الصحافة في زمن كورونا: قريبة من المهنية بعيدة عن الحرية

دلال العكيلي

 

احاطت كورونا العالم بهالة من الرعب والقيود اوقف عجلة حياة الكثير من المهن وحدت من حركة التقدم عند البعض لكن، اليوم ومع ما يعانه العالم من ازمة لم يسبق لها مثيل أثبتت الصحافة انها قادرة على القيام بدورها وتخطي جميع المصاعب ونقل المعلومات بمهنية ودقة وبشتى الطرق وخاصة ممن يعملون جنباً الى جنب مع الجيش الابيض دون ان تحد من نشاطهم او ثؤثر عليهم.

منذ انطلاق جائحة كورونا تغيرت طريقة عمل الصحفيين والصحفيات في مختلف أنحاء العالم منها القيود على الخروج والتنقل، وممارسة العمل في المكتب المنزلي تعقد الحياة اليومية، التواصل والعلاقات مع شركاء العمل والزملاء غالبا ما تكون عبر الهاتف أو الاتصال بالفيديو، بالإضافة إلى ذلك باتت الأزمة تؤثر على حرية الصحافة في العديد من البلدان حسبما ذكرت منظمة “مراسلون بلا حدود” فإن بعض الحكومات حاولت إخفاء الحقائق عن مدى انتشار الجائحة وقد حاولت هذه الحكومات التلاعب بالتقارير، أو عمدت إلى نشر أخبار زائفة وحسب المنظمة غير الحكومية فقد تمت إعاقة عمل العديد من الصحفيين وتعرضوا للتهجم والتحقيق، وأحيانا حتى للاعتقال.

على ضوء التطورات الدرامية في العالم يجب أن يكون الناس قادرين على الحصول على المعلومات من مصادر متعددة، وأن ينظروا بعين النقد إلى الإجراءات التي تتخذها السلطات، حسب كريستيان مير، مدير منظمة مراسلون بلا حدود في لائحة مؤشر حرية الصحافة 2020 التي تم نشرها مؤخراً، احتلت ألمانيا المرتبة الحادية عشرة وحسب الاستقصاء فقد كانت أفضل الشروط لممارسة صحافة حرة، متوفرة في النرويج وفنلندا والدنمارك.

الاعب الاساسي في الأزمة

تواجه مهنة الصحافة تغييراً واضحاً فى أزمة انتشار فيروس كورونا، وعلى الرغم من أنها المهنة التى وجدت حلا مفيدا وسريعا لقضاء الحجر الصحى والعزل الاجتماعى من خلال التكنولوجيا، والعمل من المنازل بالإنترنت واستخدام الفيديو كونفرانس لعقد الاجتماعات دون أى مشاكل، إلا أن هناك أحساسا لدى الصحفيين بوجود عوائق للوصول إلى معلومة معينة، وقالت صحيفة “الباييس” الإسبانية، إن مهنة الصحافة تلعب دورا أساسيا فى أزمة وباء كورونا، فالصحفيون يعملون بقصارى جهدهم للتوصل إلى المعلومات الصحيحة، فى الوقت الذى تزايد فيه أعداد القراء بسبب الاهتمام بتطورات فيروس كورونا فى العالم، ومعرفة الدراسات التى تنشر فى جميع الصحف الآخرى فى شتى بلدان العالم.

ولهذا، ترى الصحيفة أن الصحيفيين يتعرضون لعبء نفسى وضغط كبير فى محاولة لتوفير جميع المعلومات اللازمة حول فيروس كورونا فى العالم، فى الوقت الذى يعانون فيه من عبء آخر وهو الخوف من انتشار العدوى، خاصة للصحفيين المتضطرين للنزول إلى الشوارع والذين يجرون لقاءات مباشرة من الشوارع، وقال الصحفى لويس دى فيجا، فى الباييس الإسبانية إن “تم استدعائى لجمع قصص المواطنين من الشوارع، فعلى الرغم من أننا نعمل عن بعد، إلا أنه لا يزال ضرورى الذهاب إلى الميدان، لتغطية وباء كورونا منذ انطلاق صفرات الإنذارات فى أوائل مارس، فقد ذهبت إلى دور رعاية مسنين ومراكز رعاية مشردين وبلديات صغيرة فى مدريد”، وأضاف الصحفى الإسبانى “الناس يقارنون الوضع بالحرب، لكن الأمر ليس كذلك، فعلى الرغم أن مدريد تبدو مثيرة للاعجاب وهى فارغة، إلا أن مع صفارات الانذار فى الخلف يعتقد أنه فى أى وقت سيتم اطلاق الرصاص أو يتعرض احد للاختطاف”.

وأشارت دى فيجا إلى أن “لقد قمت بتغطية النزاعات التى حدثت فى العراق، ولكنما يحدث الآن أصعب بكثير حيث أن العدو مختفى ولا أحد يستطيع أن يراه، ويوضح قائلاً: “إننى أدرك تمامًا عندما أذهب إلى منزل شخص أننى قد أعرّض ذلك الشخص لخطر والعكس صحيح، وهو ما يحدث أيضًا فى مناطق النزاع، ومن يقرر الظهور فى تقريرك يواجه خطرًا” لهذا السبب، اتخذ الاحتياطات القصوى: اتبع الإجراءات الصحية الموصى بها، دائمًا ما يكون التواصل مع زملائى افتراضيًا واستأجرت شقة للعيش بمفردى.

وتتحكم صحيفة الباييس فى العمل من خلال “ستايل بوك” وهو ديل يحتوى على المبادئ التوجيهية لأداء العمل، سواء من الناحية العملية، أو من الناحية الإدارية، وقال الصحفى “اليكس جيرخيلمو” بنفس الصحيفة الإسبانية إن “الصحافة بالفعل تلعب دورا أساسيا فى هذه الأزمة، لأنها تعمل كوسيلة لنقل المعلومات الحيوية، وما يجب فعله هو كيفية اعتناء كل صحفى بنفسه من خلال الاحتياطات اللازمة، من التباعد الاجتماعى والمسافات الآمنة”.

وأشار إلى أن دقة المعلومات أصبحت الآن تحدى لكل صحفي، خاصة وأننا لسنا متخصصين فى العلوم أو الصحة، فلذلك نقوم بالعديد من المحادثات الهاتفية وعقد اجتماعات عبر الفيديو فى محاولة للتأكد من المعلومة التى وصلنا إليها”، مشددا على أنه لابد من الذهاب دائما للمتخصصين للتأكد من أى معلومة ، وذلك حتى يتم توصيلها بشكل صحيح إلى القراء”.

دول ديمقراطية استغلت كورونا لتقييد حرية الإعلام

أعلن المعهد الدولي للصحافة أن الحكومات في دول العالم استغلت جائحة كورونا لزيادة القيود المفروضة على حرية الإعلام، وقال المعهد في تقرير بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إن الأزمة الصحية التي يواجهها العالم أتاحت الفرصة للدول الديمقراطية والاستبدادية، بزيادة سيطرتها على وسائل الإعلام، تحت ذريعة محاربة نشر معلومات مضللة ومغلوطة، وجاء في التقرير أن الدول الاستبدادية لطالما استغلت قوانين الطوارئ لخنق وسائل الإعلام المستقلة وتجريم الصحافة، أما في فترة الجائحة، فإن الدول الديمقراطية أيضا باتت تبذل جهودا أكبر للسيطرة على الإعلام وتقيد إمكانية الوصول إلى المعلومات حول تفشي الوباء.

وأعلن المعهد ومقره في فيينا، عن توثيقه لـ 162 حالة خرق لحرية الصحافة خلال شهرين ونصف شهر الماضي، وكلها تتعلق بأزمة تفشي فيروس كورونا، ونحو ثلث هذه الانتهاكات، كانت عبارة عن اعتقالات للصحفيين أو احتجازهم أو توجيه الاتهام لهم، وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت عن اليوم العالمي لحرية الصحافة عام 1993، وكان الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش قد قال إن أزمة تفشي وباء كورونا أكدت على أهمية وجود صحافة حرة، خاصة مع انتشار وباء آخر رافق كورونا، وهو المعلومات المضللة التي يتم تناقلها.

مهنة العذاب النفسي في زمن كورونا

الصفوف الأمامية في جبهات الحرب ضد فيروس “كورونا” المستجد، لا تقتصر على أفراد الرعاية الصحفية، فالصحفيون يغامرون يوميا لنقل آخر أخبار الوباء من داخل المستشفيات ومن خلال إجراء المقابلات مع الأطباء والممرضات والمسؤولين السياسيين والأخصائيين والعلماء وحتى المرضى، ومنذ بدء تفشّي الوباء، لقي خمسةٌ وخمسون صحفيا حتفهم في نحو ثلاثٍ وعشرين دولة حول العالم جراء فيروس كورونا، وفق ما ذكرته منظمة (PEC) بريس إمبليم كامبين، السويسرية غير الحكومية.

