عادل رفيق
هذه الوثيقة من إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والتي أرسلها سيدني بلومنتال، المسؤول السابق في مكتب الرئيس بيل كلينتون وأحد المقربين من هيلاري كلينتون، إلى وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون، بتاريخ 14 أغسطس 2012، جاءت بعنوان: “تحركات مرسي”.
وكان مسلحون قد هاجموا نقطة تفتيش تابعة للجيش المصري جنوب معبر رفح الحدودي يوم الأحد الموافق 5 أغسطس 2012 وقتلوا 16 من الجنود وحرس الحدود الموجودين فيها، وجرحوا سبعة بعد تبادل لإطلاق النار. وتعهد حينها الرئيس محمد مرسي بفرض السيطرة الكاملة على سيناء وملاحقة الذين اقترفوا هذا الجرم واعتقالهم. وتوعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة برد سريع للانتقام. وأعلنت الرئاسة الحداد ثلاثة أيام على ضحايا الهجوم.
ونسبت الوثيقة المعلومات التي وردت بها إلى مصادر خاصة قالت إنها على اتصال رفيع المستوى مع المجلس العسكري المصري والإخوان المسلمين بمصر، بالإضافة إلى أجهزة مخابرات غربية، وأجهزة أمنية محلية.
وقد جاءت الوثيقة على النحو التالي:
1- يرى مصدر يتمتع بإمكانية الوصول إلى قيادة جماعة الإخوان المسلمين المصرية وحزب الحرية والعدالة تحدث بشرط ضمان السرية التامة، أن الرئيس محمد مرسي كان يرى أن كمين 5 أغسطس 2012 على نقطة لقوات حرس الحدود المصرية من قبل مسلحين منشقين من بعض القبائل في شبه جزيرة سيناء يُعتبر نقطة تحول لحكومته الجديدة. وبينما سيظل الرئيس ملتزماً بفكرة أن مصر دولة إسلامية، فإنه يرى الآن أنه يجب أن يسيطر على الجماعات المنشقة العُنفية التي تعارض الحكومة في القاهرة، بغض النظر عمن قد يكونوا. وفي الوقت نفسه، سمح الحادث لمرسي بالتعامل مع القيادات العسكرية الطاعنة في السن والمسيسة بشكل كبير في البلاد، واستبدالها بجنرالات أصغر سناً تتمتع بعلاقات عمل جيدة مع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وإسرائيل. وأخيراً، أدى الأداء الضعيف لجهاز المخابرات العامة خلال تلك الفترة أيضاً إلى استبدال قياداتها وإعادة تنظيمها. وأشار هذا المصدر إلى أن مرسي كان ينظر إلى المخابرات العامة على أنها تهديد محتمل لنظامه، ويخشى أن تعمل على تقويض سلطته في البلاد. وبحسب هذا المصدر، فإن المخابرات الحربية كانت في ذلك الوقت هي الجهاز الأمني المهيمن في مصر، لا سيما أن قائدها السابق، اللواء عبد الفتاح السيسي، أصبح الآن هو وزير الدفاع والشخصية المهيمنة في جهاز الأمن الوطني.
2- وأضاف هذا المصدر أن الهجوم في سيناء نفذته مجموعة من المنشقين الراديكاليين الذين كان قد تم تجنيدهم من قبيلة السواركي البدوية الفقيرة. ولا يشعر هؤلاء المهاجمون من البدو بأي ولاء للقاهرة؛ وهم كذلك شديدو العداء لإسرائيل. ويرى مسؤولو الأمن المصريون والإسرائيليون أنهم أهداف سهلة للتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة التي تتطلع إلى مهاجمة إسرائيل أو ببساطة تعقيد العلاقة بين مصر وإسرائيل. ويعتقد هذا المصدر أن السيسي والمخابرات الحربية سيعملان مع الإسرائيليين لمعالجة هذه المشكلة، لكنه يحذر من أن قبيلة السواركي كانوا قطاع طرق منذ ألف عام وأنه لن يتم هزيمتهم أو ردعهم بسهولة. وكان مرسي يشعر بالقلق حينها من أن هذا الوضع في سيناء سيتدهور مع استمرار المشاكل الاقتصادية في البلاد، وقد يخلق مشاكل له في القاهرة وفي العلاقة مع إسرائيل.
3- ووفقاً لمصدر مطلع، على اتصال بالمخابرات الحربية، فإن هجوم 5 أغسطس بدأ عندما اقترب مسلحون من نقطة تفتيش مصرية بالقرب من مدينة الشيخ زويد. وجاء الهجوم عند غروب الشمس عندما كان رجال قوات حرس الحدود المصرية يستعدون لتناول وجبة الإفطار بعد صيام هذا اليوم من شهر رمضان المبارك. ولم يجد رجال حرس الحدود أي فرصة للدفاع عن أنفسهم؛ وبعد مقتل 16 رجلاً من الجنود، استولى المهاجمون على اثنتين من مركباتهم وحاولوا عبور الحدود الإسرائيلية. وأبلغ ضباط عسكريون إسرائيليون المصريين بأن إحدى المركبات انفجرت وأن الثانية تم استهدافها بغارة جوية. وأثناء تقديمه إحاطة لمرسي، أفاد السيسي بأن هذا كان أعنف هجوم على القوات المصرية في سيناء منذ عشرين عاماً على الأقل. وأضاف أنه وجهاز المخابرات الحربية يعتقدون أن هذا الهجوم يُعتبر خطوة أولى في فترة تصاعد نشاط المنشقين الراديكاليين.
4- واستهدفت الجماعات الإسلامية الراديكالية مراكز للشرطة المصرية ومواقع للجيش عدة مرات في العام الماضي (2011)؛ وبحسب مسؤول كبير في المخابرات الحربية، فإن خط أنابيب الغاز الممتد من مصر إلى إسرائيل تعرض للهجوم عدة مرات. ويرى مرسي أن هذا الوضع هو نتيجة الفوضى التي عمّت الحكومة المصرية والأجهزة الأمنية منذ يناير 2011. وكان ينتقد بشكل خاص جهود جهاز المخابرات العامة (المفترضة) في الإبلاغ عن نشاط المنشقين في سيناء خلال هذه الفترة. كما نبهه السيسي بأنه في حين أن هذه الجماعات المنشقة غالباً ما تتكون فقط من قبائل سيناء، إلا إن مجنديها الآن يأتون من جميع أنحاء مصر والمنطقة.
5- كما أن المجموعات التي تنتمي إلى قبيلة السواركي وقبائل أخرى متورطة في عمليات التهريب بين سيناء وغزة، وأنها من خلال ذلك لها علاقات سرية مع قوات الأمن التابعة لحماس في غزة. ومع ذلك، فقد أشار السيسي إلى أنه لا يبدو أن حماس لعبت دوراً في حادثة 5 أغسطس. وردا على هذا الحادث، أمر السيسي قوات النخبة من القوات الخاصة بالدخول إلى المنطقة، كما تم استخدام القوات الجوية المصرية لاستهداف مخابئ المتشددين. وبحسب هذا المصدر، فإن السيسي والجيش المصري ووحدات المخابرات ينسقون عملياتهم في هذه المنطقة مع نظرائهم الإسرائيليين للحصول على معلومات استخبارية ولتجنب الاتصال (الاحتكاك) العفوي مع القوات الخاصة الإسرائيلية العاملة في نفس المنطقة.
6- ووفقاً للمصدر، فإن أحد معاوني الرئيس أضاف أن استخدام وحدات القوات الخاصة المصرية (في سيناء) يخرجها أيضاً من منطقة القاهرة؛ حيث تم تحذير مرسي من قِبل السيسي من أن بعض هذه الوحدات العسكرية المحترفة غير سعيدة بالانتقال إلى الحكم المدني.
7- يقول مصدر مطلع على اتصال بالسيسي إن ما يصل إلى عشرين من أفراد هذه الميليشيات قُتلوا في المواجهات التي جرت في وقت لاحق. وبعد مراجعة هجوم 5 أغسطس، يخطط السيسي ومرسي لطرح فكرة تعديل معاهدة السلام لعام 1973 مع إسرائيل، والسماح للجيش المصري بتمركز قوات وطائرات هليكوبتر في سيناء بشكل دائم. حيث إنه بموجب الاتفاقية الحالية، فإن على القوات أن تعود إلى الضفة الغربية لقناة السويس بمجرد الانتهاء من تنفيذ عمليات محددة. وأن القوات المصرية المتمركزة في سيناء هم فقط قوات حرس حدود (شُرَطية) مدجّجة بأسلحة خفيفة وأن تدريبهم سيئ، وكان زملاؤهم هم ضحايا هجوم الخامس من أغسطس 2012. ويضيف مستشارو مرسي أنه في الوقت الحالي من غير المرجح أن توافق إسرائيل على تعديل المعاهدة.
تنويه: هذا النص العربي هو ترجمة دقيقة للأصل المنشور باللغة الإنجليزية في رسائل هيلاري كلينتون التي تم كشف السرية عنها على أن يتم التعامل مع كامل النصوص، وفق معايير الضبط العلمي والمنهجي عند الدراسة والتحليل.
رابط المصدر: