نزار حيدر
توطئة؛
نشرت مجلَّة [رصد العقائِديَّة] التي تصدُر عن [مركز الرَّصد العقائدي] التَّابع للعتبةِ الحُسينيَّةِ المُقدَّسة، الحِوار المُفصَّل التَّالي الذي أَجراهُ الزَّميل مهدي الفحَّام مُدير التَّحرير عن حالِ الجاليات في بلادِ الغرب، وتحديداً في الوِلاياتِ المُتَّحدة الأَميركيَّة، جرى فيهِ الحديث عن واقعِها والتحدِّيات التي تواجهُها، وخاصَّةً النِّشء الجديد الذي يُولد وينمُو ويترعرع هناك.
س١/ كيفَ تُقيِّم واقع الثَّقافة العقائديَّة للجالياتِ الإِسلاميَّة، وبالخصُوص شيعة أَهلُ البيت (ع) في بلادِ المَهجر؟
ج/ لا شكَّ أَنَّ التحدِّي العقَدي كبيرٌ جدّاً في بلادِ المَهجر خاصَّةً بالنِّسبةِ للنَّشءِ الجديد وعلى وجهِ الخصُوص للجيلِ الذي يُولد في بلادِ المَهجر، فهوَ الأَقربُ للإِنصهار في المُجتمعاتِ الغربيَّة والأَبعدُ عن التُّراث، ولذلكَ تتضاعفُ التحدِّيات بالنِّسبةِ لهُ.
ولقد إِزداد التحدِّي منذُ إِنتشار ظاهرة الإِرهاب باسمِ الدِّين [الإِسلام] فلقد وظَّفتهُ التيَّارات العُنصريَّة والإِعلام الغربي العُنصري للطَّعن بالعقيدةِ ومُحاولة تحميلها المسؤُوليَّة، ما جعلَ الجالياتُ بشكلٍ عامٍّ في قفصِ الإِتِّهام للدِّفاعِ عن نفسِها وعقيدتِها.
وللأَسف الشَّديد فلقد إِنهارت شرائح معيَّنة من [المُسلمين] أَمام ذلكَ لدرجةٍ أَنَّها غيَّرت دينها خشيةً تارةً وتأثُّراً بالدِّعاية السَّوداء تارةً أُخرى، وبسبب إِنهيارها كنتيجةٍ طبيعيَّةٍ لضعفِ عقيدتها.
أَمَّا شيعةُ أَهل البَيت (ع) فلقد كانُوا الأَقوى على التحدِّي والصُّمود أَمام كلَّ ذلك لسببَينِ اثنَينِ؛
الأَوَّل؛ كونهُم يحمِلون عقيدةً متينةً ورصينةً لا تتأَثَّر بمثلِ هذهِ الهجماتِ الظَّالِمة.
ولقد زادَ من قُدرتهِم على التحدِّي إِلتزامهُم باحياءِ الشَّعائر الحُسينيَّة بشكلٍ واسعٍ جدّاً والتي منحتهُم مناعةً قويَّةً وراسخةً وثابتةً منذُ نعومةِ أَظفارهم.
الثَّاني؛ كونهُم ضحايا العُنف والإِرهاب الذي انتشرَ باسمِ الإِسلام فلم يكُن بإِمكانِ أَحدٍ أَن يتَّهمهُم بذلكَ أَو أَن يواجههُم بهِ أَو يحمِّلهُم وزرهُ.
س٢/ ما هيَ التحدِّيات التي تواجهُ هذهِ الجاليات بالنِّسبةِ لقضيَّةِ تعميق الهويَّة العقائديَّة في فكرِ الفردِ في بلادِ المَهجر؟
ج/ هنالكَ عدَّة تحدِّيات بهذا الصَّدد منها:
– الإِنبهار الذي يُضعِفُ المناعة.
– الإِنشغال بالحياةِ الدُّنيا حدِّ الذَّوبان.
– البعدُ المادِّي في الحياةِ.
– غَياب المراكِز التي تعنى بذلكَ أَو قِلَّتها بالقياسِ إِلى عظمةِ وخطورةِ التَّحدَّي العقدي.
– عدم التسلُّح بالمنطقِ في طريقةِ التَّعامل وغَياب الأَجوبة العقليَّة والمنطقيَّة إِزاء التحدِّيات العقديَّة والفكريَّة والثقافيَّة، خاصَّةً بالنِّسبةِ للنَّشء الجديد الذي يفكِّر بطريقةٍ تختلفُ كليّاً عن طريقةِ تفكيرِ الجيلِ القديم، كما أَنَّ أَسئلتَه العقائديَّة والدينيَّة تختلفُ عمَّا كانت عليهِ فيما مضى.
فهو مثلاً، لا يتقبَّل أَيَّ مَوروثٍ كانَ، ويرفضُ ثقافات معيَّنة مثل الأَحلام والموغَلةِ بالمعاجزِ ومثيلاتها.
س٣/ ما هيَ سبُل تحصيل الفرد لمعارفهِ العقائديَّة؟ خصوصاً وأَنَّ الجيل الجديد قد وُلد في بلادِ المَهجر ونما وشبَّ وترعرعَ فيها؟
ج/ برأيي فإِنَّ أَهم هذهِ السُّبل ما يلي:
– أَن يكونَ المنزل هو الحاضِنة الحقيقيَّة لهُ، الأَمر الذي يحتاج إِلى أَن تكونَ القوَّة الجاذِبة للمنِزل والأُسرة أَقوى بكثيرٍ من القوَّة الجاذِبة للمَدرسةِ والتِّلفاز والشَّارع ومكان العَمل وغيرِها، ليلجأَ الأَولادُ للأَبوَين كُلَّما تُثارُ عندهُم أَسئلةً تخصُّ العقيدة والدِّين، فعكسُ ذلك سيلجأُون إِلى الآخر لسؤالهِ وهُنا تبدأ أَوَّل خُطوة نحوَ الإِنحراف أَو على الأَقلِّ ضَعف العَقيدة.
– الحضور وعدم الغَياب أَو الإِنشغالِ عن الأَبناء عندما يحتاجونَ الأَبوَينِ للسُّؤالِ منهم في أُمورِ دينهم وعقيدتهِم.
– المُداراة، فالعنفُ، مثلاً، في مواجهةِ أَسئلتهِم أَو عدم مُراعاتهِم نفسيّاً وعقليّاً أَو تجاهلهُم يدفعهُم للإِبتعادِ عن المصدر الحقيقي وبالتَّالي للشَّطحِ في التَّفكير والإِستنتاج.
ينبغي أَن تتَّسع صدُورنا لأَسئلتهِم التي نراها في أَحيان كثيرة غريبةً أَو تعسُّفيَّةً بسببِ البيئةِ التي يعيشونَ فيها وتحدِّياتها الكبيرة.
يوصي أَميرُ المُؤمنينَ (ع) في مثلِ هذه المواقف بقولهِ {ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ [العُنْفَ] مِنْهُمْ وَالْعِيَّ [العَجْزَ]}.
– توظيف طُرُق التَّربية والتَّعليم الحديثة.
– الإِبتعاد عن لُغة الكَبت والفَرض والإِكراه وسياسةِ المنعِ، فالنشءُ الجديد لا يقبل أَيَّة أَجوبة يسمعها وبأَيِّ منطقٍ كان، وإِنَّما يُحاول أَن يستَوعب الجَواب الذي ينسجم وطريقة تفكيرهِ وفهمهِ، ولذلكَ فنحنُ بحاجةٍ إِلى تحديثِ وتطويرِ وتجديدِ لُغة الحِوار معهُ بما ينسجمُ وعقلهُ ووعيهُ واستيعابهُ للأُمور.
وهنا نجدُ أَنفُسنا بحاجةٍ إِلى أَن نتسلَّحَ بالآيةِ الكريمةِ ونحنُ نتحدَّث مع النَّشء الجديد {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ}.
س٤/ ما هو الدَّور الذي تقومُ بهِ المؤَسَّسات الدينيَّة بخصُوص نشر الثَّقافة العقائديَّة في المَهجر؟
وما هو مدى إِرتباطِها بالنَّجف الأَشرف، والعتبات المُقدَّسة؟ هل يمكنُ أَن نطَّلع على دورِها في حياتكُم؟.
ج/ إِنَّ لبعضِها دورٌ كبيرٌ، مفصليٌّ ومحوريٌّ في البناء العقَدي للجاليةِ، فبحمدِ الله تعالى فإِنَّ لبعضِها؛
– الدُّروس الحوزويَّة المُتخصِّصة
– المُحاضرات العقديَّة
أَمَّا إِرتباطها بالنَّجف الأَشرف فعَن طريقَين؛
– المُباشر من خلالِ التَّواصل مع مكاتِب المراجِع العِظام وأَساتذة بحث الخارج.
– غير المُباشر فلكلِّ مرجعٍ من المراجِع وكيلٌ ومُعتمدٌ أَو أَكثر تتواصل معهُ الجالية بشتَّى الطُّرق المُباشرة وغَير المُباشرة.
أَمَّا المرجعُ الأَعلى فإِنَّ لهُ مكاتب إِرتباط نشِطة فضلاً عن الوُكلاء والمُعتمَدين المنتشرين في مُختلف دُول المَهجر.
س٥/ كيف يتمُّ تنشِئة الجيل الجديد من الأَطفال والمُراهقين على عقيدةٍ صحيحةٍ في بُلدان المهجر والتي تختلف كلَّ الإِختلاف عن ثقافةِ آبائهِم؟
ج/ هي مسؤُوليَّة كبيرة وقد تحمَّلت أَعباءها؛
– الأُسر الكريمة خاصَّةً إِذا كان الوالِدان أَو أَحدهُما يحمل من الثَّقافة الدينيَّة ما يكفي لتعليمِ النَّشء الجديد.
– نظام مدارس عُطلة نِهاية الأُسبوع في كلِّ المراكز الإِسلاميَّة تقريباً والتي تحظى بإِقبالٍ جيِّدٍ جدّاً.
– المدارس الخاصَّة الأَهليَّة والتي تُضيف إِلى المنهج الرَّسمي درُوساً دينيَّةً خاصَّةً.
– المُخيَّمات الكشفيَّة التي تحوَّلت إِلى ظاهرةٍ تتَّسع عاماً بعد آخر يشترك فيها الآلاف من الشَّباب والشَّابَّات والتي تنظِّمها المراكز الإِسلاميَّة بمناهج إِداريَّة غربيَّة مُتعارف عليها في بِلاد المَهجر ولذلك يُقبلُ عليها النَّشء الجديد بشَوقٍ ورغبةٍ.
س٦/ وكيف يتمُّ تحصينهُم من الأَفكار والشُّبُهات والتي تهدف إِلى خلقِ فوضى فكريَّة بعقيدتهِم والتي تتسبَّب في صِراعاتٍ ودوَّاماتٍ عقائديَّةٍ؟
ج/ لقد تحمَّلت المراكز الدينيَّة والمواكب والهيئات والكثير من المُبادراتِ الفرديَّة والجماعيَّة هذه المسؤُوليَّة على أَحسنِ ما يُرام على الرَّغمِ من ضعف الإِمكانيَّات وقلَّة الأَدوات.
إِنَّ إِحياء المُناسبات الدينيَّة، خاصَّةً في شهرَي مُحرَّم الحرام وصفر المُظفَّر وكذلك شهر رمضان المُبارك، وإِقامة البرامج الأُسبوعيَّة تخلقُ أَجواءً إِيجابيَّة تُحصِّن النَّشء الجديد من الوقُوع بمثلِ هذهِ الدوَّامة.
كما أَنَّ للفضائيَّات المُتخصِّصة دورٌ مُهِمٌ في هذا المجال خاصَّةً التي تبثُّ باللُّغات الأَجنبيَّة.
فضلاً عن أَنَّ للقصيدةِ الحُسينيَّة والأَناشيدِ الدينيَّة، التي ملأَت فراغاً عاطفيّاً مهمّاً جداً يحتاجهُ النَّشء الجديد في بلادِ المهجر المعروفة بهذا الجانب تحديداً إِذ يعيشُ شبابهُ بشكلٍ خاصٍّ في مُجتمع من ثقافتهِ الإِستماع إِلى الأَغاني والمُوسيقى، دورٌ مهمُّ في تحصينِ شبابِنا.
س٧/ كيف ينظرُ الغربُ للمُسلمِ صاحبِ العقيدةِ الإِيمانيَّةِ والمُلتزم بفكرهِ العقائدي؟
ج/ لكونِ المُجتمعات الغربيَّة مُتعدِّدة ومُتنوِّعة في كلِّ شيءٍ ومنها التنوُّع الدِّيني والمذهبي ولذلك فإِنَّهُ يحترم المُسلم المُلتزم رُبما أَكثر من إِحترامهِ للمُسلم المُتهتِّك.
طبعاً هذا لا يعني أَنَّ الغرب مُجتمعٌ ملائكيُّ أَبداً ففيهِ كذلكَ مقدارٌ من العُنصريَّة الدينيَّة إِلَّا أَنَّهُ بالمُجمل مُجتمعٌ يحترمُ الآخر خاصَّةً إِذا كانَ مُلتزماً ومُثقَّفاً بثقافتهِ الدينيَّة.
س٨/ هل تُميِّز الأَنظمة الغربيَّة بين العقيدةِ الإِسلاميَّة المُسالمة والصَّحيحة ـ التي يتَّسم بها مذهب أَهلُ البَيت (ع) ـ عن أَصحاب العقيدة الأُخرى القائِمة على القتلِ والتَّكفير؟.
ج/ لقد مررنا بحدَثَينِ خطيرَينِ كان لهُما كلَّ الفضلِ على الرَّأي العام الغربي ومساعدتهُ للتَّمييز بَين مدرَستَينِ؛ مدرسةُ أَهل البيت (ع) ومدرسةُ الخِلافة؛
الحدثُ الأَوَّل هو هجمات [١١ أَيلُول عام ٢٠٠١] والتي شهِدتها مدينة نيويُورك على وجهِ التَّحديد.
الحدث الثَّاني هو ظهُور [داعش] على وجهِ التَّحديد.
فعندما عرِف الرَّأي العام الغربي أَنَّ وراء كلَّ هذهِ الجرائِم البشِعة تقف عقيدةٌ فاسدةٌ بعينِها تنتمي إِلى مدرسةٍ مُحدَّدةٍ من المدرستَين راح يُميِّز بشكلٍ واضحٍ جدّاً بينهُما ما خلقَ فُرصةً ليقرأَ ويبحثَ ويتعلَّم الكثير عن مدرسةِ أَهلِ البَيت (ع).
وما سهَّل من المُهمَّة على الرَّأي العام هو التَّفسير التعسُّفي الذي يُقدِّمهُ الإِعلام الغربي والعُنصري تحديداً لهذهِ الجرائِم ومحاولته لتعميمِ الظَّاهِرة على كلِّ الإِسلام.
لقد كانت فُرصةً ذهبيَّةً لنشرِ مدرسةِ أَهلِ البيت (ع) في الغرب بعد أَن تبيَّنَ للرَّأي العام هُنا بأَنَّها تتميَّز جذريّاً عن المدرسةِ الأُخرى إِن بالعقيدةِ أَو بالعلاقةِ مع الآخر، أَو حتَّى على صعيدِ الحقُوق وأَدوات البناء الدِّيني والحَضاري.
س٩/ ظهُور القِوى الإِرهابيَّة كـ [القاعِدة وداعش وغيرها] هل هذا الظُّهور كانَ لهُ أَثرٌ سلبيٌّ أَم إِيجابيٌّ على الجاليات الإِسلاميَّة وخصوصاً الشِّيعة في المهجر، باعتبارِ انكشافِ الحقائق وأَنَّ القضاء على الإِرهاب تحقَّقَ على يدِ أَتباع أَهل البيت (ع) والمرجعيَّة الدينيَّة في النَّجف الأَشرف؟.
ج/ للخطابِ الإِنساني والحضاري المُعتدل الذي قدَّمتهُ المرجعيَّة الدينيَّة العُليا طِوال العقد المُنصرم على وجهِ التَّحديد وخصوصاً منذُ انتشارِ الإِرهاب وسيطرتهِ على أَجزاءٍ واسِعةٍ من الأَراضي في العراق وسوريا وإِعلانهِ عن قيام دَولة الخُرافة، إِنَّ لهذا الخِطاب دورٌ مهمٌّ جدّاً في عرض الإِسلام الحقيقي وجواهرهِ الإِنسانيَّة العظيمة التي يفتقر إِليها أَيَّ خطابٍ دينيٍّ أَو سياسيٍّ آخر، خاصَّةً وأَنَّ هذا الخِطاب إِتَّكأَ على غديرَينِ ومنبعَينِ أَساسيَّينِ هما القرآن الكريم ونهج البلاغة ما ساهمَ في تقديمِ مصادرَ حقيقيَّةٍ للرَّأي العام الغربي الذي يُحبُّ أَن يعودَ إِلى المصادِر كُلَّما حاولَ أَن يفهم أَمراً أَو يبحثَ فيه.
ولذلكَ إِستهدفت أَطراف عِدَّة، ومِنها بعض وسائل الإِعلام الغربيَّة، هذا الخِطاب بالتَّشويهِ والتَّشهيرِ والتَّسقيطِ مثلاً من خلالِ إِستغلالِ بعضِ الفتاوى الإِفتراضيَّة أَو بحوث الخارج الإِفتراضيَّة التي قد لا تنسجم ورُوح العصر [ظاهِريّاً] أَو لا يمكنهُ إِستيعابها كونهُ غَير مُتبحِّر في فهمِ الإِسلامِ بشَكلٍ عامٍّ.
س١٠/ كيفَ أَوصلت الجاليات الإِسلاميَّة رسائِلَ عن العقائِد الإِسلاميَّة للمُجتمعات الغربيَّة التي تعيش في مُجتمعاتِها؟.
ج/ من خلال؛
– المُحاضرات الجامعيَّة، ففي العديدِ من دُول المهجر هناك أَعدادٌ كبيرةٌ من الفُقهاء والعُلماء المتنوِّرين الذين حقَّقوا نجاحات باهرة في الجامعات إِذ نجحُوا في إِيصال رسالةِ مدرسةِ أَهلِ البيت (ع) على أَحسنِ ما يُرام.
– مراكز الأَبحاث المُتخصِّصة.
– الفضائيَّات العقائديَّة المُتخصِّصة.
– الأَوراق البحثيَّة المُتخصِّصة.
– فضلاً عن الكُتُب والمقالات خاصَّة المنشورة في الدَّوريَّات المُعتبرة التي تأخُذ حيِّزاً في المكتبات.
ومن أَجلِ التحوُّل أَكثر فأَكثر إِلى مراحلَ مُتقدِّمة من التحدِّي والعَرض والتَّنافس نحنُ بحاجةٍ إِلى قنوات مُتخصِّصة بالعقائِد تبثُّ بالدِّشِّ الخاص ببلادِ الغرب أَو بالكَيبُل الخاص في بلادِ الغرب، فقنواتنا إِلى الآن موجَّهة إِلى جالياتِنا في بلادِ الغربِ وليس إِلى المُجتمع الغربي بشَكلٍ مُباشر.
كما أَنَّ إِفساح المجال للعُلماء والمُفكِّرين والباحثين الأَجانب المُستبصرِين في قنواتِنا الفضائيَّة لمُخاطبة العقل الغَربي بشَكلٍ مُباشر لهُ دورٌ مهمٌّ جدَاً في نشرِ عقائدِنا.
ولا ننسى ما للإِعلامِ الدِّيني مِن دورٍ مُهمٍّ بهذا الصَّدد والذي نفتقر إِليهِ بشَكلٍ كبيرٍ.
إِنَّ من المهام الكَبيرة التي تقومُ بها الكنيسة في بلادِ الغرب هو الإِعلام الدِّيني فلماذا لا تتبنَّى حوزاتنا الدينيَّة العريقة ذلك؟ ولا تهتم بهذا الدَّور المُهم والحيوي؟! خاصَّةً وأَنَّ النَّجف الأَشرف صاحِبة أَرقى خطاب إِنسانيٍّ مُعتدل وسَطي يقبل به الجميع على اختلافِ خلفيَّاتهِم ومشاربهِم، وهو أَعرق ما عرِفتهُ الحاضِرات الإِسلاميَّة، ينبضُ بالحياةِ والتجدُّد على مرِّ القرون؟!.
