مازن صاحب
على الرغم من اختلاف ردود الأفعال على زيارة بابا الفاتيكان لعراق الحضارات فإن السؤال الابرز المطلوب اثارتهـ ماذا بعد زيارة الحبر الاعظم للعراق؟
لست بصدد تفريق الاهداف وتحليلها على وفق اهواء ردود الافعال العراقية التي لاحظتها في مختلف كروبات التواصل الاجتماعيـ وما يمكن ان نتوقف عنده من ميول واتجاهات واضحة في نقد مضمون الزيارة او التعامل مع نتائجها بذات العقلية لإدارة المحاصصة في العملية السياسية، لأن حقيقة مقولة الحبر الاعظم الكبيرة بانه يحج الى هذا البلد ما يمكن ان يشجع على خطوات مقبلة تعيد قراءة خارطة السياحة الدينية دوليا واقليميا ليس بالتعامل فقط مع منطقة اور الأثرية وبيت نبي الله ابراهيم بصفته اب الأنبياء.
بل في انتباهة مهمة للتعامل مع الميراث المسيحي في العراق، الكنائس التي تعد اقدم كنائس العالم المسيحي منها في بغداد وحيرة النجف الاشرف وكربلاء، ناهيك عن كنائس اخرى في سهل سنجار وغيرها من المحافظات العراقية، لذلك لابد من تكرار السؤال كيف يمكن استثمار كلمات الحبر الاعظم في برامج مجتمعية واقتصادية وتربوية وثقافية، تجعل الأراضي العراقية منطقة دولية للإستثمار في حج مسيحي العالم؟
اول ما يتطلب طرحه عن ملتقى الديانات الإبراهيمية الذي سيكون نقطة الارتكاز المستقبلية في هذا المشروع الضخم للإستثمار في الحج المسيحي وربما اليهودي، هل ستكون ردود افعال اهل الحل والعقد في هيكل الدولة العراقية للتعامل مع هذا المنفذ الدولي للخلاص من حالة الاقتصاد الريعي والانطلاق نحو فضاءات الانتفاح ومشاركة النظام الدولي للربع الثاني من القرن الحادي والعشرين.
ثاني ما يتطلب مناقشته، تلك المواقف وردود الأفعال وتصارع القوى المجتمعية والدينية في متون العملية السياسية الحالية وهي تبحث عن فرص الخلاص من أزمات متشابكة اقتصادية واثار جائحة كورونا، فيما تفتح نتائج هذه الزيارة اكثر من نافذة لرؤية الضوء العراقي في نهاية نفق العملية السياسية المظلم.
ثالث ما يمكن الحديث عنه يتمثل في تلك الإجراءات المطلوب النهوض بها في فواعل اقتصادية مرجعيات دينية مسيحية وإسلامية، تستجمع ذلك النهج الذي تركه الحبر الاعظم في صلاته من اجل العراق والعراقيين، هل ستكون هناك مراجعة حقيقية للواقع من خلال مواقف متجددة لمرجعية السيد السيستاني.
وما تأثيرها على هذا الاستثمار الكبير الذي يحتاج الى تقييم وتقويم العملية السياسية برمتها، فهذا الوهج الروحي يحتاج الى عقلية تختلف كليا عما هو موجود في عمران الشخصية السياسية العراقية، لاسيما في فهم الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم للفارق ما بين هوية المواطنة الدستورية مقابل هوية المواطنة وفق التكليف الشرعي بمفهومي البيعة والتقليد، وهذا التغيير لن يكون من دون فتوى تبين حقيقة هذا الفارق بما يجعل العراقي يقترع للمواطن مسيحيا كان ام مسلما لأنه الافضل في القائمة الانتخابية.
النقطة الاخيرة في هذه الانتباه لاستثمار ما بعد زيارة بابا الفاتيكان، حقيقة دور الأكاديميين والمثقفين ومختلف وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي… هل نحن قادرين على التعامل مع ما نتج على طريق الحج الدولي لارض العراق الواحد وطن الجميع أم ان العصبية القبلية العشائرية وافرازات جاهلية القرن الحادي والعشرين ستبقى هي المهيمنة على مصير وطننا بما يفرض ديمومة قاتلة لمفاسد المحاصصة؟
تساؤلات السيادة الوطنية العراقية مطروحة للنقاش اليوم، ولا وقوف على التل من اجل نقاش بلا جدوى غير المزيد من الجهل والفقر والمرض، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
رابط المصدر: