مازن صاحب
لم أتوقف الا عند نقطة واحدة في تصريحات المكلف الثالث لرئاسة الوزراء السيد مصطفى الكاظمي، تلكم هي دعوته لمؤتمر حوار وطني قبل الذهاب الى الانتخابات البرلمانية، مبكرة كانت ام مؤجلة.
لست بصدد استذكار عدد مؤتمرات الحوار الوطني أو المصالحة التي سميت لها حقيبة وزارية في الوزارة الأولى، ثم عقد أول مؤتمر طرح هذا الموضوع في وزارة الثقافة حينما كان الدكتور مفيد الجزائري وزيرا لها.
ثم عقدت مؤتمرات أخرى برعاية اسلامية وتم التوقيع على وثيقة مكة ومن بعدها عقدت مؤتمرات برعاية اوروبية إيطالية فرنسية وبريطانية كما عقدت حلقات نقاشية برعاية الامم المتحدة وأيضا عقد مؤتمرا برعاية الجامعة العربية، وبعد انتهاء الحرب الاهلية عام 2010 عقد مثل هذا المؤتمر في اربيل كما عقدت مثل هذه الندوات في المناطق التي شهدت ذلك القتال الطائفي وكذلك ما بعد ظاهرة المنصات في المحافظات الغربية عقدت مثل هذه المؤتمرات وبعد الانتصار على عصابات داعش الارهابية الدولية حصلت مثل هذه الحوارات … وبين فترة واخرى تعقد البارونة ايما نيكلسون راعية مؤسسة عمار الخيرية مؤتمرات بهذا السياق تشرفت بحضوري بعضها.
السؤال: لماذا فشلت كل تلك المؤتمرات في انجاز المصالحة الوطنية المفترضة والآن يكرر المكلف لرئاسة الوزراء دعوته للحوار الوطني مجددا؟، في هذا السياق يبدو من الممكن القول:
اولا: المصالحة ليست بين أفراد الشعب كمواطنين، بل أن التصالح الشعبي أن صح التعبير اسبق وأكثر تقدما من التصالح بين القوى السياسية المتصدية للسلطة.
ثانيا: افرزت العملية السياسية انغماس الاحزاب في مفاسد المحاصصة وتمثيلها لمصالح اقليمية ودولية بل اذكر تحقيقا صحفيا نشره الصديق عصام العامري عن افتخار قيادات الاحزاب بالجهات التي يجدون انفسهم يمثلونها كل حسب جنسيته الاجنبية وبلد اللجوء وعلاقته بمخابرات ذلك البلد.
جانب عقائدي
ثالثا: ربما يكون للجانب العقائدي دوره في توافق اجندات الاحزاب ومصالح اقليمية ودولية تجد قيادات الاحزاب المتصدية للسلطة اليوم أنها الأقرب لها ؛ وقد تفاجئت بمقال للدكتور اياد السامرائي الامين العام السابق للحزب الإسلامي العراقي يؤكد أن حزبهم لا يقتصر على طائفة معينة بل يمكن لاعضاء هذا الحزب من طوائف أخرى الوصول إلى مواقع قيادية وعد كل ما سبق وأن حدث لا يتجاوز ردود أفعال فحسب.
ربما يكون هذا المقال الذي وصلني عبر موقعه على الفيسبوك نوعأ من الاستعداد الكامل للحوار الوطني مجددا .. كذلك سبق وأن سمعنا في لقاء متلفز ما قاله احد قيادات الكتل البرلمانية عن دور هذه الاحزاب في الضغط على القضاء لعدم محاسبة الفاسدين!!
مصلحة وطنية
كلا الحالتين يمكن أن تدرج ضمن الاستعداد الكامل للمصالحة الوطنية المنشودة لكن، تبقى فجوة الثقة بين المواطن/ الناخب وبين الانتخابات المقبلة للتغيير الشامل المنشود عبر صناديق الاقتراع … كيف يمكن ردم هذه الفجوة؟؟
هل يفترض بالنخب والكفاءات الأكاديمية والمثقفة أن تدعو الناس للاصطفاف في طابور الاقتراع لانتاج ذات الاحزاب المتصدية لمفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة؟؟
اعتقد ان دماء اولادنا المتظاهرين في ساحات التحرير لن تجف الا بقبض الشعب ثمن التغيير الشامل المنشود، ولذلك يجب ارتكاز الحوار الوطني المقبل على فرضيات حلول منهجية واضحة وصريحة تلغي اعراف مفاسد المحاصصة أولا، وتتفق على هوية وطنية عراقية جامعة … تطبق في قانون الاحزاب قبل الذهاب الى الانتخابات.
وتتحول الاحزاب الراغبة بالمشاركة في انتخابات مجلس النواب الاتحادي إلى احزاب وطنية عراقية تمثل في قاعدتها التاسيسية ما لايقل عن عشرة محافظات عراقية، على أن يضم المجلس التاسيسي لها فعاليات مجتمعية مرموقة من الأكاديميين والنخب المثقفة، واعتراف جميع هذه الاحزاب بالهوية العراقية الجامعة والشاملة باعتبارها الهوية الدستورية للدولة ولها الأولوية على باقي الهويات الفرعية …وهي هويات معترف بها؛ فاذا كانت ما أطلق عليه تسمية (المكونات) تخشى الحكم الدكتاتوري، فانها اليوم مدعوة لاقرار الحكم الرشيد لضبط العدالة والمساواة بين المنفعة الشخصية للمواطن/ الناخب وبين المنفعة العامة للدولة.
وهي دعوة للنخب العراقية أن تدلو بدلوها في هذا المجال … لكن القول الفصيح والفصل عندي اما أن يتكقل السيد الكاظمي وحكومته المرتقبة مؤتمرا للحوار الوطني بنتائج متوخاة … تنتهي باستعادة ثقة العراقي بنظام حكم رشيد، او انتظار غضب الجياع على قارعة الطريق نحو مراكز الاقتراع … عندها لن تكون هناك مؤسسة سياسية حتى بنموذج الاشباح للدولة الحالية وهي تمرر مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على الدولة، سيكون هناك متغير تاريخي يكتب بدماء الشعب الذي أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر، ولله في خلقه شؤون!.
رابط المصدر: