في مقال له قبل خمسة أعوام على موقع صحيفة “المونيتور” ِAl-Monitor الأميركية، اعتبر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي العلاقات العراقية السعودية هي المفتاح الرئيسي لمشاكل وحلول الأزمات في الشرق الأوسط. وقال إن العلاقات بين العراق والسعودية ليست خيارًا بل واجب استراتيجي على البلدين ويجب العمل على توسيعها إلى أعمق نقطة، وحذر من أن تنظيم داعش هو عدو مشترك للسعودية والعراق.
وقال في المقال، لقد ساعد التمزق والعداء بين الجانبين على تعزيز مواقف الجماعات المتطرفة التي تنشط في المنطقة وتعادي البلدين وعلى الرغم من التأخير الطويل، أخذت العلاقات الثنائية السعودية-العراقية منعطفا إيجابيا، حيث يسعى الطرفان إلى تعزيزها وتقويتها.
وبعد 25 عامًا من العلاقات الباردة التي وصلت إلى نقطة انقطاع دبلوماسي لفترة طويلة، أعلن الجانبان تعيين سفراء جدد من خلال تمثيل رفيع المستوى.
ويتشارك العراق والمملكة العربية السعودية في العديد من المصالح المشتركة، حيث يشتركان في حدود 1000 كيلومتر (621 ميلاً) ويواجهان تهديدًا مشتركًا يمثله تنظيم داعش، الذي يسعى لإسقاط الأنظمة السياسية في كلا البلدين. كما أنهما يشتركان في المصالح الاقتصادية والتجارية، بالإضافة إلى التاريخ المشترك. وعلى الرغم من هذه المصالح المشتركة، لم ينجح الجانبان في إقامة علاقات جيدة بعد أحداث 2003. وتحدث عن شكوك متبادلة بين البلدين تسببت في إضاعة فرصة إقامة علاقة شراكة بين البلدين.
وأضاف: “لقد أضاع البلدان الفرصة لبناء تعاون إقليمي في الحرب ضد الجماعات المتطرفة، التي لا ترى أنشطتها المدمرة أي فرق بين الأنظمة الحاكمة في المنطقة”.
وحذر قائلا إن نهج الجماعات المتطرفة لا علاقة له بطبيعة الأنظمة الحاكمة في المنطقة، سواء كانت ديمقراطية أو قبلية أو قمعية أو عسكرية أو حتى دينية، بل هي مرتبطة بطبيعة تكوين الجماعات المتطرفة، التي تسعى، في أيديولوجيتها، إلى تقسيم العالم إلى محورين: “المؤمنون”، الذين يؤمنون بالمشروع الإرهابي والمتطرف و”الكفار” الذين يشملون جميع الآخرين، بغض النظر عما إذا كانوا ينتمون إلى العقائد الإسلامية المختلفة أو من أديان أخرى.
وأردف قائلا ان غزو داعش للعراق في 10 يونيو 2014، واستيلاءه على ثلث الأراضي العراقية لم يدفع العراق والمملكة العربية السعودية إلى فتح صفحة جديدة في علاقاتهما لمواجهة التحدي الجديد، وهو تهديدهما المشترك. هذا على الرغم من أن داعش يهدد المملكة العربية السعودية ويهاجم مواقعه على الحدود مع العراق في 4 يناير 2015.
النفوذ الإيراني
وقال إن السبب الذي يجعل المملكة العربية السعودية مترددة في الانفتاح الكامل على العراق قد يعزى إلى التحالفات الإقليمية. حيث يعتبر العراق حليفا سياسيا لإيران تتنافس معه للسيطرة على الشرق الأوسط. ولكن مع التعقيد المستمر للتحالفات السياسية في المنطقة، يبدو أن العراق والمملكة العربية السعودية يتجهان أيضًا نحو بناء استراتيجية أكثر تنوعًا وتعقيدًا في علاقاتهما السياسية الحالية في المنطقة.
وأضاف، مثلما يحافظ العراق على اتفاقيات تعاون أمني مع كل من إيران والولايات المتحدة، على الرغم من خلافاتهما، يمكنه أيضًا إقامة علاقات إيجابية وتعاون بناء مع السعودية، إلى جانب إيران، على الرغم من خلافاتهما.
وتابع، لا يتطلب الخطاب الدبلوماسي الحكيم الانضمام إلى أحد المحاور بقدر ما يتطلب الانفتاح على الحوار وإيجاد سبل للتعاون على الرغم من الاختلافات. العراق، على وجه الخصوص، هو البلد الذي سيجمع المصالح الإيرانية والسعودية، حيث يحارب البلدان داعش على الأراضي العراقية – إيران مع وحدات الحشد الشعبي والمملكة العربية السعودية مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش.
وأضاف، يبدو أن المملكة العربية السعودية تتبنى هذه الاستراتيجية أيضًا. على الرغم من تصاعد الصراع مع إيران، إلا أنها لا ترغب في برمجة علاقاتها مع حلفاء إيران في نفس السياق. بدلا من ذلك، تهدف إلى تنويع وتوسيع علاقاتها على أسس مختلفة، من أجل الحفاظ على أكبر قدر من مصالحها الإقليمية. تشير الدلائل إلى ظهور هذه المسألة، حيث رحبت المملكة العربية السعودية باختيار حيدر العبادي لمنصب رئيس الوزراء العراقي في 8 أغسطس 2014.
وفي السنة الأولى من ولايته، شجعت سياسة العبادي المعتدلة السعودية على الاستمرار في سياستها تجاه التقارب مع العراق. علاوة على ذلك، فإن منظور السلطات الدينية في النجف بأن هناك حاجة لتحسين العلاقات العراقية السعودية التي قد تساعد على تسريع التقارب بين البلدين.
أهمية العلاقات بين البلدين
وأوضح قائلا، إن التقارب بين العراق والسعودية حاجة ملحة لا تخدم مصالح البلدين فحسب، بل تساعد على خلق توازن في المنطقة وتقوية عملية السلام والاستقرار. ومن مصلحة البلدين تحسين علاقتهما من خلال الاتفاقيات الأمنية واتفاقيات التعاون الاستراتيجي في الحرب ضد داعش والجماعات المتطرفة الأخرى التي تشكل تهديدا لكليهما.
وتابع، ومع ذلك فإن القضية لا تتوقف هنا. إن المملكة العربية السعودية، التي تتمتع باقتصاد متين، قادرة فعلاً على مساعدة العراق في التغلب على أزمته الاقتصادية ولها وجود في إعادة إعمار المناطق التي تم تحريرها من داعش، مثل ديالى وتكريت، شمال بغداد. كما أنها قادرة على فتح الطريق أمام التعاون التجاري والنفطي بين البلدين – الجارين التاريخيين – وتشترك في الحدود، فضلاً عن المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة.
إن التحريض المستمر على بناء علاقات عراقية سعودية راسخة ليس خيارا انتقائيا للسياسيين في البلدين. ومع ذلك، فهي ضرورة واقعية ومصير جغرافي وثقافي لا يمكن تجاهله. تسبب التمزق الذي استمر 25 عاما في حدوث أضرار يدفع الشعبان والمنطقة بأسرها ثمنا باهظا اليوم.
رابط المصدر: