تحقيق السعادة‮ ‬ديمقراطياً

محمد عبد الجبار الشبوط

 

يتضمن هذا المقال مقترحا لكيفية ادارة الصراع‮ ‬بين فريقين على تولي‮ ‬الحكم‮. ‬ينطلق الاقتراح من الفرضيات التالية‮: ‬ الفرضية الاولى‮: ‬يوجد في‮ ‬البلد فريقان كبيران فقط‮ (‬حزبان او تحالفان‮)‬،‮ ‬يستطيع اي‮ ‬منهما ان‮ ‬يحقق اغلبية مطلقة في‮ ‬مجلس النواب‮ (‬نصف العدد الكلي‮+‬واحد‮) ‬في‮ ‬انتخابات تنافسية حرة ونزيهة وشفافة‮. ‬يكلف رئيس الحزب الفائز‮ (‬بهذا المعنى العددي‮) ‬برئاسة مجلس الوزراء‮. ‬

الفرضية الثانية‮: ‬يوجد اجماع او اتفاق‮ ‬بين الحزبين المتصارعين على ان تحقيق السعادة للشعب في‮ ‬الدنيا هي‮ ‬الهدف الذي‮ ‬يسعيان من اجل تحقيقه‮. ‬تحقيق السعادة في‮ ‬الاخرة بالنسبة للمؤمنين بها مسألة فردية لا شأن للدولة بها‮. ‬في‮ ‬مجرى هذا الصراع التنافسي‮ ‬سوف‮ ‬يتخلى الفريقان عن التوصيفات او الاهداف العقائدية او الايديولوجية لكل منهما‮.‬

الفرضية الثالثة‮: ‬تحقيق السعادة للناس مرتبط بتجسيد القيم الحضارية العليا والتنمية المستدامة المذكورة في‮ ‬الدستور،‮ ‬والاعلان العالمي‮ ‬لحقوق الانسان‮ (‬عام‮ ‬1948‮)‬،‮ ‬و وثيقة الامم المتحدة لاهداف التنمية المستدامة‮ (‬عام‮ ‬2015‮). ‬يستطيع كل حزب التوصل الى شرعية هذه الاهداف بطرقه الخاصة‮ التي‮ ‬يؤمن بها‮. ‬وهذه الطرق ليست معروضة للتفاوض او النقاش بين الحزبين‮. ‬

الفرضية الرابعة‮: ‬يتم تحقيق القيم العليا عن طريق التشريعات والقوانين التي‮ ‬تسنها السلطة التشريعية في‮ ‬البلاد،‮ ‬والتي‮ ‬يتقاسم الحزبان مقاعدها البرلمانية،‮ ‬حزب في‮ ‬السلطة وحزب في‮ ‬المعارضة‮. ‬يستطيع نواب كل حزب التقدم بمقترحات قوانين لاسعاد الناس بالطرق الدستورية المعتمدة‮. ‬ايضا ليس هوية هذه القوانين،‮ ‬اسلامية او علمانية مثلا،‮ ‬موضوع نقاش او خلاف،‮ ‬لان العبرة بتشريعها من قبل مجلس التواب بحسب الضوابط التي‮ ‬تنص عليها المادة‮ ‬2‮ ‬من الدستور‮.‬

في‮ ‬اطار هذه المقدمات،‮ ‬فاني‮ ‬اقترح ان‮ ‬ينتقل التنافس بين القوى السياسية الى افق اوسع هو‮: ‬كيفية تحقيق السعادة للانسان‮. ‬ما هي‮ ‬التشريعات والقوانين والاجراءات العملية اللازمة لتحقيق السعادة؟ وتكون الاجابة عن هذا السؤال هي‮ ‬محتوى البرامج السياسية للاحزاب،‮ ‬فضلا عن المنهاج الحكومي‮.‬

وبناء على هذا الاقتراح،‮ ‬تتوقف المناقشات والصراعات حول العقائد والايديولوجيات،‮ ‬وتتركز نحو المنافع التي‮ ‬يمكن ان‮ ‬يحصل عليها المواطن بتطبيق هذه البرامج‮. ‬

نستطيع ان نتوقع ان بعض البرامج تروق للمواطنين،‮ ‬وبعضها لا تروق لهم‮. ‬لذا نتوقع ان‮ ‬يعطي‮ ‬الناخبون اصواتهم للمرشحين اصحاب البرامج الاكثر قدرة على اسعاد الناس،‮ ‬خاصة اذا تصرف الناخبون من وحي‮ “‬السعادة‮” ‬وجعلوها هدفا ومقياسا لهم‮. ‬

هذا هو موضوع التنافس في‮ ‬الدائرة السياسية‮. ‬اما اذا رغب كل فريق ان‮ ‬يدعو الناس الى العقائد التي‮ ‬انطلق منها في‮ ‬كتابة برنامجه،‮ ‬فان عليه ان‮ ‬يخاطب الناس بالموعظة الحسنة،‮ ‬فان اقتنعوا بما‮ ‬يدعوهم اليه،‮ ‬كان بها،‮ ‬وان لم‮ ‬يقتنعوا فلا اكراه في‮ ‬الدين‮.‬

الاخذ بهذا الاقتراح سيكون خطوة نوعية في‮ ‬طريق ترشيد العمل السياسي‮ ‬في‮ ‬بلدنا‮.‬

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/25851

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M