هذه الوثيقة من إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والتي أرسلها سيدني بلومنتال، المسؤول السابق في مكتب الرئيس بيل كلينتون وأحد المقربين من هيلاري كلينتون لفترة طويلة، إلى هيلاري رودهام كلينتون، وزيرة الخارجية، والتي أرسلتها بدورها إلى مونيكا هانلي، أحد معاونيها المقربين، بتاريخ 12 إبريل 2012، تحت عنوان: ” الدستور المصري والانتخاب”، تتناول تداعيات حل الجمعية التأسيسية الأولى بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان تشكيلها في العاشر من إبريل 2012.
وكانت الجمعية التأسيسية الأولى لصياغة الدستور في مصر قد تشكلت بموجب الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 بعد إقرار التعديلات الدستورية التي تم استفتاء الشعب عليها في 19 مارس 2011. حيث نصَّ الإعلان الدستوري علي أن يقوم أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين بانتخاب أعضاء جمعية تأسيسية من 100 عضو لكتابة دستور جديد في غضون ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ويعرض مشروع الدستور خلال 15 يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه في شأنه ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء. ولكن بعد توالي الدعاوى أمام المحكمة الإدارية المطالبة بوقف قرار تشكيل الجمعية المكونة من 100 عضو، بواسطة مجلس الشعب، بدعوى “التمثيل غير المناسب لكل قوى المجتمع”، أصدرت المحكمة الإدارية العليا، في 10 إبريل 2011، حكماً ببطلان تشكيل الجمعية برمتها.
وقد استقت الوثيقة المعلومات التي وردت بها من مصادر خاصة قالت إنها على اتصال رفيع المستوى مع المجلس العسكري المصري والإخوان المسلمين بمصر، بالإضافة إلى أجهزة مخابرات غربية، وأجهزة أمنية محلية.
وقد جاءت الوثيقة على النحو التالي:
1- عقدت قيادة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة التابع لها، بعد ظهر يوم 10 أبريل 2012، اجتماعات سرية طارئة مع نظرائهم في المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمناقشة موضوع الإجراء الذي اتخذته المحكمة الإدارية العليا بالقاهرة لوقف عمل الجمعية التأسيسية المكونة من 100 عضو، والتي خوَّلها البرلمان المنتخب حديثاً الاضطلاع بمهمة صياغة دستور جديد للبلاد. حيث يتوسم كل من جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري في هذا الدستور الجديد أن يكون عنصراً حيوياً في الانتقال إلى حكومة مدنية يُخطَّط أن تكون في وقت لاحق من عام 2012. وكلا الفريقين حريصان بشكل خاص على أن تكون سلطات الرئيس والبرلمان محددة ومتمايزة بوضوح. ووفقاً لمصدر حساس للغاية تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته تماماً، فقد صرح المرشد العام للإخوان محمد بديع ومرشح الإخوان للرئاسة، رجل المال المقيم بالقاهرة خيرت الشاطر، في محادثات خاصة أنهما يشعران بالقلق الشديد من أن تؤدي هذه الخطوة إلى تعقيد الانتقال إلى الحكم المدني. ورد ضباط المجلس العسكري بأنهم يدرسون الوضع بعناية لمنع حدوث أي ارتباك في الانتخابات الرئاسية والانتقال إلى الحكم المدني. ويتمثل قلقهم هنا في أن التعقيدات في عملية الانتخابات / الانتقال يمكن أن تؤدي إلى تجدد العنف في جميع أنحاء البلاد.
2- وقد وافق مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين بعد مناقشات أولية على السماح لقياداتهم البرلمانية بالسعي لطلب تضمين هذا القرار أثناء القيام بإعداد مجموعة من الخطوط العريضة المؤقتة (لسُلطات) الرئيس الجديد والبرلمان لاستخدامها في إدارة البلاد في حال تأخر الجمعية التأسيسية أكثر من ذلك. وأنهم سوف يقومون بتنسيق هذا الجهد مع المجلس العسكري. وقد كان بديع محبطاً بشكل خاص من الأحزاب الليبرالية / العلمانية، التي أدت الدعاوى القضائية التي رفعتها إلى هذا التأخير.
3- وبحسب هذا المصدر، فقد كانت هذه الأحزاب الأصغر حجماً تشعر أن الجمعية التأسيسية، كما اختارها البرلمان، يهيمن عليها الإخوان المسلمون / حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي ولا تعكس التنوع الكامل للمجتمع السياسي المصري. وزعمت الدعاوى المرفوعة من قبل هذه الأحزاب ضد الجمعية أن تمثيل النساء والشباب والأقليات العرقية والدينية في الجمعية كان دون المستوى. ووفقاً لمصادر حساسة، فإن العديد من هذه الجماعات العلمانية / الليبرالية تشعر بالقلق من أن الدستور الجديد، في ظل هذه الظروف، سوف يتبع مبادئ الشريعة الإسلامية بشكل أكثر صرامة، بينما يقوم بتحديد حقوق الأقليات الدينية والعرقية في مصر، والتوازن بين (سُلطات) الرئيس والبرلمان الوطني.
4- ويُعلق المصدر على ذلك قائلاً إن بديع والبرلمان الداعم للإخوان، وبعد مشاورات مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كانوا يعتزمون إجراء استفتاء وطني على الدستور الجديد في أواخر أبريل أو أوائل مايو، قبل عقد الجولة الأولى من التصويت في الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في أواخر مايو 2012 . ووفقاً لمصدر حساس للغاية، فإن إجراءات المحكمة الإدارية قد تؤخر هذه العملية وتُعقّد جدول الانتخابات بالكامل. ولم تشرح المحكمة الإدارية العليا قرارها، واكتفت بالقول إنها أوقفت تنفيذ قرار رئيس البرلمان بتشكيل الجمعية التأسيسية. وتمت إحالة المسألة الآن إلى خبير قانوني (أستاذ قانون) سيقدم المشورة للمحكمة بشأن أفضل السبل للتصرف حيال هذا الأمر. ولا يزال قادة جماعة الإخوان المسلمين واثقين من أن الجمعية ستمضي قدماً كما خططوا، إلى حد كبير، على الرغم من أن جدول الأحداث قد يكون معقداً؛ وهو الوضع الذي يخشون أن يؤدي إلى جولة جديدة من المظاهرات من قبل الأحزاب العلمانية / الليبرالية، وكذلك الأقباط. ويشعر بديع بالقلق من أن يؤدي هذا الوضع إلى اندلاع أعمال عنف، مما قد يصيب جميع الأطراف بالإحباط. وهو لا يريد أي إشكالات في الوضع الأمني قد تشجع المجلس العسكري على التدخل وتأخير الانتقال إلى الحكم المدني. ومع ذلك، لا يزال بديع والشاطر وقادة آخرون من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة يعتقدون أن بإمكانهم تجنب هذه المضاعفات من خلال الحفاظ على الاتصال بشكل منتظم مع المجلس العسكري.
5- وبالإضافة إلى ذلك، يشير هذا المصدر إلى أن الأحزاب العلمانية والليبرالية قد انسحبت بالفعل من الجمعية وتقوم بصياغة دستور بديل، مع التأكيد على المادة 60 من الإعلان الدستوري (30 مارس 2011) الذي تمت صياغته بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011 وتعزيزها. ويضمن هذا القسم من الإعلان الدستوري (المعمول به آنذاك) حقوق جميع الأقليات العرقية والسياسية والدينية. ومن جانبه، يشعر بديع بالإحباط بشكل خاص من أن تحالف جماعة الإخوان المسلمين / حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي في البرلمان كان قد اتخذ خطوات لضمان أن 48 مقعداً فقط من أصل 100 مقعد في المجلس سيشغلها الإسلاميون. ومع ذلك، لم يكن هذا مقبولاً من قبل الأحزاب والجماعات العلمانية / الليبرالية، التي تعتقد أنه على الرغم من أن الإسلاميين لم يكن لديهم أغلبية مطلقة في المجلس، فإن التعددية الكبيرة التي يمتازون بها تجعل من السهل عليهم كسب حلفاء من بين الأحزاب الصغيرة الممثلة في المجلس، وكسب الأصوات الثلاثة التي سيحتاجون إليها لتشكيل الدستور الجديد حسبما يريدون.
تنويه: هذا النص العربي هو ترجمة دقيقة للأصل المنشور باللغة الإنجليزية في رسائل هيلاري كلينتون التي تم كشف السرية عنها على أن يتم التعامل مع كامل النصوص، وفق معايير الضبط العلمي والمنهجي عند الدراسة والتحليل.