عبد الامير رويح
تفشي فيروس كورونا المستجد الذي تسبب بأسوأ حالة ركود عالمي منذ قرابة القرن، اثر وبشكل سلبي على شركات النفط العالمية، حيث أجبر انهيار أسعار الخام هذه الشركات وكما نقلت بعض المصادر، على وقف أنشطتها المعهودة في الاكتشاف والتنقيب وتقليص أعداد عمالها. وقد سجلت شركات النفط الخمس العالمية الكبرى المدرجة (إكسون موبيل، شيفرون “الولايات المتحدة”، توتال “فرنسا”، شل “بريطانيا وهولندا”، وبي بي “بريطانيا). خسائر قياسية مع تهاوي أسعار النفط.
ووفقا التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، فإن الشركات الخمس الكبرى المدرجة، حققت خسائر بلغت 54.7 مليار دولار خلال تسعة أشهر من العام الجاري مقارنة بصافي ربح بلغ 45.74 مليار دولار للفترة المماثلة من العام السابق. وبلغت خسار شركة إكسون موبيل نحو 2.37 مليار دولار، و4.88 مليار دولار لشركة شيفرون، و8.13 مليار دولار لشركة توتال، و17.66 مليار دولار لشركة شل، و21.66 مليار دولار لشركة بي بي.
ويأتي تحقيق الخسائر لهذه الشركات رغم التحسن الملموس في بعضها على أداء الربع الثالث من العام الجاري، إلا أن خسائر الكبيرة للربع الثاني ألقت بظلالها على إجمالي نتائج الأعمال في تسعة أشهر من 2020. واكدت الصحيفة ان شركة أرامكو السعودية، كانت الرابح الوحيد من بين الشركات حيث بلغ صافي أرباح شركة أرامكو السعودية 35.01 مليار دولار خلال تسعة أشهر من العام الجاري.
ويتوقع عدد من المحللين انخفاض سعر خام برنت إلى ما دون 35 دولارا في الفترة المقبلة بسبب تراكم المخزونات وانخفاض الطلب العالمي على النفط. وفي تقرير نشرته صحيفة “إزفيستيا” الروسية، يؤكد الكاتب فاليري فورونوف أن عددا من العوامل تفسّر هذه التوقعات المتشائمة بشأن أسعار النفط، ومنها استمرار تفشي فيروس كورونا وتشديد إجراءات الحجر الصحي عالميا، واستئناف الإنتاج في ليبيا.
ومن غير المستبعد حسب الكاتب أن يعود سعر الذهب الأسود إلى مستوى 45 دولارا للبرميل بنهاية العام الجاري، في ظل تمسك دول أوبك بلس إلى حد الآن بالاتفاق الذي تم توقيعه في وقت سابق من هذا العام، وهو العامل الرئيسي في انتعاش الأسعار إلى حد الآن. وتوقع المحلل الرئيسي في شركة “A.Markets” ارتيم ديف أن إجراءات الإغلاق الجديدة بسبب انتشار فيروس كورونا ستؤثر بشكل كبير على أسعار النفط.
ويضيف ديف أن استئناف إنتاج النفط في ليبيا سيكون أيضا من العوامل المؤثرة. في بداية الشهر الماضي كان الإنتاج عند مستوى 500 ألف برميل يوميا، قبل أن يصل إلى حوالي 700 ألف برميل بنهاية الشهر، ومن المتوقع أن يفوق الإنتاج مليون برميل يوميا بحلول منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ويوضح ديف أن ليبيا غير ملتزمة باتفاق أوبك بلس، وهو ما يسمح لها بالحفاظ على مستوى الإنتاج عند الحد الأقصى، وفق الصحيفة الروسية.
وتعتقد الخبيرة الاقتصادية ماريا بيلوفا، أن إمكانية اتخاذ إجراءات إغلاق واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم مثلما حدث في الموجة الأولى من وباء كوفيد-19، قد تؤدي مجددا إلى خلل كبير في مستويات العرض والطلب على النفط، مثلما حدث في مارس/آذار من العام الجاري. وأوضحت بيلوفا أن انتشار فيروس كورونا في الربيع الماضي أدى إلى انهيار الطلب على النفط، وقد بلغ فائض المعروض في ذروة انخفاض الاستهلاك في أبريل/ نيسان 19.5 مليون برميل يوميا. لكن مستويات الاستهلاك عادت تدريجيا وبلغت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد تجاوز الطلب مستويات الإنتاج بمقدار 3.2 ملايين برميل يوميًا.
إكسون موبيل
وفي هذا الشأن دفعت رهانات في توقيتات غير مناسبة على زيادة الطلب شركة إكسون موبيل لمواجهة عجز يبلغ نحو 48 مليار دولار في العامين الحالي والمقبل وفقا لبعض المصادر وتقديرات الخبراء في وول ستريت وهو وضع سيفرض على إكسون أكبر شركات النفط الأمريكية إجراء تخفيضات كبيرة في عدد العاملين بها ومشروعاتها. بل إن المستثمرين في وول ستريت بدأوا يشعرون بالقلق على التوزيعات التي كانت في وقت من الأوقات أمرا تحوطه هالة من القداسة لشركة إكسون التي أصبحت في القرن العشرين أكبر شركة في العالم من حيث القيمة من خلال نشاطها العالمي وتوسعاتها المتواصلة والضوابط المالية الصارمة.
وكانت إكسون قد خرجت سالمة من سلسلة من الانتكاسات التي شهدتها في العقد الماضي وسعت تحت قيادة رئيسها التنفيذي دارين وودز لاستعادة شهرتها برهانات كبيرة على حقول النفط الصخري وخطوط أنابيب النفط في الولايات المتحدة وعلى أنشطة التكرير العالمية وصناعة اللدائن. كما راهنت على حقول بحرية في جيانا حيث اكتشفت ما يصل إلى ثمانية مليارات برميل من النفط تكفي لاستمرار الإنتاج بالمعدلات الحالية ست سنوات. غير أن قدرة إكسون على تمويل التوسع العالمي لم تعد مضمونة. وهذا العام اقترضت الشركة 23 مليار دولار لسداد فواتيرها وضاعفت بالتالي الدين المستحق عليها تقريبا. وتواجه الشركة خسائر سنوية تبلغ 1.86 مليار دولار وفقا لرفينيتيف باستبعاد مبيعات الأصول أو تقليص قيمتها.
وقضى الهبوط الحاد في الطلب على النفط وأسعاره هذا العام على خطة وودز لإنفاق ما لا يقل عن 30 مليار دولار حتى عام 2025 لتنشيط الإنتاج وزيادة الإيرادات بالتوسع في معالجة النفط والأنشطة الكيماوية والإنتاج وبلعب دور قيادي في أسواق الغاز الصخري والغاز الطبيعي المسال بالولايات المتحدة والتي بدا في ذلك الوقت أنها مبشرة. وأصبح على وودز بدلا من ذلك إعداد الشركة للعمل في عالم تراجع فيه الطلب على إنتاجها من النفط والغاز واللدائن. وقد تم إخراج الشركة من مؤشر داو جونز لأكبر الشركات الصناعية في الولايات المتحدة بعد 92 عاما.
ووضعت الشركة ما يصل إلى عشرة في المئة من العاملين فيها في الولايات المتحدة لمراجعات قاسية قد تفضي إلى فصل آلاف من العاملين من الشركة كما أنها تلغي مخصصات تقاعد سخية كانت سببا في بقاء العاملين بالشركة 30 عاما في المتوسط. وامتنعت إكسون عن إجراء مقابلة مع أحد مديريها التنفيذيين وقال متحدث باسمها إن تفاصيل تخفيضات التكاليف سيتم الكشف عنها في أوائل العام المقبل.
وقال المتحدث كيسي نورتون “نحن ما زلنا ملتزمين بأولوياتنا في تخصيص الأموال والاستثمار في مشروعات صناعية متقدمة وصرف توزيعات يعول عليها ومتنامية والحفاظ على قوائم مالية متينة”. وأضاف أن المراجعة الحالية للمشروعات تهدف “لزيادة الكفاءة إلى أقصى حد ممكن واقتناص وفورات إضافية في التكاليف لكي نصبح في أقوى وضع ممكن” عندما تتحسن أسواق الطاقة. بحسب رويترز.
وأظهر تحليل أن التدفقات النقدية بشركة إكسون من العمليات والتي تقدر بنحو 17.4 مليار دولار هذا العام تقل 20 مليار دولار عن الأموال اللازمة لخطة الاستثمار المخفضة للعام الجاري وتوزيعات المساهمين. وكان وودز اقترض 23.19 مليار دولار في العام الماضي لدعم الوضع المالي لكنه تعهد بعدم اقتراض المزيد بل وأصر في يوليو تموز الماضي أنه لا مساس بالتوزيعات النقدية. ويقول مستثمرون إنه سيكون من الصعب الوفاء بهذه الالتزامات. وقال محلل الأسهم بول ستانكي لدى ستانكي ريسيرش للأبحاث إن خفض قيمة التوزيعات سيكون كارثيا على سهم إكسون وذلك في ضوء تأكيد مديري الشركة في يوليو تموز أهميتها.
بي.بي البريطانية
الى جانب ذلك قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن بي.بي تستعد لبيع جزء كبير من أصولها للنفط والغاز حتى إذا انتعشت أسعار الخام بعد الانهيار الذي تسبب فيه كوفيد-19 لأنها تريد استثمار المزيد في الطاقة المتجددة. وأوضحت المصادر أن الاستراتيجية خضعت للنقاش خلال اجتماع للمسؤولين التنفيذيين في بي.بي في يوليو تموز، مباشرة بعد أن خفضت شركة النفط العملاقة توقعها لسعر الخام في المدى الطويل إلى 55 دولارا للبرميل، مما يعني أن ما قيمته 17.5 مليار دولار من أصولها لم يعد ذا جدوى اقتصادية.
لكن حتى إذا عاودت أسعار الخام الصعود صوب 65 إلى 75 دولارا للبرميل، فمن المستبعد أن تعيد بي.بي إدراج تلك الأصول ضمن خططها الاستكشافية بل ستستغل تحسن أوضاع السوق لبيعها، حسبما ذكرت المصادر الثلاثة المطلعة على تفكير الشركة. وتحتفظ شركات النفط الكبرى عادة بالأصول لفترات طويلة، حتى عندما تهوي أسعار الخام، مستهدفة تشغيل المزيد من الإنتاج منخفض الهامش عندما تتحسن أوضاع السوق. لكن خطة التخارج الجديدة لشركة بي.بي، التي لم يُعلن عنها من قبل، ستغلق خط الرجعة على شركة الطاقة البريطانية فور بيعها أصول النفط والغاز التي توصف بأنها عالقة.
وتلقي الاستراتيجية الجديدة مزيدا من الضوء أيضا على خطة الرئيس التنفيذي برنارد لوني لتقليص إنتاج بي.بي من النفط والغاز 40 بالمئة، أي ما لا يقل عن مليون برميل يوميا، بحلول 2030 بالتزامن مع توسع في الطاقة المتجددة. وقال مصدر في بي.بي ”المسألة مسألة حساب بسيط للتراجع الطبيعي في الإنتاج والتخارج المزمع،“ موضحا كيف أصبحت بي.بي أول شركة نفط كبيرة تتعهد بخفض كبير على إنتاجها من الخام. وعلى مدى عقود، ظلت بي.بي ومنافسون مثل رويال داتش شل وإكسون موبيل يعدون المستثمرين بأن الإنتاج سيواصل الزيادة.
لكن في ظل الضغوط التي تواجهها الصناعة من نشطاء المناخ والمستثمرين والبنوك وبعض الحكومات للحد من الانبعاثات من أجل المساهمة في خفض درجة حرارة الكوكب، فإن شركات النفط الأوروبية تغير نهجها وتتعهد باستثمار المزيد في مصادر الطاقة المتجددة. في المقابل، يواجه المنافسون الأمريكيون ضغوطا حكومية أقل ولم يقدموا تعهدات مماثلة بشأن المصادر المتجددة. بحسب رويترز.
وكان لوني قال في وقت سابق”عندما نتفقد توقعات بي.بي للأعوام القليلة المقبلة ونرى الإنتاج يتراجع 40 بالمئة فمن الواضح أننا لم نعد نحتاج إلى التنقيب لتمويل نمو جديد.. لن ندخل دولا جديدة للقيام بأعمال استكشاف.“ وقال إن بي.بي ستواصل التنقيب عن النفط قرب بنيتها الإنتاجية القائمة لأن تلك البراميل ستكون منخفضة التكلفة – وستساعد على تعزيز التدفقات النقدية للشركة من أجل تمويل التحول صوب الطاقة النظيفة.
رويال داتش شل
على صعيد متصل أعلنت شركة رويال داتش شل خططا لخفض تسعة آلاف وظيفة أو ما يربو على عشرة بالمئة من القوة العاملة بها في إطار عملية إعادة تنظيم رئيسية للتحول من شركة عملاقة في قطاع النفط والغاز لأنواع طاقة منخفضة الكربون. وقالت شل، التي بلغ عدد موظفيها 83 ألفا في نهاية 2019، أن عملية إعادة التنظيم ستقود لوفورات سنوية ما بين ملياري و2.5 مليار دولار بحلول عام 2022. ودشنت الشركة في وقت سابق، مراجعة شاملة لأنشطتها بهدف خفض التكاليف إذ تستعد لإعادة هيكلة عملياتها في إطار تحول نحو أنواع طاقة منخفضة الكربون.
وقالت الشركة الإنجليزية الهولندية إنها تتوقع خفض ما بين سبعة وتسعة آلاف وظيفة بحلول نهاية 2022 تشمل 1500 وظيفة وافق أصحابها على ترك الخدمة طواعية هذا العام. وخفض التكاليف شديد الأهمية لخطط شل للتحول إلى قطاع الكهرباء وأنواع الطاقة المتجددة حيث هوامش التكاليف منخفضة نسبيا. ومن المرجح أيضا أن تحتدم المنافسة مع شركات المرافق والنفط المنافسة ومنها بي.بي وتوتال حيث تتنافس جميعها على حصة سوقية مع تحول دول العالم نحو الاقتصاد الأخضر. وفي تحديث بشأن عملياتها، قالت شل إن إنتاجها من النفط والغاز بصدد الانخفاض بشدة في الربع الثالث من العام إلى نحو 3050 برميل من المكافئ النفطي يوميا بفعل انخفاض الإنتاج جراء جائحة كورونا وأعاصير أجبرت منصات النفط البحري على الإغلاق. بحسب رويترز.
وقال مسؤول كبير في شل رفض نشر اسمه ”كان لدينا نموذج رائع لكن هل هو مناسب للمستقبل؟ ستكون ثمة اختلافات، ليس فقط فيما يتعلق بالهيكل بل بالثقافة ونوعية الشركة التي نريدها“. وفي العام الماضي بلغ إجمالي تكاليف التشغيل في شل 38 مليار دولار والانفاق الرأسمالي 24 مليارا. وقال مصدران إن شل تبحث سبل خفض الإنفاق على إنتاج النفط والغاز بين 30 و40 بالمئة من خلال خفض تكاليف التشغيل والإنفاق الرأسمالي على المشروعات الجديدة.
وأضافا أن شل تريد التركيز على عدد قليل من المراكز الرئيسية لإنتاج النفط والغاز تشمل خليج المكسيك ونيجيريا وبحر الشمال. وقالت المصادر إن إدارة الغاز المدمجة في الشركة، والتي تضم عمليات الغاز الطبيعي المسال وجزءا من إنتاج الغاز، تنتظرها تخفيضات كبيرة هي الأخرى. وبالنسبة لأنشطة المصب، تركز المراجعة علي خفض التكاليف بشبكة محطات البنزين، التي تضم 45 ألف محطة – الأكبر في العالم – ويُنظر إليها علي أنها من أعلى الانشطة قيمة ويُتوقع أن يكون لها دور محوري في التحول المزمع، بحسب مصدرين آخرين يشاركان في المراجعة.
وقال متحدثة باسم شل في بيان ”نجري مراجعة إستراتيتيجة للشركة تستهدف ضمان أن نحقق ازدهارا على مدار عملية التحول في قطاع الطاقة وأن نصبح مؤسسة أبسط هيكلا وأكثر قدرة على المنافسة من حيث التكلفة. ندرس العديد من الخيارات والبدائل في الوقت الحالي والتي يجري تقييمها بعناية“.
شيفرون والشرق الأوسط
في السياق ذاته وبعد التركيز لسنوات على النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة تعلق شركة شيفرون (NYSE:CVX) الأمريكية مستقبلها في مجال الغاز الطبيعي على منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من انقسامات وتقلبات وتخطو فيها شركات الطاقة الكبرى بحذر منذ سنوات طويلة. ويقوم تحول رئيس شيفرون التنفيذي مايكل ويرث عن الإنتاج في الولايات المتحدة على رهان بأن الشرق الأوسط بدأ يدخل عصر مصالحة سيجعل التنقيب بحثا عن الغاز الطبيعي مثاليا في وقت من المتوقع أن يفوق فيه الطلب على الغاز، الأرخص ثمنا والأنظف من حيث آثاره البيئية، الطلب على النفط.
وترتكز الخطة على شراء شركة نوبل إنرجي (NASDAQ:NBL) الأمريكية في صفقة من تدبير ويرث قيمتها 11.8 مليار دولار. وتملك نوبل (OTC:NEBLQ) إنرجي حصة تمثل حوالي 40 بالمئة في حقل ليفياثان في البحر المتوسط قبالة الساحل الإسرائيلي. وقال ويرث في مقابلة “قبل خمس سنوات لم يكن شرق المتوسط يعتبر منطقة غنية بالموارد مثلما يراه أغلب الناس اليوم. وهذا تحول جوهري”. وأضاف “لا توجد متطلبات استثمارية كبيرة في الأجل القريب. هذه سمة مغرية جدا في وقت لتدفقات السيولة فيه أهميتها”.
وتخلق هذه الصفقة تحالفا مع إسرائيل كان من العوامل التي يسرته تضييق هوة بعض الخلافات التاريخية في المنطقة مثلما ظهر في إقامة علاقات رسمية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة في اتفاق تم توقيعه. وقال ويرث إن العلاقات التجارية والدبلوماسية في شرق المتوسط “بدأت تصبح أكثر تقنينا وقوة وهذا اتجاه نعتقد أنه يبشر بالخير للمنطقة”. وقال مصدر كبير في شيفرون إن الشركة حرصت على مجاملة السعودية، الشريك الرئيسي مع شيفرون في عدة مشروعات نفطية، بإخطارها بصفقة نوبل إنرجي.
ورغم ذلك لا تزال المخاطر السياسية والأمنية الإقليمية التي منعت بعض الشركات من دخول المنطقة في السنوات الأخيرة قائمة. وتعاني سوريا واليمن من ويلات حربين يكتنف الغموض تداعياتهما على المنطقة التي تخوض فيها السعودية وإيران معركة من خلال وكلاء. وفي يناير كانون الثاني الماضي برز عدم الاستقرار في الشرق الأوسط في مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في العراق في غارة أمريكية ورد انتقامي من جانب طهران، وهو ما هدد بانتشار الصراع في المنطقة كلها.
ورغم مثل هذه المخاطر تعمل شيفرون، التي تفوقت على منافستها إكسون موبيل لتصبح أكبر شركة نفط أمريكية من حيث القيمة السوقية، على المضي قدما في جهودها في مختلف أنحاء المنطقة. وقال ويرث إن حقل ليفياثان وحقولا أخرى قريبة يمكن أن تصبح عناصر رئيسية في إمدادات الوقود الإقليمية. وأضاف أن شيفرون يمكنها إرسال الغاز إلى محطة مصرية لإسالة الغاز الطبيعي بحيث يتسنى شحنه إلى أوروبا أو آسيا. وتتجه دول أوروبية وآسيوية لاستخدام الغاز والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتخلص من الفحم والطاقة النووية.
وقال كريستوفر كالنين الرئيس التنفيذي لشركة بانبو كالنين فنتشرز التي تستثمر في قطاع الغاز الصخري الأمريكي “الواقع أنك تحتاج للغاز بالترادف مع مصادر الطاقة المتجددة”. وأضاف أن آسيا بصفة خاصة ستظل معتمدة على استيراد الغاز لأنه يمثل استكمالا لطاقة الرياح والطاقة الشمسية. ومن المتوقع أن يزيد الطلب العالمي على الغاز حتى 2025 بنسبة 1.5 بالمئة سنويا في المتوسط لأسباب أهمها تزايد مشتريات الزبائن في الصين والهند.
وعلى النقيض يقول خبراء إن استهلاك النفط ربما يكون قد بلغ ذروته العام الماضي عند 100 مليون برميل يوميا وإنه قد ينخفض هذا العام إلى 91.7 مليون برميل يوميا ليسجل بذلك أقل مستوى في سبع سنوات. وينتج الشرق الأوسط ثلث إنتاج العالم من النفط وسدس إنتاجه من الغاز الطبيعي وقد اجتذب منذ زمن بعيد اهتمام شركات النفط الأجنبية. وتنتج شيفرون كميات من النفط والغاز في المنطقة أقل مما تنتجه شركات كبرى أخرى وفقا لتقديرات رايستاد إنرجي داتا غير أنها الشركة الكبرى الوحيدة التي لم ينقطع نشاطها في السعودية منذ 70 عاما كما أنها احتفظت بعلاقات طيبة مع الحكومات في المنطقة.
وقال روبن وست عضو مجلس الإدارة بشركة ريبسول الأسبانية للنفط ورئيس مركز إنرجي إمباكت بمجموعة بوسطن الاستشارية “شيفرون بارعة للغاية في العلاقات مع الحكومات التي أسميها جوهرة التاج”. وتلائم صفقة نوبل مسعى ويرث للتكيف مع عالم الطاقة منخفضة التكاليف والتوسع في قطر ومصر والعراق. وأضافت الصفقة لشركة شيفرون ما يقرب من مليار قدم مكعبة من احتياطيات الغاز كما أنها تضمن لها بقاءها ضمن أكبر عشر شركات موردة للغاز في العالم.
وقال مسؤول تنفيذي سابق بشيفرون طلب عدم نشر اسمه “حجم الفرصة كان أكبر من قدرة شركة مثل نوبل”. وقد تسهم الصفقة في دعم سعي شيفرون لاقتناص حصة في توسعة إنتاج الغاز الطبيعي المسال في قطر حيث تتنافس مع شركات إكسون وشل وتوتال (PA:TOTF) وغيرها. كما وقعت شيفرون في الآونة الأخيرة اتفاقا أوليا للتنقيب عن النفط في جنوب العراق. وقال ويرث إن المفاوضات مستمرة “ما من شيء يضمن النتيجة في أي من هذين” المشروعين. بحسب رويترز.
وفي الوقت نفسه عمل ويرث على تكثيف خفض التكاليف في الداخل. فقد خفضت شيفرون إنفاقها في الحقل الرئيسي الصخري في الولايات المتحدة إلى النصف ليصل إلى نحو ملياري دولار هذا العام. وأصبح للشركة أربعة حفارات فقط تعمل في الحقل الذي ينتمي جيولوجيا للعصر البرمي وذلك في سبتمبر أيلول، انخفاضا من 16 حفارا في مارس آذار، وفقا لشركة رايستاد إنرجي الاستشارية.
رابط امصدر: