تعدّ القيادة روح التنظيم وأساس اتخاذ القرارات فيه؛ فالقائد المثالي يجب أن يتمتّع بصفات تميزه عن غيره من المسؤولين والموظفين، وفي ظل تزايد المشكلات في سوق العمل والتنظيم، صار لزاماً على القائد أن يصقل حسه القيادي ويكون أكثر إحاطة بالواقع المحيط. ولعل الواقع الذي يشهده العالم في الفترة الأخيرة، قد خلط الأوراق وشتّت الأفكار وعطل المصالح، وصار لزاماً على المسؤولين والقياديين، إعادة صياغة أهدافهم او تعديلها، من اجل العمل على تحقيقها، ولقد تعددت المؤلفات والمواضيع التي تناولت الفكر القيادي وإدارته من اجل الإبحار بالمنظمة في محيط أمواجه عالية، ولقد اخترنا لكم في هذا الموضوع أربعة كتب تضمّ صفحاتها أهم الأساليب والنصائح التي تساعد على تحقيق الأهداف والنجاحات وتجنب أسباب الانهيار والخسارة.
Be Obsessed or Be Average
وهو كتاب مميز من تأليف المدرب التحفيزي الأمريكي “GRANT CARDON” تناول فيه مجموعة واسعة من المعطيات التي تساعدك قائداً بالتميز والتألق في منظمتك، والعمل بدافعية أكبر وروح حماسية، ما يجعلك تصل إلى ذروة إمكاناتك وقدراتك، وفق صياغة أساليب التخطيط والارتجال في العمل بشكل مدروس، ما يقودك إلى النجاح رفقة المحيطين بك، وبذلك ستكون مميزاً شخصياً، بأن تحقق ذاتك، وعملياً، بأن تصل إلى النجاح وتحقق أهدافك.
أراد CARDON في هذا الكتاب أًن يقدم فكرة تحفيزية للثورة في وجه الروتين، والسير بثقة نحو البحث عن الاهتمامات التي تقبع في نفسية القائد وإثارتها وجعلها دافعاً للوصول إلى القمة والتميز بين المنافسين، وهو الأمر الذي سيصنع قادة مميّزين. لقد ركز الكتاب على نقاط ثلاث مهمّة لتحقيق النجاح وهي:
أطلق العنان لهوسك
من الطبيعي كونك إنسانا أن تشعر بالتعب وفقدان الطاقة الفكرية والجسمية، لأن هذه حتمية ملازمة لأي نشاط فكري أو جسدي، غير أن CARDON أشار في هذا المؤَلف إلى فكرة توليد الطاقة بدل خسارتها، فذهب إلى فكرة الاستسلام او التحدي، فإما ان تتوجه للراحة، أو تطلق العنان لهوسك واختيارك يحدد توجهك في الحياة، فإن ملت للراحة فأنت شخص عادي، وللتميز فإنك ستطلق العنان لهوسك، وهذا ما سيجعلك مختلفاً عن سواك، فأنت ستستعمل على توليد طاقتك من جديد وستحصل على دافع مثالي للتألق والسير قدماً نحو تحقيق هدفك، أو مجموعة أهدافك، وتذكر دائماً هذه الأهداف إن شعرت بأنك قد فقدت طاقتك.
السيطرة على مخاوفك توصلك عالياً
في رحلتك نحو تحقيق أهدافك حتما ستصادفك مشكلات وعقبات، وتفكيرك فيها قبل حدوثها قد يدفعك للخوف، وفي هذه الحال سوف تفقد جزءاً من ثقتك بنفسك، وقد يتطور ذلك ليدفعك شيئاً فشيئاً للتراجع عن تحقيق أحلامك. حدد الكاتب في هذا الجزء، شكلين للخوف، وأشار إلى أنه يمكنك ان تتعامل مع الخوف من رفض الناس لك، أو الخوف من فشلك، لذلك يكون لزاماً عليك أن تحدد نوع الخوف الذي يعتريك أولاً، حتى يتسنّى لك التصرف بحكمة، وتأكد أنك لست الوحيد الذي شعر بالخوف.
ويمكنك التعلم من نماذج الآخرين في التخلص من الخوف والانتصار عليه، لك في الكاتبة البريطانية جي كيه رولينغ، خير مثال، فهي صاحبة أحد أنجح السلاسل القصصية، رائعة “هاري بوتر”، وقد تغلبت على مخاوفها من رفض الجمهور ولم تيأس وأكملت عملها، وحققت النجاح تلو الآخر، حتى وصلت للعالمية، وترجم عملها إلى العمل السينمائي، وحين طرح عليها السؤال عن سبب نجاحها، أجابت بأن الذين لا يكون لهم تجارب مع الفشل، لن يتذوقوا الطعم الحقيقي للحياة، فالفشل سيدفعك لقلب الصفحة والبداية بالمحاولة مرة أخرى، وسيدفعك لتحديد المشكلات، وبذلك ستكون لك تجربة غنية للتعامل مع مشكلاتك المستقبلية.
اجعل أعداءك دافعاً ايجابياً
عندما تبدأ بشقّ طريق أحلامك، سيكون هناك من يعمل على تحفيزك بالدعم والإسناد، كما سيكون هناك من لا يرضى لك النجاح، فيعمل على انتقادك انتقاداً غير مؤسس، ويعمل بكدّ حتى يبطل عملك، ويدفعك للتخلّي عن طموحاتك، يرشدك الكتاب إلى كيفية الاستفادة من هؤلاء واستعمالهم حافزاً للنجاح، فوجود من يضع الشوك في طريقك أمر عادي يجب أن لا يدفعك للجزع أو فقدان الأمل، وكل ما عليك هو السير بخطى ثابتة نحو وجهتك وعدّ المؤامرات دعايةً لمسيرتك ودليلاً على نجاحك، فكلما علت الأصوات التي تطالب برحيلك، اعلم أنك تسير في الطريق الصواب.
كُن قائداً عظيماً واستغلّ إمكاناتك بهذه العادات المريحة
وهو كتاب من تأليف عالم الاجتماع والسلوك والأستاذ بجامعة ستانفورد B.J FOG، وهو أحد أهم كتبه، لأنه حصيلة 40 سنة من العمل والبحث والتدريب، لما يقارب 40 ألف شخص، تناول فيه موضوعاً مهماً وهو طرح ” تصميم السلوك والخروج عن العادة” ولقد ركز بذلك على استغلال الإمكانات الكامنة في التغييرات الطفيفة للعادات، بدل التغيير الكلي، والانتقال من وضع إلى آخر قد يترتب عنه اهتزاز وفقدان لزخم الإبداع، لذلك ستجد في كتاب Tiny Habits: The Small Changes That Change Everything كيفية تسيير أعمالك واستغلال إمكاناتك، بالاستناد إلى مجموعة عادات أكثر راحة، ستساعدك على التألق والإبداع القيادي، دون اللجوء إلى تغيير حياتك كلياً، بل كل ما يلزمك هو بعض التعديل وكل شيء سيكون على ما يرام. ولتحقيق ذلك حصر FOG القيام بهذه العملية في هذه المبادئ:
ابدأ صغيراً
حسب الكاتب، لا يتم التغيير جملة واحدة، ولن يكون هناك تقدم كبير في اتخاذ القرارات العظمى من اجل تغيير حياتك، لذلك وحتى تستطيع تحقيق مخططاتك والسير نحو تحقيق أحلامك لا بدّ أن تبدأ بالأمور البسيطة والصغيرة، كتغيير مواقيت النوم والاستيقاظ، وممارسة الرياضة، والمطالعة، وهذه التغييرات قد تجدها صعبة بعض الشيء، لأنك ستكون مرتبطا بموضوع العادة، وحتى تكير هذا القيد يجب عليك أن تكون بسيطاً ومتدرجاً في اتخاذ قراراتك للتغيير والتطوير، وحتى تغير سلوكك، حصر الكاتب ذلك في ثلاث نقاط، وهي: الإدراك، والتغيرات البيئية المحيطة، والتعديل النسبي في العادات.
الدافع وتجنّب اليأس
مما لا شك فيه ان اليأس أحد الأسباب الرئيسية للفشل، يستهدف اليأس المخططات بعيدة المدى، لأنه سيجد المتسع الكبير من الوقت حتى يحدث تغييراً سلبياً في الدوافع والتوجهات، لذلك نجد أن الكثير من الأشخاص لا يكملون الكثير من المشاريع التي يقررون العمل عليها، وهذا راجع حسب الكاتب إلى غياب الالهام، وتدخل عوامل الإحباط واليأس بشكل تراكمي، فتراجعك عن إتمام دورة تدريبية على الإنترنت هو نموذج لهذه المشكلة، فأنت تبدأ بشغف في البداية، ويكون لك دافع كبير للتعلم، لكنه يتناقص شيئا فشيئا حتى يتلاشى في النهاية، والحل يكمن في الحفاظ على ذلك الدافع وتغذيته حتى تحقيق المطلوب، لأن وجود الدافع يعطل نمو اليأس.
استفد من الروتين
العادات اليومية والتلقائية موجودة عند أي شخص منا، فلكل شخص عاداته، وكونك ستعمل على تغيير عاداتك بإدخال عادات جديدة، يتوجب عليك بناء على رأي الكاتب أن تدمج العادات الجديدة مع العادات أو السلوكات القديمة، حتى تصبح هذه العادات مشتركة وغير متطلبة لموضوع الإرادة، أي أنها ستصبح سلوكات عفوية وغير مستلزمة للفكر، لنفترض أنك ستدخل عادة جديدة في حياتك ولتكن ممارسة التمارين الرياضية، وكونك تستحم يومياً في الصباح، يمكنك أن تجعل هذه التمارين صباحية، يتبعها الحمام، ثم احرص على هذه العملية وعندها ستجد نفسك تقوم بها تلقائيا، وبشكل أكثر تنظيماً، وستلاحظ أن نتائجك الرياضية تحسنت عما كانت عليه سابقاً.
كيف تصل إلى القمة على طريقة “غوغل” ومؤسسة غيتس؟
من تأليف رجل الأعمال JOHN DOERR، ولقد استعرض فيه كيفية صياغة مجموعة أساليب تمكنك كقائد على تحقيق الارتقاء بشركتك نحو الأفضل، والحفاظ على مركزك المتقدم بين الشركات المنافسة، باستعراض بعض النماذج لشركات ومؤسسات عملاقة كـ BONO و GOOGLE و GATES وهي شركات وتنظيمات صارعت بقوة لاحتلال مراكز محترمة وحافظت على خذه المواقع رغم شدة المنافسة. لقد ركز DOERR في هذا الكتاب على ثلاثة عناصر أساسية مساعدة على وضع الأهداف:
حدد أهدافك الطويلة والقصيرة
صحيح أن الكتاب يتحدث بشكل أساسي عن مساعدة الشركات على تحقيق أهدافها، ولكنه يقدم كذلك مساعدة كبيرة فيما يخص العثور على أفضل الأساليب التي تمهد الطريق للوصول إلى الأهداف، فهو يوجهك حتى تحدد الأهداف الكلية والعمل على تجزئتها لأهداف فرعية وقصيرة، كما أنه يشجعك على التفكير بشكل مدروس في النقطة التي تريد أن تصل إليها، وستجد نصائح وآليات ثمينة عن كيفية مراقبة أدائك وتقييمه ومعرفة موقعك بدقة.
أطلق العنان لطموحك
الخيال يصنع الطموحات، لذلك يجب عليك كقائد أن تحدد أهدافاً بعيدة وعظيمة، فكلما عظمت أهدافك، صار الحافز أكبر، ووصولك لتلك الأهداف الكبيرة سيكون حجر أساس لطموحات أكبر، على سبيل المثال عُدّ الهبوط على سطح القمر خطوة عظيمة في سنة 1969، غير أنه الآن يبدو حدثاً قديماً، لكنه في الحقيقة كان دافعاً ومنطلقاً لغزو أبعد للفضاء، وسبيلاً للتوجه نحو كواكب أخرى. ويذهب الكاتب لفكرة أن الأهداف التي تتجاوز حدود الفكر هي التي تدفع للإنتاجية والحماس، بشرط التركيز على هدف واحد حتى لا تتشتت القوة، وتقييده بإطار زمني، وهو ما استعرضه الكاتب في تجربة GOOGLE حيث تقسم أهدافها إلى نوعين: قصيرة: كالتوظيف والتسويق، وطويلة: كالمشاريع.
تابع تطورك وراقبه
عليك أن تقوم بصياغة برنامج مدروس ومجدول زمنياً لمراقبة تطورك وسيرك نحو الأهداف، لأنك بدون ذلك ستكون أكثر عرضة للخروج عن المسار، ولكنك إن انتهجت منهج الرقابة والتقييم، فسيكون لك نظرة مدروسة عن موقعك الحالي بدقة، وعن مدى تقدمك نحو تحقيق أهدافك والانتقال السليم عبر المراحل المسطرة مسبقاً، وهو ما تعمل به شركة GOOGLE عندما تجتمع بموظفيها شهرياً للمراجعة والتوجيه. عملك وفق هذا التنظيم سيجعلك على استعداد أكبر لمواجهة الازمات، وتعاملك مع الأحداث غير المتوقعة سيكون أكثر رصانة وأقل خسائر.
دليلك لاتخاذ قرارات حكيمة والقيام بأفضل الإجراءات
كتاب The Next Right Thing: A Simple, Soulful Practice for Making Life Decisions من تأليف EMILY P.FREEMAN وهي كاتبة ومحررة مقالات في جريدة “وول ستريت جورنال”، قدمت في هذا العمل، حلاً لمشكلات اتخاذ القرارات، فهو سبيلك لضبط قراراتك إن كنت تعاني العشوائية في قراراتك، لذلك ستجد في كتابها هذا مجموعة نصائح سهلة التطبيق، موجهة لأولئك الذين تنتابهم حالات التردد عندما يتحتم عليهم اتخاذ قرارات صارمة. تتمثل هذه النصائح في:
فكر في الحاضر، وخطط للمستقبل
عندما تجد نفسك في موضع يحتّم عليك اتخاذ قرارات صارمة، قد تخسر الكثير من الوقت في التفكير في النتائج المحتملة لهذه القرارات، لكن الكاتبة قدمت في كتابها هذا فكرة جيدة ونصيحة ثمينة، تعتمد على استثمار التفكير في التركيز على الحاضر وعدم التفكير بإفراط في المستقبل، لأنك بذلك ستربح وقتاً ثميناً وتعاملك مع المخططات المستقبلية سيكون تدريجياً، فإذا انتهجت هذه الفكرة فحتماً سيكون اتخاذ القرار أكثر سهولة وفائدة.
تخلص من تشتتك الداخلي
إن جملة ردود الفعل المصاحبة لأي نشاط قد تكون سبباً في صعوبة اتخاذ القرارات، يعرف هذا بالتشتت الداخلي أو النفسي، وكونه نقيضاً للتركيز، فإنه هدر للطاقة؛ فبحسب المؤلفة وبناء على تجربتها التي استعرضتها، فإن التخلص من التشتت الداخلي قد ساعدها على التفكير بشكل أكثر وضوحاً في تفاصيل حياتها اليومية، وجعلها أكثر تركيزاً. FREEMAN تدعو إلى طرح سؤال جوهري هو “هل يقودنا الحب أم يدفعنا الخوف؟” فالرغبات الحقيقية قد يصيبها التشويش بسبب جملة المشاعر السلبية المتشكلة داخلياً، كالخوف والغيرة.
المفاجآت قد تكون مفيدة
في جزء من هذا الكتاب تحدثت الكاتبة عن موضوع المفاجأة، كونها سبباً للإبداع وإحداث المفاجآت في كثير من الأحداث والمواقف، ولقد استندت في قولها إلى عدد من النماذج، فقد تعترضك أحداث معينة وغير متوقعة إلى اتخاذ قرارات سريعة قد تكون أفضل القرارات التي تتخذها في حياتك، ولم تكن لتصل اليها في لحظات الهدوء. طبعاً هذا ليس مطلقاً، ولكن المفاجآت قد تحدث الفرق حقاً.
من غير شك، يكون رصيدك قد تحسن كثيراً، إن تناولت كقيادي الكتب التي ذكرناها سابقاً، لأنها قد اشتركت جميعها في تناول أفضل الأساليب التي تقود لتحقيق النجاح والوقوف على أبواب المجد، فدائماً هناك فوائد نستمدها من تجارب الآخرين، فهم أشخاص مثلنا سبقونا بالمعرفة والتجريب، لذلك حتماً سيكون في تصفح خبراتهم فائدة في السير وفق نصائحهم، وتجنب أخطائهم، في سبيل تحقيق الأهداف التي نطمح اليها.
رابط المصدر: