مروة حسن الجبوري
طرأت ظاهرة حديثة على المجتمعات الاسلامية وتمثلت في بعض الأفراد الذين يلجأون إلى وسيلة غير مقبولة ومنبوذة لنصرة الفكر الغربي والتصفيق لبعض الأفكار المخالفة للدين الاسلامي وجعلها في باب التطور والحرية الشخصية فتجد هناك صفحات تمجد بماضي فلان الحاكم وأخرى تسقط، فيعلنون أنهم وحدهم أصحاب الحق وأن غيرهم في ضلال، وحجتهم في ذلك أنك تتبع التخلف.
وقد برزت هذه المجموعات في مواقع التواصل الاجتماعية بصفحات غير رسمية وأسماء غير صريحة، وقدمت البرامج والندوات والمؤتمرات لاظهار رأيهم فلا يجدون سوى الاعتراض والتهميش، والأدهى من ذلك هو اتباع اهل العلم والثقافة لهذه الندوات واعتبارها مدرسة فكرية حديثة، ولهذا لابد من تصحيح المفاهيم للمجتمع وتوعية الشباب.
ويمكن القول أن التفكير من زاوية ومنطلق المؤامرة واضح فهذه الخطابات لو تعرض للتحليل الخطابي ستجد أن هذه البرامج التي تقدم سواء كانت انسانية أو ثقافية أو اجتماعية فهي من أجل هدف ومؤامرة للوصول إلى عقلية الشباب واحتضانهم بهذه المغريات التي نشاهدها كل يوم، ويبقى السؤال كيف يتم معالجة هذه الأخطاء الفكرية، فالخطأ سلوك بشري لا بد أن نقع فيه حكماء كنا أو جهلاء، ولابد من معالجة الخطأ بحكمة وروية وأيا كان الأمر فإننا نحتاج بين وقت وآخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجه الأخطاء الفكرية.
أساليب تعديل طرق التفكير في منهاج الامام الحسن
_ مراقبة النفس في بعض حالات الاكتئاب، ستجد كمية كبيرة من الأفكار السلبية تطفو على الذهن أكثر بكثير مما لو كنت في حالاتك المعتادة من الاعتدال المزاجي.
_ مقاطعة الفكرة وإيقافها: إذا شعرت بأنك تعمل على تكوين أو تطوير فكرة سلبية بشكل آلي، قم فوراً بالتدخل لإيقافها، وعد إلى الفكرة الأساسية التي كنت تفكر فيها وكانت تسيطر على ذهنك، قبل أن تطفو الفكرة الأخيرة، ولتحقيق ذلك تحتاج أن تدرب نفسك على التيقظ عند حدوث الفكرة السلبية، إلى إيقافها، وفق هذه العبارة “إنني سأوقف هذه الفكرة الآن” ثم انتقل بهدوء، ودون أي اضطراب إلى الفكرة غير السلبية التي سبقت ظهور الفكرة الأخيرة.
جاء الامام الحسن بعض الأعراب فقال عليه السلام: أعطوه ما في الخزانة، فوجد فيها عشرون ألف دينار، فدفعها إلى الأعرابي.
فقال الأعرابي: يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي، وأنشر مدحتي.
فأنشأ الإمام الحسن عليه السلام يقول:
نحنُ اُناسٌ نوالُنا خَضَل
يرتعُ فيه الرجاءُ والأملُ
ولكن مهما كانت الطريقة التي ستستخدمها، للتدرب على طريقة الإيقاف، فمن الضروري أن تحتفظ بسجل يومي للأفكار السلبية والإيجابية، وأن تتابع مدى التقدم الذي تحرزه دورياً.
_ استخدام العبارات اللطيفة في إصلاح الخطأ
كلنا ندرك أنه من البيان سحراً فلماذا لا نستخدم هذا السحر الحلال في معالجه الأخطاء..
جاء شخص نمام إلى الإمام الحسن (عليه السلام) وقال: إن فلاناً يقع فيك. فقطب الإمام (عليه السلام) وجهه المبارك وقال لـه: «لقد أتعبتني بكلامك هذا، فقد أسمعتني غيبة شخص مسلم، فيجب الاستغفار لنفسي أولاً، ثم إن قولك إن ذلك الشخص قال فيّ كذا، يلزمني أن استغفر له أيضاً.
من أحسن الناس
وجاء شخص إليه فقال: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أحسن الناس:
ـ من أشرك الناس في عيشه.
ـ من أشر الناس؟
ـ من لا يعيش في عيشه أحد
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
واجتاز على الامام شخص من أهل الشام ممن غذاهم معاوية بالكراهية والحقد على آل البيت فجعل يكيل للأمام السب والشتم والامام ساكت لم يرد عليه شيئا من مقالته وبعد فراغه التفت الامام فخاطبه بناعم القول وقابله ببسمات فياضة بالبشر قائلا: أيها الشيخ: أظنك غريبا؟ لو سألتنا أعطيناك ولو استرشدنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك وإن كنت جائعا أطعمناك وإن كنت محتاجا أغنيناك وإن كنت طريدا أويناك، وما زال (عليها السلام) يلاطف الشامي بهذا ومثله ليقلع روح العداء والشر من نفسه حتى ذهل ولم يطق رد الكلام وبقي حائرا خجلا كيف يعتذر للأمام وكيف يمحو الذنب عنه؟ وطفق يقول:
{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] فيمن يشاء، وهكذا كان (عليه السلام) مثالا للإنسانية الكريمة ورمزا للخلق العظيم لا يثيره الغضب ولا يزعجه المكروه قد وضع نصب عينيه قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] وقد قابل جميع ما لاقاه من سوء وأذى ومكروه من الحاقدين عليه بالصبر والصفح الجميل حتى اعترف ألد خصومه مروان بن الحكم بسمو حلمه وعظيم خلقه وذلك حينما انتقل الامام إلى الرفيق الأعلى فبادر مروان إلى حمل جثمانه فقال له سيد الشهداء: تحمل اليوم سريره وقد كنت بالأمس تجرعه الغيظ؟! قال: إني كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال.
رابط المصدر:
https://bushra.annabaa.org/media/5023