اقليمي ودولي حركات التمرد السودانية في ليبيا

مقدمة

واجهت الحكومة السودانية في الحدود الغربية تقلبًا في العلاقات مع ليبيا بسبب الحرب في دارفور، حيث اتسم الموقف الليبي في عهد القذافي بالتقلب، كانت ليبيا لا تثق في السودان، وتضعها في خانة الشك كونها توفر دعمًا عسكريا ولوجستيا لمتمردي دارفور، كما كانت ليبيا ملاذًا لمئات الآلاف من المهاجرين الدارفوريين ما يشكل دعمًا مباشرا أو غير مباشر للتمرد. يقع إقليم دارفور في القسم الغربي من السودان وتحده أربع دول مجاورة ليبيا من الشمال، وتشاد من الغرب وجمهورية إفريقيا الوسطى من الجنوب الغربي، وجنوب السودان من ناحية الجنوب، ومثل بقية حدود السودان تتداخل القبائل وتتواجد في إقليم دارفور وداخل حدود جيرانها خاصة مع تشاد وجزء من ليبيا، وتنقسم تلك القبائل إلى قبائل عربية وأخرى إفريقية تتنافس جميعها على امتلاك الأراضي وموارد المياه.

سعت قوى دولية وإقليمية منذ انطلاق الثورة الليبية عام 2011 بعد سقوط نظام القذافي، لإعادة التموضع وتوسيع دائرة نفوذها في ليبيا، مستفيدة من حالة الفراغ السياسي والأمني الذي حل بها بعد الثورة، حتى باتت ليبيا ساحة مفتوحة يشتد فيها التنافس إقليميا، ومنذ انقسام السلطة في ليبيا بين “حكومة الوفاق الوطني” المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس؛ ومنافستها في شرق ليبيا، “الحكومة المؤقتة”، المدعومة من “مجلس النواب في طبرق والجماعة المسلحة المعروفة بـ “الجيش الوطني الليبي” التابعة للمشير المتقاعد خليفة حفتر، اضطلعت دول كـ الإمارات، ومصر، وروسيا وفرنسا بأدوار رئيسية في دعم حفتر، فيما دعمت تركيا وقطر حكومة الوفاق، وامتلك كل طرف منهم مجموعات من “المقاتلين الأجانب”، قَدرت الأمم المتحدة عددهم بنحو 20  ألفًا [1]، و من بين هؤلاء المقاتلين آلاف الروس والسودانيين والتشاديين، وتعتبر  منطقة الجنوب الليبي أحد أكثر المناطق احتضانًا للمجموعات الإفريقية المسلحة، حيث تتمركز قبائل “التبو والزغاوة”  التي لها وجود في ليبيا وتشاد والسودان.

يتم تعريف الشخص المرتزقة على أنه “الشخص الذي يقوم بالقتال في أحد بؤر الصراعات المختلفة والتوتر للحصول على مقابل مادي”، وقد تكون هذه الصراعات بسبب حرب أهلية أو صراعات أثنية وعرقية، كما أن هؤلاء الأشخاص ليسوا مقيمين أو رعايا أو أفراد في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع فضلا على أنهم ليسوا أعضاءً في القوات المسلحة لأي دولة أخرى.

تتمثل العوامل الرئيسية في استمرار العنف بدارفور في النقاط التالية:

  • الإخفاقات المتكررة لاتفاقيات السلام.
  • عمليات إعادة دمج المتمردين.
  • قلة الفرص الاقتصادية.
  • غياب البدائل السياسية في تشاد.
  • استمرار الفوضى والصراع في ليبيا.

تساهم تلك العوامل إلى تدويل الفصائل المسلحة في المنطقة واستقلالها المتنامي، كما مثلت الفوضى العارمة التي عمت ليبيا العديد من الفرص للحصول على الأسلحة والموارد المالية، إلا أن المتمردين السودانيين يرون أن ليبيا المعاصرة لا توفر الظروف المواتية لتمرد منظم ويعزى هذا الأمر بدرجة كبيرة إلى أن المتمردين يميلون إلى أن يصبحوا مرتزقة أو مهربين، أو حتى أن يتقاتلوا فيما بينهم على النهب، أو لأسباب استراتيجية، أو قبلية، أو شخصية.

ومع استعادة قوات حكومة الوفاق سيطرتها على كامل مدينة طرابلس منتصف عام 2020، وتراجع قوات حفتر إلى مشارف سرت- الجفرة، وقعت اللجنة العسكرية التي تضمّ ضباطًا رفيعي المستوى ممثلين عن حكومة الوفاق والقيادة العامة لقوات حفتر اتفاقًا لوقف إطلاق النار الدائم في جنيف برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في 23 أكتوبر 2020، نصّ على ضرورة إخراج المقاتلين الأجانب وسحبهم من خطوط التماس خلال مدة 3 أشهر من تاريخ التوقيع على الاتفاق [2]، ومع انتهاء المدة المحددة وعدم خروج المقاتلين الأجانب طلب مجلس الأمن الدولي، مطلع فبراير 2021، نشر مجموعة أولى من المراقبين للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار في ليبيا. [3]

يتوقف خروج المقاتلين من ليبيا على وجود إرادة دولية، وما يزيد من تعقيد المشهد الليبي هو تعدد الأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة في الأزمة وتعارض مصالحها بشكل كبير للغاية بشكل يجعل أي حديث عن تسوية في غاية الصعوبة. وتهدف الدراسة إلى معرفة جذور تواجد المقاتلين السودانيين في ليبيا، وحدود الدور الذي تلعبه تلك الحركات في الصراع الليبي، والدور الإماراتي الداعم لتلك الحركات.

لقرأة دراسة حركات التمرد السودانية في ليبيا برجاء الاطلاه علي ملف الـ PDF

الهامش

[1] -الأمم المتحدة: 20 ألف مسلحٍ أجنبي في ليبيا يشكلون أزمة خطيرة، روسيا اليوم، تاريخ النشر 3 ديسمبر 2020

[2] -حقائق-ما الذي يتضمنه اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا؟، Reuters، تاريخ النشر 23 أكتوبر 2020

[3]– مجلس الأمن يطلب نشر مراقبين في ليبيا للإشراف على وقف إطلاق النار، فرانس 24، تاريخ النشر 4 فبراير 2021

 

رابط المصدر:

https://capitalforum.net/%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%85%d8%b1%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a7/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M