وعلى الرغم من إقرار المنظمة بعدم امتلاكها لمعلوماتٍ كافيةٍ عما إذا كان جميع الصحفيين المتوفين أصيبوا بالعدوى خلال أداء عملهم أم لا، إلا أنها أكدت أن الطواقم الإعلامية، تفتقر في أغلب الأحيان إلى لوازم الحماية الضرورية لتغطية مستجدات الجائحة، وتعتبر الإكوادور، بحسب الأرقام التي نشرتها منظمة PEC الدولة الأكثر تضررا بتسجيلها حصيلة وصلت إلى 9 صحفيين توفوا بفيروس كورونا، تليها الولايات المتحدة بـ 8 صحفيين، ثم البرازيل بـ 4 صحفيين، وفي بريطانيا وإسبانيا تم تسجيل ثلاث وَفَيات في صفوف الصحفيين.

حرية التعبير أول ضحايا “كورونا”

يواجه الإعلاميون في جميع دول العالم تحديات جديدة، تحديات تقنية غير مألوفة، إضافة إلى تضييق وتقييد من الحكومات ومؤسساتها المختلفة، تضاعفت تلك التحديات في زمن فايروس “كورونا” الذي وضع البشرية في مواجهة تسونامي الموت والخوف والرعب، بعدما ابتلع مئات آلاف الضحايا من دون تمييز في اللون والعرق والجنس، أو في الحالة الاجتماعية أو البيئة الحياتية، وضعت قوانين حالة الطوارئ التي فرضتها حكومات ديموقراطية وديكتاتورية على حد سواء، وخصوصاً في بلدان أوروبا الشرقية المنضوية في الاتحاد الأوروبي مثل هنغاريا ورومانيا وبلغاريا، على الصحافيين قيوداً على حق الوصول إلى المعلومات، إلى جانب مراقبة المحتوى الإعلامي، وملاحقة الميديا المستقلة، تحت ذريعة ترويج معلومات كاذبة أو أخبار ملفقة للتشكيك بصدقية مؤسسات الدولة، بما تقدمه من معلومات. المشكلة الأهم هي أن من يحدد طبيعة هذه المعلومات وشكلها ومحتواها، ليس المؤسسة القضائية أو جهات حقوقية مستقلة، بل الحكومة وأجهزتها المعنية.

تشهد الميديا خلال الأشهر الأخيرة ومنذ ظهور الوباء وانتشاره أجواء غير طبيعية تفاقم أزمة المؤسسات الإعلامية المالية، وهي تقاوم ضغوطاً وقيوداً وانتهاكات في أكثر من 100 دولة حول العالم، تزداد وتيرتها مع تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي، وتدخل الدول في الواقع الإعلامي بتمويل مواقع إلكترونية تنشر معلومات كاذبة في إطار مواجهات جيوبوليتيكية إقليمية ودولية.

كيف تابع الإعلام العربي وباء كورونا؟

حاول الإعلام العربي منذ بدء انتشار فيروس كورونا حول العالم نقل الأخبار وتعقب سير الفيروس وانتشاره ومدى جدية تهديده، في الوقت الذي كان لا يزال انتشاره أكبر خارج حدود المنطقة، في الصين وأوروبا ومناطق أخرى، فكان نشاطه ـ حينها – مقتصرًا على نقل أخبار الدول التي تفشى فيها الفيروس والخطط التي تسعى الحكومات لتطبيقها أو فرضها للسيطرة على الوضع، كما استمرت التغطيات بمتابعة ماهية الفيروس وكيف وصل إلى مرحلة “الجائحة”، مستعينًا بنقل الأخبار عن مصادر موثوقة أو غير موثوقة أحيانًا، الأمر الذي ساهم لاحقًا في انتشار كميةٍ مهولة من المعلومات غير الصحيحة مثل أن انتشار الفيروس نشأ من “شوربة خفافيش” في الوقت الذي ما زال مصدر هذا الفيروس غير معروف حتى الآن، كما تبيّن منظمة الصحة العالمية على موقعها بالإنترنت.