لماذا تُترجم كتبهُم إِلى لُغاتِنا ولا تُترجم كُتبِنا إِلى لُغاتهِم؟!.
لماذا تدخُل مصادِرَ في مناهجِنا ولا تدخُل كتُبنا مصادِرَ في مناهجهِم إِلَّا اللَّمم؟!.
على أَملِ أَن يأتي ذلك الْيَوْم الذي نجدُ فيهِ نتاجَ علمائِنا وفقهائِنا ومراجعِنا مُترجمةً إِلى لُغاتهِم لتكونَ مصدراً يعودُ إِليهِ الباحثُون وأَساتذة وطلبة الجامِعات بمُختلفِ الإِختصاصات الإِنسانيَّة.
– الصَّادِرة عن [مركز الرَّصد العقائدي] التَّابع للعتبةِِ الحُسينيَّةِ المُقدَّسة.
س١١/ كيفَ تصفُ لنا إِنتشار التشيُّع في المهجر خصوصاً خلالَ العقدِ والنُّصف الأَخير؟.
ج/ الإِسلام عموماً هو ثاني أَكبر الأَديان إِنتشاراً في الغرب وتحديداً في الوِلايات المُتَّحِدة.
ولمدرسةِ أَهل البيت (ع) حُصَّة الأَسد في ذلك خاصَّةً خلال الفترة الزمنيَّة المُشار إِليها في السُّؤَال.
فمثلاً؛ في منطقة واشنطن العاصمة لم يكُن فيها قبلَ ٢٠ عاماً سوى مَركزَين شِيعيَّين، أَمَّا الآن فعددها ١٦ مركز بالإِضافةِ إِلى الهَيئات والمواكِب والمجالِس والمراكز الصَّغيرة والمُتداخِلة والتي يربو عددها على الـ ٢٠٠.
لقد انتشرت مدرسة أَهل البيت (ع) ومراكزها وعلماءها بشكلٍ واسعٍ جدّاً، كما أَنَّ حضورها في الجامعات ومراكز الأَبحاث باتَ يُشارُ إِليهِ بالبَنان خاصَّةً وأَنَّها تُقدِّم مادَّةً عِلميَّةً راقيةً تتميَّز ببُعدها الإِنساني والحَضاري بالإِضافةِ إِلى كونِها تهتم بالبُعدَين المادِّي والمَعنوي.
حتَّى في السُّجون الأَميركيَّة مثلاً إِنتشر التشيُّع بشَكلٍ مُلفت فلأَوَّل مرَّة باتَ الطَّلب من السُّجناء كبيراً على [أَئِمَّة] شيعة بعد أَن كانَ الطَّلبُ محصُوراً على غيرهِم من [الأَئِمَّة] وبالفعل فاليَوم يزورُ كثيرٌ من [الأَئِمَّة] الشِّيعة السُّجون ليُلقُوا عليهِم المُحاضرات الدينيَّة والأَخلاقيَّة ويعلِّمونهُم أُصول دينهم بالإِضافةِ إِلى العِبادات من أَجلِ المُساهمة في تغييرِ سلوكيَّاتهِم المُنحرِفة، ما ساهمَ بالفعل في تحسينِ أَدائهِم قبلَ إِطلاقِ سراحهِم ليعودُوا إِلى المُجتمع عناصرَ إِيجابيَّة وصالِحة، وهي الصُّورة التي تذكِّرُنا بما كان يفعلهُ الإِمام علي بن الحُسين السجَّاد زَين العابدين (ع) مع العبيد عندما كان يعلِّمهُم ويُربِّيهم قبلَ أَن يعتِقَ رِقابهُم ليكُونُوا أَحراراً في المُجتمعِ.
بقيَ أَن يُبادر المعنيُّون لإِنجاز مشرُوعَين في غايةِ الأَهميَّة؛
الأَوَّل؛ هو مشرُوع المقعد الجامعي الذي يجب أَن يُقامَ في كلِّ جامعةٍ تهتمَّ بالعلُوم الإِنسانيَّة يتمُّ فيهِ تدريس مدرسة أَهل البيت (ع).
الثَّاني؛ هو تأسيس الجامِعة الشيعيَّة أَو جامعة أَهل البيت (ع) فلماذا تمتلك كلَّ المُؤَسَّسات الدينيَّة الأُخرى هُنا في أَميركا مثلاً جامعات ولا تمتلك المُؤَسَّسة الدينيَّة الشيعيَّة جامعة؟!.
س١٢/ ما هي أَسباب زيادة مُعتنقِي مدرسة أَهل البيت (ع) في العالَم؟.
ج/ هنالِكَ عدَّة أَسباب أَساسيَّة، منها؛
– طبيعة الفكر الإِنساني والرِّسالي الذي يجد فيه المُتلقِّي إِنسجاماً عقليّاً وفكريّاً وعلميّاً لا يجدهُ في أَيِّ فكرٍ آخر.
– المظلوميَّة العظيمة التي يتعرَّض لها، فكلَّما زادت المظلوميَّة كلَّما بحث عنهُ الآخر، وهذهِ طبيعة البشر.
– إِنتشار الفضائيَّات والمراكز الدينيَّة.
– ظهور الخَواء الفكري والمعنوي عند الآخر وكذلك الفضائح التي تنتشر يوميّاً، خاصَّةً على صعيدِ الكنيسة.
– الإِشباع المادِّي حدِّ التُّخمة الذي تعيشهُ البشريَّة ما يدفعها للبحثِ عن قِيَمٍ حقيقيَّةٍ وعقيدةٍ تنسجمُ مع العقل والمنطق وتغطِّي الحاجة المعنويَّة.
س١٣/ كيفَ يتناول الإِعلام الغربي العقيدة الإِسلاميَّة؟ وهل هناك تمييزٌ بين العقيدة الشيعيَّة والعقائد الأُخرى من المذاهب الإِسلاميَّة؟.
ج/ الإِعلام الغربي ولكونهِ إِعلاماً ليبراليّاً [علمانيّاً] لا يتحدَّث ولا يتدخَّل بالعقائدِ ولا يخوضُ بالأَديانِ.
نعم هو ينقلُ أَخباراً تخصُّ ذلك إِذا فرضت نفسها عليهِ كما هو الحال بالنِّسبةِ إِلى أَخبار مسيرات أَربعين سيِّد الشُّهداء (ع) في العراق وفي العالَم، والتي كان لها الأَثر الواضح في التَّعريف بمدرسةِ أَهل البيتِ (ع) ولَو بشَكلٍ متواضع إِلَّا أَنَّهُ يتَّسع يوماً بعد آخر والحمدُ لله.
كما يبثُّ هذا الإِعلام برامجَ حِواريَّة خاصَّة بصدد العقائِد والأَديان إِلى جانب الرِّيبورتاجات إِذا كانَ هُناكَ حدثٌ مثلاً أَو ظاهِرة إِجتماعيَّة معيَّنة.
س١٤/ كيفَ هي نظرة الإِعلام الغربي للعقيدةِ الشيعيَّة؟.
ج/ كما ذكرتُ للتَّو، إِلَّا أَنَّ هُناك تحدِّياً بهذا الصَّدد ينبغي الإِنتباه إِليهِ لمعالجتهِ.
فعندنا في بلادِ الغربِ عمائِمَ فاسدةً تضرُّ بالمذهبِ بسلوكِها المُنحرف وفكرِها الفاسد وثقافتِها الهابِطة رُبما أَكثر من العدوِّ أَو المُتربِّص نفسهُ لأَنَّها محسوبةٌ على المذهبِ وإِنَّ البعض يستغِلَّ فسادها للطَّعنِ بالمذهبِ ولذلكَ ينبغي تحذيرَها ومِن ثمَّ فضحَها لعزلِها إِذا لم تُغيِّر سلُوكها بالتَّحذيرِ.
وأَنا أَعتقدُ أَنَّ هذهِ مسؤُوليَّة الحَوزة العلميَّة، وتحديداً مكاتب المرجعيَّات، فإِنَّ عليها أَن تُدقِّق بصاحبِ العِمامة وسلوكهُ وعلميَّتهُ قبلَ أَن تمنحهُ وِكالةً مثلاً أَو تعتمِدَ عليهِ أَو تُعرِّفهُ للجاليةِ كمصدرٍ من مصادرِ الإِرتباطِ بها.
رابط المصدر: