نفي الرئيس التنفيذي لشركة الأدوية العملاقة، فايزر، اتهامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تعمد تأخير إعلان التوصل للقاح لفيروس كورونا لحرمانه من زيادة عدد المصوتين لصالحه فى الانتخابات.
وفي حديثه لشبكة CNN، قال ألبرت بورلا إنه لم يعلم بالنتائج قبل يوم الأحد، وأظهرت التجارب في كل من الولايات المتحدة وألمانيا والبرازيل والأرجنتين وجنوب إفريقيا وتركيا أن الذين حصلوا على اللقاح اكتسبوا مناعة من فيروس كورونا بنسبة 90 في المئة بعد سبعة أيام من حصولهم على الجرعة الثانية.
وتأتي تصريحات بورلا ردا على تغريدة لترامب قال فيها إن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والحزب الديمقراطي أخروا إعلان النتيجة، لكن في الواقع، لم يكن لأي منهما أي سيطرة على التوقيت، ولكن ذلك لم يمنع ترامب ونجله دون جونيور وآخرين من الزعم إن ثمة مؤامرة لضرب دونالد ترامب من خلال صندوق الاقتراع.
وبحسب بورلا، فإن نتائج التجربة التى أجرتها لجنة مستقلة تم الكشف عنها صباح الأحد. كما تم تقديم ادعاءات أخرى بأن شركة فايزر و بايونتيك كانتا على علم بنتائج مشجعة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بدون دليل.
وتقول شركة فايزر إنه سُمح لها “بإلقاء نظرة مؤقتة” على بيانات التجربة الشهر الماضي، لكنها لم تتمكن من استخلاص استنتاجات ذات مغزى منها، وتضيف أنها و شركة بايونتيك ستحصلان على بيانات أمان كافية بحلول نهاية الشهر الجاري، قبل أن تتم إحالة اللقاح إلى الجهات الرقابية.
أكبر تقدم طبي منذ 100 عام
وقد وصف الرئيس التنفيذي لشركة “فايزر”، ألبيرت بورلا، أن “لقاح كوفيد-19 سيكون “أكبر تقدم طبي منذ 100 عام”. وقال بورلا في مقابلة مع كبير المراسلين الطبيين في CNN، الدكتور سانجاي جوبتا: “العاطفة شديدة للغاية”.
وأضاف: يمكنك أن تتخيل كيف شعرت عندما سمعت النتائج أمس الساعة الثانية بعد الظهر. أعتقد أنه من المحتمل، بناءً على تأثيره، أن يكون هذا أكبر تقدم طبي منذ 100 عام.. إنه أمر غير عادي، لكنه يأتي في وقت يحتاجه العالم أكثر من غيره”.
وأضاف بورلا أن شركة الأدوية ليست لديها مخاوف تتعلق بالسلامة حتى الآن، موضحاً: “ما نعرفه الآن هو بمستوى عالٍ جداً من الثقة، فهذه لقاحات فعالة للغاية”، موضحاً: “ليس لدينا أي مخاوف تتعلق بالسلامة، لكننا بحاجة إلى الانتظار حتى تصبح النتائج موجودة”، ولافتاً إلى أن “اللقاح سيكون متاحاً مجاناً لجميع المواطنين الأمريكيين”.
وأشار الرئيس التنفيذي إلى أن “فايزر” تخطط لتوفير أكثر من مليار جرعة على مستوى العالم خلال العام المقبل.
وقال متحدث باسم “داونينج ستريت”، يوم الإثنين، إنه سيتم تصنيع حوالي 10 ملايين جرعة من اللقاح، وإتاحتها للمملكة المتحدة بحلول نهاية العام 2020، إذا تمت الموافقة عليها من قبل المنظمين، وأوضح بورلا أنه من غير الواضح، إلى متى يمكن أن تستمر فاعلية اللقاح، موضحاً: “لا نعرف إلى متى تستمر الحماية التي يقدمها اللقاح”.
فعّال بنسبة 90%
هذا وقد أعلنت شركتا “فايزر” (الولايات المتحدة) و”بايونتيك” (ألمانيا) أن اللقاح ضد كوفيد-19 الذي تعملان على تطويره “فعّال بنسبة 90%”، بعد التحليل الأولي لنتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية الجارية حالياً، وهي الأخيرة قبل تقديم طلب ترخيصه. بحسب فرانس برس.
وأتى الإعلان في وقت تسجل فيه الإصابات بفيروس كورونا المستجد ارتفاعا كبيرا في العالم مع أرغم ملايين الأشخاص في العالم إلى العودة إلى تدابير الإغلاق وزاد من الأضرار اللاحقة بالاقتصاد.
وأدى الإعلان إلى ارتفاع كبير في البورصات الأوروبية وفي أسعار النفط. كما سجل سهم فايزر ارتفاعا بنسبة 15% قبل الفتح في بورصة وول ستريت.
وقال جو بايدن الفائز بالانتخابات الرئاسية الأميركية إن هذا الاعلان يعطي “أملا إلا ان المعركة طويلة أمامنا”.
أما الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي لعبت إدارته للوباء دورا في خسارته الانتخابات الأسبوع الماضي، فاعتبر الإعلان “نبأ سارا”.
وأظهرت النتائج الأولية، توفير حماية للمرضى بعد سبعة أيام من تلقي الجرعة الثانية و28 يوماً من تلقي الجرعة الأولى.
وتوقعت الشركتان توفير ما يصل إلى 50 مليون جرعة من اللقاح في العالم في العام 2020 وحتى 1,3 مليار جرعة العام 2021.
وقال رئيس شركة فايزر ومديرها العام ألبيرت بورلا في بيان “بعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء (تفشي) أسوأ وباء منذ أكثر من قرن، نعتبر أن هذه المرحلة تمثل خطوة مهمة إلى الأمام بالنسبة للعالم في معركتنا ضد كوفيد-19”.
وأضاف “المجموعة الأولى من نتائج المرحلة الثالثة من تجربتنا للقاح ضد كوفيد-19، أعطت الدليل الأولي على قدرة لقاحنا على الوقاية من كوفيد-19”.
وتسجل الإصابات في غالبية دول العالم مستويات قياسية مع ارتفاع حصيلة الوفيات ووصول أقسام العناية المركزة في المستشفيات إلى قدرتها الاستيعابية القصوى.
وتجري شركة “موديرنا” الأميركية ومختبرات صينية عامة وجامعة اكسفورد وشركة “استرازينيكا تجارب على لقاحات باتت في مراحلها النهائية أيضا.
وسجل لقاحان روسيان مضادان لكوفيد-19 للاستخدام حتى قبل استكمال التجارب السريرية لكنهما لم يلقيا قبولا واسعا خارج روسيا.
وبوشرت المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب السريرية على اللقاح الجديد “بي أن تي 16بي2” نهاية تموز/يوليو بمشاركة 43538 شخصا حتى الآن تلقى 90 % منهم الجرعة الثانية في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر.
واكت فايزر انها تجمع بيانات سلامة لمدة شهرين بعد الجرعة الأخيرة وهو شرط من إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية للحصول على الترخيص العاجل الذي تتوقعه في الأسبوع الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال بورلا “نتطلع إلى مشاركة المزيد من البيانات المتعلقة بالفاعلية والسلامة المستمدة من آلاف المشاركين في الأسابيع المقبلة”.
وتنوي الشركتان توفير بيانات عن تجارب المرحلة الثالثة كاملة ليراجعها العلماء. لكن بعضهم رحب من الآن رحبوا بالنتيجة وإن بحذر.
وقال مايكل هيد كبير الباحثين في مجال الصحة العامة في جامعة ساوثمبتون في إنكلترا “إنها نتيجة ممتازة للقاح من الجيل الأول”.
ورأى بيتر هوربي استاذ الأمراض المعدية الناشئة في جامعة أكسفورد ان إعلان فايزر “يشكل نقطة تحول” في الجائحة.
لكن البعض الآخر توقع مشاكل لوجستية كبيرة في إيصال اللقاح إلى الجميع خصوصا أنه ينبغي المحافظة عليه بادرا جدا ويحتاج إلى جرعتين لدعم المناعة.
ويعتمد اللقاح على الناقل “أر ان ايه” أو “ام أر أن ايه” وهي مقاربة جديدة للحماية من الإصابة بالفيروس.
وخلافا للقاحات التقليدية، التي تعمل على تدريب الجسم للتعرف على البروتينات التي تنتج العوامل المرضية، وقتلها فإن “أم أر أن ايه” تخدع النظام المناعي لدى المريض لدفعه إلى انتاج بروتينات الفيروس بنفسه. والبروتينات غير مؤذية لكنها كافية لتوفير استجابة مناعية قوية.
