادِه ،حتى إنتهى الأمر إلى خوض حربين عالميتين على أرضه ؛ فمن يستقرئ حياة الشعب الليبي بمختلف جوانبها خلال السنوات الماضية “إعتباراً من مطلع القرن العشرين من بداية الإستعمار الإيطالي وتدخله في الشؤون الليبية تمهيداً لاحتلال الأراضي الليبية وطمس الشخصية الليبية “ويقارنها لما هي عليه الأن ينتهي إلى نتيجة لايختلف عليها إثنان _ وهي أن تغيرات عميقة وتطورات جذرية قد شهدتها النظم السياسية والأقتصادية والأجتماعية فيما يعرف الأن بالدولة الليبية ،إن هذه التغيرات والتطورات أثرات في فكرة السيادة الوطنية إيجاباً وسلباً .

وماحدث في ليبيا مع بداية العقد الثاني من القران الحادي والعشرين ،في إنتفاضة الشعب اليبي في 17فبراير سنة 2011م .إنما هو ردوود أفعال قاسية وعنيفة جداً .نتائج الإستبذاد وظلم وقهر نظام فاسد إستمر لأكثر من أربعين سنة.

فنجد أنه ليس مجرد صدفة أن يكون في ليبيا بعد ست سنوات من الأنتفاضة والثورة الشعبية ،ذات الابعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ،أن تشهد ليبيا ظهور هيئتين سياسيتين تشريعيتين ،وهيئتين تنفيديتين حكومتين من أبناء الشعب اللييبي الواحد ،ولاشك أن هذه الوضعية الغريبة والشاذة تعكس الاتجاهات السياسية والعلمانية والدينية وتعبر عن أراء مختلفة وفئات جهوية وقبلية متعصبة تدعوا إلى الانفصال وتفتيت وحدة الدولة وتقاسم سيادتها تحت مايعرف بالفدرالية ونتأئجها في البحث عن الشرعية والسعى لانتزاع الاعتراف بهذا الحق .

فاالازمة السياسية الليبية التي يعاني منها الشعب الليبي ليست وليذة اللحظة الراهنة ،ولانتيجة الظروف المحلية والاقليمية والدولية المعاصرة فحسب ،وانما تمثل ردوود أفعال لتجمع أموار كثيرة سياسية وإقتصادية وإجتماعية ودينية وغيرها .

الفرع الأول :مفهوم التدخل وأنواعه وأشكاله .

  • مفهوم التدخل :

التَدخًلُ : في فقه اللغة العربية هومصدر “تَدخَلَ “،وأصل الكلمة من مادة ” الدال ،والخاء ،واللام”يقال : دخل المكان “أو في المكان ،وإلى المكان “بمعنى صار داخله ،وعكسه خرج منه ،فهو بمعنى الولوج ([8]) .

التعريف القانوني للتدخل: يعتمد أنصار هذا الإتجاه على عامل الشرعية في تعريفهم للتدخل، إذ يعرفه القاموس التطبيقي للقانون الإنساني أنه: “الفعل الذي تقوم به دولة بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى من خلال إنتهاك سيادتها([9]) .

وهناك من يعرف التدخل على أنه ” العمل الهادف لإجبار الدولة على تقديم معالجة للإفراد المقيمين في إقليمها و المتوافقة مع المتطلبات الإنسانية، كما يمكن الحلول محلها، لضمان تقديم كل ذلك لهم، ومنه فان التدخل يرمز في نطاقه التقليدي، لتبرير الفعل العسكري المتخذ من قبل الدولة، لكنه أصبح مع الوقت وسيلة غير ودية لتسوية النزاعات([10]) .

ويعرفه الغنيمي أنه ” تعرض دولة لشؤون دولة أخرى بطريقة إستبذادية، وذلك بقصد الإبقاء على الأمور الراهنة أو تغيرها، ومثل هذا التدخل قد يحدث بحق أو بدون حق و لكنه في كافة الحالات يمس الإستقلال الخارجي أو السيادة الإقليمية للدولة المعنية، ولذلك فإنه يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للوضع  الدولي للدولة([11])“.

  • أنواع التدخل الأجنبي:

هناك عدة أنواع من التدخل الأجنبي، سواءً من حيث صوره أو أهدافه أو أشكاله أو دافعه أو أسبابه أو من حيث النظريات التي تُفسره:

  • التدخل غير المباشر: هو ذلك التدخل الذي يأخذ شكل سلمي و قد يكون بصورة خفية و مقنعة أو بصورة واضحة وعلنية، و يتم هذا النوع من التدخل عن طريق الضغوط الإقتصادية وذلك بتقديم القروض التي تتضمن شروط معينة للتأثير على إرادة الدول المتدخل في شؤونها، وهناك من يطلق على هذه السياسة الإقتصادية إسم( دبلوماسية الدولار)، ويمكن أن يحدث أيضا عن طريق تقديم المساعدات للثوار في الثورات الداخلية وذلك عن طريق المساعدات الحربية أو الإقتصادية، وكذلك يمكن أن يأخذ صورة التدخل الإيديولوجي الذي يعتمد على العقيدة التي يقوم عليها النظام السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي للدولة الواقع عليها التدخل، و الغرض من هذا النوع قد يكون إقامة نظام إقتصادي أو سياسي أو إجتماعي معين و التعرض إلى علاقة الدولة بمواطنيها لزعزعة الثقة، أو خلق سياسة خارجية معينة، و قد يرتكز على أمن و تنظيم و إدارة الدولة المتدخل فيها وكل ما يتعلق بالسياسة العليا([12]) لها  ، وقد يعتمد هذا النوع أيضا على دعم النشاطات المسلحة أو الإرهابية ضمن دولة أخرى التي قد تقوم بها مجموعة منظمة أو عصابات أو مرتزقة، إلقاء الخطابات السياسية المؤثرة لتأليب الرأي العام الداخلي أو الدولي على النظام الداخلي للدولة المتدخل فيه أو تدعيم المعارضة…، و رغم كون هذه الأساليب غير عنيفة إلى أنها يمكن أن تحقق الأهداف المنشودة منها دون تكبد تكاليف دخول في الحرب([13])وتلجئ الدول المتدخلة إلى هذا النوع من التدخل لتخلص من المسؤولية، أو أية رد فعل إزاء تصرفها و مثال ذلك إعتماد الولايات المتحدة الأمريكية هذا الأسلوب في إيران وكوريا.
  • التدخل المباشر: يقصد به التدخل الذي يكون بصورة مباشرة و علنية، وذلك بإستخدام القوة المادية و يعتبر هذا النوع من أبرز صور التدخل التي عرفها ويعرفها المجتمع الدولي منذ نشأته وخلال تطوره، وقد أكد تاريخ العلاقات الدولية أن معظم صور التدخل كانت تتم من طرف دول تتمتع بقوة وسلطة أعلى من الدولة ضحية التدخل، وذلك بصورة أكثر حدة وخطورة لكونه من أخطر الوسائل التي تهدد الأمن والسلم الدوليين ([14])، حيث أصبحت القوة وخاصة العسكرية منها تستعمل لتحقيق أغراض ومصالح الدول التي تملكها، وهذا بسبب عدم التكافؤ السائد في العلاقات الدولية إضافة إلى أن القانون الدولي يفرض على الدول واجب الإمتناع عن إستعمال القوة أو التهديد بها، وذلك بموجب المادة 02 في الفقرة 04 من ميثاق الأمم المتحدة وكذا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2625([15])، ومن أمثلة هذا النوع من التدخل تدخل الإتحاد السوفياتي في المجر سنة 1956 ،و تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في عدة دول منها كوبا و العراق.

الفرع الثاني : شرعية التدخل وأسبابه .

  • أشكال التدخل الأجنبي :
  • الشكل الفردي أو الجماعي للتدخلإن السمة الغالبة في التدخل أن يقع من قبل دولة واحدة وبشكل فردي، إلا أن ذلك لا ينفي إمكانية حدوثه من قبل عدة دول متجمعة معاً، فيكون إحتمال تأثيره الكبير وإمكانية إستعماله لأغراض غير شرعية بصفة فردية أكبر قياسا بالصفة الجماعية، فالتدخل الفردي يعبر عن مصلحة أو غاية دولة منفردة أما التدخل الجماعي فهو يحصل من عدة دول مجتمعة، ويمثل مصالح وغايات هذه الدول مجتمعة ومن الصعوبة أن تتوافق تلك المصالح لجميع الدول المتدخلة، و بالتالي فإن الغاية الشخصية لدولة بذاتها لا يمكن تحقيقها إذا ما تعارضت مع غايات وأهداف الدول الأخرى، ويمكن ضرب مثال عن التدخل الفردي تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في كوريا عام 1950 ،وعن الشكل الجماعي تدخل الحلف الأطلسي في كوسوفو عام 1999).[16])
  • الشكل الصريح أو الضمني للتدخل: فالتدخل يكون صريح و علني عندما يكون واضح ومُصرح به من طرف أجهزة الدولة الرسمية وغير الرسمية، ويكون من شأنه التأثير على قرارات الدول الأخرى من غير وسيط، و تمارسه الدولة المتدخلة دون إعتبار لرأي الأخرين أو دون إعتبار لرأي الدولة المتدخل في شؤونها وموافقتها، ويكون هذا النوع بصور وبأشكال عديدة و متنوعة، أما التدخل الخفي و الضمني فكثيراً ما يكون بتدخل دولة في شؤون دولة أخرى لكي تنفرد بالمغانم مما يجعل من تدخلها خفياً، وكثيرا ما ينجم عن التدخل الخفي أثار سيئة وضارة كونه يحصل من دون علم سلطات الدول المتدخل في أمرها ([17]) .
  • الشكل الداخلي أو الخارجي للتدخل: فالتدخل الداخلي يحصل عندما تتعرض الدولة المتدخلة للسياسة الداخلية للدولة المتدخل فيها، و كذلك يعني تدخل دولة في مسائل متنازع عليها في دولة أخرى وهي غالبا و ليس دائما تتعلق بتغير الدستور، فقد يكون تدخل الدول الأجنبية بين الأطراف المتنازعة في الدولة الواحدة سواء ًكان التدخل لصالح الحكومة الشرعية أو لصالح الثوار، أو محاولة التغيير السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي…. الذي تتبعه الدولة المتدخل فيها، أما التدخل الخارجي أو في الشؤون الخارجية للدول فيحدث عند تدخل دولة في علاقة دولة أخرى و تحاول تغييرها أو توجيهها في إتجاه معين، وعادة تكون هذه العلاقات علاقات عدوانية مثل ما حدث عندما تدخلت إيطاليا إلى جانب ألمانيا ضد بريطانيا في الحرب العالمية الثانية.
  • الشكل السياسي و الدبلوماسي للتدخل : هذا النوع من التدخل قد يكون بتقديم الطلبات كتابية أو شفوية، و إطلاق تصريحات من قبل السياسين والدبلوماسين، وذلك بصفة علنية رسمية أو غير رسمية سرية تنطوي على التهديد، تعبر عن مواقف، تعتبر من صميم الشؤون الداخلية للدول، وقد تتم من خلال عقد مؤتمر لحل نزاع قائم بين دولتين، أو لإيجاد حل لنزاع داخلي في إحد الدول الأخرى ، و التدخل السياسي يظهر من خلال قيام رئيس دولة عظمى أو مسؤول في أحد الدول الكبرى أو الإقليمية بالتدخل في نزاع محلي من خلال دعم طرف ضد طرف أخر، أو فرض أوامر على حكومة دولة ما، أو التأثير على قراراتها، وهذه جميعا أشكال سياسية تعتبر مساساً بسيادة الدولة وتدخلاً في شؤونها الداخلية، أما التدخل الدبلوماسي فيتجلى من خلال الممارسات والخطابات الدبلوماسية، وذلك من خلال التحريض و تدعيم الإنقلابات و الحركات الثورية أو من خلال إثارة القلاقل والإضطرابات و تشجيع الإنقلابات، أو القيام بحملات ضد تصرفات الحكومة القائمة أو مناصرة حزب معين، إذ و في السنوات الأخيرة إعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية على نوع جديد من التدخل السياسي، أدى إلى موجة من الإنقلابات السلمية أو ما يعرف بـ” الثورات الملونة”، فبعد تدخل الحلف الاطلسي في يوغوسلافيا قامت ثورة داخلية عرفت بالثورة القرنفلية، تلتها ثورة في جورجيا عرفت بثورة الورود، ونفس الشيء في أوكرانيا عندما حل فيكتور يوشنكو محل يانوكوفيتش إثر الثورة البرتقالية([18]) .
  • الشكل الإعلامي أو الدعائي و الثقافي للتدخل: يعتمد هذا النوع من التدخل على تسليط النشاط الإعلامي و الدعائي للتأثير على أفكار وتوجهات الرأي العام الدولي والداخلي، بما يسير مع التطلعات والأهداف المصلحية للدول المتدخلة، إذ تحاول الدول المتدخلة من خلال وسائل الإعلام جعل المجتمع والمواطن يبحث عن بديل سياسي من خلال الإطاحة بالنظام الموجود والبحث عن بديل، وقد دخل الإعلام الموجه إلى الحياة السياسية خلال الحرب العالمية الأولى و الثانية، ولقد ساهم التطور التكنُولوجي لوسائل الإعلام في زيادة إستخدام هذا النوع من التدخل الذي يصنفه بعض فقهاء القانون ضمن أعمال العدوان خاصة إذا إشتمل على التحريض على التمرد و إشاعة الفوضى، وقد أستخدم هذا النوع عام 1990 عندما ناشد الرئيس الأمريكي جورج بوش الشعب العراقي للإطاحة برئيسه صدام حسين عبر وسائل الإعلام و كذلك من خلال إنشاء محطة ” مارتي” الإذاعية المناهضة لنظام فيدل كاسترو في كوبا ، أما التدخل الثقافي فهو يعتبر من الأساليب الإستعمارية القديمة الذي إستخدمته الدول الإستعمارية في البلدان المستعمرة عبر الإرساليات الأجنبية و المدارس و نظم محو الأمية و المساعدات الميدانية للأرياف وغير ذلك، كوسائل للتدخل وفرض ثقافة ولغة البلد الدخيل، وبتطور التدخلات الثقافية في عصر العولمة و الأنترنات و الإنفتاح أصبح هذا النوع أوضح و أسهل وأسرع إنتشاراً، وكمثال على هذا النوع محاولة الولايات المتحدة الأمريكية خلال حربها على الإرهاب أن تعدل من المناهج التربوية، و في المفردات و القيم التي تعطى للأطفال العرب في المدارس خاصة المتعلقة منها بالجهاد، هذا بالإضافة إلى الضغوط التي مورست على بعض الدول لإلغاء بعض المصطلحات من التداول على الساحة الإعلامية والسياسية وغلق بعض المدارس لإعتبارها تحرض على العنف والتطرف وتشجع على الإرهاب الأصولي([19])
  • الشكل الإقتصادي للتدخل: يعد هذا النوع من أهم و أخطر أشكال التدخل خاصة في ظل العولمة، وتستخدم فيه الأطراف الأجنبية سياسات إقتصادية لتأثير و الضغط، وذلك لإستهداف و ضرب القطاعات الإقتصادية الحساسة للدول المعنية، و أهم ما يميز هذا النوع من التدخل أنه خالي من إستخدام القوة، وإحلال الضغوط محلها، إذ ذهب بعض المحللين و الفقهاء إلى تعريف التدخل الإقتصادي أنه “ذلك النوع الذي يكون عن طريق التدابير الإقتصادية التي ترمي إلى التأثير في سياسة الدول المراد التدخل في شؤونها” ، وهو يتم عن طريق الضغط الإقتصادي أو إتخاذ خطوات إقتصادية من شأنها تعريض الإستقلال الإقتصادي لدولة أخرى للخطر و منعها من ممارسة سيادتها الدائمة على مصادرها أو فرض حصار إقتصادي عليها، ويتجسد أيضا بالتغلغل الإقتصادي الذي بدأ يدخل إلى إقتصاديات الدول من خلال البورصات و المؤسسات المالية العالمية، بحيث لم يعد بإمكان الدول أو المشرعين التخلص منها.
  • الشكل العسكري للتدخلوهو يعني أن تقوم دول المتدخلة بإستخدام القوة العسكرية في الدولة المراد التدخل في شؤونها، وبذلك فإن إستخدام القوة العسكرية هو ما يميز هذا النوع من التدخل، ومنه فإن التدخل العسكري قد يكون بإستخدام القوة العسكرية النظامية أي بإرسال وحدات من جيشها الوطني إلى الدولة المراد التدخل فيها، أو بإرسال وحدات عسكرية غير نظامية تابعة لأحد أطراف النزاع القائم في الدول الأخرى بعد قيام الدولة المرسلة بتدريب وتجهيز هذه الوحدات، وهذه الطريقة عادة ما تسمى ” بالحرب بالوكالة ” ، وكذا فإن التدخل العسكري قد يكون عن طريق إستخدام القوة العسكرية بشكل مباشر و بصورة رئيسية، مثل التدخل الأمريكي في إفغانستان عام 2001م ،أو عن طريق التهديد بإستخدام القوة المسلحة للتأثير في إرادة الدولة المتدخل في شؤونها عن طريق حشد الجيوش العسكرية على حدودها، أو القيام بمناورات عسكرية على حدودها والتهديد بإستعمال القوات أو إحتلال جزء من أراضي الدولة أو خرق مجال من مجالاتها البحري أو الجوي.
  • أسباب التدخل:
  • الدوافع و الأسباب الإيديولوجية للتدخل :هناك أنظمة سياسية قائمة على تصورات مذهبية وعقائدية قد تمتد خارج حدودها، مما يجعل منهما دافع من الدوافع التدخلية، فالإيديولوجية تعتبر المحرك القيمي و العقائدي للدول، ولنشر إيديولوجيتها تسعى الكثير من الدول إلى السيطرة على الدول الأخرى من خلال التدخلات، أما الغرض من هذا النوع من التدخل فقد يكون لإقامة نظام سياسي معين أو اقامة نظام إجتماعي أو إقتصادي معين، أو التعرض إلى علاقة الدولة بمواطنيها أو خلق سياسة خارجية معينة، إذا فهذا النوع من التدخل ينصب على السياسة العليا للدولة و أمنها ودفاعها وتنظيمها و إدارتها، فالثورات الإنسانية الكبرى تحاول نشر أفكارها و عقيدتها لدى شعوب و دول أخرى كي تتبعها.
  • الدوافع و الأسباب الأمنية للتدخل: فالحفاظ على الأمن و سلامة الدولة من المصالح الأساسية التي تسعى كل دولة إلى تحقيقه في جميع المجالات وفي شتى التخصصات، حيث تولي الدولة أهمية و إهتمام كبيرين من أجل تحقيق الأمن و الإستقرار، وهذا ما يجعل التدخل من الوسائل التي تدافع بهما الدول عن أمنها و إستقرارها، فالأسباب و الأهداف الأمنية تجعل الدول تتدخل في دول أخرى حماية لأمنها و إستقرارها، وذلك لأنها ترى أو تنظر إلى الدولة الأخرى على أنها تشكل خطرا، وتمثل تهديدا ًكبيراً على أمنها و إستقرارها الداخلي و الخارجي مما يجعلها تقوم برد فعل يكون في شكل تدخل، ولعل هذا هو سبب تدخل إسرائيل في لبنان لضرب البنى التحتية للحيلولة وعدم قيام دولة إسلامية قوية بجوارها ونفس الشيء بالنسبة للعراق و إيران.
  • الدوافع و الأسباب المالية و الإقتصادية للتدخل: تعتبر العوامل الإقتصادية الضابط و المحدد لطبيعة التفاعل بين الوحدات السياسية على المستوى الدولي، فالدوافع الإقتصادية غالبا ما تكون السبب الرئيسي في قيام العديد من الحروب، فالحصول على الموارد يعتبر من الدوافع الرئيسية للتدخل، ففي القديم كانت الموارد الزراعية سببا لتدخل الدول في الدول الأخرى فمثلا التوابل كانت السبب الرئيسي لتدخل البرتغال في اندونيسيا، هذا إضافة إلى الأسباب التجارية التي تساهم في التدخل أو ما يعرف بالتدخلات التجارية، وبعد إكتشاف البترول و المعادن الثمينة أصبحت الدول الكبرى تتنافس على هذه الدول التي تملك هذه الثروة مما جعل إحتمال التدخل كبير في هذه الدول لتتحكم في إستغلال هذه الثروة لتلبية حاجات ومصالح الدول.
  • الدوافع و الأسباب العسكرية للتدخل: أستخدم التدخل العسكري و الحرب كأداة لزيادة قوة الدولة بالنسبة للدول الأخرى، و أستخدمت التدخلات العسكرية كعقاب ضد الذين يهددون توازن النظام الدولي، وقد أستخدمت التدخلات العسكرية بدافع الحفاظ على توازن القوى بشكلين:
  • التدخل الدفاعي: والذي يعني إصرار دولة ما على عدم تغير توازن القوى في إتجاه لا يلاءم مصالحها، ومثال ذلك تدخل الدول الأوربية الملكية في شؤون الدول الأوربية الأخرى لمنع إنتشار الأفكار الثورية و التحررية التي جاءت بها الثورة الفرنسية
  • – التدخل الهجومي: الذي من خلاله تعمد الدولة إلى إسقاط نظام حكم معين و تغييره كوسيلة لتعديل التوازن في إتجاه يخدم مصالحها، ومن الأمثلة على هذا التدخل تدخل الإتحاد السوفياتي في هنغاريا 1956م ،وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في غرانادا سنة م1983. وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 عرفت التدخلات العسكرية نوع جديدا من الدوافع و الأسباب والذرائع، ولعل أبرزها ما يعرف بالتدخل لمكافحة الإرهاب، و إرتباط التدخلات العسكرية الحديثة بمفاهيم جديدة كمفهوم الحرب العادلة و الحرب الاستباقية و الحرب الوقائية، ومن أمثلة ذلك الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على كل من افغانستان و العراق، مما يجعل من الحرب على  الإرهاب دافع من الدوافع التي تجعل الدول الكبرى تتدخل عسكرياً في شؤون الدول الأخرى.
  • الدوافع و الإسباب الإنسانية للتدخل: لقد إرتبط مفهوم التدخل الإنساني منذ بداية تكوينه بمفهوم تدخل الدولة لحماية رعاياها في الخارج إستناداً إلى حق الدفاع عن النفس، و إلى أن الرعايا يمثلون جزءاً من الدولة سواء كانوا في إقليمها أو في إقليم دولة أجنبية، وقد ضم هذا المصطلح تدخلاً جديد هو التدخل لحماية الأقليات المضطهدة، مما جعل بعض الفقهاء و الباحثين يرون أن التدخل الإنساني هو تدخل ذو دافع مشروع و قانوني وهو واجب على الدول لحماية حقوق الإنسان من الدول التي تنتهك حقوق الأفراد، فالتدخل الإنساني عمل تباشره دولة على حكومة دولة أجنبية لوقف الأعمال التي تخالف القوانين الإنسانية في معاملة الأفراد العاديين، و يعتبر التدخل الإنساني من الدوافع و المبررات التي تستخدمها الدول لوقف التصعيد في النزاعات الأهلية، ومن الأمثلة التي أستخدم فيها الدافع الإنساني كمبرر للتدخل، في  البوسنة، وفي انغولا عامي 1993م و 1994م ،وفي ليبيريا ، ولعل ما يجعل من الدافع الإنساني للتدخل مبرر تمادي بعض الحكومات في التعذيب و القمع و إنتهاك أبسط الحقوق الإنسانية سبباً للتدخل الأجنبي في ليبيا.

 

  • الخاتمة والنتائج :

من خلال إستعراضنا للأسباب و الدوافع التي أذت إلى تعدد الحكومات في ليبيا و إنفراد كل هيئة تشريعية وتنفيدية بالسلطة ، ومحاولتنا وضع سيناريوهات وتوقعات المرحلة القادمة مما قدي حدث بإزدياد وثيرة الثؤاثر بين أبناء الوطن ، قد يستدعي التدخل الخارجي وفرض حالة الوصايا، إستنتاجاً إلى أن هناك العديد من الدوافع و الأسباب الظاهرية و الخفية التي أذت بالبلاد إلى هذا الوضع في ظل الصرعات المتناحرة وإنعدم الوطنية ، ومن بين أبرز هذه النتائج:

1- عدم قدرة الحكومات المتعاقبة بعد إندلاع ثورة فبراير على تحقيق طموحات ومتطلبات أهذاف الثورة ،بتوفير رغد العيش والحياة الحرة الكريمة للمواطن البسيط ،الذي كان خروجه من أجل كبح الظلم ورفع المعاناة .

2- فقدان الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية … نتيجة تعدد الحكومات، التي كانت من المفترض لها؛ أن تلعب دوراً بارزاً في حماية المواطن ،وجمع السلاح، وإستقرار سعر صرف الدولار مع السوق الموازي، والمحافظة على ثرواث الوطن بي الداخل والخارج.

3-تدخل بعض الدول الإقليمية والدولية في الشأن الليبي ،وتغليب مصلحة طرف على الطرف الأخر ،كان له الأثر الكبير في عدم الأستقرار وإزدياد وثيرة الصراع وفقاً للمصالح الأقليمية للدول المتدخله بأي شكل من أشكال التدخل إنتهاكاً لسيادة الوطنية .

4-التأكيد على منح الثقة من البرلمان للحكومة الشرعية”حكومة الوفاق”، المنبثقة عن إتفاق الصخيراث والمعترف بها دولياً ؛كي تُفعل دورها من خلال مؤسساتها الخدمية للمواطن ،وتَبسِط السيادة الوطنية على كامل الدولة دخلياً وخارجياً.

  • المصادر والمراجع:

  بعد القرآن الكريم والسنة النبوية، فإن البحث أُعتمد على العديد من المصادر والمراجع، وهي :

  • أحمد بن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،ص 359،وكذلك المعجم العربي الأساسي، تأليف وإعداد جماعة من كبار اللغويين العرب ،تونس ،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1989م ،ص 441.
  • أخرجه البخاري ،كتاب تفسير القران ،باب “درية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً” ،رقم 3162.
  • ادریس بوكرا، الوجيز في القانون الدستوري، دار الكتاب الحديث ،ط1، ص 218.
  • أمیرة حناشي، “مبدا السیادة في ظل التحولات الدولیة الراهنة“، مذكرة ماجستیر، كلیة الحقوق، قسم القانون العام، فرع العلاقات الدولیة و قانون المنظمات الدولیة، جامعة منتوري قسنطینة، 2007-2008 ،ص 110.
  • انظر : صحاح اللغة ، ولسان العرب ،مادة [سُوَدَ] ، ولسان العرب ،مادة [زعَم]
  • انظر :مختار الصحاح ،مادة : [سَوَدَ].
  • بن عامر تونسي، قانون المجتمع الدولي المعاصر، دار المطبوعات الجامعیة، الجزائر، 2000م ،ص 9.
  • جمعة صالح حسین، القضاء الدولي، دار النهضة العربیة، القاھرة، 1998م ،ص 55.
  • صدیق فوزي، الوافي في شرح القانون الدستوري الجزائري، ج/01 ،ط/02 ،دیوان المطبوعات الجامعیة، الجزائر ص38، 2003م.
  • عبد القادر البقیرات، محاضرات في السیادة والعولمة ألقیت على طلبة الماجستیر، جامعة الجزائر، سنة 2003/2004 ص 03. “
  • عبد الوھاب عمروش، “التدخل الإنساني و مصیر الدولة الوطنیة في افریقیة”:دراسة حالة الصومال 1992 -2005 ،”مذكرة ماجستیر، كلیة الإعلام و العلوم السیاسیة، قسم العلوم السیاسیة و العلاقات الدولیة، جامعة الجزائر، 2006-2007 ،ص 8.
  • عدنان نعمة، السیادة في ضوء التنظیم الدولي المعاصر، بیروت، م1988 ،ص 122.
  • عدي محمد رضا یونس، التدخل الهدام والقانون الدولي العام ، المؤسسة الحديثة للكتاب،, 2010م ص . 74
  • عدي محمد رضا یونس، المرجع السابق، ص 67 عدي محمد رضا یونس، التدخل الهدام والقانون الدولي العام ، المؤسسة الحديثة للكتاب،, 2010م ص .
  • عمر سعد االله، حل النزاعات الدولیة، الجزائر: دیوان المطبوعات الجامعیة، 2005 ،ص 190.
  • قواعد نظام الحكم في الإسلام ،ص24.
  • لیلى نقولا الرحباني، إشكاليات التوازن بين العدالة وبناء السلام، المحاكم الجنائية الدولية نموذجا ،دار بيروث للنشر ، ط1، ص34.
  • مریم دماغ، إشكالية التدخل في العلاقات الدولية بعد الحرب الباردة دراسة مقارنة للتدخل الأمريكي في كل من: كردستان والعراق 1991م، و الصومال 1992م ، ص 22.
  • مفید محمد شھاب، القانون الدولي العام، القاھرة: دار النھضة العربیة، ط2 ،1985 ،ص279.
  • یحي علي العلي، التدخل الدولي في الشؤون اللبنانیة منذ اتفاق الطائف1989 وحتى2006 ،دمشق: رند لطباعة و النشر و التوزیع، 2010 ، ص.1.

[1]–  البقیرات، محاضرات في السیادة والعولمة ألقیت على طلبة الماجستیر، ص 03

[2] –  انظر : مختار الصحاح ،مادة : [سَوَدَ].

[3] – انظر : صحاح اللغة ،ولسان العرب ،مادة [سُوَدَ] ، ولسان العرب ،مادة [زعَم]

[4] – أخرجه البخاري ،كتاب تفسير القران ،باب “درية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً ،رقم 3162.

[5] – ابو العلاء، الوجيز في النظريات والأنظمة السيادية ،ص126.

[6] – الزمخشري، قواعد نظام الحكم في الإسلام ،ص24

[7] – بن عامر ، قانون المجتمع الدولي المعاصر، دار المطبوعات ،ص 9.

[8] – بن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،ص 359،وكذلك المعجم العربي الأساسي،ص 441.

[9] – عمروش، التدخل الإنساني و مصیر الدولة الوطنیة في افریقیة، ص 8.

[10] – سعد االله، حل النزاعات الدولیة، دیوان المطبوعات الجامعیة، ص 190

[11]–  شهاب، القانون الدولي العام،دار النھضة العربیة، ط2 ،ص279

[12] – یونس، التدخل الهدام والقانون الدولي العام ، المؤسسة الحديثة للكتاب، ص . 74

[13]–  دماغ، إشكالية التدخل في العلاقات الدولية بعد الحرب الباردة دراسة مقارنة للتدخل الأمريكي في كل من: كردستان والعراق 1991م، و الصومال 1992م ، ص 22.

[14] – حناشي، مبدا السیادة في ظل التحولات الدولیة الراھنة، ،ص 110

[15] – ادریس بوكرا، الوجيز في القانون الدستوري، دار الكتاب الحديث ،ط1، ص 218.

[16] – عدي محمد رضا یونس، التدخل الهدام والقانون الدولي العام ، المؤسسة الحديثة للكتاب، ص . 67.

[17] – العلي، التدخل الدولي في الشؤون اللبنانیة منذ اتفاق الطائف1989 وحتى2006 ، رند لطباعة و النشر و التوزیع، 2010 ، ص1.

[18] – الرحباني، إشكاليات التوازن بين العدالة وبناء السلام، المحاكم الجنائية الدولية نموذجا ،دار بيروث للنشر ، ط1، ص .33

[19] – الرحباني، إشكاليات التوازن بين العدالة وبناء السلام، المحاكم الجنائية الدولية نموذجا ،دار بيروث للنشر ، ط1، ص34.

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=64366

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M