سايمون هندرسون
يبدو أن قصة الصحفي السعودي المنشق جمال خاشقجي شارفت على نهايتها. ففي وقت مبكر من صباح الثاني والعشرين من أيار/مايو الحالي في الرياض، غرّد نجله صلاح: “… أنّا عفونا عن مَن قتل والدنا رحمه الله، وكلنا رجاء واحتساب للأجر عند الله عز وجل”.
إن توقيت التغريدة “في هذه الليلة الفضيلة من هذا الشهر الكريم” – شهر رمضان الذي انتهى في نهاية الأسبوع الماضي بمهرجان العيد – يتناسب مع التقاليد الإسلامية. ومن وجهة نظر أمريكية، قد يعتبر البعض عشية عطلة نهاية الأسبوع لـ “ذكرى الشهداء” [في الولايات المتحدة] بمثابة دفنٍ للأخبار السيئة (المثيرة للجدل). وربما كان من قبيل الصدفة أن يتم الانتهاء من محاكمة فريق الأمن السعودي الذي قتل خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول، تركيا، في تشرين الأول/أكتوبر 2018، في 23 كانون الأول/ديسمبر، أي مجرد قبل عطلة عيد الميلاد [في الدول الغربية].
ومن المرجّح أن يعني العفو العام الذي أعلنته عائلة خاشقجي انتهاء أحكام الإعدام الصادرة بحق خمسة من رجال الأمن السعوديين. وحصل ثلاثة أعضاء آخرين من الفريق على أحكام بالسجن بلغ مجموعها 24 عاماً. ووفقاً للتقليد القانوني السعودي، لم يتم الكشف عن أسماء المتهمين، ولكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا فرضت عقوبات على ما مجموعه 23 شخصاً. ويُعتقد أن الخمسة المحكوم عليهم بالإعدام يشملون قائد الفريق، والطبيب الشرعي الذي قطّع جثة خاشقجي بمنشار عظم، والشخص المشابه لخاشقجي الذي كان يرتدي ملابسه حتى يمكن “رؤيته” وهو يخرج من القنصلية ويتلاشى في شوارع المدينة.
وخلافاً للروايات، لا تزال بعض الأمور عالقة، أهمّها “أين الجثّة؟” إذ لا يبدو أن نجل خاشقجي جعل من معرفة هذا التفصيل شرطاً للحصول على عفو الأسرة، على الرغم من أن الدفن اللائق في التقاليد الإسلامية أمر بالغ الأهمية. (التفسير الأكثر منطقية هو أن أجزاء جسد خاشقجي قد تم حرقها في الفرن الخلفي للقنصل العام السعودي).
ربّما لم تعُد قصة خاشقجي تتصدر الصفحات الأولى من الصحف في الولايات المتحدة، باستثناء صحيفة “واشنطن بوست” التي كان يعمل فيها كاتب عمود، لكن القضية لا تزال خلافيّة. فثمة سرد لا يزال قائماً عن أنّ خاشقجي ليس صحفياً حقيقياً، بل إنّه إسلامياً ولديه معرفة شخصية بأسامة بن لادن، وكان معارضاً للتغييرات التي كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يسعى لإدخالها إلى المملكة.
وبعد تقديم مجموعة من الأعذار – بما فيها بأنه قد تم لف الجثة في سجادة وأخذها من قبل مقاول تركي مجهول الهوية – خَلُص تحقيق رسمي سعودي في النهاية إلى أن القتل “لم يكن مع سبق الإصرار [والترصد]” بل كان عملية مارقة، وبالتالي جرت محاكمة المتورطين مباشرة.
إلّا أن خطيبة جمال خاشقجي، خديجة جنكيز، التي كانت تنتظره خارج القنصلية بينما كان يتم قتله، لن تسامح قاتليه على الأرجح كما فعل ابنه. فقد غردت يوم الجمعة بأن “ليس لأحد الحق في العفو عن قتلته”. وكانت السيدة جنكيز تدير حملة نشطة، آخرها محاولتها منع صندوق الثروة السيادية السعودي من شراء فريق كرة قدم إنجليزي. ويتناسب مثل هذا الاستثمار مع «الرؤية 2030» التي أطلقها محمد بن سلمان للتنويع بعيداً عن الاعتماد على النفط. وسواء نجحت السيدة جنكيز في مسعاها أم لا، يبدو أن «الرؤية» لن تتحقق قبل مرور عقد من الزمن أو أكثر بسبب وباء فيروس كورونا العالمي وانخفاض أسعار النفط هذا الربيع.
رابط المصدر: