تمهيد
تعدَّدت أنواع الحروب ومسمياتها، وتوسعت مفاهيمها وتعريفاتها، الأمر الذي جعل البعض يتعمق في دراستها والبحث في طيّاتها، وإذا ما توغل الباحث في تعاريف ومقالات ودراسات وبحوث لذوي الاختصاصات المختلفة والمعتقدات والتوجهات المتنوعة، ربما سيجد نفسه قد التبس عليه مفهوم “الحرب الهجينة” أكثر من أن يتضح، لذلك سيكون من الأنسب طرح مفاهيم كهذه بأسلوب مبسط ونمطٍ قريب من الأذهان.
أنواع الحروب
قبل الخوض في مُعتَرَك “الحرب الهجينة”، فلنستذكر أنواع الحروب المُعَرَّفة سابقًا، وهي:
• الحروب التقليدية بين جيوش نظامية باشتباكات ميدانية مباشرة على الحدود أو في الأعماق.
• الحروب الثَّورية بأساليب قتال العصابات بين قوات عسكرية أو أمنية نظامية وبين فصائل سياسية مسلّحة.
• الحروب الاستباقية لقوات نظامية تجاه دولة أخرى أو حيال مجاميع مسلّحة في أرض أجنبية.
• حركات الأمن الداخلي لفرض الأمن بقوة سلاح الدولة باستخدام قوات عسكرية وشبه عسكرية نظامية ضدّ متمردين أو عُصاة أو عصابات.
وفي هذا الشأن يمكن إضافة أنواع أخرى من الحروب تبدو مَنسِيّةً وغير موجودة في المصادر المُتاحة، وهي “الحرب بالوكالة” و”الحرب الأهلية” و”الحرب المُرَكّبة”… ولكن لا يوجد ضرورة في الإسهاب في الحديث عنها في سياقنا هذا، ما دام طرح أنواع الحروب خارج عنوان بحثنا.
مفاهيم خاطئة عن الحرب الهجينة
لا يوجد لدى الذين كتبوا عن “الحرب الهجينة” (HYBRID WARFARE) مفاهيم جديدة سوى إطلاق هذا الاسم عليها، لـمّا كرّر بعضهم مقولة “إن الحرب امتدادٌ للسياسة”! وهي مقولة مضى عليها قرنان، ولا ارتباط لها بموضوع الحرب الهجينة.
فلو أمعَنَ المرء النظر في أعرق الحضارات بعموم التاريخ، لوجد أن ساستها لم يمتلكوا سوى ذراعَين للتعامل مع خصومهم، الأولى: التفاهمات البَينيّة، المعاهدات، الاتفاقيات، المواثيق، البروتوكولات والضغوط الدبلوماسية… والثانية: حين تُوصَد تلك الأبواب فيلتجئ الطرفان للسلاح المُتاح.
ويتطرّق آخرون إلى أن أعظم غايات الحروب الهجينة تكمن في إخضاع العدو دون الحاجة إلى اجتياز الحدود والتماس المباشر معه… وهذا يبدو طرحًا سطحيًّا بالمَرّة، لكون هذا الأسلوب بالذات كان معروفًا منذ القِدَم تحت مُسمّى “السّوق الأعظم/ الاستراتيجية العظمى” التي تحقَّقَت في صراعات دول قديمة وحديثة وفي القرن العشرين.
أما طروح بعض الباحثين بأن الحروب الهجينة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لتحقيق أهداف سياسية بأسلوب هجين ومُبهَم، فيمكن القول هنا: إن حقيقة الاعتماد على التكنولوجيات الأحدث ليس جديدًا على جميع أنواع الحروب المُصَـنّفة منذ قرون؛ لأن التقدم التكنولوجيّ شيء نسبيّ لا يُحَدَّد بتاريخ، بل إن لكل عصر أنواعًا مُستحدَثة من التكنولوجيا المتقدمة.
وفي مَناحٍ سواهما، يميل كُتّاب آخرون إلى القول بأن الحروب الهجينة قد تجاوزت المواجهات العسكرية التقليدية، لتشمل توظيف أدوات مُضافة في المجالات الاقتصادية، الإعلامية، الثقافية والاجتماعية.. في حين نرى أن طُرُز الحروب في عموم التاريخ لم تكن استخدامًا للقوة العسكرية لوحدها، بل إن أية حرب، مهما كانت محدودة، فإنها يجب أن تشمل جميع المجالات غير العسكرية المطروقة، مُضافًا إليها العلاقات الخارجية، الأمن الداخلي، البنية التحتية، الصناعة، الزراعة.. لذلك ينص العديد من دساتير الدول المتنوعة على تشكيل وزارة حرب، أو مجلس حرب، أو مجلس للأمن القومي مصغّر يرأسه رئيس الدولة أو الحكومة، ويضمّ في عضويته عددًا غير قليل من الوزراء والمسؤولين ذوي العلاقة بشؤون الحرب.. إذ من السذاجة تصوّر أن الحرب مجرّد زجّ بالقوات المسلّحة في أتون المعركة وتوجيهها وقيادتها في جبهات القتال، إنما تشتمل بالضرورة معظم مناحي الدولة برُمّتها.
وهناك من عَرّفَ الحرب الهجينة، بأنها تلك ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺸﻦّ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺙ ﺟﺒﻬﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﺤﺎﻭﺭ تشتمل تجمّعًا سكانيًّا ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، وبقاع ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍلإﻗﻠيمي، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭلي… يبدو هذا التعريف غريبًا بعض الشيء، كون هذه الأمور قد ظهرت في أكثر من حرب في القرن العشرين من دون تسميتها هجينة!
ماهيّة الحرب الهجينة
بعد عرضنا لأنواع الحروب والمفاهيم غير الواضحة والمتشابكة للحرب الهجينة وتشعّباتها، فلنأتِ الآن إلى تعريف أوضح لمصطلح “الحرب الهجينة”، وهو هذا الذي طُرِحَ للمرة الأولى عند تبادل الاتهامات الإعلامية بين “موسكو وواشنطن” في صراعاتهما الخفيّة وغير المعلنة في “أوكرانيا وشبه جزيرة القرم”.
فمن بين مجاميع التعاريف المقبولة، يمكن تعريفُ الحرب الهجينة تعريفًا أوفى بمفهوم أشمل لهذا النوع من الحروب، وهو أن: –
الحرب الهجينة: – هي “خليطٌ مُتَداخِل من الأساليب المُتَبَعة في الحروب النظامية وغير النظامية والصراعات الأهلية وعمليات الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب وحرب العصابات، مع الإفادة من التكنولوجيا الحديثة، وضرورة تجنّب المواجهة المباشرة حيال عدو متفوّق عسكريًا”.
الحرب الهجينة في الشرق الأوسط
وفيما كنتُ خائضًا في ربط الأمور مع طروحات الحرب الهجينة، اكتشفتُ أني لم أكن – بشخصي – بعيداً عن هذا الطراز من الحروب المُتَقَطِّعة في عقد الستينيّات ثم السبعينيات فالثمانينيات، وقتما عملتُ ضابطاً بِرُتَب ومناصِب متصاعدة بالجيش العراقي في حربنا ضدّ المتمرّدين الأكراد في شمالي الوطن.. فقد استشعرتُ أن معظم مفاهيم الحرب الهجينة ينطبق عليها تمامًا في حرب (1974-1975)، وبالأخصّ أثناء المواجهات العراقية- الإيرانية في أقاصي شمالي الوطن حينما تعاون القادة المسلّحون الأكراد مع “طهران” على شكل طابور خامس وأدلاء، وقاموا بتفجيرات لأكداس الأعتدة وقَطع الطرق، ممّا أدّى إلى إيذاء وطنهم الأصلي الذي يُفترض أنهم ينتمون إليه.
وكذلك عِشتُ وتعايَشتُ في خضمّ حرب كهذه – بكل معانيها – عند الغزو الأمريكي لوطني عام (2003) حين اندلعتْ المقاومة ضد الاحتلال.. وكل ذلك قبل اقتحام “داعش” لبلدي (حزيران/يونيو2014) بقوات متواضعة للغاية واستحواذه على 40% من أرضه في حرب هجينة بكل معانيها.. وما زالت الأوضاع غير هادئة وقابلة للانفجار في أية ساعة، ما دامت هناك أيادٍ ودول تمسك بنهايات الخطوط، وتتحكّم في شؤون العراق.
وما عدا “البوسنة وكوسوفو” الأوروبيَّتَين والعمليات الإرهابية لحزب العمال الكردستاني (P.K.K) في تركيا، فإن الحرب الهجينة تَجَلَّت بمفاهيمها في الشرق الأوسط منذ المقاومة المسلّحة للغزو العسكري السوفييتي لأفغانستان مطلع ثمانينيات القرن الماضي، تلك المقاومة العسكرية التي تداخل فيها أكثر من نمط حروب معروفة، وتمازجت مراحلها وتعددت أسلحتها ووسائلها وتجهيزاتها ومُعِدّاتها وأساليب قتال العصابات والتلغيم والتفجيرات والاغتيالات ونشر الرعب واتباع سُبُل الحرب النفسية في يومياتها، ناهيك عن البذخ الهائل من عشرات الدول المتمكِّنة ماديًا وبشريًا.
لماذا الشرق الأوسط؟
هنا سؤال رئيس لعنوان بحثنا هذا حول تطوّر المواجهات المباشرة في حروب الشرق الأوسط إلى عمليات مسلّحة هجينة؛ فالحروب التي شهدتها هذه المنطقة منذ القديم بِمُسمّياتها المختلفة، نجدها متتابعة على شكل سلسلة لا تنقطع، وكأنَّ أرضها خُلِقَت لتنهمر فيها الدماء مدرارًا، وتتناثر في ربوعها الأجساد تِباعًا، وسط صراعات مريرة قد يكون لها أوّل، ولكن من دون أن يبدو لها آخِر!
أما الحروب الهجينة بمصطلحها المُستحدَث، فقد تعدّدت وتلاحقت، وبالأخص في غضون العقدَين الأخيرين، بدءًا من أفغانستان ثم العراق، فليبيا، وسوريا، واليمن، والتي شهد معظم ربوعها حروبًا ذات مسميات متنوعة، حتى تحوّلت – منذ عقدَين في أقصاها إلى عقد واحد في أدناها – إلى صراعات هجينة شرسة وغاية في الضراوة، وما زالت حِبالها على الجرّار، ويبدو أنها ستتلاحق.
والتساؤل المطروح ليس عسكريًا بالـمَرّة بقدر ما هو سياسي، ولكن لـمّا كانت العسكرية لا تنفصل عن السياسة – على عكس ما يتصوّره البعض – لأنهما ذراعان أساسيان لأية دولة، فإن إجاباتنا قد تكون خليطًا تتداخل فيها الاثنتان.
فلماذا أضحى الشرق الأوسط مَرتَعًا للحروب والعمليات العسكرية الهَجينة من دون بقاع العالم الخالية – نسبيًّا – من هكذا حروب وقتالات عنيفة؟ فنجيب عنه بإيجاز على شكل نقاط فيما يلي: –
• منذ الحربَين العالميتَين الأولى والثانية وما بينهما وما تلاهما من عقود النصف الثاني من القرن العشرين، لم يشهد الشرق الأوسط هدوءً يُذكَر، بل كانت المنطقة مُتخَمَةً بكل طُرُز الحروب الأربعة المعروفة، فتعوّدت شعوبها على مثل هذه الأوضاع، وأضحت وكأنها النَمَط السويّ لحياتها، وما الحروب الهجينة التي لا تكاد تلقي أوزارها في المنطقة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين سوى تطوّر لطراز قديم.
• المواقف السلبية والعدائية للنُظُم الثورية – التي حكمت الشرق الأوسط منذ الخمسينيات – ضدّ العالمَين الغربي والشرقي على السواء، أكسبتها عداء دولهما، ومن المُسَلَّم به أن تعادي شعوبهما وتورّطها في صراعات ومتاهات، ولا تُعاضدهم حين يحين الحَين.
• احتواء الشرق الأوسط أقوامًا وأديانًا ومذاهب وطوائف وقبائل وعشائر تعتنق معتقدات متعاكسة ومُتأصِّلة في ذواتهم، مصحوبة بشغف امتلاك السلاح والزَّهْو والافتخار بجودة الاستخدام لحلّ المشكلات البينية، وشرعنة القتل والـمَقتَل من أجل الرموز والانتماءات. ومن أغرب الأمور أنها تفتخر حتى وقتما تتعاظم أعداد شهدائهم وجرحاهم ومعوَّقيهم… وهذا ما يُسَهِّل توجيههم، ويجعل بلادهم مرتعًا لحروب أنكى ومعارك أَمَرّ، ومن أيّ طراز كان.
• إصرار الشرق الأوسط على معاداة الصهيونية (ما المطلوب إذن؟؟؟) وخوض حروب حيال إسرائيل، جعلت إسرائيل تستجلب عداء الدول العظمى والكبرى عليه، ويتصيدون الفرص، ويحيكون الدسائس التي يسهل قذف شعوب المنطقة في أتونها وتوريطها بحروب تتلو حروبًا، في حين تسكب تل آبيب – عن بُعد – زيوتًا فوق نيرانها دون أن تخسر هي سوى حفنة من الدولارات، ومن دون أن تضحّي ولو بيهودي واحد.. وقد تستمر هذه الحروب لسنوات وعقود حتى تتفكك جيوش هذه الدول وتُشَتّت مجتمعاتها وتُغيَّر نُظُمُها السياسية، أو ربما جغرافياتها الإدارية وحدودها الدولية، وتتحقق تسويات جوارية ومناطقية وعالمية جائرة في ربوعها.
• شغف أقطار الشرق الأوسط بامتلاك ترسانات هائلة من السلاح الثقيل، ورؤية العالم لها أنها تشكّل خطرًا داهمًا على الجوار بشكل عام وإسرائيل على وجه الخصوص؛ لذا ينبغي التخلّص من هذا الخطر بإشعال حروب لا نهاية لها، وصولًا للحروب الهجينة.
• تَوَفُّر الكثير من مواطني الشرق الأوسط القادرين على استخدام السلاح ببراعة، كونهم قد خاضوا وخبروا معارك ميدانية نظامية وسواها من المسمّيات خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، والذين يُفادُ منهم في تأجيج عمليات عسكرية هجينة بجدارة تحت ظلال الميليشيات المسلّحة بحُجج متنوِّعة، سواء بالاعتماد على الأفكار المتطرفة، أو للارتزاق.
• المعروف أن شركات السلاح العملاقة لدى الدول العظمى تقتات على المليارات التي تستحصلها من موازنات الدول المستهلِكة، ولا مانع لديها من إغداق الملايين على تجار الحروب لإشعال أنكى صور القتال فيما لو تكدّست منتَجاتها في مستودعاتها، ودول الشرق الأوسط الثرية خير مرتع لذاك، وبالأخص الحروب الهجينة التي تستهلك أسلحة وذخائر ومعدات وآلات وتجهيزات، وعادة ما يطول أمدها وترتفع تكاليفها ماديًّا وبشريًّا أكثر بكثير من طُرُز الحروب الأخرى، وقلَّما تتدخّل دول مؤثرة ومنظمات دولية لحسم مثل هذه الصراعات لمصلحة هذا الطرف أو ذاك.
• أرواح الجنود لدى الدول العظمى وبعض الدول الكبرى عزيزة وغالية؛ لذلك فقد بادرت – بعد إشعالِها لحروب متنوعة – إلى سحب معظم جنودها من المنطقة، وباتت تتدخل في ميادين الشرق الأوسط وتدعم هذا بالسلاح والمُعِدّات وذاك بالأموال وذلك بالتعاون العسكري والتدريب لمواصلة الحرب الهجينة دون هوادة، وبذلك تحقق استراتيجياتها بكُلَفٍ وتضحيات أدنى.
• وكذلك عملت دول الغرب عند اندلاع الحراك في دولٍ عربية، فقد دعمت بعض “القادة” حتى أُسقِطَت نظم حكم سابقة، ثم سكبوا الزيت على الحرائق كي تتواصل الصراعات بين مكوّنات الشعب الواحد بأسلوب الحرب الهجينة وبقيادة بعض الجهلة والفاسدين الذين غدوا – بين عشية وضحاها – أصحاب قرار متحكِّمين في أمور الدول ومصيرها، ممن يسهل دفعهم نحو الأسوأ والأنكى دائما.
• ظواهر الفساد الإداري والمالي التي تَسبّبَت في انتشار الفقر والمجاعة والبطالة في عموم المجتمع، ومعها ظهرت حاجة الناس إلى استحصال أي دخل مالي يسدّ رمَقَهم ويُسيِّر حياتهم اليومية، فوجدوا ضالّتهم في حمل السلاح والانخراط في صفوف الجيش أو الميليشيات المسلّحة كفرصة يتيمة أمامهم، وهم متأهبون لتنفيذ أوامر زعمائهم لمواجهة كائن من يكون، ومن دون دراية بارتباطات قادتهم ومآربهم في ظلّ تراجع سطوة الدول وقوانينها وعدم محاسبة الخارجين عليها.
• لقد استُخدمت الوسائط الإرهابية من عبوات ناسفة وألغام ضد الأشخاص والعجلات وسيارات ملغومة في حروب الشرق الأوسط الهجينة، كما دارت شكوك باستثمار أسلحة كيميائية محلّية الصنع ضد الآهلين… ولكن لا يُستبعد أن يأتي يوم تستخدم فيه أسلحة جرثومية، ولربما حتى النووية الصغيرة المصممة لضرب أهداف ميدانية محدودة الحجم والمساحة.
• وفيما تُعتَبَر الإلكترونيات والتكنولوجيات ومواقع التواصل من الأمور اللازمة لاستكمال مفهوم الحرب الهجينة، سواء لإحداث التأثيرات النفسية في الخصم ونشر الإشاعات أو للتبادل الفوري للمعلومات والاستخبارات، فقد باتت هذه الاختراعات من الممتلكات السَوِية لأبسط المواطنين، بعدما ظلّ الجهاز اللاسلكي قصير المدى – قبل عقود – حكرًا على الدولة ومؤسساتها… وبذلك استُكمِلت عناصر هذه الحرب بالاستثمار الممنهج لوسائل الحرب النفسية والإلكترونية، ولربما حتى الهجمات والمداخلات السيبرانية، وبشكل يصعب على أعظم الدول منعها حتى داخل حدودها.
الخاتمة
تمَيَّزَ الشرق الأوسط خلال العقدَين الأخيرين – بعد موقعَين أوروبيّين – بخوض قتالات دموية وشرسة سمِّيت بـ«الحرب الهجينة”، التي عُرِّفت بكونها خليطًا مُتَداخِلًا من الأساليب المُتَبَعة في الحروب غير النظامية والأهلية وعمليات الأمن الداخلي والإرهاب وحرب العصابات، إلى جانب الإفادة من التكنولوجيا الحديثة وتجنّب المواجهة المباشرة حيال عدو متفوّق عسكرياً.
ومن المؤسف أن تكون أمثلتنا الواقعية على ذلك منحسرة في الصراعات القائمة وسط كل من “العراق، سوريا، ليبيا واليمن” بعد “أفغانستان”، لاعتماد المواجهات الدائرة في ربوعها أنماطًا من الحروب المتلاحقة حتى وَلَّدَت طرازًا هجينًا تشترك في صراعاته قوات الدولة النظامية إلى جانب ميليشيات وفصائل مسلّحة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب والوقوف بوجه مخاطر تهدّد الوطن.
رابط المصدر: