اتفاق طالبان وامريكا ونهاية الحرب ضد الإرهاب

مسلم عباس

اعلنت الولايات المتحدة الامريكية التوصل لاتفاق سلام مع حركة طالبان الافغانية، بعد عقدين من الحرب بين الطرفين التي بدأتها الولايات المتحدة ضد افغانستان عام ٢٠٠٣ بذريعة رعاية طالبات لزعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن وتنظيمه المتشدد، حيث بدأت منذ ذلك التاريخ الحرب الامريكية الطويلة ضد الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001.

وتضمن الاتفاق اربعة بنود رئيسية وهي:

1- قيام الولايات المتحدة الأمريكية باستكمال سحب باقي قواتها وقوات حلفائها، بما في ذلك جميع الموظفين المدنيين غير الدبلوماسيين، والأمن الخاص والمقاولين وموظفي الخدمات المساندة من أفغانستان، خلال 14 شهرا، بعد هذا الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، شريطة أن تفي طالبان بالتزاماتها بموجب الاتفاق.

2- ستقوم الولايات المتحدة مبدئيا، بخفض قواتها في أفغانستان إلى 8600 عنصر، خلال 135 يوما من الاتفاق مع طالبان، كما ستسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها جميع قواتهم من خمس قواعد عسكرية، فيما ستكمل الولايات المتحدة وحلفاؤها انسحاب ما تبقى من قوات من أفغانستان في غضون تسعة أشهر ونصف.

3- ستعمل الولايات المتحدة الامريكية مع كافة الأطراف المعنية في الاتفاق على الإفراج عن السجناء السياسيين والسجناء لأسباب متعلقة بالصراع، لما يصل لخمسة آلاف سجين تابعين لحركة طالبان، وذلك بهدف بناء الثقة بين الأطراف وتعزيز التنسيق بينهم.

4- بدء طالبان بمفاوضات مع مختلف الفصائل والاطياف الأفغانية في الـ10 من مارس/ آذار.

اعتبر الاتفاق الاخير انجازا تاريخيا يحسب للولايات المتحدة وحركة طالبان، لانه ينهي الحرب التي لم يعد هناك افق لنهايتها، كما انه قد يفتح افاقا جديدة لافغانستان التي عانت من قسوة الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية في ظل الصراع الدامي بين الطرفين، فالرئيس الامريكي دونالد ترامب اخذ الاتفاق ليعلقه كلافتة انتخابية له، فهو رجل السلام وسيد الصفقات بعد صفقة القرن التي حقق فيها احلام اسرائيل واتفاقه التجاري مع الصين، فضلا عن محاولته التي لم تكتمل لعقد اتفاق مع كوريا الشمالية.

فعلى المستوى الامريكي يبدو ترامب اكبر المستفيدين من الاتفاق ليضاف الى سجله السابق، وفي ذات السياق سوف يستفيد الجيش الامريكي من الميزانية العسكرية التي كانت تصرف على الدعم اللوجستي الهائل في تلك الدولة المضطربة، فضلا عن تقليل المخاطر التي يتعرض لها الجنود في افغانستان بعد ان حصلوا على ضمانات من اهم طرف سياسي وعسكري هناك ما يعني تقليل او انهاء عمليات القتل التي يتعرض لها الامريكان.

اما في افغانستان فحركة طالبان هي المستفيد الاول من الاتفاق لكونها حصلت على اعتراف رسمي امريكي بوجودها كقوة متحكمة هناك، وسوف يترتب على ذلك اعادة الاعتبار لنفسها بعد سنوات من التهميش والملاحقة، وقد تسوق الحركة لنفسها باعتبارها صاحبة الشرعية الوحيدة في البلاد وهذا يزيد من حظوظها في القضاء على باقي خصومها وخاصة المتطرفين منهم.

اما الشعب الافغاني فلا عزاء له سوى الخراب والتدمير، اذ ان الحرب التي اعادته سنوات الى الوراء لم تنتهي بالنسبة له، وربما قد بدأت من جديد، اذ ان الامور عادت الى المربع الاول، فلا حرية ولا ديمقراطية ولا سلام لحد الان، كانت الحرب بين الجماعات المتطرفة والولايات المتحدة، بينما قد تندلع حرب جديدة بين هذه الجماعات للسيطرة على مناطق النفوذ وحجز مكانة في الدولة التي تعاني الفقر والجوع والحرمان.

بما ان الاتفاق هو بين اهم طريفين من اطراف حرب الإرهاب، يفترض ان هذا الإرهاب الذي أعلنت عنه أمريكا قد انتهى، لكن اذا دققنا في المواقع التي انتشر فيها الإرهاب منذ احتلال أفغانستان وحى الان تبدو الحرب الامريكية هي اممهد الحقيقي لهذا الإرهاب، فقد انتشر في اغلب دول الشرق الأوسط واجتاح اوربا ولم تنتهي انشطته حتى الان، وامريكا التي هيجت الجماعات المتطرفة هربت بنفسها وتركت العالم يعاني من تبعات افعالها، فهي لم تعوض الشعب الافغاني عن سنوات الخراب التي تعرض لها، كما لم تعتذر للعالم عن حربها، ولم تقدم حلولا حقيقية في هذا الشأن.

اتفاق طالبان هو هروب امريكي من اهم بؤرة من بؤر التوتر في العالم، ولا يبدو ان هذا الاتفاق سيحول دون تعرض الأمريكيين لمزيد من الهجمات، سواء في أفغانستان او او الدول الأخرى، كما ان العالم سيبقى يعاني ويدور في لولب من التطرف.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/violenceandterror/22386

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M