عند اقتراب الفيروس من الدول العربية من إيران نحو العراق ولبنان وانتشاره لاحقًا على نطاق أوسع في باقي الدول العربية، كان الجمهور العربي قد شكّل بالفعل صورةً مغلوطة عن ماهية الفيروس، وغاب كليًّا عن الطريقة التي يجب بها التعامل مع هذا الوضع من حجر صحي أو تطبيق تقنية المسافة الآمنة وغيرها من طرق التباعد، نتيجة غياب الاهتمام بالمعلومات المتعلقة بالصحة الجسدية والنفسية أيضًا، فالمحتوى المنشور صنعه صانعو المحتوى وهواة وليس المختصين، فنتج عنه محتوى مكررًا ولا يصب في هدف ما، وبالتالي انتشر الفيروس أسرع داخل دولنا العربية التي يفتقر أغلبها لنظام صحي قادر على مجابهة وباء كهذا.

يعزى قصور الإعلام العربي في تقديم أفضل ما لديه بالحالة التي عليها الإعلام والصحافة في وطننا العربي، مهمة وسائل الإعلام تكمن في التوعية بالوباء والحد من التهويل والتهوين الذي يسهم في تصاعد حالة الخوف والهلع، ومن الأجدر الاستعانة بأهل التخصص وإعطائهم المجال للمشاركة في تصحيح وتقديم المعلومة الطبية، من خلال تسخير الشاشات والصفحات لهم كونهم خط دفاعنا الأول أمام هذا الوباء، تلعب الكثير من الأمور دورًا في الشكل الذي تختاره المنصة الإعلامية للمشاركة في أزمات كهذه، بدايةً من مراقبة القرارات الحكومية ونقدها سعيًا لتحقيق المصلحة العليا أو انتقاء الأخبار والحقائق والإحاطة المطلوبة في التعاطي مع الأخبار السلبية واستعراض الإيجابية منه والمشاركة في صنع التسلية والترفيه بهدف خلق نوع من التوازن بتقديم الحلول والبدائل، إلى جانب نقطةٍ تكاد تكون الأهم في عالم التلفاز الذي شهد عودة جمهوره إليه بعد فرض الحجر المنزلي وحظر التجول في الكثير من الدول حول العالم وهي أسلوب المقدّم أو المذيع في استعراض الأخبار السلبية أو المحزنة، إذ استطاع الإعلام الغربي من خلال مقدّمي الأخبار تقديم صورة أقرب لرباطة الجأش منها للشك أو الحيرة.

فكيف لو كان هذا المذيع يساهم في نشر الهلع أو الخوف عبر حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الذي يتابعه الآلاف متخذين منه مثالًا مؤثرًا، وفي نفس الوقت، يعزى قصور الإعلام العربي في تقديم أفضل ما لديه بالحالة التي عليها الإعلام والصحافة في وطننا العربي، إذ إن الكثير من الحكومات العربية لا تتعامل ـ حتى الآن ـ بشفافية ووضوح مع منصات الإعلام والتليفزيون فيما يخص أعداد المصابين أو توضيح خططها لوسائل الإعلام للتعامل مع الجائحة.

وسائل الإعلام الأجنبية والدور الذي لعبته خلال الأزمة

على عكس المتوقع، لم يسجل الإعلام الأجنبي موقفًا أفضل بكثير من العربي في تقديم هذه الأزمة لجمهوره، فرغم أنه يصعب رصد تعامل مختلف وسائل الإعلام الغربية وطريقتها في معالجة الأزمة، فإن الأرقام كفيلة بتوضيح بعض زوايا الإخفاق والنجاح، إذ يشير بحث صغير لكارين وال جورجينسين، وهي مديرة تطوير البحوث والبيئة في كلية الصحافة بجامعة كارديف البريطانية، أن الخوف كان السمة الأبرز في كل وسائل الإعلام الأجنبية في تقديمها لجائحة كورونا المستجد، فمنذ أن نُشر الخبر للمرة الأولى في 12 من يناير، وحتى 13 من فبراير الماضي تم نشر 9387 مقالًا عن تفشي الفيروس، من بينها 1066 مقالًا تطغى عليه سمة “الخوف” أو كلمات ذات صلة بالهلع والتهويل.

على سبيل المثال، استخدم 50 مقالاً عبارة “فيروس قاتل”، ملحق بصور من مدينة ووهان الصينية، فيما تداولها الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت أغلب التعليقات عنصرية تجاه ثقافة الطعام الآسيوي، أما باقي القصص فكانت تنقل صورةً عن أناس يرتدون الأقنعة الواقية بينما يفقدون وعيهم في الشارع، مما أدى لاحقًا إلى تشكك المئات من المواطنين الخائفين الذي يسكنون نفس المنطقة التي تم تداول الصور منها بأنهم مصابون بالفيروس.

ساهمت هذه الأخطاء التي ربما تكون بنظر البعض ممكنة وقابلة للتعويض أو التراجع بأضرار مباشرة على أشخاص كثر، كما كانت هناك صحف مثل The Sun وThe Daily Mail أكثر استخدامًا للغة التي تثير الخوف، فعلى سبيل المثال تشير مدونة Live Sun Virusavon Coronavirus Live بشكل مباشر للفيروس على أنه “مرض قاتل” رغم أنه يعتبر أقل خطورةً من السارس الذي انتشر عام 2010 حسب منظمة الصحة العالمية.

ساهمت هذه الأخطاء التي ربما تكون بنظر البعض ممكنة وقابلة للتعويض أو التراجع بأضرار مباشرة على أشخاص كثر، فعلى سبيل المثال ذكرت صحيفة مانشستر إيفننج نيوز أن خوف الناس من فيروس كورونا كوفيد -19 عاد بالضرر على الكثير من الشركات الصينية، حيث أبلغت بعض الشركات عن انخفاض بنسبة 50% في عائداتها منذ تفشي المرض نتيجة إحجام الناس عن التعامل معها بناءً على دوافع عنصرية أو عرقية.

سقط الإعلام الغربي كما فعل العربي في عدة اختبارات مهنية وإنسانية وضعتها جائحة كورونا أمامه، وتسبب بأضرار مباشرة وغير مباشرة لأشخاص حول العالم، لكنه حقق أيضًا تنازلات ربحية مادية كبعض المواقع التي تقوم على الاشتراكات المدفوعة، حين جعلت المحتوى المتعلق بالوباء متاحًا للجميع دون الاضطرار للدفع مقابل تصفحه، وبالفعل أنتجت هذه المنصات محتوى ضخمًا وشاملًا رغم إهمالها الجوانب النفسية للمرض أو طرق تقوية المناعة وغيرها.

كورونا يدق المسمار الأخير في نعش الصحف الورقيّة

قد لا يقوم جزء كبير من الصحف الصغيرة بهذه المراجعة، وقد تجد هذه الصحف نفسها عاجزة عن تسديد رواتب طاقمها الصحافي والتقني، إذا ما طالت أزمة كورونا وتفاقمت، خلال أخطر الأزمات التي شهدها العالم في العقود الماضية، لم ينبئنا التاريخ بتوقّف واسع النطاق للصحافة المكتوبة، مثل ما نشهده اليوم في زمن فيروس كورونا، ففي الحروب، رغم تحدياتها، كان ثمة فرصة لازدهار الصحف الورقية، ولا سيما قبل انتشار الإنترنت أما اليوم، فالصحف تُحتجب إلى أجل غير مسمّى بعضها كان باختيار ذاتي، والآخر بقرارات من وزارة الإعلام، للحؤول دون انتشار العدوى من خلال أوراقها.

قبل تفشي هذا الفيروس، شهدت عدة بلدان خلال السنوات الأخيرة إغلاق صحف عريقة عايشت مختلف الأحداث الإقليمية، كما حدث في لبنان ومصر وغيرهما، واكتفت عدة صحف بالمنصات الإلكترونية، وفي تونس مثلاً، خصوصاً بعد الثورة، ورغم الطفرة في أعداد الصحف الورقية التي تلت سقوط نظام زين العابدين بن علي، فإنها سرعان ما أُغلقت، وأُغلقت معها صحف أخرى عريقة، ذلك أن الأزمة عالمية، وهي تتعلق بالثورة التكنولوجية التي غيّرت عادات المتلقي، فأصبح يميل إلى المحامل الإلكترونية.

…………………………………………………………………………………………………………
المصادر
– دويتشلاند
– يورونيوز
– اليوم السابع
– DW
– نون بوست
– موقع الدرج
– الميادين
– مونت كارلو

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/mediareports/23456

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M