علاء المنشاوي
الانهيارات التاريخية التي تشهدها أسعار النفط حاليا دفعت الكثيرين من غير أهل الاختصاص إلى السعي لمعرفة أسباب الهبوط القياسي، وبالتالي التساؤل عن مدى تأثير ذلك على حياتهم، خاصة في منطقة الخليج التي تعتمد ميزانياتها بدرجة كبيرة على عائدات بيع النفط.
ما يدعو للتساؤل أيضاً ما أعلنته أوبك بلس قبل أيام من التوصل إلى اتفاق بخفض تاريخي للإنتاج بنحو 9.7 مليون برميل، وبالتالي كان من المفترض أن يحول هذا الاتفاق دون ما يحدث حالياً من انهيارات سعرية، أو على الأقل يحافظ على الأسعار عند نفس مستوياتها؟
صحيح أن أوبك توصلت لاتفاق خفض تاريخي، إلا أن المشكلة فقط لم تكن في زيادة إنتاج أوبك أو حتى تحالف أوبك بلس، فحجم الإنتاج العالمي من النفط 80 مليون برميل، تنتج أميركا وحدها نحو 15 مليون برميل، وهي خارج تحالف أوبك بلس ولا تسري التخفيضات التي تم التوصل لها على الإنتاج الأميركي.
هذا يعني أن جزءاً كبيراً من المعروض النفطي سيواصل التدفق إلى الأسواق، ومع تفشي كورونا تأثر الطلب على النفط بشكل كبير.
بنك غولدمان ساكس شكك فيما إذا كانت التخفيضات المرتقبة في مايو ستكون كافية لتعويض تراجع الاستهلاك، إذ وضع تقديرات بأن فيروس كورونا سيقلص الطلب بواقع 19 مليون برميل يومياً في الفترة من أبريل إلى مايو.
ومع مواصلة الدول إغلاق حدودها ووقف رحلات الطيران، من غير المتوقع أن يتحسن الطلب على النفط في الأمد القريب، خاصة أن 60% من استهلاك النفط يعتمد على حركة النقل والطيران.
إذاً فالمشكلة ليست في المعروض النفطي، ولكنها تتعدى المعروض إلى تدني مستويات الطلب على النفط عالمياً، ومع انهيار الأسعار سارعت الدول والحكومات إلى ملء خزاناتها النفطية.
مشكلة الخزانات الممتلئة كانت السبب الأهم وراء الانهيارات التي وصلت بأسعار النفط الأميركي إلى سالب 37 دولاراً مساء الثلاثاء وذلك لأول مرة في تاريخها.
فتداولات العقود الآجلة للنفط الأميركي تنتهي اليوم الثلاثاء، والمتعاملون في هذه العقود نوعان: الأول مصافي النفط وهذه تشتري النفط وتسلمه في موعده لحاجته له.
النوع الثاني وهم المضاربون على هذه العقود لتحقيق أرباح سريعة، وهؤلاء لا يستطيعون تسلم شحنات النفط التي ستظل بحوزتهم لما بعد الثلاثاء، فيضطرون للتخلص مما في أيديهم بأي ثمن لأنهم لا يستطيعون تسلم هذه الشحنات، وإن تسلموها فالخزانات ممتلئة، وإن وجدوا مساحة لتخزينها فهذا يعني تحملهم تكلفة إضافية.
وعادة ما يتم تسليم خام غرب تكساس في مدينة كوشينغ بولاية أوكلاهوما بالنسبة، حيث تمتلك شركات الطاقة صهاريج تخزين بسعة 76 مليون برميل تقريباً.
وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية فإن 72% من الخزانات في كوشينغ، قلب شبكة خطوط الأنابيب الأميركية، كانت ممتلئة بالنفط كما بنهاية العاشر من أبريل.
بالتأكيد، ولأن هذه الأزمة لها شقان عند المنتجين من حيث زيادة المعروض، وفي الطلب بسبب تفشي كورونا والإغلاق الاقتصادي وتدني الطلب، فإن أساسيات الصناعة النفطية متأثرة بكل هذه العوامل، وخام برنت الذي يقيّم على أساسه النفط في دولنا العربية سيتأثر بشدة بما يجري عالمياً.
رابط المصدر: