مصاديق الأعور الدجال_ المصداق الثالث_

بهاء النجار

 

المجال السياسي مليء بمصاديق للأعور الدجال قد يلمسها حتى ضعيف البصيرة ، ولكن هناك مصداق قليل الالتفات إليه ، وعدم الالتفات إليه بحد ذاته هو مصداق من مصاديق للأعور الدجال ، هذا المصداق هو إنصاف المعارضين السياسيين للحكومة الذي أشرنا إليه في المصداق الثاني إشارة قصيرة ولكن لأهميته سنقوم بتفصيله ، ولكون الناس عموماً في شتى بقاع الأرض تتعامل مع الدول وتقيّمهم وفق حكوماتهم باعتبارهم هم أصحاب القرار ، فإن صلحوا صلحت أمتهم وإن فسدوا فسدت أمتهم !
ولأن الشيء غير الظاهر لا يلتفت إليه عامة الناس فلا يقيّمون الدول على أساسه ، فيرون المتحكم بمسار البلد هو الحكومة فقط يحملونها فشل البلد ونجاحه ، مع إن الدول وخاصة الدول الديمقراطية نجد هناك أطراف لاعبين في مسار البلد ولكن لا يراهم البعيدون ، هذه الأطراف هي الأطراف المعارضة ، فعندما يكون الطرف المعارض منصفاً نبيلاً محباً لبلده وشعبه تراه يُقوّم الحكومة رغم أنه يعارضها سياسياً ولا يعرقلها ، لأنه يرى واجبه تصحيح الخطأ ، وأما الصحيح فيدعمه ، فمثل هذا المعارض النبيل المنصف يرى بعينين ، عين السلطة وعين المعارضة ، بينما نجد معارضاً خبيثاً يعرقل كل ما تقوم به حكومة بلاده فيظهر للإعلام بأن الحكومة ضعيفة او فاشلة ليس حباً بشعبه وإنما انتقاماً لخصمه وذلك لأنه يرى بعين واحدة وهي عين السلطة ولا نراه يوماً يذكر محاسن هذه الحكومة .
وقد ضرب لنا أمير المؤمنين عليه السلام مثلاً نبيلاً في المعارضة المنصفة ، فلم يقف حجرة عثرة في طريق الحكّام إلا عندما يخطأون فيدعمهم وينصحهم ويتعامل معهم كرجال دولة لمواجهة الأخطار الخارجية وللحفاظ على قوة دولته ، بينما نرى المعارضة في زمانه من أخبث أنواع المعارضة حيث حاولت إظهار حكومة علي عليه السلام على أنها حكومة فاشلة مضطربة سياسياً وأمنياً بسبب الحروب الداخلية الثلاثة التي جاءت بتخطيطهم .
وكل من يقيس رقي دولة أو بلد على أساس حكومته فقط فقد أصبح أحد مصاديق الأعور الدجال ، ومن يأمن من ذلك هو من ينظر الى دور الحكومة والمعارضة في آن واحد ، فيحملهما مسؤولية النجاح والفشل .

 

رابط المصدر:

https://www.facebook.com/BahaaaAlnajjar

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M