عبد الامير رويح
منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، سعت إسرائيل كغيرها من الدول الاخرى الى الاستفادة من هذه الازمة والعمل على في إسقاط الأسد الذي يعد حليفاً رئيساً لإيران و حزب الله، حيث عمدت الى تعمق الأزمة ودعم بعض اطراف الصراع في سبيل تحقيق مكاسب عسكرية خاصة، كما عمدت اسرائيل ايضاً الى شن هجمات وضربات عسكرية على بعض المواقع و الأهداف التي تقول انها تابعة الى ايران وحزب الله داخل سوريا.
وفي وقت سابق نشرت صحيفة صنداي تايمز تقريرا كتبه أنشل فيفر حول “حرب خفية” بين إسرائيل وإيران في سوريا. ويقول الكاتب إن الجنرال الإسرائيلي الذي قاد عمليات منع إيران من بسط نفوذها في الشرق الأوسط أحصى “آلاف الهجمات” على قوات إيرانية في سوريا. ويؤكد الجنرال غادي إيزنكوت، بحسب التقرير، أن إسرائيل بدأت تهاجم المواقع الإيرانية في سوريا في يناير/ كانون الثاني 2017، وأن الهجمات كانت تقع كل أسبوع تقريبا، دون التصريح بذلك.
وأوضح إيزنكوت للصحيفة أن الهدف الرئيسي لإسرائيل في هذه الحرب الخفية تمثل في الحرس الثوري وفرعه فيلق القدس، وأن إسرائيل نفذت آلاف الهجمات على مواقع إيرانية في سوريا وفي عام 2018 وحده ألقت عليها ألفي قنبلة. وقال إن إسرائيل شرعت منذ بداية النزاع المسلح في سوريا في شن غارات جوية على قوافل تحمل أسلحة إيرانية لحزب الله اللبناني، ولكنها لم تستهدف الإيرانيين أنفسهم.
من جانب اخر قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إن الإسرائيليين يهاجمون ”كل ما يرتبط بتصنيع الصواريخ“ في سوريا. وتابع نصر الله أن حزب الله لن ينسحب من سوريا نتيجة الضربات الإسرائيلية. قال نصر الله إنه في ظل إحكام الأسد قبضته على الأمور، حولت إسرائيل اهتمامها في الآونة الأخيرة إلى قصف أهداف سورية لضرب مواقع تصنيع الصواريخ دقيقة التوجيه التي تعتبرها تهديدا. وقال الأمين العام لحزب الله ”عندما فشلت الحرب في سوريا وأدرك الصهاينة أنهم خسروا الحرب ذهبوا إلى هدف آخر وصار عندهم هدف جديد وأخطار جديدة ستترتب على الانتصار في سوريا“.
وأضاف أن هذه الاخطار ”جزء منها يتعلق بنفس القوات العربية السورية والقدرات العسكرية السورية وخصوصا ما يترتبط بالقدرات الصاروخية وصناعة الصواريخ الدقيقة، ولذلك نجدهم يهاجمون كل ما يرتبط بتصنيع الصواريخ في سوريا ويعتبرون أن قوة وتصنيع الصواريخ في سوريا هي قوة لسوريا وهي قوة لمحور المقاومة بلا شك“. ونفى نصر الله أن تكون الضربات الجوية الإسرائيلية دفعت سواء حزب الله أو إيران للانسحاب من سوريا ووصف إصرار إسرائيل على حدوث ذلك بأنها انتصارات واهمة. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت قال إن الجيش الإسرائيلي يعمل من أجل إخراج طهران من سوريا.
هجمات مستمرة
وفي هذا الشأن قال التلفزيون السوري إن الدفاعات الجوية السورية تصدت لهجوم إسرائيلي على مدينة حلب. وذكر التلفزيون لاحقا أن الجيش أسقط عددا من الصواريخ الإسرائيلية قبل أن تصل لأهدافها في أحدث هجوم تقول سوريا إن إسرائيل شنته. وكان مسؤولو دفاع إسرائيليون قد قالوا في الأشهر الأخيرة إن إسرائيل ستصعد حملتها على إيران في سوريا حيث وسعت طهران وجودها بمساعدة جماعات تقاتل بالوكالة. ونقلت بعض المصادر عن مصدر استخباراتي في المنطقة أن إسرائيل تكثف غاراتها في وقت يتركز فيه اهتمام العالم والمنطقة، بما فيها سوريا، على جائحة كورونا.
من جانب اخر قتل 16 شخص على الأقل في ضربات شنّتها طائرات يرجّح أنها إسرائيلية على شرق سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بعد ساعات من إعلان دمشق تصديها لصواريخ إسرائيلية على مطار عسكري في منطقة أخرى. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن القتلى ينتمون إلى فصائل موالية لطهران، وقتل سبعة منهم عند أطراف مدينة الميادين، بينما قضى التسعة الآخرون في ضربات جنوب البوكمال” في محافظة دير الزور. ووفق المرصد، تخضع المنطقة الممتدة بين مدينة البوكمال الحدودية مع العراق والميادين، وفق المرصد، لنفوذ إيراني، عبر مجموعات موالية لها تقاتل الى جانب قوات النظام السوري.
وأعلنت دمشق عن تصدي دفاعاتها الجوية لـ”رشقة صواريخ” أطلقها “طيران العدو الإسرائيلي.. باتجاه مطار التيفور” في محافظة حمص في وسط البلاد، من دون تسجيل خسائر بشرية. وتسبّبت ضربات إسرائيلية على منطقة في جنوب غرب العاصمة وفي ريف درعا الشمالي (جنوب) بمقتل ثلاثة جنود سوريين وإصابة سبعة آخرين، بالإضافة إلى مدنية، وفق المرصد. وليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها مناطق في محافظة دير الزور التي فيها تواجد لقوات أميركية وروسية وأخرى لقوات سوريا الديموقراطية وعمادها المقاتلون الأكراد.
وعلى الرغم من أن تقارير المرصد ترجح أن الغارات إسرائيلية، لكن يصعب التأكد من ذلك عندما لا يؤكدها الإعلام الرسمي السوري، وبسبب امتناع إسرائيل عن التعليق عليها. وفي 28 حزيران/يونيو، أحصى المرصد مقتل ستّة مقاتلين أربعة منهم سوريون، جرّاء غارات يُعتقد أنها إسرائيلية استهدفت مواقع لقوات النظام ومجموعات مقاتلة موالية لطهران في ريف مدينة البوكمال. كما أفاد عن مصرع 12 مقاتل في السابع من الشهر ذاته في غارات إسرائيلية استهدفت أحد مقراتهم في ريف دير الزور الشرقي.
وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة بشكل أساسي مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني. ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، إلا أنها تكرّر أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى حزب الله اللبناني. وتصدّت الدفاعات الجوية السورية “لعدوان” إسرائيلي في جنوب البلاد، وفق ما أفاد الإعلام السوري الرسمي، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” عن مصدر عسكري قوله “عدوان إسرائيلي جوي يستهدف المنطقة الجنوبية برشقات من الصواريخ ووسائط دفاعنا الجوي تتصدّى له”. وجاءت الضربات وفق الجيش الإسرائيلي، “ردّاً على عملية زرع عبوات ناسفة تمّ إحباطها” في جنوب هضبة الجولان المحتلّة. بحسب فرانس برس.
وتوعّد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بقتل جندي إسرائيلي مقابل كل عنصر من مقاتليه يسقط بنيران إسرائيلية، وذلك بعد مقتل أحد عناصره في سوريا. وقال نصر الله “على الإسرائيلي أن يفهم: عندما تقتل أحد مجاهدينا، سنقتل أحد جنودك”. وأضاف نصر الله في إشارة إلى التصعيد الذي شهدته الحدود بين إسرائيل ولبنان “هذا كلّه مسجّل في الحساب، وسيأتي حسابه”. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّ قواته قصفت نقاط مراقبة لحزب الله قرب الحدود مع لبنان ردّاً على إطلاق نار استهدفها. وتوعّد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بردّ “قوي” في حال حصول هجمات جديدة انطلاقا من لبنان.
قاآني في سوريا
على صعيد متصل ذكرت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء أن قائد فيلق القدس الإيراني زار في وقت سابق، شرق سوريا في إعلان نادر لزيارة يقوم بها لساحة القتال خليفة قائد قتلته الولايات المتحدة في يناير كانون الثاني. وحل إسماعيل قاآني محل قاسم سليماني أقوى القادة العسكريين الإيرانيين والذي وجه الفصائل المسلحة المتحالفة مع طهران في صراعات بأنحاء الشرق الأوسط قبل مقتله في هجوم صاروخي أمريكي في مطار بغداد.
وقالت تسنيم إن قاآني زار مدينة البوكمال السورية الواقعة على الحدود مع العراق وحذفت الوكالة فيما بعد التقرير دون تفسير. ولم تشر وسائل الإعلام الإيرانية الأخرى إلى الزيارة. ونقلت تسنيم عن قاآني وصفه مقاتلي تنظيم داعش بأنهم عملاء لإسرائيل والولايات المتحدة. وتهاجم إسرائيل بانتظام ما تصفه بأنها مواقع لإيران وحلفائها داخل سوريا. وقال الجيش السوري إنه رد على هجمات إسرائيلية في جنوب ووسط وشرق سوريا قُتل خلالها جنديان.
ولعب فيلق القدس دورا فعالا تحت قيادة سليماني في توجيه الفصائل المسلحة التي تقاتل مع الرئيس السوري بشار الأسد خلال الحرب السورية. وقالت وسائل الإعلام الإيرانية إنه تمت إعادة رفات اثنين من أفراد الحرس الثوري كانا قد قتلا في سوريا قبل أربعة أعوام بعد العثور عليهما والتعرف عليهما في الآونة الأخيرة. بحسب رويترز.
من جانب اخر قال نفتالي بينيت وزير الدفاع الإسرائيلي المنتهية ولايته إن إيران بدأت سحب قواتها من سوريا، دون تقديم أي دليل يدعم تأكيده. كما حث نفتالي خليفته على مواصلة الضغط على إيران وإلا تبدلت الأمور. وتعد إيران، العدو اللدود لإسرائيل في الشرق الأوسط، من المؤيدين الرئيسيين للرئيس بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، إلى جانب روسيا. وقال بينيت “إيران تقلل بشكل كبير من نطاق (عمل) قواتها في سوريا، بل إنها أيضا بدأت في إخلاء عدد من القواعد“. وأضاف ”على الرغم من أن إيران بدأت عملية الانسحاب من سوريا، فنحن بحاجة لاستكمال العمل. ما زال الأمر في متناول أيدينا“.
استهداف الأسد
الى جانب ذلك كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكما نقلت بعض المصادر أنه أراد قتل الرئيس السوري بشار الأسد عام 2017، لكن وزير دفاعه آنذاك، جيمس ماتيس، عارض ذلك. وبذلك يؤكد ترامب معلومات كان قد نفاها عام 2018، لكنه قال إنه ليس نادماً على عدم قتل الأسد. وأضاف ترامب في برنامج على قناة “فوكس” الأمريكية “كنت أفضل قتله. لقد جهزت للأمر تماماً”، وأضاف: “لم يرغب ماتيس في أن يفعل ذلك. ماتيس كان جنرالاً بولغ في تقديره وتركته يرحل”.
ويدعم هذا التصريح المعلومات التي نشرها الصحافي في واشنطن بوست بوب وودوارد في كتابه “الخوف: ترامب في البيت الأبيض” الذي صدر عام 2018. لكن ترامب نفى ذلك حينها. وقال ترامب للصحافيين “لم يتم حتى التفكير في ذلك مطلقًا”. وجاءت تصريحات ترامب في إطار انتقاده لماتيس الذي وصفه بأنه “رجل عظيم” عندما عينه لإدارة البنتاغون، لكن علاقاته ساءت بالجنرال المتقاعد الذي استقال في نهاية المطاف أواخر عام 2018.
وذكرت تقارير صحافية أن ترامب فكر في اغتيال الأسد بعد اتهام الرئيس السوري بشن هجوم كيميائي على المدنيين في نيسان/أبريل 2017. وذكر وودوارد في كتابه أن ترامب قال إن على القوات الأمريكية أن “تدخل” و”تقتل” الأسد. وكتب وودواد الذي اشتُهر بكشفه في السبعينيات فضيحة “ووترغيت” التي أسقطت الرئيس ريتشارد نيكسون، أن ماتيس أخبر ترامب “سأعمل على ذلك في الحال” لكنه عاد بخطط لشن غارة جوية محدودة.
وقال ترامب لشبكة “فوكس” إنه لم يندم على قرار عدم استهداف الأسد، قائلاً إنه كان بإمكانه “التعايش مع كلا الأمرين”، وتابع ترامب: “لقد اعتبرت بالتأكيد أنه ليس شخصاً جيداً، لكن كانت لدي فرصة للتخلص منه لو أردت وكان ماتيس ضد ذلك. … ماتيس كان ضد غالبية تلك الأشياء”. من جانبها اعتبرت وزارة الخارجية السورية أن تصريحات ترامب حول استهداف الأسد تؤكد أن هذه الإدارة تمثل “دولة مارقة وخارجة عن القانون وتنتهج نفس أساليب التنظيمات الإرهابية بالقتل والتصفيات دون اعتبار لأي ضوابط أو قواعد قانونية أو انسانية أو أخلاقية في سبيل تحقيق مصالحها في المنطقة”.