وستقيم الدراسة قدرة اللقاح هذا على الحماية من كوفيد-19 لدى مرضى سبق وأصيبوا بالفيروس فضلا عن الوقاية من الإصابة بشكل قوي جدا من كوفيد-19.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في منتصف تشرين الأول/أكتوبر وجود 42 تجربة سريرية على لقاحات بينما كانت 11 في منتصف حزيران/يونيو.
وباتت عشر منها في المرحلة الثالثة التي تختبر فيها فعالية اللقاح على نطاق واسع بمشاركة عشرات آلاف الأشخاص في قارات عدة.
لقاحات الجيل الأول
وقد قال علماء وأخصائيو الأمراض المعدية، الإثنين، إن نتائج التجارب الأولية للقاح فيروس كورونا لشركة “فايزر” و “بيونتك” فاقت توقعاتهم، بالرغم من أن “العديد من الأسئلة لا تزال دون إجابة”.
وقال الدكتور ويليام جروبر، نائب رئيس قسم البحث والتطوير السريري للقاحات في شركة فايزر، في مقابلة، إن الشركة غيرت خطة دراستها بعد مناقشات مع مشرعين أميركيين وانتهى الأمر في النهاية باستخدام نتائج الدراسة للتجارب على 94 شخصًا. بحسب رويترز.
أستاذ علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في كلية “وايل كورنيل” الطبية في نيويورك، جون مور، أشار إلى أن نتيجة لقاح فايزر تحيي آمالا في القضاء على الوباء، وقال: “يمنحك هذا المزيد من القوة والثقة”.
لكن آخرين حذروا من التسرع بينما العديد من الأسئلة لا تزال قائمة، بما في ذلك ما إذا كان اللقاح يمكن أن يمنع المرض أو المضاعفات الشديدة، ومدة الحماية من العدوى ومدى نجاحه على كبار السن.
وأشاروا إلى أن بيانات السلامة المطلوبة لن تكون متاحة حتى وقت لاحق من هذا الشهر.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال يتعين على شركتي “فايزر” و”بايونتيك” تقديم بياناتهما لمراجعتها من قبل علماء آخرين، وهي خطوة أساسية في تحديد جودة النتائج.
غريغوري بولاند، وهو عالم فيروسات وباحث اللقاحات في مختبر “مايو” في مدينة روتشستر بولاية مينيسوتا قال إن “هذه النتائج مشجعة حقًا لكنها ليست نهائية”.
من جانبها، قالت شركة فايزر إن لجنة من المستشارين في إدارة الغذاء والدواء الأميركية “FDA” ستقوم بمراجعة نتائج الدراسة، وتقرر ما إذا كانت ستوصي بالموافقة على استخدامها.
وحتى الآن، لم يصب أي من الـ 94 شخصًا الذين شملهم التحليل الأولي بأعراض حادة لكوفيد- 19، بينما كانت “FDA” قد طلبت في البداية أن تتضمن البيانات المؤقتة خمس حالات خطيرة على الأقل، ثم تراجع العدد لأقل من ذلك، وفق “فايزر”.
أستاذة المناعة والأمراض المعدية بجامعة إدنبرة في اسكتلندا، إليانور رايلي، قالت إنه إذا كان بإمكان اللقاح أن يقلل المرض الشديد والوفاة، بالتالي قد يسهل عودة الناس إلى حياتهم اليومية العادية. ثم استدركت “لكنه يجب أن يكون فعالًا على كبار السن كذلك”.
ويريد العلماء أيضًا فهم ما إذا كان هذا اللقاح الواعد سيقي تمامًا الأشخاص من الإصابة بالفيروس التاجي الجديد، وهي ميزة كبيرة للحد من انتقال العدوى أو إذا كان يقلل فقط حدة المرض.
لورانس يونغ، أستاذ علم الأورام الجزيئي في جامعة وارويك البريطانية، قال: “نريد أن نكون قادرين على حماية أنفسنا تمامًا من العدوى، لكنني أعتقد أننا سنكتفي الآن بفكرة أن ‘لقاحات الجيل الأول’ هذه، ستمنع عنا المرض.
وتعتزم شركة فايزر السعي للحصول على موافقة واسعة للأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و85 عامًا، بينما تنظر “FDA” ومجموعة استشارية للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها “CDC” فيمن يجب أن يكون أول من يحصل على الجرعات الأولية للقاحات التي تحظى بالموافقات المطلوبة.
فريق الأحلام وراء لقاح فايزر
لقاح فايزر وبيونتك استطاع أن يقدم للعالم دفعة من الأمل، بعدما أظهرت نتائجه فعالية بأكثر من 90 في المئة، ولكن من هو “فريق الأحلام” الذي استطاع تحقيق هذا الأمر؟
وفق تقرير نشرته وكالة رويترز فإن هذا الفريق يضم أوغور شاهين، وزوجته أزليم توريتشي، الذيت سخرا كل حياتهما في البحث عن سبل لتعزيز جهاز المناعة خاصة ضد مرض السرطان.
شاهين، هو الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة بيونتك الألمانية والمتخصصة في التكنولوجيا الحيوية، وزوجته توريتشي، زميلته في العمل وعضو مجلس إدارة الشركة ذاتها.
يعتبر شاهين (55 عاما)، واحدا من بين أغنى 100 ألماني يعود في أصوله إلى تركيا، فوالده مهاجر تركي كان يعمل في مصنع فورد في كولونيا.
وتبلغ القيمة السوقية لشركة بيونتك المدرجة في بورصة ناسداك، والتي شارك الزوجان في تأسيسها، إلى نحو 21 مليار دولار، وكانت لا تتجاوز 5 مليارات دولار قبل عام.
عضو مجلس إدارة شركة رأس المال الاستثماري “ميغ أيه جي”، ماتياس كروماير، والتي دعمت بيونتك منذ إنشائها في عام 2008، قال إن شاهين “على الرغم من إنجازاته، لم يتغير أبدا من كونه متواضعا وأنيقا بشكل لا يصدق”.
وأضاف أن شاهين عادة ما يسير في اجتماعات العمل، وهو يرتدي الجينز، ويحمل معه خوذة الدراجة وحقيبة الظهر.
سعى شاهين ابن المهاجر التركي، بإصرار لتحقيق حلم طفولته في دراسة الطب ليصبح طبيبا، وعمل في المستشفيات التعليمية في كولونيا، ومدينة هامبورغ، حيث التقى بتوريتشي خلال مسيرته الأكاديمية المبكرة، وأصبح البحث الطبي وعلم الأورام شغفا مشتركا لهما.
توريتشي، وهي ابنة طبيب تركي هاجر إلى ألمانيا، كانت قد صرحت في مقابلة إعلامية أنه حتى في يوم زفافهما، خصص كلاهما وقتا للعمل في المختبر.
الزوجان بدأ حياتهما في الطب وريادة الأعمال بشكل أكبر في 2001، وأسسا شركة “غانيمد فارماسيوتيكالز” لتطوير أجسام مضادة لمكافحة السرطان، ولكن شاهين كان حينها أستاذا في جامعة ماينز، ولم يتخل أبدا عن البحث الأكاديمي والتعليم.
بعد فوزهم بتمويل من “ميغ أيه جي” و”توماس أند أندريس سترينجمان”، بيعت “غانيمد فارماسيوتيكالز إلى شركة نوفارتيس في 2005، والتي باعتها فيما بعد إلى أستيلاس اليابانية في 2016 بـ 1.4 مليار دولار.
في 2008، كان شاهين وزوجته وفريق من العلماء منشغلين في تأسس “بيونتك”، لمتابعة الأبحاث لإيجاد علاجات للجهاز المناعي للسرطان.
في يناير الماضي، وبعدما بدأ الحديث عن فيروس كورونا، قام شاهين بتعيين 500 شخص في شركة “بيوتنك”، للعمل والبحث عن علاجات ولقاحات محتملة، ودخلت بعدها في شراكة مع فايزر وشركة فوسن الصينية في مارس.
أستاذ علم الأورام بجامعة ماينز، ماتياس ثيوبالد، والذي عمل مع شاهين لمدة 20 عاما، قال “إن ميله نحو التقليل من شأنه يتناقض مع طموح ونقطة تحول في الطب، وذلك من خلال اختراق كبير في إيجاد لقاح كورونا”، وأضاف “إنه شخص متواضع للغاية. المظاهر تعني القليل بالنسبة له”.
رابط المصدر: