فكرة للحراك الحضاري

محمد عبد الجبار الشبوط

 

يتضمن هذا المقال فكرة حول الحراك الحضاري للمجتمع العراقي مركبة او مؤلفة من عدة عناصر، هي: اولا، بالحسابات الحضارية، يعاني المجتمع العراقي من التخلف بدرجات معينة، واعني بالتخلف حصول خلل حاد في المركب الحضاري للمجتمع والقيم العليا الحافة به. يتألف المركب الحضاري من خمسة عناصر هي: الانسان، الارض، الزمن، العلم، العمل.

ثانيا، العلاج الشامل المقترح للتخلف هو الدولة الحضارية باعتبارها افضل اطار لاشتغال المركب الحضاري بما يحقق اعلى درجة مرغوبة في انتاجية المجتمع. “الدولة الحضارية الحديثة” ليس اسم علم وليس عنوانا لعقيدة دينية او سياسية، انما هو وصف لحالة.

ثالثا، يحرص القائمون على الحراك الحضاري على الاستفادة من كل العناصر الايجابية المتوفرة والمساعدة على تحقيق الهدف، في نفس الوقت يعملون على تحييد او القضاء على العناصر المعيقة للحراك الحضاري. قد يختلف الناس على تشخيص هذه المفردات السلبية والايجابية. الاتفاق ليس ضروريا للحراك الحضاري، حيث بالامكان تطبيق قاعدة: “قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا”.

رابعا، الحراك الحضاري عملية مجتمعية يعتمد نجاحها، من بين عوامل اخرى، على اندماج الناس به، او على قدرته على زج اكبر عدد من الناس في مشروعه العملي. انخراط الناس في الحراك الحضاري من شروط نجاحه.

خامسا، تدل المناسبات الدينية على وجود قسم من الناس يؤمنون بالاسلام، وبالقران، وبالشخصيات الدينية وعلى رأسهم النبي محمد، والائمة، خاصة الامام الحسين. وهذا يعني ان الدين يشكل احد المحركات المهمة للناس. واستنادا الى النقطة ثالثا اعلاه فان الحراك الحضاري يمكن ان يوظف الدين في حركته الاجتماعية.

سادسا، لكن يوجد قسم اخر من الناس لا يؤمن بمضمون النقطة خامسا اعلاه. هذا الاختلاف لا يضر بالحراك الحضاري اذا لم يتحول الى سبب للصراع بين فئتين من الناس، ولهذا يجب ابعاد هذا الاختلاف عن ساحة الصراع السياسي بين الطرفين. وبمقدور كل طرف ان يعمل في مساحة عمله وفقا لوجهة نظره دونما حاجة الى الاصطدام بالفكرة الاخرى.

سابعا واخيرا، وتفريعا للنقطة الخامسة اعلاه، فان الفكرة المطروحة تقول بامكانية استخدام القران في الحراك الحضاري في ساحة المؤمنين به. من لا يؤمن بالقران غير مشمول بهذا.

والسؤال: كيف يمكن توظيف القران الكريم في الحراك الحضاري؟

والجواب:

القران الكريم اولى المركب الحضاري، عناصره وقيمه، اهتماما كبيرا بحيث صار من الممكن استخلاص فكرة كاملة عن الركب الحضاري وقيمه العليا من القران الكريم. وهذا يتطلب التعامل مع القران من زاوية الفهم الحضاري للقران الكريم.

وقد كتبتُ في هذا المكان سلسلة مقالات توضح المقصود بعبارة الفهم الحضاري للقران. وقد اتضح ان القران يقدم منظومة للقيم العليا الحافة بالمركب الحضاري من شأنها ان تفعّل المركب الحضاري باتجاه تنمية انتاج المجتمع واقامة العدل بين الناس وتحقيق الرفاهية. وتدور منظومة القيم الحضارية القرانية حول فكرة استخلاف الانسان في الارض، وهي فكرة تقع في صميم استثمار الارض وتنمية الانتاج، او ما يسمى اليوم بالتنمية المستدامة.

ويمكن للمؤمنين بالقران ان يوظفوا الفهم الحضاري للقران في توعية الجمهور المؤمن بالاسلام وزجهم في الحراك الحضاري ومجالاته المختلفة.

ويستطيع الذين لا يؤمنون بالامكانية الحضارية للقران ان يواصلوا عملهم في الطريق الذي امنوا به، ما دامت كل الطرق تؤدي الى الهدف المركزي وهو الدولة الحضارية الحديثة، وتصلح هذه الفكرة لتحقيق الوئام بين الاسلاميين والعلمانيين في ساحة الحراك الحضاري، وهي غير ساحة الحكم التي تخضع لقوانين وضوابط اخرى.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/community/24529

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M