لاعودة للبطاقة الانتخابية العمية والالتفاف على قانون الانتخابات ..

أياد السماوي

في عراق ما بعد نظام صدّام المجرم , ابتلى العراقيون بصنفين من القادة السياسيين الفاسدين , الصنف الأول هم القادة اللصوص الشياطين , والصنف الثاني هم القادة اللصوص الأغبياء .. كلا الصنفين مارس فساده وانحطاطه ولصوصيته بحق الشعب العراقي المبتلى .. وهذه هي الحقيقة المرّة والمؤلمة في ذات الوقت , فعندما يتمّكن شاب نزق شرشوح من خداع سياسيين قضى كل واحد فيهم في السياسة ضعف عمر هذا النزق الشرشوح ويخدعهم , فاعلم أن الخلل ليس بشيطنة ودهاء هذا النزق الشرشوح بل بغباء من تعامل معهم هذا الشرشوح .. في عراق ما بعد 2003 كانوا هم الشياطين وكنا نحن الأغبياء , وقد تجلّت شيطنتهم وغبائنا المفرط في الدستور المسخ الذي كتبناه وصوّتنا عليه من دون أن نعي أنّ هذا الدستور المسخ سيكون وبالا علينا .. وعندما انتفض العراقيون في تشرين الماضي من أجل الإصلاح والتغيير , كان المنتفضون يعون جيدا أنّ المدخل للإصلاح الحقيقي يبدأ من العملية الانتخابية , وما لم تتغيّر قواعد اللعبة الانتخابية , لا يمكن أبدا تفكيك الكيانات السياسية الفاسدة التي سرقت مال الشعب وعبثت بأمنه واستقراره وقوّضت نسيجه الاجتماعي .. فكانت مطالب المنتفضين في القانون الانتخابي واضحة جدا , وهي استبدال نظام التمثيل النسبي والقائمة المفتوحة بنظام الانتخابات الفردي والدوائر الانتخابية المتعدّدة على أساس السكان وليس على أساس الجغرافيا , أي نائب واحد لكل دائرة انتخابية .. وعندما أدركت الطبقة السياسية بصنفيها الغبي والمتشيطن خطورة ما تطالب به جماهير الشعب المنتفض والمدعوم من المرجعية الدينية العليا , أصبح كلّ همها هو تفريغ القانون الجديد الذي شرّع تحت ضغط الجماهير المنتفضة وضغط المرجعية الدينية العليا من محتواه الذي شرّع من أجله ..
ومحاولات تفريغ قانون الانتخابات الجديد من محتواه والالتفاف عليه تدور من خلال نقطتين أساسيتين , النقطة الأولى في محاولة الإبقاء على أن تكون كلّ محافظة دائرة انتخابية واحدة , والنقطة الثانية هي في محاولات عصابات التزوير التي مارست التزوير على نطاق واسع في الانتخابات الماضية , باستثناء المحافظات الغربية من التصويت بموجب البطاقة الانتخابية الجديدة البايومترية والسماح لها باستخدام البطاقة الانتخابية القديمة التي تسّمى بالبطاقة ( العمية ) .. والبطاقة العمية لا تحتوي على أي بيانات بايومترية حيوية أو بصمات للاصابع أو صورة شخصية , وعملية استمرار اعتمادها من قبل المفوضية العليا للانتخابات يعني استمرار التلاعب بالانتخابات بالانتخابات واستمرار التصويت من قبل اشخاص غير مخوّلين بمعنى إمكانية استعمال هذه البطاقات من قبل أشخاص غير أصحابها , والانتخابات الماضية التي استخدمت فيها البطاقة العمية قد شهدت أكبرعملية تزوير لعصابات التزوير من خلال .. أولا / قيام عدد كبير من الناخبين ببيع بطاقاتهم الألكترونية الخالية من البيانات البايومترية إلى بعض المرّشحين وبعض الكيانات السياسية , وتمّ استعمالها من قبل غير أصحابها في يوم الانتخابات .. ثانيا / تسرّب عشرات الآلاف من البطاقات الألكترونية الخالية من البيانات البايومترية في المحافظات المحرّرة التي شهدت نزوحا لسكانها بواسطة بعض ضعاف النفوس من موظفي المفوضية , حيث تمّ تاشير توزيعها بوصولات وهمية وتمّ استعمالها من قبل بعض المرّشحين والكيانات السياسية في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين .. ثالثا / افتتاح مراكز اقتراح تسّمى ( مراكز الحركة السكانية ) لمعالجة النزوح داخل المحافظة , وقد تمّ ملاحظة أنّ هذه المراكز كانت تستعمل للتصويت المتكرر من قبل غير المخوّلين بالتصويت والذين يحملون البطاقات المتسرّبة والمسروقة والمشتراة من الناخبين .. رابعا / افتتاح مراكز اقتراع لتصويت النازحين قد تبيّن أنّ قسما منها وهمي على أرض الواقع , ولكن ظهر فيها نتائج في بيانات المفوضية بعد انتهاء الانتخابات مثل مركز اقتراع النازحين في الكيلو 18 في الرمادي .. خامسا / ظهور نتائج مشاركة بالانتخابات من قبل الناخبين في بعض مراكز اقتراع محافظة الأنبار وصلاح الدين وتبيّن أنّها خالية من السكان كما حصل في قضاء القائم ..
كلّ هذا التزوير الفاضح قد تمّ من خلال استخدام البطاقة الألكترونية القديمة الخالية من البيانات البايومترية , والتي تسعى عصابة أبو ريكان وأبو عرب من إعادة العمل بها مجددا تحت مبررات عدم تحديث البطاقات البايومترية الجديدة في المحافظات الثلاث .. إننا إذ نضع هذه الحقائق أمام الرأي العام العراقي ومجلس النواب والمفوضية الجديدة للانتخابات وحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي تعّهد أمام الشعب بإجراء انتخابات عادلة ونزيهة وشفافة , أن يمنعوا لأي سبب عودة استخدام البطاقة الألكترونية القديمة المسماة بالبطاقة العمية , وعدم تمكين عصابات التزوير من إعادة سيناريو انتخابات 2018 .. لأن المعلومات المتوّفرة لدينا تؤكدّ أنّ عشرات الآلاف من هذه البطاقات قد تمّ الاستحواذ عليها من قبل حزب تقدم الذي برز في الساحة السياسية العراقية مؤخرا , من أجل استخدامها في الانتخابات القادمة .. كما أن التسريبات المؤكدة تؤكد أن حزب تقدم الذي يملكه أبو ريكان والملياردير أبو عرب يسعى للحصول على خمسين مقعدا في مجلس النواب القادم من خلال استخدام هذه البطاقات القديمة وإعادة مسلسل التزوير من جديد .. فماذا أنتم فاعلون يا مجلس النواب ..

المصدر: عبر منصات التواصل للمركز

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M