مصطفى الكاظمي: أساليب متعددة والغاية واحدة

مصطفى ملا هذال

 

خلق الكاظمي ردود فعل متفاوتة بعد تكليفه برئاسة الحكومة خلفا للمعتذر عدنان الزرفي الذي لم ينجح في إقناع الكتل السياسية والذهاب نحو قبة البرلمان عبر الطريقة التوافقية التي اعتاد عليها العراقيون منذ تغير النظام ولغاية الآن.

اختيار الكاظمي حتم على المراقبين طرح جملة من التساؤلات، لعل أهمها هو كيف لرئيس حكومة جاء من خارج الأحزاب السياسية ان يتصدى لهذه المهمة الصعبة، في ظل التناحرات والتخاصمات القائمة، اذ ستكون هذه الاختلافات بمثابة المانع الرئيس للمضي صوب تنفيذ البرنامج الحكومي الذي وعد به امام مجلس النواب وابناء الشعب العراقي الذين استبشروا خيرا بهذا الاختيار.

قدم الكاظمي ولم تتأخر المشاكل بالقدوم معه الى جميع اركان الدولة المتداعية في الأساس نتيجة تراكم الأخطاء المرتكبة من قبل الحكومات السابقة واستفحالها وصولا لعدم السيطرة عليها، فمن الممكن ان يكون الظرف الذي يمر به البلد من اصعب الظروف التي عاشها العراق الجديد.

الصعوبة نابعة من ان الجميع عقد الأمل على حكومة الكاظمي لحل عقدة خيوط العملية السياسية، فأصبحت الأنظار شاخصة صوبه من قبل جميع اطياف الشعب العراقي بما فيهم المتظاهرين في الساحات الذين قبلوا هذا الترشيح على مضض بعد رفضهم لأكثر من مرشح لا تنطبق عليه الشروط الموضوعة من قبلهم والمستميتين من اجلها.

تتسم شخصية الكاظمي بالغموض وربما هذه الصفة تعود لترأسه جهاز المخابرات العراقية منذ حكومة حيدر العبادي، اذ قام ببعض التصرفات أغضبت جهات وأفرحت اخرى كانت تنتظر هذه الخطوات منذ اكثر من عقد، حيث وعد بتصفية الجماعات الخارجة عن سيطرة المنظومة الأمنية.

وحصر السلاح بيد القوات الأمنية، وهو بذلك جعل النار تفتح عليه من جبهات عدة، اولها كانت من الجبهة الموالية لإيران، والتي تعتبرها الاخيرة الحارس الأمين على مصالحها في البلد، وبالفعل اقدم الكاظمي على تقليص نفوذ الجماعات المسلحة وأمرهم عدم التحرك خارج سلطة الدولة والتأثير على الاستقرار الداخلي وعلاقة البلد مع الدول العظمى، امريكا وحلفاءها.

في المقابل لم يكن أمام الفصائل المسلحة سوى النيل من حكومة الكاظمي ووصفها بأداة التنفيذ الأمريكية، التي تريد اخراج انامل إيران المنغرسة في كل شيء وتعلم بأي شيء يحصل في العراق عبر مجساتها المنتشرة في كل مكان.

التشفي من الحكومة الحالية جاء عبر استهداف مقرات السفرات الأجنبية وأكثرها السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، متخذة من صواريخ الكاتيوشا لسانها الناطق، وصرختها التي تريد ان يسمعها المجتمع الدولي، لعله يكون منصفا لمرة ويقول قولته ويستنكر التدخلات الكبيرة في الشأن العراقي، والذي تسبب بسخط غير مسبوق على الجهات المنفذة للسياسة الإيرانية في البلاد، والمتناسبة ومصلحة حكومة طهران صاحبة الهيمنة الكبرى على الرأي العراقي.

ويمكن ان تكون الجبهة الاقتصادية من أصعب الجبهات في هذه الحرب الضروس، فهي تعد من المشكلات التي تجعله بمواجهة مباشرة مع شريحة كبرى مع شرائح المجتمع وهم الموظفين والمتقاعدين، اذ أصبح تأمين الرواتب للشهرين السابقين من اهم الأولويات وأصعبها الى درجة ظهور العواجل على شاشات التلفاز حين يتم إطلاق الرواتب.

الظرف الذي يمر به البلد جعل من الكاظمي شخصيا يمر بازمة خانقة، فنراه تارة يتكأ على رواتب المتقاعدين عن طريق استقطاع نسبة معينة، لكنه جوبه بردة فعل غير متوقعة، فذهب نحو السيطرة على المنافذ الحدودية، فهل يا ترى يفلح بتلك المهمة الشاقة؟.

ولان الكاظمي يعرف ايضا من اين تأكل الكتف، جعل من بعض القوانين الحساسة والقرارات الخاطئة في الحكومات السابقة شغله الشاغل، وأولى تلك القوانين المستهدفة هو قانون رفحاء الذي يعتبر نقطة استياء عالية الأهمية بالنسبة للجمهور الناقم على الطبقة السياسية.

وعندما اقر هذا القانون حصل على نسبة تأييد لا بئس بها من قبل الشعب المعدوم، الى جانب ذلك تمت معالجة مشكلة الرواتب المزدوجة التي وفرت الملايين لخزينة الدولة العامة، في الوقت الذي تكون فيه بحاجة الى ابسط الموارد، وتبقى المسألة الأكثر أهمية وفائدة بالنسبة للدولة العراقية هي السيطرة على المنافذ الحدودية التي تدر على البلد بمبالغ طائلة لا يمكن غض النظر عنها.

رئيس الحكومة الحالية كرس جميع جهوده لارضاء الجمهور الذي عبر عن غضبه بلهجة شديدة ازاء سياسات الحكومات السابقة، ومن اجل ان يكسب الرأي العام اعتمد على اختيار الاشخاص المؤثرين ليكونوا ضمن عِماد حكومته، وبالتأكيد تم ذلك عندما جعل الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي رئيسا لجهاز مكافحة الإرهاب بعد ان جمده عادل عبد المهدي وصار ذلك من شرارات انتفاضة تشرين.

كما تم اختيار الشخصيات المؤثرة في مختلف المجالات والتي لها حظوة من قبل الجماهير لتكون اما ناطقة باسم حكومته او مستشارة في مجال معين، لضمان إصدار الحكم الإيجابي من قبل محكمة الشعب التي لا ترحم ولا تتهاون في ذلك.

رابط المصدر:

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M