أندرو فاينبيرغ
لقد مضى أسبوعان منذ أن قال الناخبون الأميركيون للرئيس دونالد ترمب أخيراً “أنت مطرود!”، ومرت عشرة أيام منذ الإعلان رسمياً عن فوز بايدن بالانتخابات.
وفي الواقع، اعتباراً من صباح الثلاثاء الماضي، من المتوقع أن يحصل الرئيس المنتخب بايدن على نفس عدد الأصوات الانتخابية – 306 – التي حصل عليها ترمب في فوزه المفاجئ على هيلاري كلينتون قبل أربعة أعوام، لكن ترمب، الذي بدأ رئاسته بادعاء لا أساس له بأن خسارته التصويت الشعبي أمام كلينتون كانت نتيجة “تصويت ملايين” الأشخاص “بشكل غير قانوني،” عاد مرة أخرى إلى وهم انتصار انتخابي لم يحققه.
منذ الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، ظهر ترمب علناً مرتين فقط؛ مرة في صمت لوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول في يوم المحاربين القدامى، وبعد يومين من ذلك عندما ذهب إلى حديقة الورد في البيت الأبيض للإدلاء بتصريحات حول التقدم المحرز في برنامج إدارته الهادف لإيجاد لقاح لفيروس كورونا، والمعروف “عملية الالتفاف السريع” Operation Warp Speed، لكنه لم يقبل تلقي أي سؤال من الصحافة منذ يوم الانتخابات، عندما توقف لفترة وجيزة في مقر حملته في أرلينغتون، فيرجينيا.
ومع استمراره، بالإضافة إلى فريقه، الطعن في نتائج الانتخابات من خلال رفع خليط من الدعاوى القضائية (والتي تم رفض أكثر من 20 منها بشكل سريع لأنه لا أساس لها)، تراجع ترمب هو وما يمكن اعتباره “فريقه القانوني” إلى موقع أقل اضطراب.
وعلى الرغم من أن جميع شبكات الأخبار التلفزيونية الرئيسة (بالإضافة إلى وكالة أسوشييتد برس وخدمة “المقر العام للقرار” Decision Desk HQ لتغطية الانتخابات) قد حسمت السباق لصالح بايدن، إلا أن أعضاء فريق ترمب القانوني استمروا في الترويج لمزاعم لا أساس لها، حول التزوير والخروقات عبر ما تبقى لهم من وسائل الإعلام المتملقة. وعلى رأس القائمة هناك برامج “شبكة فوكس بيزنيس” التي تقدمها ماريا بارتيرومو ولو دوبس، واثنتين من الشبكات التلفزيونية المحافظة الناشئة، وهي “وان أميركا نيوز” و”نيوزماكس (وكلاهما قدمتا برامج استعراضية تدعي عدم “حسم” السباق لصالح بايدن على الرغم من افتقارهما للأرقام الإحصائية التي يستخدمها منافسوهما لإبراز الفائزين في مختلف السباقات).
وبينما أقر بعض مسؤولي إدارة ترمب (وأبرزهم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين) بحتمية فوز بايدن، تقول مصادر مطلعة على طريقة تفكير ترمب، إن هذا الأخير يرفض النظر بجدية في إمكانية التنازل (الصريح) أو السماح بالبدء في عملية انتقال السلطة (رسميا) قبل أن يتم الإدلاء بأصوات الهيئة الانتخابية Electoral College في 14 ديسمبر (كانون الأول).
في هذا الصدد، قال أحد الأشخاص الذي يتحدث بانتظام مع الرئيس، إن ترمب “لا يزال يحاول بذل قصارى جهده السلطوي لوقف المد”. وأضاف أن ترويج ترمب لـ”وان أميركا نيوز” و”نيوزماكس” كان بمثابة محاولة جزئية للانتقام من قناة “فوكس نيوز”، لأنها حسمت (وبشكل صحيح) ولاية أريزونا لصالح بايدن، كما يهدف أيضاً إلى إدخال مزيد من أتباعه في فقاعة المعلومات نفسها التي يفضل البقاء فيها هذه الأيام.
في غضون ذلك، قال مصدر آخر مقرب من الرئيس، إن جزءاً كبيراً من الاعتقاد الخاطئ لدى ترمب والمتعلق بإمكانية تحقيق انتصار قضائي يقلب نتائج انتخابات ولايات متعددة، ينبعث من ثقته في رودي جولياني والمحامية والمعلقة التلفزيونية المألوفة سيدني باول. ويواصل جولياني تكرار الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة والفاقدة للمصداقية بشأن ما يسمى تزوير الانتخابات، وذلك في سلسلة من المداخلات التلفزيونية منذ مؤتمره الصحافي المشين في مركز لتصميم الحدائق بمنطقة فيلادلفيا والواقع بين مكتبة للبالغين ومحرقة جثث. وبحسب دعوى قضائية تم رفعها يوم الثلاثاء الماضي، فإن جولياني سيظهر قريباً لأول مرة في قاعة المحكمة منذ عام 1992 للدفاع عن ادعاءات ترمب أمام قاض اتحادي في بنسلفانيا.
من ناحيتها، فإن المحامية باول التي ترافع أيضاً عن مستشار ترمب للأمن القومي السابق مايكل فلين في محاولته لإقناع قاض اتحادي في واشنطن العاصمة برفض التهم الموجهة إليه والمتعلقة بالإدلاء ببيانات كاذبة أقر بارتكابها مرتين، لم تظهر في أي محاكمة بالنيابة عن ترمب منذ أن أعلن، عبر “تويتر”، أنها ستنضم إلى فريقه القانوني الجديد. ومع ذلك، فقد أمضت الكثير من الوقت للترويج لادعاءات شنيعة على التلفزيون حول الشركة التي تصنع الآلات المستخدمة في احتساب الأصوات في جورجيا وحول جورج سوروس (رجل الأعمال والمستثمر العالمي) ووكالة المخابرات المركزية.
ويظهر أيضاً على شاشات التلفزيون (وليس أمام المحكمة) نيابة عن ترمب، الثنائي – الزوج والزوجة – جوزيف ديجينوفا (المدعي الأميركي السابق لمقاطعة كولومبيا)، وفيكتوريا تونسينغ (وهي نائبة مساعد المدعي العام السابق في القسم الجنائي بوزارة العدل). ومثل باول، فإن كليهما مارس مهناً قانونية محترمة، ولكنهما معروفان على نطاق واسع لدى جماهير التلفزيون بخطاباتهما المشحونة بنظريات المؤامرة (والتي غالباً ما تحمل نبرة معادية للسامية مع تقديم جورج سوروس كخصم)، والتي يروجان لها للدفاع عن مزاعم الرئيس.
ويقول برادلي موس، وهو محام في واشنطن يتمتع بخبرة واسعة في المحاكم الفيدرالية، إن القاسم المشترك بين محامي ترمب هو أنهم “معروفون باستعراضاتهم التلفزيونية وشخصياتهم العامة أكثر من براعتهم القانونية”.
وأضاف أن ترمب “يحب أن يكون محاطاً بأولئك الذين سيغذون آراءه الجامحة، ويقولون له إنها تحظى بالشرعية”.
وعلى الرغم من تحول ترمب من الاستعانة بمحامين مرموقين إلى محامين تلفزيونيين بعد انسحاب سلسلة من شركات المحاماة الكبرى من قضاياه في ولايات رئيسة، أشار الرئيس وفريق مساعديه إلى أنهما يعتزمان مواصلة النضال. ويبدو أن هذا هو موقفهم، بغض النظر عن صحة ادعاءاتهم أو كفاءة ممثليهم القانونيين.
وتشير ليا ليتمان، الأستاذة المساعدة في كلية الحقوق بجامعة ميشيغان، إلى أن انسحاب عديد من المحامين ذوي المؤهلات الجيدة هو علامة على أن استراتيجية ترمب القانونية ستتحول لتصبح أكثر فظاعة ويأساً.
ولقد أوضحت ليتمان أن “حقيقة انسحابهم الآن تشير إلى أننا لم نصل إلى الحضيض حتى الآن، وأن الحضيض سيكون جنونياً لدرجة أنه سيدفع إلى الاستقالة المحامين الذين كانوا على استعداد لمحاولة إلغاء الآلاف من الأصوات والقول بوجود تزوير انتخابي لأن أعضاء الجيش صوتوا لبايدن أو لأن ارتداء قميص حركة السود مهمة يرقى إلى تخويف الناخبين.
أما بالنسبة للرئيس، فهو لا يزال غارقاً في فضائه التلفزيوني الآمن. فقبل أيام، أعلن مقدم البرنامج الصباحي على قناة OAN، أن الشبكة (التي تفتقر إلى مكتب اتخاذ القرار بشأن الانتخابات) تتوقع تقدم ترمب على بايدن بـ232 مقابل 227 صوتاً للمجمع الانتخابي، مع بقاء أريزونا ونيفادا وجورجيا وميشيغان ووسكنسن وبنسلفانيا من دون حسم لصالح أي مرشح، لأننا “هنا في (وان أميريكا نيوز) نحن الوحيدون الذين يقدمون أرقاماً صادقة ودقيقة، لأننا نعتقد أن الرئيس ترمب لا تزال لديه فرصة للفوز”.
بعد ذلك ببضع دقائق فقط، عبر ترمب عن موافقته على ذلك، حيث كتب “حاولوا مشاهدة [OANN]. إنها رائعة حقاً!”.
رابط المصدر: