عبد الامير رويح
تصاعدت حدة القتال بين أرمينيا وأذربيجان بشكل خطير رغم قرار وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه مؤخراً، هذا التصعيد جاء وكما نقلت بعض المصادر، مع تجدد تبادل الاتهامات بين الطرفين وبعد ان قصفت قوات أذربيجانية معدات عسكرية أرمنية داخل أراضي أرمينيا في ضربة وصفتها بالاستباقية، التطورات الجديدة تشير وبحسب بعض المراقبين، إلى احتمال توسع دائرة الحرب بين البلدين خصوصا مع وجود اطراف خارجية تسعى الى تحقيق مصالحها من خلال استمرار هذه الحرب، ولا يلقي الطرفان بالا للدعوات الدولية للتهدئة والتزام وقف إطلاق النار.
حيث أصبح الواقع في منطقة جنوب القوقاز كما نقلت بعض المصادر، شديد التعقيد بسبب إمكانية تحول الحرب بين أذربيجان وأرمينيا لحرب بين القوى الإقليمية ولاسيما في ظل ظهور فاعل جديد في الأزمة وهى تركيا, والتي لا تتردد في إعلان رفضها لمطالب الدول الكبرى بضرورة وقف إطلاق النار, وتعلن دعمها الصريح لأذربيجان. وعلى الرغم من التوصل لهدنة بعد اجتماع وزير خارجية أذربيجان ونظيره الأرمني في موسكو 9 أكتوبر, وإعلان دخول الهدنة حيز التنفيذ, إلا أنه بعدها بوقت قليل تبادلت أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بخرقها بعد دخولها حيز التنفيذ بوقت قليل.
واندلعت المناوشات بين القوات الآذرية والقوات الانفصالية المدعومة من أرمينيا في 27 سبتمبر المنصرم في منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها لتتحول سريعا لحرب بين البلدين تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة, في ظل اهتمام دولي محدود بالأزمة وانشغال الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في نوفمبر المقبل. في حين تتواجد تركيا عسكرياً بشكل فعال, وتتخوف إيران من استمرار المناوشات على حدودها الشمالية بما يهدد أمنها القومي. وأثارت الاشتباكات المخاوف على أمن خطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز من أذربيجان وبحر قزوين إلى أوروبا، لا سيما أن هذه المعارك هي الأسوأ منذ الحرب التي دارت بين عامي 1991 و1994 بين البلدين، وخلفت أكثر من 30 ألف قتيل من الجانبين.
الفوضى مفيدة
يثير الدعم القوي من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لأذربيجان في الصراع على ناغورنو قره باغ، قلق كل الدول الكبرى وحلف الناتو، الذين يطالبون بوقف إطلاق النار. لكن بالنسبة لأردوغان، فإن الموقف الحازم يمثل أولوية استراتيجية وضرورة مكلفة تعزز استراتيجيته في استعراض القوة العسكرية في الخارج للاحتفاظ بالدعم في الداخل. فقد وصف أردوغان دعم أنقرة لأذربيجان بأنه جزء من سعي تركيا للحصول على “مكانتها التي تستحقها في النظام العالمي”، ويرى أن هناك فرصة لتغيير الوضع الراهن بشأن الإقليم المتنازع عليه من عقود، والتي تسيطر عليه الأقلية الأرمنية.
ويرى غالب دالاي، الزميل الباحث في أكاديمية روبرت بوش في ألمانيا، أن منطق تركيا هو إثارة الاضطراب في جميع أركان خريطة العالم تقريبا، وقال: “أي شيء يقوض الوضع الراهن في العالم هو أمر جيد بالنسبة لها، لأن الوضع الراهن السابق كان يُنظر إليه على أنه يتعارض مع مصالحها”. وأضاف “في ناغورنو قره باغ، كان هناك صراع مجمّد وظل الإقليم في أيدي أرمينيا. وتركيا تريد تقويض هذه اللعبة حتى لو لم تتمكن من إنهائها بالكامل في ضوء النفوذ التقليدي لروسيا في المنطقة”.
وقد اعتبر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أن تجدد المعارك في إقليم ناغورنو قره باغ سببه الدعم التركي لأذربيجان. بينما يعتقد محللون سياسيون آخرون أن موقف تركيا من هذا الصراع هو إرسال تهديد ضمني لأرمينيا ورسالة تحذير إلى روسيا، التي لديها اتفاقية دفاع مع أرمينيا، ويعكس ثقتها في حرب الطائرات بدون طيار التي جربتها في سوريا وليبيا والعراق. بالإضافة إلى اعتماد أنقرة على واردات الغاز من أذربيجان، والتي قفزت بنسبة 23٪ في النصف الأول من عام 2020، الذي يعد حافزًا قويا لاتخاذ موقف حازم من هذه القضية.
وتقود الطائرات المسيرة تركية الصنع الآن الهجمات الأذربيجانية، وقال مسؤول كبير في أنقرة إن الأتراك يقدمون البنية التحتية والدعم الكامل بالسلاح لأذربيجان. وأكدوا المحللون أن أردوغان يراهن على قدرته على التوصل لاتفاق مع موسكو لمنع صراع أوسع في المنطقة، على الرغم من خلافاته مع موسكو بشأن قره باغ، وقادت روسيا والولايات المتحدة وفرنسا دعوات لوقف إطلاق النار في الإقليم، لكن أردوغان قال إنهم أهملوا الأزمة على مدى العقود الثلاثة الماضية ولا ينبغي أن يقودوا عملية صنع السلام، وتقول تركيا إن السلام الدائم سيعتمد على المقترحات المقدمة لما سيحدث بعد انتهاء الأعمال القتالية.
وكان موقف أردوغان قد أدى إلى تفاقم الحرب الكلامية مع فرنسا، التي تضم العديد من سكانها من أصل أرميني، لكنها مقبولة من قبل أحزاب المعارضة الرئيسية في تركيا. وأكد المراقبون أن النجاحات العسكرية واستعراض القوة العسكرية في أجزاء أخرى من العالم ساعدت حزب العدالة والتنمية الحاكم، المتحالف مع القوميين، على الاحتفاظ بالتفوق في استطلاعات الرأي على الرغم من انخفاض قيمة العملة الذي أدى إلى تفاقم التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا. بحسب رويترز.
فقد ارتفعت نسبة تأييد أردوغان داخليا بنحو 5% الشهر الماضي، بعد تحركاته في شرق المتوسط، وفقًا لمجموعة أبحاث MetroPoll”. من جانبه، قال سنان أولجن، رئيس مركز أبحاث EDAM ومقره إسطنبول: “كل هذه الصراعات هناك تعزز التصور بأن تركيا بلد تحت الحصار”، لكنه أضاف “الاقتصاد هو الذي يحسم المنافسة السياسية في نهاية المطاف”. وقال الرئيس التركي رجب طيب أرودغان إن بلاده تساند ”المقهورين“ في كل مكان. وتابع ”نكافح ليلا ونهارا حتى تتبوأ بلادنا المكان الذي تستحقه في النظام العالمي. ونقف بجوار المقهورين في كل مكان من سوريا إلى ليبيا ومن شرق المتوسط إلى القوقاز“.
ورفضت تركيا في وقت سابق المطالب بوقف إطلاق النار في جنوب القوقاز. وعلى الرغم من دعوة روسيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى وقف العمليات القتالية دعمت تركيا بقوة أذربيجان وكررت ضرورة انسحاب من وصفتهم ”المحتلين“ الأرمن. وقالت أرمينيا إنها ستعمل مع الدول الكبرى الثلاث من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار. لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إنه يجب ألا يكون لهم دور في صنع السلام وأضاف إن أنقرة تدعم ”المقهورين“ في جنوب القوقاز.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لصحيفة لا ستامبا الإيطالية إن بإمكان روسيا القيام بدور الوسيط في وقف إطلاق النار ”فقط إذا كانت محايدة“. ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية عنه قوله إن ”المطالب السطحية بوقف فوري للعمليات القتالية ووقف إطلاق النار بشكل دائم لن تكون مجدية هذه المرة“.
حرب إرهابية
اعتبر رئيس الوزراء الارميني أن تجدد المعارك في اقليم ناغورني قره باغ سببه الدعم التركي لأذربيجان، منددا بما اعتبره “حربا إرهابية على شعب يناضل من أجل حريته”. وقال نيكول باشينيان (45 عاما) “لولا التحرك الكثيف لتركيا لما بدأت هذه الحرب. إذا كان صحيحا أن سلطات اذربيجان تبنت في شكل كثيف في الاعوام ال15 الأخيرة خطابا حربيا، فإن قرار بدء الحرب سببه الدعم التام لتركيا”.
