في هذه الحلقة نتناول مصطلحات قرأنية جديدة يمكن أن تفيدنا كمفاتيح تفسيرية لفهم القرآن الكريم بشكل بسيط ، ومن هذه المصطلحات :
– أهل الكتاب :
والمعروف أن (أهل الكتاب) هم النصارى واليهود في الأعم الأغلب ، ولكن من الناحية اللغوية فإن (أهل الكتاب) هم الأقوام التي أرسل لهم الباري عز وجل رسلاً ورسالات وكتب سماوية ، وبالتالي فالمسلمون من الناحية اللغوية مشمولون بمصطلح (أهل الكتاب) ، ولكننا قد لا نجد موضعاً ذُكِر فيه (أهل الكتاب) ولم يكن المقصود هم النصارى واليهود وغيرهم من غير المسلمين ، ولكننا يمكن أن نستفيد من هذا المصطلح هو أخذ الدروس والعبر من تلك الأقوام والسنن الإلهية فيهم ، فإذا فعل المسلمون أفعال تلك الأقوام من (أهل الكتاب) يمكن أن يصيبهم مثل ما أصابهم باعتبار جريان السنة الإلهية إلا أن يشملنا الله برحمته ، فاليهود مثلاً وهم من (أهل الكتاب) يقولون أنهم شعب الله المختار ، وقولهم هذا له أثر على أرض الواقع حيث يرون باقي الأقوام عبيد لهم وحيوانات لا تستحق أن تعيش ، فعلى المسلمين أن لا يتعاملوا بهذه العقلية وإن لم يقولوها صراحة وإلا سنقع بما وقع فيه اليهود الذين طبع الله على قلوبهم بحب الدنيا وأنساهم الآخرة .
– الهجرة :
وعادة ما يستخدم هذا المصطلح في القرآن الكريم للتعبير عن هجرة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهجرة المسلمين من مكة الى المدينة وما لاقوه من مصاعب نتيجة تلك الهجرة حفاظاً على أرواحهم من بطش قريش وصناديدها ، إلا أن (الهجرة) في القرآن يمكن أن تكون ترك العادات القبيحة والصفات السيئة الى التحلي بالأخلاق الحميدة الى أن يصل الإنسان الى مقام النصر على النفس الأمارة بالسوء ، وهذا ما يتناوله علماء الأخلاق في كتبهم في هجرة الإنسان الطالب للكمال وهي ثلاثة مراحل (التخلي والتحلي والتجلي) ، فالتخلي تقابل هجرة المسلمين لظلم قريش وأنصارها ، والتحلي هو العيش في بيئة ومجتمع متعاطفين وهو مجتمع المدينة ، والتجلي يمثل مرحلة النصر والفتح التي حققها المسلمون بقيادة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
وهذا المصطلح يمكن أن يكون تفريعة من تفريعات الجهاد التي ذكرناه في الحلقة الماضية .
– المؤمنون والمسلمون :
المسلمون هم من شهدوا الشهادتين (أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) ، أما المؤمنون فهم من اكتمل إسلامهم واصبحوا في درجة عالية من الارتباط بالرسالة الإسلامية فصدّقوا بالنبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم وأطاعوه في كل ما أمرهم به وبما أوصاهم ولم يكن لهم الخيرة من أمرهم فيما قضى وسلموا تسليماً ، فعندما أوصى بعلي عليه السلام التزموا الوصية رغم دفع الثمن الباهض وساروا على نهجه وتمسكوا بسيرته وسيرة اهل بيته عليهم السلام الى خاتم الأوصياء الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف .
وهناك توصيف آخر لهاتين الفئتين تبينان أن المسلمين يفوق مقامهم مقام المؤمنين بل ويفوق مقام المتقين الذين يعتبرون مرحلة متطورة في مراحل التكامل مقارنة بالمؤمنين ، وذلك استناداً الى قوله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) أي يا مؤمنين كونوا تقاة وتقاة وتقاة الى أن تلقوا الله مسلمين وليس فقط متقين .
وكذلك وقد يفهم من المؤمنين أنهم المؤمنون بالله عز وجل فقط من دون رسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم أو كما يسيمهم البعض الموحدين ، فهؤلاء مؤمنون ولكن المسلمين الذي التزموا رسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم بعد الإيمان بالله هم أكمل باعتبار الدين عند الله الإسلام .
مما تقدم نفهم أن تداول مصطلحي (المسلمين والمؤمنين) في القرآن يأخذ عدة معاني وليس فقط المعنى الأول الذي ذكرناه سابقاً .