بسام عبد القادر النعماني
ما يُعرف باتفاقية سايكس – بيكو عام 1916، كانت في حقيقة أمرها سلسلة من الاتفاقات والتفاهمات السرية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية، تهدف إلى اقتسام الإمبراطورية العثمانية في منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، معطوفاً عليها تحديد مناطق النفوذ في الدردنيل وغرب آسيا عند انتصار الحلفاء المتوقع في الحرب العالمية الأولى. وقد تم التوصل إلى هذه الاتفاقية بين تشرين الثاني/نوفمبر 1915 وأيار/مايو 1916 من خلال مفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج – بيكو، والبريطاني السير مارك سايكس، ووزير الخارجية الروسي سيرغي سازونوف. وقد تُوِّجت هذه المفاوضات بتبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية، حيث كانت التسمية الرسمية آنذاك هي «اتفاقية آسيا الصغرى»، لكن الاسم الذي التصق بها وأصبح أكثر شيوعاً هو «اتفاقية سايكس – بيكو».
وفي هذا الإطار، كان قد سبق توقيع هذه الاتفاقية التوصل إلى اتفاقيتين سريتين أُخريين هما «اتفاقية القسطنطينية» في آذار/مارس 1915، و«مذكرة لندن» في نيسان/أبريل 1915. وحين علمت الدبلوماسية الإيطالية بصورة ما بهذه الترتيبات، طلبت الانضمام إليها بصفة سرية تم تكريسها لاحقاً في اتفاقية رابعة هي «معاهدة سانت جان دي موريان» في حزيران/يونيو 1917؛ علماً أن فرنسا وبريطانيا تنصلتا لاحقاً من تنفيذها. وحين استولى البلاشفة على الحكم في روسيا في العام 1917، كشفوا عن مجمل هذه الاتفاقيات السرية الأربع، وهو ما أثار ضجة عالمية كبرى. وحيث إن روسيا الشيوعية قد أعلنت في إثر الثورة عن انسحابها وتخليها عن هذا الاتفاق الثلاثي (الذي كان قد أصبح رباعياً لبعض الوقت بعد انضمام إيطاليا، ثم انحدر مرة ثانية ليصبح ثلاثياً بعد انسحاب روسيا)، فقد بدأ يُشار إلى مجمل هذه الاتفاقيات شيوعاً وعلى سبيل الاختصار بـ «اتفاقية سايكس – بيكو» لأنها أصبحت محصورة بين الطرفين الاثنين: بريطانيا وفرنسا.
أما ردود الفعل الشعبية – الرسمية العربية المباشرة وقتذاك، فكانت تعكس حالة من خيبة الأمل العميقة من الوعود البريطانية المخالفة التي وردت في مراسلات حسين – مكماهون والتي تبنَّت الاعتراف بدولة عربية مستقلة واحدة إذا ما ثار العرب على الأتراك، ولا سيّما أن الكشف عن هذه الاتفاقيات السرية قد جاء بعد أسابيع قليلة من صدور إعلان بلفور الذي تعهدت بريطانيا فيه بتسهيل إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.
وقد حصلت روسيا في الاتفاق الثلاثي على القسطنطينية (اسطنبول) وضمنت سيطرتها على ضفتي البوسفور ومساحات كبيرة في شرق الأناضول في المناطق المحاذية للحدود الروسية – التركية؛ أما منطقة الهلال الخصيب فقد تم تقسيمها كي تحصل فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سورية ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. ومدت بريطانيا مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعة بالاتجاه شرقاً لتضم بغداد والبصرة، أي كل المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سورية. كما تقرر أن توضع فلسطين تحت إدارة دولية محايدة يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. لكن الاتفاق نص على منح بريطانيا ميناءي حيفا وعكا، على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا في المقابل حق استخدام ميناء الإسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.
كانت البداية في 18 آذار/مارس 1915، بعدما تم تبادل عدة مذكرات ومفكرات ورسائل رسمية بين وزراء خارجية روسيا وإنكلترا وفرنسا وبين سفرائهم المعتمدين في عواصم الدول الثلاث، منحت فرنسا وبريطانيا بموجبها ضمانات بالموافقة على سيطرة روسيا القيصرية على القسطنطينية والمضائق بعد انتهاء الحرب، مع إبقاء القسطنطينية مدينة حرة، ولهذه الأسباب جمعاء سُميت هذه الاتفاقية الأولية «اتفاقية القسطنطينية»[1].
علمت الدبلوماسية الإيطالية بتوقيع «اتفاقية القسطنطينية»، فطلب وزير الخارجية الإيطالي البارون سيدني سونينو الانضمام إليها كثمن للتخلي عن التحالف مع ألمانيا والانضمام إلى الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، على أن تحصل إيطاليا في مقابل ذلك على أراضٍ في الأناضول وفي البحر الأدرياتيكي، وأن تحظى إيطاليا بالحقوق والامتيازات التي كانت للسلطنة العثمانية في ليبيا. أعقب ذلك توقيع معاهدة سرية ثانية أكثر تفصيـلاً بين الدول الأربع في 25 نيسان/أبريل 1915، سُميت «مذكرة لندن»[2] نصّت على حق روسيا في الاستيلاء على المضائق التركية والمناطق المجاورة لها، وهي بحرا مرمرة والدردنيل، وجزء من شاطئ آسيا الصغرى، مقابل جعل القسطنطينية مدينة حرة، وضمان حرية الملاحة في منطقة المضايق، وأن تعترف روسيا بحقوق بريطانيا وفرنسا الخاصة في أقاليم تركيا الآسيوية، على أن تُحدّد هذه الحقوق في ما بينهما بمقتضى اتفاق خاص، وكذلك أن تخضع الأماكن المقدسة وشبه الجزيرة العربية لحكم إسلامي مستقل[3]، وأن يُضمّ جزء من إيران إلى منطقة النفوذ البريطانية. وحيث إن روسيا كانت توجّه معظم قواتها العسكرية إلى الجبهة الشرقية ضد ألمانيا، فهي كانت حريصة على أن تضمن حقوقها في الدردنيل قبل أن يقوم الحلفاء بشن حملاتهم العسكرية ضد الأتراك.
إلا أن بريطانيا كانت تواجه موقفاً عصيباً منذ بداية العام 1915، بعدما فشلت حملتها العسكرية في العراق واستسلم جيشها المحاصر هنالك للعثمانيين، وزاد ضغط القوات التركية على منطقة قناة السويس، كما فشلت حملة البريطانيين ودول الكومنولث ضد منطقة المضايق التركية في شبه جزيرة «غاليبولي»؛ فأصبح البريطانيون مقتنعين بأن تعاون العرب مع القوات الإنكليزية هو أمر حيوي. لذا عملت بريطانيا على استمالة الشريف حسين حاكم الحجاز إليها، حيث بدأت بينه وبين المعتمد البريطاني في مصر هنري مكماهون مكاتبات ومراسلات (14 تموز/يوليو 1915 – 30 كانون الثاني/يناير 1916)، عُرفت باسم «مراسلات حسين – مكماهون»، التي كانت بريطانيا تهدف من ورائها إلى دفع العرب إلى الثورة على الأتراك، وهو ما سيؤدي إلى نزعٍ المصداقية عن إعلان السلطنة العثمانية «الجهاد» ضد قوات الحلفاء. أما الحسين، فلم يكن يهدف إلى استقلال محدود له في الحجاز كما كان البريطانيون يتوقعون منه، بل أعلن لهم أنه يهدف إلى إقامة دولة عربية تشمل العراق والشام والحجاز. وقد وعد مكماهون في النهاية في رسالته بتاريخ 24 تشرين الأول/أكتوبر 1915، وباسم الحكومة البريطانية، وبعدما نسّق بطبيعة الحال مع لندن، بأن بريطانيا ستعترف بآسيا العربية كاملة دولة عربية مستقلة إذا ما شارك العرب في الحرب ضد الدوله العثمانية[4].
وفي هذا السياق الزمني، كانت المفاوضات الفرنسية – البريطانية – الروسية مستمرة على وتيرتها، فعيّنت الحكومة الفرنسية في تشرين الثاني/نوفمبر 1915، فرانسوا جورج - بيكو، قنصلها العام السابق في بيروت، مندوباً سامياً لمتابعة شؤون الشرق الأدنى، ومفاوضة الحكومة البريطانية في مستقبل البلاد العربية. وما لبث بيكو أن سافر إلى القاهرة، واجتمع بالسير مارك سايكس المندوب السامي البريطاني لشؤون الشرق الأدنى[5]، وتوصل الإثنان، بإشراف مندوب روسيا، إلى شبه اتفاقية رسمت الخطوط الأولية لتقسيم المنطقة العربية في سورية وبلاد الرافدين[6].
ثم انتقل الدبلوماسيان إلى مدينة سانت بطرسبورغ في كانون الثاني/يناير 1916، من أجل التفاوض مع وزير الخارجية الروسي سيرغي سازونوف، وأسفرت هذه المفاوضات بعد عدة أشهر عن اتفاقية ثلاثية في 9 – 16 أيار/مايو 1916، تتلخص بمذكرات في صيغة رسائل ثنائية متبادلة بين وزراء خارجية الدول الثلاث وسفرائهم المعتمدين لتحديد مناطق نفوذ كل دولة على النحو التالي، مع الإحاطة بأنه لا يمكن تفسير الاتفاقية بالمطلق من دون وجود الخريطة المرفقة بها:
- استيلاء فرنسا على غرب سورية ولبنان وولاية أضنة في منطقة جرى تلوينها على الخريطة باللون الأزرق سُميت «المنطقة الزرقاء» ولكن من دون تحديد ماهيتها في الاتفاقية إلا ما تم رسمه على الخريطة المرفقة.
- استيلاء بريطانيا على منطقة جنوب وأواسط العراق بما فيها مدينة بغداد، وكذلك ميناء عكا وحيفا في فلسطين، جرى تلوينها على الخريطة باللون الأحمر سُميت «المنطقة الحمراء» في الاتفاقية ولكن من دون تحديد ماهيتها أيضاً.
- استيلاء روسيا على الولايات الأرمنية في تركيا وشمال كردستان (جرى تلوينها لاحقاً على خريطة رسمية باللون الأصفر). واعترفت الاتفاقية كذلك بحق روسيا في الدفاع عن مصالح الأرثوذكس في الأماكن المقدسة في فلسطين.
- المنطقة المحصورة بين الأقاليم التي تحصل عليها فرنسا، وتلك التي تحصل عليها بريطانيا تكون اتحاد دول عربية أو دولة عربية موحدة برئاسة حاكم عربي[7]، ومع ذلك فإن هذه الدولة تقسم إلى مناطق نفوذ بريطانية تم تحديدها في الخريطة بحرف «B»، وأخرى فرنسية تم تحديدها بحرف «A». بحيث يشمل النفوذ الفرنسي شرق سورية وولاية الموصل، بينما يمتد النفوذ البريطاني إلى شرق الأردن والجزء الشمالي من ولاية بغداد وحتى الحدود الإيرانية.
- يخضع الجزء الباقي من فلسطين لإدارة دولية وجرى تلوينها باللون الأسمر.
- يصبح ميناء الإسكندرونة حراً.
وحيث إن «معاهدة لندن» لم تكن في نيسان/أبريل 1915 شديدة الوضوح في تحديد مناطق النفوذ الإيطالية، فقد طلب وزير الخارجية الإيطالي توقيع اتفاقية جديدة مع فرنسا وبريطانيا (كانت روسيا قد بدأت تمر بمخاض الثورة التي أطاحت القيصر في شباط/فبراير 1917) سُميت اتفاقية سانت جان دي موريان» بتاريخ 26 نيسان/أبريل 1917، وفيها تم تعويض إيطاليا بمنطقة أضنة في الأناضول التركية. وبهذه الاتفاقية الرابعة، اكتمل عقد الاتفاقيات السرية حول تقسيم الدولة العثمانية.
لقد تمت اتفاقية سايكس – بيكو (أي نصوص المواد الـ 12 التي حوتها المذكرات بصيغة رسائل ثنائية متبادلة بين السفير الفرنسي في لندن ووزير الخارجية البريطاني بتاريخ 9 – 16 أيار/مايو 1916، مُضافاً إليها الخريطة التي أرفقت بالرسائل وهي التي وقعها سايكس وبيكو) بسريّة تامة وبمعزل عن الشريف حسين الذي لم يكن يعلم عن الاتفاقية أو الخريطة شيئاً، على الرغم من أن سايكس وبيكو اجتمعا بالشريف حسين بعد هذا الاتفاق البريطاني – الفرنسي بأيامٍ، وطلبا منه ضرورة مساعدة العرب للحلفاء في الحرب. فكان أن أطلق الشريف حسين بعدها بأسابيع طلقة بندقية معلناً من مكة المكرمة اندلاع الثورة في 2 حزيران/يونيو 1916[8].
وكانت مراسلات حسين – مكماهون قد تطرقت إلى «مصالح فرنسا» و«مصالح بريطانيا» في بعض المناطق، ولكنها لم تعلن جهاراً أن هنالك مشروعاً لوضع اليد ولتقسيم المنطقة بين الدولتين (من دون إغفال المناطق الأخرى التي كانت ستخضع لروسيا وإيطاليا). ولم يعلم الشريف حسين بالاتفاقية إلا بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر 1917، وإعلان الشيوعيين عن المعاهدات السرية التي وقّعتها روسيا القيصرية، ومن بينها طبعاً الاتفاقية الثالثة المعروفة باتفاقية «سايكس – بيكو»[9].
وقد سارع الشريف حسين إلى تقديم احتجاج إلى السلطات البريطانية، لكنها طمأنته بأنها ملتزمة بالعهود التي قطعتها معه، فمضى في تأييدها ومساندتها واستمر في ثورته ضد الأتراك على الرغم من أن «وعد بلفور» الذي وعد بتسهيل إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين كان قد صدر في ذات الوقت، أي في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، أي قبل ثلاثة أسابيع من افتضاح أمر الاتفاقات السرية.
الوثيقة الرقم (1)(*)
النص الفرنسي لاتفاقية سايكس – بيكو(**)
Lettre de Paul Cambon, ambassadeur de France à Londres,
à Son Excellence Sir Edward Grey, secrétaire d’État britannique aux affaires étrangères
9 Mai 1916.
Monsieur le secrétaire d’État,
Désireux d’entrer dans les vues du Gouvernement du Roi et de chercher à détacher les Arabes des Turcs en facilitant la création d’un État ou d’une confédération d’États arabes, le Gouvernement de la République avait accepté l’invitation qui lui avait été adressée par le cabinet britannique en vue de fixer les limites de cet État et des régions syriennes où les intérêts français sont prédominants.
A la suite des conférences qui ont eu lieu à ce sujet à Londres et des pourparlers qui se sont poursuivis à Pétrograd un accord s’est établi. J’ai été chargé de faire connaître à Votre Excellence que le Gouvernement français accepte les limites telles qu’elles ont été fixées sur les cartes signées par Sir Mark Sykes et M. Georges Picot, ainsi que les conditions diverses formulées au cours de ces discussions.
Il demeure donc entendu que:
- La France et la Grande-Bretagne sont disposées à reconnaître et à soutenir un État arabe indépendant ou une confédération d’États arabes dans les zones (A) et (B) indiquées sur la carte ci-jointe, sous la suzeraineté d’un chef arabe. Dans la zone (A), la France, et, dans la zone (B), la Grande-Bretagne, auront un droit de priorité sur les entreprises et les emprunts locaux. Dans la zone (A), la France et dans la zone (B) la Grande-Bretagne, seront seules à fournir des conseillers ou des fonctionnaires étrangers à la demande de l’État arabe ou de la Confédération d’États arabes.
- Dans la zone bleue la France, et dans la zone rouge la Grande-Bretagne, seront autorisées à établir telle administration directe ou indirecte ou tel contrôle qu’elles désirent, et qu’elles jugeront convenable d’établir, après entente avec l’État oula Confédération d’États arabes.
- Dans la zone brune sera établie une administration internationale dont la forme devra être décidée après consultation avec la Russie, et ensuite d’accord avec les autres alliés et les représentants du chérif de la Mecque.
- Il sera accordé à la Grande-Bretagne, (1) les ports de Caifa et d’Acre ; (2) la garantie d’une quantité définie d’eau du Tigre et de l’Euphrate dans la zone (a) pour la zone (b). Le Gouvernement de Sa Majesté de son côté s’engage à n’entreprendre à aucun moment des négociations en vue de la cession de Chypre à une tierce Puissance sans le consentement préalable du Gouvernement français.
- Alexandrette sera un port franc en ce qui concerne l’Empire britannique et il ne sera pas établi de droits de ports, ni d’avantages particuliers refusés à la Marine et aux marchandises anglaises ; il y aura libre transit pour les marchandises anglaises par Alexandrette et par chemin de fer à travers la zone bleue que ces marchandises soient destinées à la zone rouge, la zone (B), la zone (A) ou en proviennent; et aucune différence ne sera établie (directement ou indirectement) au dépens des marchandises anglaises sur quelque chemin de fer que ce soit, comme au dépens de marchandises ou de navires anglais dans tout port desservant les zones mentionnées.
Caifa sera un port franc en ce qui concerne le commerce de la France, de ses colonies et de ses protectorats et il n’y aura ni différence de traitement ni avantage dans les dans les droits de port qui puisse être refusé à la Marine ou aux marchandises françaises. Il y aura libre transit pour les marchandises françaises par Caifa et par le chemin de fer anglais à travers la zone brune que ces marchandises soient en provenance ou à destination de la zone bleue, de la zone (a) ou de la zone (b) et il n’y aura aucune différence de traitement directe ou indirecte au dépens des marchandises françaises sur quelque chemin de fer que ce soit, comme au dépens des marchandises ou des navires français dans quelque port que ce soit desservant les zones mentionnées.
- Dans la zone (A) le chemin de fer de Bagdad ne sera pas prolongé vers le sud au-delà de Mossoul, et dans la zone (B) vers le nord au-delà de Samarra, jusqu’à ce qu’un chemin de fer reliant Bagdad à Alep dans la vallée de l’Euphrate ait été terminé et cela seulement avec concours des deux gouvernements.
- La Grande-Bretagne aura le droit de construire, d’administrer et d’être seule propriétaire d’un chemin de fer reliant Caifa avec la zone (B). Elle aura en outre un droit perpétuel de transporter ses troupes, en tout temps le long de cette ligne. Il doit être entendu par les deux gouvernements que ce chemin de fer doit faciliter la jonction de Bagdad et de Caifa et il est de plus entendu que si les difficultés techniques et les dépenses encourues pour l’entretien de cette ligne de jonction dans la zone brune en rendent l’exécution impraticable, le Gouvernement français sera disposé à envisager que la dite ligne puisse traverser le polygone Barries-Keis Maril-Silbrad-Tel Hotsda-Mesuire avant d’atteindre la zone (B)[10].
- Pour une période de 20 ans les tarifs douaniers turcs resteront en vigueur dans toute l’étendue des zones bleue et rouge aussi bien que dans les zones (a) et (b) et aucune augmentation dans le taux des droits ou changement des droits «ad valorem» en droits spécifiques ne pourra être faite si ce n’est avec le consentement des deux Puissances.
Il n’y aura pas de douanes intérieures entre aucune des zones ci-dessus mentionnées. Les droits de douanes prélevables sur les marchandises destinées à l’intérieur seront exigés aux ports d’entrée et transmis à l’administration de la zone destinataire.
- Il sera entendu que le Gouvernement français n’entreprendra, à aucun moment, aucune négociation pour la cession de ses droits, et ne cédera les droits qu’il possèdera dans la zone bleue à aucune tierce Puissance, si ce n’est l’État ou la Confédération d’États arabes, sans l’agrément préalable du Gouvernement de Sa Majesté, qui, de son côté, donnera une assurance semblable au Gouvernement français en ce qui concerne la zone rouge.
- Les gouvernements anglais et français, en tant que protecteurs de l’État arabe, se mettront d’accord pour ne pas acquérir, et ne consentiront pas à ce qu’une tierce Puissance acquière de possessions territoriales dans la Péninsule arabique, ou construise une base navale dans les îles sur la côte est de la mer Rouge. Ceci n’empêchera pas telle rectification de la frontière d’Aden qui pourra être jugée nécessaire, par suite de la récente agression des Turcs.
- Les négociations avec les Arabes pour les frontières de l’État ou de la Confédération d’États arabes continueront, par les mêmes voies que précédemment, au nom des deux puissances.
- Il est convenu que des mesures de contrôle des importations d’armes dans les territoires arabes seront prises par les deux gouvernements.
الوثيقة الرقم (2)
النص الإنكليزي لاتفاقية سايكس – بيكو(*)
15 & 16 May, 1916:
- Sir Edward Grey to Paul Cambon, 15 May 1916
I shall have the honour to reply fully in a further note to your Excellency’s note of the 9th instant, relative to the creation of an Arab State, but I should meanwhile be grateful if your Excellency could assure me that in those regions which, under the conditions recorded in that communication, become entirely French, or in which French interests are recognised as predominant, any existing British concessions, rights of navigation or development, and the rights and privileges of any British religious, scholastic, or medical institutions will be maintained.
His Majesty’s Government are, of course, ready to give a reciprocal assurance in regard to the British area.
- Sir Edward Grey to Paul Cambon, 16 May 1916
I have the honour to acknowledge the receipt of your Excellency’s note of the 9th instant, stating that the French Government accept the limits of a future Arab State, or Confederation of States, and of those parts of Syria where French interests predominate, together with certain conditions attached thereto, such as they result from recent discussions in London and Petrograd on the subject.
I have the honour to inform your Excellency in reply that the acceptance of the whole project, as it now stands, will involve the abdication of considerable British interests, but, since His Majesty’s Government recognise the advantage to the general cause of the Allies entailed in producing a more favourable internal political situation in Turkey, they are ready to accept the arrangement now arrived at, provided that the co-operation of the Arabs is secured, and that the Arabs fulfil the conditions and obtain the towns of Homs, Hama, Damascus, and Aleppo.
It is accordingly understood between the French and British Governments—
- That France and Great Britain are prepared to recognize and protect an independent Arab State or a Confederation of Arab States in the areas (A) and (B) marked on the annexed map, under the suzerainty of an Arab chief. That in area (A) France, and in area (B) Great Britain, shall have priority of right of enterprise and local loans. That in area (A) France, and in area (B) Great Britain, shall alone supply advisers or foreign functionaries at the request of the Arab State or Confederation of Arab States.
- That in the blue area France, and in the red area Great Britain, shall be allowed to establish such direct or indirect administration or control as they desire and as they may think fit to arrange with the Arab State or Confederation of Arab States.
- That in the brown area there shall be established an international administration, the form of which is to be decided upon after consultation with Russia, and subsequently in consultation with the other Allies, and the representatives of the Shereef of Mecca.
- That Great Britain be accorded (1) the ports of Haifa and Acre, (2) guarantee of a given supply of water from the Tigris and Euphrates in area (A) for area (B). His Majesty’s Government, on their part, undertake that they will at no time enter into negotiations for the cession of Cyprus to any third Power without the previous consent of the French Government.
- That Alexandretta shall be a free port as regards the trade of the British Empire, and that there shall be no discrimination in port charges or facilities as regards British shipping and British goods; that there shall be freedom of transit for British goods through Alexandretta and by railway through the blue area, whether those goods are intended for or originate in the red area, or (B) area, or area (A); and there shall be no discrimination, direct or indirect against British goods on any railway or against British goods or ships at any port serving the areas mentioned.
That Haifa shall be a free port as regards the trade of France, her dominions and protectorates, and there shall be no discrimination in port charges or facilities as regards French shipping and French goods. There shall be freedom of transit for French goods through Haifa and by the British railway through the brown area, whether those goods are intended for or originate in the blue area, area (A), or area (B), and there shall be no discrimination, direct or indirect, against French goods on any railway, or against French goods or ships at any port serving the areas mentioned.
- That in area (A) the Baghdad Railway shall not be extended southwards beyond Mosul, and in area (B) northwards beyond Samarra, until a railway connecting Baghdad with Aleppo via the Euphrates Valley has been completed, and then only with the concurrence of the two Governments.
- That Great Britain has the right to build, administer, and be sole owner of a railway connecting Haifa with area (B), and shall have a perpetual right to transport troops along such a line at all times.
It is to be understood by both Governments that this railway is to facilitate the connexion of Baghdad with Haifa by rail, and it is further understood that, if the engineering difficulties and expense entailed by keeping this connecting line in the brown area only make the project unfeasible, that the French Government shall be prepared to consider that the line in question may also traverse the polygon Banias-Keis Marib-Salkhab Tell Otsda-Mesmie before reaching area (B).
- For a period of twenty years the existing Turkish customs tariff shall remain in force throughout the whole of the blue and red areas, as well as in areas (A) and (B), and no increase in the rates of duty or conversion from ad valorem to specific rates shall be made except by agreement between the two Powers.
There shall be no interior customs barriers between any of the above-mentioned areas. The customs duties leviable on goods destined for the interior shall be collected at the port of entry and handed over to the administration of the area of destination.
- It shall be agreed that the French Government will at no time enter into any negotiations for the cession of their rights and will not cede such rights in the blue area to any third Power, except the Arab State or Confederation of Arab States without the previous agreement of His Majesty’s Government, who, on their part, will give a similar undertaking to the French Government regarding the red area.
- The British and French Governments, as the protectors of the Arab State, shall agree that they will not themselves acquire and will not consent to a third Power acquiring territorial possessions in the Arabian peninsula, nor consent to a third Power installing a naval base either on the east coast, or on the islands, of the Red Sea. This, however, shall not prevent such adjustment of the Aden frontier as may be necessary in consequence of recent Turkish aggression.
- The negotiations with the Arabs as to the boundaries of the Arab State or Confederation of Arab States shall be continued through the same channel as heretofore on behalf of the two Powers.
- It is agreed that measures to control the importation of arms into the Arab territories will be considered by the two Governments.
I have further the honour to state that, in order to make the agreement complete, His Majesty’s Government are proposing to the Russian Government to exchange notes analogous to those exchanged by the latter and your Excellency’s Government on the 26th April last. Copies of these notes will be communicated to your Excellency as soon as exchanged[11].
I would also venture to remind your Excellency that the conclusion of the present agreement raises, for practical consideration, the question of the claims of Italy to a share in any partition or rearrangement of Turkey in Asia, as formulated in article 9 of the agreement of the 26th April, 1915, between Italy and the Allies.
His Majesty’s Government further consider that the Japanese Government should be informed of the arrangement now concluded.
المصادر:
(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 446 في نيسان/أبريل 2016.
(**) بسام عبد القادر النعماني: سفير الجمهورية اللبنانية لدى تونس.
الصورة: الدبلوماسي البريطاني السير مارك سايكس إلى يمين الصورة والفرنسي فرانسوا جورج – بيكو إلى يسارها.
[1] المذكرات والمفكرات المتبادلة بين وزارات الخارجية الثلاث وسفرائهم المعتمدين امتدت من تاريخ 19 شباط/فبراير وحتى 10 نيسان/أبريل 1915، إلا أن سبب اختيار تاريخ 18 آذار/مارس لانعقاد «اتقافية القسطنطينية» هو بإيعاز «بريطاني» محض: فهذا هو التاريخ الذي تلقى فيه وزير الخارجية البريطانية اللورد إدوارد غراي مذكرة من السفير الروسي في لندن يعلن موافقة وزير الخارجية الروسي سازونوف على مفكرة الضمانات البريطانية.
[2] المُسمى الأول كان «London Memorandum»، وسماها الإيطاليون «Patto (Pact) di Londra» والتسمية الأصح هي «Treaty of London» أو «معاهدة لندن». يمكن مراجعة النص الفرنسي للاتفاقية، في: Amedeo Giannini, Documenti per la Storia della Pace Orientale (1915‑1932) (Roma: Instituto per l’Oriente, 1933), p. 7.
[3] عند التدقيق في خرائط سايكس – بيكو، يتّضح أنها تطرقت فقط إلى منطقة الأناضول والهلال الخصيب (سورية والعراق ولبنان والأردن). أما سائر الولايات العربية في شبه الجزيرة العربية إلى الجنوب من خط العرض 31° فبقيت خارج إطار الحدود التي رُسمت عليها الخريطة. وفي بعض الخرائط الإنكليزية كان يشار إلى هذه المنطقة جنوب خط العرض 31° بأنها تحت النفوذ البريطاني.
[4] على الرغم من أن بريطانيا اعترفت بوجود هذه المراسلات وفحواها، فهي لم تعلنها رسمياً إلا في العام 1939، حين احتدمت المناقشات بين العرب وبريطانيا حول الوعود البريطانية في ما خص فلسطين وباقي الدول العربية في مواجهة وعد بلفور والتزام بريطانيا بتسهيل إقامة وطن قومي يهودي.
[5] السير مارك سايكس (1879 – 1919) لم يكن شخصية عادية على الإطلاق. لقد عمل سابقاً ملحقاً عسكرياً في اسطنبول، وقام بجولات واسعة في الإمبراطورية العثمانية، وكان يتحدث العربية والتركية والفارسية، وله عدة مؤلفات عن المنطقة، كما كان عضواً محافظاً في البرلمان البريطاني، وعقيداً في الجيش، إضافة إلى كونه لورداً. وفي بداية الحرب العالمية الأولى كان يعمل أميناً لوزير الحربية اللورد هيربيرت كيتشنر، وفي نهايتها كان قد رُقي إلى رتبة نائب وزير الحربية. أما فرنسوا جورج – بيكو (1870 – 1951)، فإن حياته يكتنفها الغموض، إذ كان عضواً في اللجان الكولونيالية الشرقية في مجلس الشيوخ الفرنسي، ويمت إليه الرئيس السابق فاليري جيسكار ديستان بالقرابة العائلية. وليس من المعروف مدى اطلاعه ومعرفته باللغات الشرقية، ولكن عند قراءة محاضر الجلسات التي كان يعقدها مع الإنكليز، فإنه يظهر إلماماً واسعاً بالأوضاع السياسية في دول المغرب العربي وفي شبه الجزيرة العربية، وفي الاستطراد، سورية ولبنان.
[6] في معظم المراسلات الرسمية آنذاك كان يُشار إلى العراق باسم بلاد الرافدين أو ما بين النهرين أي Mesopotamia أو Mesopotamie.
[7] تشير الاتفاقية إلى أن الدولة العربية أو كونفدرالية الدول العربية في منطقتي «A» و«B» يحكمها Arab Chief/Chef Arabe. وفي الترجمة العربية للاتفاقية، يشير المترجم إلى «رئيس عربي». لكن باللغتين الإنكليزية والفرنسية، فإن الترجمة الحقيقية هي «شيخ عربي»، أي أن حاكم هذه المنطقة يمكن استنباطه بأنه أحد حكام الجزيرة العربية، وتحديداً الشريف حسين، الذي لم يؤُت على ذكره بصفته (لا باسمه الشخصي) إلا في المادة 3 من الاتفاقية التي تتحدث عن وجوب استشارته في تعيين الكيان الدولي للمنطقة المحايدة في فلسطين.
[8] ليس واضحاً إذا كان سايكس وبيكو قد سلّما نسخة عن الخريطة «الأصلية» الكبيرة التي وقّعاها إلى الروس. لكن هذا الأمر مستبعد، لأن هذه الخريطة لا تتناول إلا المنطقتين الفرنسية والإنكليزية بصورة موسعة ومفصّلة (انظر الخريطة الرقم (3) في هذه الدراسة)، ولهذا من المرجح بدلاً من ذلك، أن تكون الخريطة التي تم تسليمها فعـلاً لسازونوف هي مماثلة للخريطتين المنشورتين في هذه الدراسة ذات الرقمين (2) و(4) الأصغر حجماً.
[9] هل ما تم التوصل إليه بين سايكس وبيكو يُمكن عدّه «معاهدة (treaty/traité)»، أم «اتفاقية (agreement/agrément)» أم «اتفاق (accords/accords)»، بحيث تم إسباغ الألقاب الثلاثة عليها بنسب متفاوتة؟ والجواب هو أن القانون الدولي لا يحدد فروقاً واضحة أو محددة بين هذه الأنواع من الاتفاقات. فالرسائل والمذكرات المتبادلة بين وزارتي الخارجية الفرنسية والبريطانية في 9 – 16 أيار/مايو 1916، يمكن عدّها «اتفاقية» لا «معاهدة»، إذ إن «المعاهدة» كما هو أصبح دارجاً في الاستعمال الحالي، هي أكثر شمولية وتحتاج إلى إجراءات لتدخل حيّز التنفيذ مثل الإبرام والمصادقة من السلطات التشريعية للدولة. أما المواد الاثنتي عشرة التي توصل إليها سايكس وبيكو بعد مفاوضات طويلة بينهما، فيمكن عدّها «اتفاقاً» بالحد الأدنى. أما لجهة المضمون، فإذا كنا نشير إلى Sykes-Picot Accords، فإننا نعني فقط مسلسل المفاوضات بين سايكس وبيكو. وإذا كنا نتحدث عن Sykes-Picot Agreement، فإنما نشير في الواقع إلى مذكرات ورسائل 9 – 16 أيار/مايو 1916 وتوابعها، والتي قام سايكس وبيكو بتنزيل توقيعيهما على الخريطة فقط، المؤرخة بتاريخ اليوم السابق، أي في 8 أيار/مايو 1916، بينما وقّع كبار المسؤولين الآخرين الأوراق الرسمية الأخرى. أما إذا كنا نتناول في حديثنا «المعاهدة» بشكلها الشمولي أي «Sykes-Picot Treaty» فإننا في واقع الأمر نستنبط تعريضاً الاتفاقات السرية الأربعة المذكورة كافة التي شملت روسيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا.
[10] يختلف النص الإنكليزي عن النص الفرنسي في هذا المضمار، حيث يشير إلى بلدات: Banias, Keis Marib, Salkhad Tell Otsda, Mesmie».
[11] إذا كان فعـلاً قد تم تبادل مذكرات ورسائل بين الحكومة البريطانية وبين روسيا حول هذا الاتفاق، مماثلة للرسائل الثلاث بين اللورد غراي وبيار بول كامبون، المذكرتين التي يشير إليهما اللورد غراي بأنهما تم تبادلهما بين روسيا وفرنسا بتاريخ 26/4/2016، فإن مجموع المذكرات والرسائل المتبادلة بين الدول الثلاث حول «اتفاقية سايكس – بيكو» تحديداً، يتجاوز الإثني عشر رسالة بصيغة مذكرات دبلوماسية.
انظر: Dzmitri L. Shevelyov, «K istorii zaklyucheniya soglasheniya o razdele aziatskikh territorijj Osmanskojj imperii 1916 g,» Vostok (Oriens), no. 5 (2001), pp. 39-43.
(*) هذا النص مأخوذ من كتاب: Antoine Hokayem et Daoud Bou Malhab Atallah, eds., Documents diplomatiques Français relatifs a l’histoire du Liban et de la Syrie à l’époque du mandat: 1914‑1946, Tome I: Le Démantèlement de l’Empire ottoman et les preludes du mandat: 1914‑1994 (Beyrouth: Les Éditions Universitaires du Liban; Paris: L’Harmatan, 2003), pp. 134‑136.
[12] الرسالة موجودة كنسخة في الملحق الرقم (2) من المراسلة السياسية الرقم (42) الصادرة عن السفارة الفرنسية في بتروغراد بتاريخ 26/4/1916، والمحفوظة في أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية في نانتس M.A.E. Guerre 1914‑1918, Turquie.
[13] يوجد اختلافات كثيرة بين نص الاتفاق المتبادل باللغة الفرنسية بتاريخ 13 – 26 نيسان/أبريل 1916، بين روسيا وفرنسا، في إثر الاجتماع الذي حصل بين بيكو ووزير الخارجية سازونوف، وبين الرسائل المتبادلة لاحقاً بين فرنسا وبريطانيا في المدة 9 – 16/5/1916. فالنص الروسي أخذ علماً بالاتفاق «المعتمد حصوله» بين فرنسا وبريطانيا حول إقامة دولة عربية أو «فدرالية» دول عربية، وتوزيع الأقاليم في كيليكيا وسورية والرافدين لكن من دون تعداد أو ذكر للنقاط الـ 12 التي سيتم اعتمادها. كما يُلاحظ أنه بعد نحو الشهر، يتفق الإنكليز والفرنسيون على إنشاء دولة عربية أو «كونفدرالية» دول عربية، أي أن هناك تراجعاً عن مستوى النظام الدستوري للدولة أو للدول العربية المعتمد إنشاؤها. وفي هذا النص الروسي، تمت الإشارة بوضوح إلى أن التوزيع سيتناول 3 مناطق تم تسميتها بالاسم: كيليكيا، سورية، والرافدين، بينما في اتفاقية سايكس – بيكو كانت التسميات بالأحرف والألوان: (A)، (B)، أزرق، أحمر… إلخ.
[14] في هذه الرسالة، قامت روسيا بتوضيح وتفصيل مطاليبها الجغرافية في شرق الأناضول، بعدما كانت قد ركزت في اتفاقيتي القسطنطينية ولندن السريتين في العام السابق على مضائق الدردنيل والبوسفور. كما أنها تطرقت في الرسالة إلى الحدود التي ستفصل حينئذ بين مناطق الأناضول وكردستان التي ستُرسى لفرنسا، وبين الدولة «العربية» التي أطلقت عليها اسماً مبسطاً «Arabie»، وبين إيران. وكما أسلفنا الذكر من قبل، فإن التطرق إلى مثل هذه التفاصيل الجغرافية يستلزم وجود خريطة مرفقة بالرسالة، إلا أن هذه الخريطة غير متوافرة في الوقت الحالي.
[15] ينبغي الإشارة في هذا المجال إلى وجود مذكرات لاحقة تم تبادلها بين بريطانيا من جهة، وروسيا من جهة أخرى، بعد التوصل إلى اتفاقية سايكس – بيكو في 9 – 16/5/2016، وهو ما أشار إليه اللورد غراي في الوثيقة الرقم (2) من هذه الدراسة.
[16] رسالة السفير الفرنسي هي أيضاً موجودة كنسخة في الملحق الرقم (2) من المراسلة السياسية الرقم 42 الصادرة عن السفارة الفرنسية في بتروغراد بتاريخ 26/4/1916، والمحفوظة في أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية في نانتس M.A.E. Guerre 1914‑1918, Turquie.
[17](*) هذه الترجمة مأخوذة بتصرف من الكتاب: وزارة الإرشاد القومي، ملف وثائق فلسطين: مجموعة وثائق وأوراق خاصة بالقضية الفلسطينية، الجزء الأول: من عام 637م إلى عام 1949 (القاهرة: الوزارة، 1969)، ص 193 – 197، وهي تشير إلى اتفاقية سايكس – بيكو بوصفها «معاهدة». وهي المرة الأولى التي نشرت فيها الاتفاقية بشكلها الرسمي مترجمة إلى اللغة العربية. وهذا هو النص العربي الذي اعتمدته معظم المنشورات والكتب العربية لاحقاً. وقد عُنونت الوثيقة المنشورة على النحو التالي: «معاهدة سايكس بيكو» الجزء الخاص بإنجلترا وفرنسا «معاهدة سايكس – بيكو نيسان/أبريل – أيار/مايو سنة 1916». وتبدأ الوثيقة فوراً بالمادة الأولى المذكورة في رسالة اللورد إدوارد غراي إلى السفير الفرنسي في لندن بول كامبون بتاريخ 16/5/1916 (النص الفرنسي هو مضمون رسالة السفير كامبون بتاريخ 9/5/1916)، إلا أن وزارة الإرشاد القومي لم تشر إلى أصل الرسالتين بحد ذاتهما ولا إلى تاريخهما. وفي نهاية الوثيقة، تحدد وزارة الإرشاد القومي المصرية أن الموقِّعين هم إنكلترا وفرنسا والاتحاد السوفياتي سابقاً (وهي بالطبع تقصد روسيا القيصرية)، علماً أن موقعَي النص المترجم هما في واقع الأمر وزير الخارجية غراي والسفير كامبون باسم الحكومتين. وقد ذكر غراي في نهاية رسالته أنه من أجل تكريس هذا الاتفاق نهائياً، لا بد من تبادل مذكرات مماثلة مع روسيا، والتوصل إلى اتفاق نهائي بخصوص المطالب الإيطالية في آسيا الصغرى.
في الترجمة العربية للاتفاقية للمؤرخ أمين سعيد، يسقط المؤلف عبارة «أو تحالف دول عربية»، التي يمكن ترجمتها بصيغتها الأخرى «اتحاد كونفدرالي لدول عربية»، وهي في النص الإنكليزي «….or a confederation of Arab states….»، وفي النص الفرنسي «…ou une confédération d’ Etats arabes…». انظر: أمين سعيد، الثورة العربية الكبرى: تاريخ مفصل جامع للقضية العربية في ربع قرن، الجزء الأول: النضال بين العرب والترك (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1997)، ص 189. ومن الناحية العملية، فإن هذه العبارة تعني أن الدولتين فرنسا وبريطانيا قد وضعتا في حسابيهما الاحتمالين: دولة عربية واحدة أو مجموعة دول مرتبطة باتحاد كونفدرالي، علماً أنه لم يتم الإلتزام لا بهذا ولا بذاك.
[18] انظر مناقشة ترجمة «Arab Chief/Chef Arabe» في مقدمة هذه الدراسة (الهامش الرقم (7)).
[19] ترجمة وزارة الإرشاد القومي تبدأ بـ «المادة الأولى»، مثلما يحصل في الغالب في وثائق المعاهدات، لكن الرسالتين المتبادلتين تبدآن بالرقم «1» بشكل منفرد على أساس أنه هذا هو ما تم التفاهم عليه بين بريطانيا وفرنسا، وتستطرد الرسالتان بعد ذلك بتعداد باقي أرقام الاتفاق الـ12. ومع أن هذا الفارق في الترجمة بسيط، إلا أنه يخفف من تأثير الاتفاق على أنه يشكل معاهدة دولية مستكملة، ويخفضها إلى مستوى نقاط اتفاق أساسية بين دولتين من دون تقليل أهمية الاتفاق والعواقب السياسية المتأتية منه.
[20] لماذا إضافة عدم السماح لأي دولة أخرى أن تمتلك أقطاراً في الجزيرة العربية، أو إنشاء قاعدة في البحر الأحمر، أو تصحيح حدود عدن في اتفاقية تتناول تقسيم الهلال الخصيب (معظم الترجمات العربية كانت تشير خطأ إلى قاعدة بحرية في «الجزائر»)؟ إنه بالفعل لأمر محيّر، إلا إذا نظرنا إلى ذلك في الإطار الأوسع، بأنه توجد هنالك قواسم وترددات مشتركة تربط بين كل ما تم وسبق الإشارة إليه، وكبح جماح النزعات الاستقلالية في هذه المناطق العربية الصرفة.
[21] يثير هذا البند شجون الإعلان الثلاثي في 25/5/1950 ألا وهو حظر وتحديد إدخال السلاح إلى المنطقة بين الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا من أجل المحافظة على الوضع الإقليمي وصيانة أمن إسرائيل. وبالإجمال، فإن الغرض من «تحديد استيراد السلاح» هو رغبة في عدم انفلاشه إلى قوى محلية قد تؤدي إلى زعزعة الأمن الوطني أو الإقليمي أو تسرب وجهة هذا السلاح لمواجهة مطلقي الإعلان.
[22] H. W. V. Tempereley, ed., A History of the Peace Conference of Paris, vol. VI (London: Oxford University Press, Henry Frowde and Hodder and Stoughton, 1924).
[23] محضر الاجتماع موجود ضمن أوراق الرئيس ويلسون المنشورة. صدر أول قسم من الجزء الثالث من كتاب راي ستانارد بيكر. انظر: Ray Stannard Baker, Woodrow Wilson and World Settlement: Written from His Unpublished and Personal Material, Vol. III: Original Documents of the Peace Conference (Garden City, NY: Doubleday, 1923), pp. 1‑22.
[24] انظر: Zeine N. Zeine, The Struggle for Arab Independence: Western Diplomacy and the Rise and Fall of Faisal’s Kingdom in Syria (Beirut: Khayyat’s, 1960).
[25] الحرف الزنكوغرافي هو اختراع بريطاني في أواسط القرن التاسع عشر سمح بطبع الخرائط مباشرة من التصوير الفوتوغرافي، وهو ما ساهم في خفض تكاليف رسم وطبع الخرائط أو تلوينها. ولكن حيث إن التصوير كان بالأبيض والأسود، فإن الفنيين كانوا مضطرين إلى تلوين هذا النوع من الخرائط بواسطة اليد، ولهذا فإن عدد الألوان في مثل هذه النوعية من الخرائط كان محدوداً. ففي خريطة سايكس – بيكو، يلاحظ أن الألوان السائدة هي الأسود، والأزرق، والبني فقط، بدرجات متفاوتة.
[26] انظر مثـلاً الخريطة المرفقة في نهاية الجزء الأول من كتاب: Hokayem et Atallah, eds., Documents diplomatiques Français relatifs a l’histoire du Liban et de la Syrie à l’époque du mandat: 1914‑1946, Tome I: Le Démantèlement de l’Empire ottoman et les preludes du mandat: 1914‑1994.
[27] الخريطة مرفقة في كتاب: Patricia Toye, ed., Palestine Boundaries, 1833‑1947, 4 vols. (London: Cambridge University Press, 1989).
(*) الخريطة منشورة على العنوان الإلكتروني: <https://commons.wikimedia.org/wiki/File:Sfera_italiana_Turchia_1917.jpg>.
[28] مثـلاً المنطقة الفرنسية في الخريطة الرقم (4) رسمت باللون الرمادي بدلاً من اللون الأزرق!
رابط المصدر: