أ.د. علي عباس مراد
أكاد أزعم هنا، وعسى أن أكون مصيباً وصادقاً في زعمي، أن هذا الكتاب جديد تماماً على المكتبة العربية في عنوانه الذي لم أجد له نظيراً فيها، وهو أيضاً، وعلى قدر علمي المتواضع، جديد في نظرته لموضوعه وأسلوب تعامله معه، تعاملاً جمع بين العمومية والتخصص في هذا الموضوع من جهة، والتركيز على بعديه الإجتماعي والسياسي من جهة ثانية، والربط بين القديم والحديث والمعاصر من مساراته من جهة ثالثة، وإذا كان من المسلّم به أن الإنسان صناعة الإنسان، وأن الإنسانية الإجتماعية والمواطنة السياسية، صناعة إجتماعية، على تفاوت في تقدير النصيب الإنساني في هذه الصناعة، فإن تفاصيل ذلك كله لم تحظ في اللغة العربية من قبل بدراسة جامعة، كما حاول هذا الكتاب أن يدرسها في أصولها، ودواعيها الإجتماعية والسياسية، الفردية والمجتمعية، وتأسيساتها النظرية، وتطبيقاتها العملية، والتحولات الحادثة في تلك الدواعي والتأسيسات والتطبيقات قديماً وحديثاً.
ولكن هذا، لا يمنع من الإقرار أيضاً، بأن كل ما قد يقال عن حسنات هذا الكتاب وإيجابياته، لا يمكن أن ينزهه عن السيئات والسلبيات التي لا بد أن يكون حافلاً بها، لأنه أولاً نتاج إنساني، ولا بد لكل نتاج إنساني أن يكون ناقصاً وقاصراً، نقصان وقصور الإنسان الذي أنتجه، ولأنه ثانياً يعالج موضوعاً على قدر من الأهمية والإتساع والشمول.
لقد تطلّب إنجاز هذا الكتاب جهداً مضنياً، ليس فقط بسبب البحث الدائب والدائم عن مصادره، وصياغة مقدماته ونتائجه، وترتيب وعرض أفكاره، بل وأيضاً بسبب التفكير أصلاً وإبتداءً في ذلك كله طوال سنوات، حتى أتيحت الفرصة أخيراً لإكتماله في صيغته النهائية التي أرجو بعد ذلك العناء وتلك المعاناة، أن تكون على قدر من الصواب والموضوعية والجدوى النظرية والعملية، تجعله جديراً بجهد ووقت من يكون مستعداً للتضحية بهما للتصدي لقراءته، وعلى ما يراودني من أمل كبير في بلوغ هذا الهدف أو بعض منه، فإني اعتذر إن لم أفعل، ولن أفعل ولو حرصت.
الاطلاع على الكتاب ( المصدر مكتبة النهرين السياسية)
رابط المصدر: