بهاء النجار
الظلم هو أبرز تحديات الدولة المهدوية الموعودة ، وكلما اتسعت دائرة الظلم كلما كانت عائقاً في تعجيل الظهور المبارك ، وكما بينّا أن الظلم يعمّ العالم بأسره وعلى كافة المستويات ، فمن كان واعياً لهذا الظلم وحجمه ينبغي عليه محاربته وتهشيم أسسه التي لا تحتاج الى قوة عسكرية لتهشيمها وإنما الى قوة فكرية وثقافية وصلابة عقائدية وإيمان راسخ لا تزعزعه مضلات الفتن .
وقد يرى البعض أن هذا الكلام نظري ومبالغ به ولا يمكن تطبيقه على أرض الواقع !
ونقول : هذه الرؤية تشاؤمية بعيدة عن قواعد الإيمان التي اشترطناها في بداية حديثنا ، فالعصفورة التي حملت بمنقارها قطرة ماء لتطفي نار النمرود التي سعّرها لإبراهيم عليه السلام أفضل من أصحاب هذه الرؤية المتشائمة ولكنها ليست أفضل من المؤمنين الحقيقيين المنتظرين والممهدين لدولة العدل الإلهي .
فكل ممهّدٍ يرغب بالتشرف للتمهيد لدولة مهديه المنتظر عليه السلام يمكنه محاربة الظلم الذي ضمن دائرته وبحدود مسؤولياته الشرعية والاجتماعية من دون تحميل نفسه أكثر من طاقتها ، المهم أن لا يقصّر في محاربة الظلم الذي يحدث أمامه وأن يبذل كل ما بوسعه للقضاء عليه والله هو الموفق ، وأن يضع في ذاكرته دائماً العصفورة الإبراهيمية .
وأن أمام الممهدين مواجهة فردية للظلم ومواجهة جماعية مؤسساتية له ، فمن لا يستطيع في المواجهة الفردية يمكنه المواجهة المؤسساتية من خلال الانخراط في المؤسسات التي تسير محاربة الظلم بأي من أشكاله ، ثقافي كان أم سياسي او اجتماعي ام عقائدي ، وكل بحسب خلفيته المعرفية وطاقته المعنوية والجسدية .
وعلى الممهدين أن لا ينسوا أن الظلم العالمي عند محاربتهم الظلم المحلي ، فبسبب العولمة والانفتاح المسيطر عليه من القوى العالمية الظالمة فإن كل ظلم يحدث في المجتمع له سبب من بعيد او قريب متعلق بتلك القوى المعادية لكل عدل ، فما أكثر المشاكل الأسرية – فضلاً عن الأعظم منها – التي تحدث بسبب مواقع التواصل الاجتماعي التي وضعت بعناية من أجل زيادة مساحة العولمة التي لم تكفها الفضائيات ، فمن يتصور أن هذه المواقع المجانية وضعت بشكل عفوي غير مدروس فهو لا يعرف عن الظلم الممنهج الذي تسكله تلك القوى الظالمة .
وأن لا ينشغل الممهدون بالظلم العالمي وينسون الظلم المحلي ، ولا العكس طبعاً ، وعليهم الموازنة بينهما بحسب المتوفر من الوقت والجهد والإمكانية المعرفية ، فهناك مواجهة تكون عاجلة غير قابلة للتأجيل فهذه يجب تقديمها حتى وإن كانت محلية بسيطة ، وبربط كل ظلم محلي بالظلم الخارجي بطريقة علمية مدججة بالأدلة والبراهين يمكن محاربة الظلم العالمي بصورة أسهل وأسرع ، والله موفق الممهدين .
رابط المصدر: