الانتخابات النيابية القطرية : أبعادها المحلية و الإقليمية

د.رعد هادي جبارة

شهدت قطر يوم الثاني من تشرين الاول اكتوبر 2021 اجراء الانتخابات النيابية بعد حوالي شهرين من الاستعدادات و اصدار التشريعات القانونية و فتح باب الترشيح و التوعية و الدعاية الانتخابية ،و جرى تقسيم الدولة المذكورة الى 30 دائرة انتخابية ؛تضم كل دائرة انتخابية (فريج اوعدة فرجان أي منطقة او عدة مناطق).و بلغ عدد المرشحين[ 234 ]مرشحا بينهم[ 27 ]امرأة بعد أن تنازل عن الترشيح الأولي [ 49 ] رجلاً و امراة واحدة ، علماً بان 90% من سكان قطر هم أجانب ويبلغ العدد الكلي السكان مليونين و 750 الف نسمة.
وهذا لا يعني ان قطر لم يكن فيها مجلس للشورى قبل هذا اليوم،بل كانت ذات مجلس استشاري، الا انه في ضوء طبيعة البلد و التكوينة الاجتماعية القبلية ونمط الحكم في الدول الخليجية فان مجلس الشورى القطري كان يتم اختيار اعضائه من قبل امير الدولة شخصياً .
ومنذ عام 1972 قامت منظمة اليونسكو بتسجيل مبنى مجلس الشورى القطري الواقع في الدوحة القديمة و قرب سوق واقف كأحد المعالم التراثية الجميلة لديها ، والذي يعتز به القطريون كثيرا،
وكان المجلس يضم أبرز الشخصيات الناشطة و الفاعلة والوجوه البارزة لمعظم القبائل المعروفة، و كانت شرائح المجتمع ممثَّلةً في مجلس الشورى ومنهم طبعا المواطنون الشيعة الذين اختار امير قطر السابق من بينهم الوجيه والتاجر والمحسن المعروف ناصر بن سليمان بن حيدر الحيدر ليكون عضوا و ممثلاً لهذه الشريحة من المواطنين.
و بموجب قانون الانتخابات الجديد فانه لا يحق لأي شخص من أسرة آل ثاني الترشيح لعضوية مجلس الشورى المنتخَب ،ولذلك لم يكن من بين المرشحين أي إسم من عائلة آل ثاني.
ويبلغ عدد اعضاء مجلس الشورى القطري الجديد 45 عضواً 30 منهم ينتخبهم الشعب القطري مباشرةً و ال15 الاخرون يختارهم امير الدولة من بين الشرائح و المذاهب و الفئات المختلفة نساء و رجالاً ،وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة للبلاد لكي يكون المجلس شاملاً و عادلاً و متنوع التكوين.
ويقوم المجلس المذكور بمناقشة وتعديل الميزانية العامة للبلاد، وإصدار القوانين اللازمة في مختلف مجالات الحياة العامة،داخلياً و خارجياً، و إصدار التوصيات الضرورية للوزراء و الوزارات المختلفة، و مراقبة أداء الوزراء ، وعزل الوزير غير الكفوء.
و يعتبر اجراء الانتخابات النيابية في قطر أبرز حدث سياسي في هذه الدولة الخليجية ،حيث شهدت الانتخابات تنوعاً في البرامج الإنتخابية للمرشحين، وتنافساً شديداً بين المرشحين في مختلف المدن و النواحي و المحلات [التي تسمى “فرجان” ] وسجل الناخبون تفاعلاً كبيراً مع صناديق الاقتراع رغم ظروف الجائحة، بحيث بلغت نسبة التصويت 63%.وبمجرد انتهاء التصويت في السادسة مساءً بدأت اللجان المشرفة على الصناديق فرز الاصوات أمام كاميرات التلفزة بشكل مباشر و على الهواء عبر قناة تلفزيون قطر 1و2 و قناة الريان و قناة الجزيرة، و بدأ العد والفرز بحضور المرشحين انفسهم أو ممثلوهم ،في المقرات الانتخابية، تعبيراً عن الشفافية في تشخيص النتائج وإعلان الفائزين بالسرعة الممكنة .
لكن بعضاً من أعضاء الذباب الإلكتروني لدولٍ خليجيةٍ حاول الهمز واللمز في هذه الانتخابات بَيدَ أنه في ضوء التشكيلة الاجتماعية القبلية و نمط النسيج الخليجي وطبيعة المجتمع القطري وافتقاد هذه البيئة للعمل الحزبي المنظّم فان هذه التجربة تعتبر جديدة و يمكن تطويرها ،ولم يسبق لها مثيل سوى في الكويت، ولاننسى أن قانون الانتخابات البرلمانية في مصر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك كان يقضي بأن الرئيس يعيّن نصف عدد اعضاء البرلمان ،والشعب ينتخب النصف الاخر ، وهؤلاء بمجموعهم يختارون الرئيس. وكان ذلك الاسلوب التلفيقي بين الانتخاب والتعيين مقبولاً او مشروعاً لعشرات السنين.
*باحث ودبلوماسي سابق

 

.

المصدر: عبر منصات التواصل للمركز

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M