واضاف “ليس الامر مجرد تصعيد جديد في ناغورني قره باغ”، المنطقة الجبلية المتنازع عليها منذ عقود بين أرمينيا واذربيجان، البلد المسلم المتحالف مع انقرة. وتابع “إنها عملية يطبعها تحرك كثيف لمجموعات إرهابية تتحدر من الشرق الاوسط في منطقة النزاع”، ما يعني أن الحرب باتت في رأيه “عملية لمكافحة الارهاب” تقوم بها القوات الارمينية. وتتهم أنقرة بأنها نشرت مقاتلين أتوا من سوريا دعما للجيش الاذربيجاني. حتى أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وصف هؤلاء بأنهم “جهاديون” مؤكدا أن تركيا تجاوزت “الخط الاحمر”.
بدورها، تتهم يريفان القوات التركية بخوض قتال مباشر في ناغورني قره باغ وخصوصا عبر مقاتلات اف-16 التي “تشارك بكثافة” في المعارك، وفق باشينيان. لكن تركيا نفت كل هذه الاتهامات بشدة. في ضوء ذلك، رأى باشينيان أن الحرب في قره باغ ليست سوى “استمرار للسياسة التركية بإبادة الارمن”، مؤكدا أن “تركيا عادت الى جنوب القوقاز لمواصلة الإبادة الارمنية”، في اشارة الى اتهام الارمن لانقرة بقتل نحو مليون ونصف مليون أرمني في عهد السلطنة العثمانية إبان الحرب العالمية الاولى. غير أن تركيا ترفض كلمة ابادة وتتحدث عن وقوع مجازر متبادلة.
وفي رأي باشينيان أن بلاده هي “الحاجز الأخير” امام التمدد التركي، وقال “إذا كانت اوروبا غير قادرة على تسمية هذا الوضع باسمه، فليس أمامها سوى انتظار تركيا قرب فيينا”، في اشارة الى سيطرة السلطنة العثمانية على العاصمة النمسوية في القرن السابع عشر. وابدى باشينيان ثقته بأن روسيا ستمد يد المساعدة لارمينيا إذا تعرضت لهجوم مباشر داخل اراضيها، وذلك التزاما بالتحالف العسكري القائم بين البلدين بموجب معاهدة.
وقال “في حال تعرض أمن ارمينيا للخطر، فان التزام روسيا سيندرج في إطار المعاهدة. انا واثق بأن روسيا ستفي بالتزاماتها اذا تطلب الوضع ذلك”. اما بالنسبة الى المجتمع الدولي، ولا سيما القادة الاوروبيين الذين كثف باشينيان مشاوراته الهاتفية معهم في الايام الاخيرة، فإن “الرد الافضل على هذه العملية الارهابية يتمثل في الاعتراف باستقلال ناغورني قره باغ”، الامر الذي لم يبادر اليه حتى الآن أي عضو في الامم المتحدة، ولا حتى أرمينيا.
من جانب اخر أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده لن تتساهل مع تواجد “إرهابيين” على حدودها في إطار النزاع بين جارتيها أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورني قره باغ، محذّرا من تحوله الى “حرب إقليمية”. وتأتي تصريحات روحاني بعد اتهامات من دول عدة لتركيا، الداعمة لأذربيجان، بنقل عناصر من مجموعات موالية لها في شمال سوريا للقتال الى جانب قوات باكو في الإقليم الانفصالي ذي الغالبية الأرمنية.
وقال الرئيس في كلمة متلفزة خلال اجتماع للحكومة الإيرانية “من غير المقبول بالنسبة لنا أن يرغب البعض بنقل إرهابيين من سوريا وأماكن أخرى الى مناطق قريبة من حدودنا تحت ذرائع مختلفة. كنا واضحين في إبلاغ جارتينا أذربيجان وأرمينيا بذلك”. وتابع “لا يجب أن تتحول هذه الحرب الى حرب إقليمية. الذين يقومون، من جهة أو أخرى، بصبّ الزيت على النار، لا يخدمون أحدا. يجب على الجميع القبول بالحقائق، القبول بحقوق الأمم، واحترام وحدة أراضي الدول”. بحسب فرانس برس.
وتعد إيران وتركيا من أكبر القوى المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط وصولا الى جنوب القوقاز وبحر قزوين. وشهدت علاقات القطبين الإقليميين تقاربا في الأعوام الماضية في الشقين السياسي والاقتصادي، على رغم استمرار تباين الآراء بينهما حيال ملفات عدة منها النزاع في سوريا، حيث تعد طهران من أبرز الداعمين للرئيس بشار الأسد، في حين تقف أنقرة الى جانب مجموعات معارضة.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تشهد علاقته بنظيره التركي رجب طيب أردوغان توترا، أن جهاديين سوريين نقلوا عبر تركيا للانضمام إلى القتال في قره باغ، واصفا الأمر بأنه تطور “خطير جدا” ومعتبرا ذلك خطاً أحمر. وكانت روسيا قد أبلغت عن معلومات مماثلة دون توجيه اتهامات مباشرة إلى أنقرة التي تربطها بها علاقة معقدة لكنها تقوم على موقف براغماتي.
تكنولوجيا كندية
قال رئيس وزراء كندا جاستن ترودو إن بلاده تتحرى مزاعم عن استخدام قوات أذربيجان، التي تخوض قتالا ضد القوات الأرمينية، تكنولوجيا كندية للطائرات المسيرة جرى تصديرها في بادئ الأمر إلى تركيا. وكانت جماعة بروجكت فلاوشيرز الكندية لمراقبة الأسلحة قالت إن مقطعا مصورا لضربات جوية نشره سلاح الجو في أذربيجان يشير إلى أن الطائرات المسيرة مجهزة بنظم تصوير واستهداف من إنتاج ”إل.ثري هاريس ويسكام“، وهي الوحدة الكندية التابعة لشركة إل.ثري هاريس تكنولوجيز.
وذكرت صحيفة جلوب أند ميل أن الشركة حصلت على ترخيص في وقت سابق من العام بتصدير سبعة أنظمة تصوير واستهداف إلى شركة بايكار التركية لصناعة الطائرات المسيرة. وقال ترودو للصحفيين ردا على سؤال في هذا الصدد ”فيما يتعلق بالعتاد العسكري الكندي الذي ربما اُستخدم…فتح وزير الشؤون الخارجية تحقيقا للوقوف على ما حدث بالفعل“.
وأضاف قائلا ”من المهم للغاية الاحترام الدائم لشروط كندا بشأن توقعاتها فيما يخص عدم انتهاك حقوق الإنسان“ مشيرا إلى أنه يشعر بقلق كبير إزاء القتال. ويمنع قانون تراخيص التصدير والاستيراد الكندي بيع أسلحة يمكن استخدامها في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقوانين الإنسانية الدولية أو قوانين حقوق الإنسان.
كما أعلن وزير الخارجية الكندي فرنسوا-فيليب شامباني أنّ بلاده قرّرت تعليق كلّ صادرات الأسلحة إلى تركيا بانتظار انتهاء تحقيق يرمي لتبيان ما إذا كانت أنقرة أرسلت بعضاً من عتادها العسكري الكندي الصنع إلى حليفتها باكو لدعم القوات الأذربيجانية في معاركها ضدّ الانفصاليين في إقليم ناغورني قره باغ. وقال شامباني في بيان إنّه “تطبيقاً للنظام الكندي للرقابة الصارمة على الصادرات، وبالنظر إلى استمرار المعارك، أصدرتُ قراراً بتعليق تراخيص التصدير ذات الصلة إلى تركيا ريثما يصار إلى تقييم الوضع بشكل أفضل”. بحسب فرانس برس.
وكانت أوتاوا علّقت قبل عام صادراتها إلى تركيا، وبخاصة منها الأعتدة العسكرية، وذلك إثر توغّل قوات تركية في شمال سوريا لمحاربة فصائل كردية. لكنّ كندا استأنفت تلك الصادرات في أيار/مايو. وقال شامباني “ندعو إلى اتّخاذ إجراءات فورية لإرساء الاستقرار على الأرض، ونؤكّد مجدّداً أنّ لا بديل عن حلّ سلمي وتفاوضي لهذا النزاع”.
رواتب مغرية
الى جانب ذلك ينتظر أبو أحمد، المنضوي في صفوف فصيل سوري موال لأنقرة، شارة الانطلاق إلى أذربيجان للقتال مع قواتها، مقابل راتب يعادل ثمانين ضعف ما يجنيه في شمال غرب سوريا، آملاً أن يتمكن من تأمين قوت أسرته التي شرّدتها الحرب. ويقول الشاب (26 عاماً)، مستخدماً اسماً مستعاراً عبر تطبيق واتساب خشية من كشف هويته، “سجلت اسمي قبل أكثر من أسبوع للذهاب إلى أذربيجان… مقابل راتب قيمته ألفي دولار شهرياً لمدة ثلاثة أشهر”.
وسجّل أبو أحمد، المقاتل منذ خمس سنوات، اسمه على قائمة يعدّها قيادي في فصيل سوري موال لأنقرة، على غرار العديد من المقاتلين، بعد الاعلان عن الحاجة الى مقاتلين بهدف التوجه الى أذربيجان عبر تركيا. وتمكّنت وكالة فرانس برس من التواصل عبر تطبيق واتساب مع أحد المقاتلين من مدينة الأتارب (شمال) الموجودين على جبهات القتال. وقال في تعليق مقتضب “نعم أنا موجود في أذربيجان”، معتذراً عن ذكر تفاصيل أخرى.
وعلمت الوكالة ايضا من مصدر محلي في المدينة أن هذا المقاتل كان في عداد مجموعة من أبناء البلدة ممن توجهوا إلى أذربيجان في وقت سابق. وتم الاعلان قبل عن مقتل القيادي فيها ويدعى محمّد الشعلان خلال المواجهات في ناغورني قرة باغ. وفي أحد مخيمات النازحين في شمال سوريا، حيث يقيم مع زوجته منذ أشهر عدة، يقول أبو أحمد “أنتظر دوري للتوجه إلى أذربيجان كي أوفر المال وأعود لفتح مصلحة ما هنا”. ويضيف “بعد التهجير، خسرنا قرانا وبيوتنا ولم يبق لدينا ما نأكله”.
وطيلة سنوات، قاتل أبو أحمد في إدلب ومحيطها، التي تعدّ من آخر معاقل الفصائل المعارضة لقوات النظام السوري. وانتقل من جبهة إلى أخرى. إلا أن الأعمال القتالية توقفت منذ آذار/مارس، مع سريان وقف لاطلاق النار أعلنته أنقرة الداعمة للفصائل وموسكو حليفة دمشق، بعد هجوم واسع لقوات النظام تسبّب بنزوح نحو مليون سوري. مع توقّف المعارك وتراجع الدعم التركي للفصائل وسط ظروف معيشية صعبة، تضاءل دخل أبو أحمد تدريجياً حتى بلغ آخر راتب تقاضاه 25 دولاراً، فحسم قراره بالتوجه إلى أذربيجان رغم أنه لا يعلم شيئاً عن طبيعة القتال فيها، طمعاً بـ”الاغراءات المالية”.
ويوضح “أن أقاتل وأستعيد السيطرة على قريتي أفضل بكثير من أذربيجان، لكن ربما يتطلب الأمر أن يبقى الوضع هادئاً سنتين أو ثلاثة نتيجة الاتفاق الروسي التركي”. يدرك أبو أحمد أن خياره محفوف بالمخاطر خصوصاً مع ورود أنباء عن مصرع مقاتلين، لكنه يقول “ليس بيدنا حيلة” إذ “أصبحنا مستعدين أن نضحي بأنفسنا لنؤمن مصروف أولادنا لأن ظروفنا سيئة جداً”.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، يستعد المئات من المقاتلين السوريين للتوجّه إلى أذربيجان، في الأيام المقبلة، عبر شركات أمن تركية خاصة تتولى نقلهم، بعد وصول أكثر من 800 مقاتل من شمال وشمال غرب سوريا. بحسب فرانس برس.
ويقول مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن المقاتلين تلقوا وعوداً برواتب تتراوح بين 1500 وألفي دولار أميركي، وهم ينتمون بغالبيتهم إلى فصائل سورية موالية لأنقرة. ويوضح أنه تمّ إبلاغ الدفعة الأولى منهم أنّ “دورهم سيقتصر على حماية حقول النفط والحدود في أذربيجان” قبل ان تندلع المواجهات. وأرسلت أنقرة خلال الأشهر الماضية آلاف المقاتلين من مناطق نفوذها في سوريا إلى ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق الوطني، ما أثار تنديداً دولياً واسعاً.
رابط المصدر: