جاسم محمد
كشف جهاز مكافحة التجسس العسكري، وهو أحد أفرع المخابرات الألمانية يوم 22 أمس سبتمبر 2021، عن وجود متطرف يميني مشتبه به في وزارة الدفاع، وفقا لمجلة شبيغل، التي ذكرت أنه كانت لديه القدرة للوصول إلى معلومات هامة وحساسة تتعلق بمهمات الجيش الألماني. وفي أعقاب ذلك، أبلغت وزارة الدفاع أعضاء في البرلمان الألماني أن متحدثًا باسم قسم التخطيط والانتشار، قد لفت الانتباه إليه بسبب مواقفه اليمينية المتطرفة. وبعد قيام جهاز مكافحة التجسس العسكري MAD، وهو أحد أجهزة المخابرات الألمانية الثلاثة على المستوى الفيدرالي، ويؤدي مهام وكالة فيدرالية لحماية الدستور، بالتحقيق، وجد معلومات أمنية “تتعلق بالتطرف اليميني”، ما أدى إلى منعه على الفور من الوصول إلى الأنظمة الداخلية للوزارة، بحسب مجلة دير شبيغل الألمانية
وفي هذا السياق كشف تحقيق استقصائي يوم 21 سبتمبر 2021 شاركت فيه عدد من المؤسسات الإعلامية الألمانية، تمّ الكشف عن توقيف شرطية عن العمل كانت تربطها صداقة مع منفذ هجوم هاله المعادي للسامية، بعد أن تمّ العثور على رسائل أرسلتها له في زنزانته. ذكرت تقارير إعلامية أنه تمّ إيقاف شرطية شابة عن العمل بعدما تبيّن أنها أقامت علاقة صداقة عن طريق المراسلة لشهور مع منفذ هجوم معادٍ للسامية في مدينة هاله الألمانية والذي أودى بحياة شخصين.
وفي حادثة متفرقة أخرى ، هاجم الالماني “شتيفان ب” ( 27 عاما) معبد يهودي في مدينة هالة الألمانية، جريمته بدوافع يمينية متطرفة وأودت بحياة شخصين اثنين، بشكل منفرد . وثّق شتيفان هجومه الإرهابي بواسطة كاميرا كانت مثبتة على خوذة كان يرتديها. كان شتيفان كمنفذ وحيد يبث جريمته بشكل مباشر لمدة نحو 35 دقيقة على منصة ‘Twitch’ للألعاب التابعة لشركة أمازون. وقضت محكمة المانيا بسجن شتيفان مدى الحياة.
تفكيك سرية النخبة KSK
أتخذت وزارة الدفاع قرارابتفكيك سرية تابعة لقوات الكوماندوز الخاصة التابعة للجيش الألماني KSK منتصف شهر يوليو 2020 بعد عدة حوادث لليمين المتطرف. أعلنت وزارة الدفاع الألمانية ، ، حل جناح النخبة في القوات المسلحة بسبب مزاعم عن التطرف اليميني المتطرف داخل صفوفها. أعلنت وزيرة الدفاع أنجريت كرامب كارينباور عن خطط لتفكيك السرية الثانية من قوات الكوماندوز الخاصة (KSK) . هذه الخطوة هي جزء من إجراءات أوسع لمكافحة التطرف اليميني داخل القوات المسلحة. واتخذت وزيرة الدفاع الالمانية يوم 27 مايو 2020 قرارا بإجراء “تحليل هيكلي” للقوات الخاصة وتقديم استنتاجات عن كيفية مكافحة الاتجاهات اليمينية المتطرفة بصورة أفضل ضمن صفوف هذه القوات. وشاركت في هذه المهمة أيضاً المفوضة الألمانية الجديدة لشؤون الجيش، إيفا هوغل من اجل رفع النتائج للبرلمان.
ضابط ألماني ينتحل صفة لاجيء سوري!
ويقول ممثلو الادعاء في المانيا إن ضابط الجيش الألماني يدعى “فرانكو” البالغ من العمر 32 عامًا أخذ أسلحة ومتفجرات من الجيش الألماني لشن هجوم على أهداف من بينها سياسيون رفيعو المستوى. اعتقلت السلطات النمساوية فرانكو أ مطلع عام 2017 ، وهو جندي محترف بالفعل في الجيش الألماني ، أثناء محاولته استعادة مسدس فرنسي وذخيرة كان قد أخفاها في حمام بمطار فيينا . بعد التحقق من بصمات أصابعه في قاعدة بيانات ، اكتشفت السلطات أن الرجل ، المولود لأب إيطالي وأم ألمانية في منطقة هيسن بألمانيا ، تم تسجيله بالفعل كلاجئ سوري يعيش في بافاريا. على الرغم من حقيقة أنه بالكاد يتحدث العربية وكان من المفترض أن يعمل بدوام كامل في قاعدة عسكرية في الألزاس ، حينها لم يكشف أحد أنه يعيش حياة مزدوجة، ضابط الماني وينتحل شخصية لاجيء سوري، وكان الهدف هو الاساءة الى اللاجئين وخجمة الى التيارات اليمينية المتطرفة.
فصيل ألماني في ليتوانيا .. انتهاكات عنصرية واعتداءات جنسية
قالت وزيرة الدفاع الألماني أنجريت كرامب كارينباور وفقا لتقرير بي بي سي انكليزي في الثامن من يونيو 2021 إن الإبلاغ عن انتهاكات عنصرية وجنسية في فصيل ألماني متمركز في ليتوانيا عرّض سمعتها بالكامل للخطر. وقد تم استدعاء الثلاثين جنديا ـ القوة الألمانية ـ وقالت إن الفضيحة كانت “صفعة على الوجه” لكل من يخدمون في القوات المسلحة. وتحدثت التقارير عن اعتداء جنسي وتنمر ومعاداة للسامية وأغاني نازية. وكان الفصيل جزءًا من مهمة الناتو. وقالت مخاطبة أكاديمية ضباط الجيش الألماني في هامبورغ: “من خلال سلوكهم ، عرّض هؤلاء الجنود بشكل تافه سمعة الجيش الألماني بأكملها للخطر”. المزاعم ، التي أوردتها صحيفة “دير شبيجل” للمرة الأولى ، تتعلق بحفل أقيم في فندق في ليتوانيا في نهاية أبريل 2021 كشفت تلك الممارسات.
قررت لجنة برلمانية المانية في ديسمبر 2020 أن “جيش الظل” الذي يعمل داخل الجيش الألماني النظامي كان يخطط للإطاحة بالنظام الديمقراطي في المانيا وإن “شبكات” المتطرفين اليمينيين قد أثبتت وجودها داخل القوات المسلحة وأجزاء أخرى من جهاز الأمن. وخلالها فحصت وكالة مكافحة التجسس التابعة للجيش الألماني MAD، بمكافحة التطرف اليميني في صفوف الجيش ، ووجدت 843 حالة مشتبه بها من التطرف اليميني في الجيش خلال عام 2020 ، وفقًا لتقرير وزارة الدفاع ، وهي زيادة واضحة عن الاعوام السابقة.
النتائج
إن ازدواجية ألمانيا الطويلة بشأن قواتها المسلحة ، المعروفة باسم “البوندسفير” ، قد تكون متجذرة في دروس التاريخ. ولكن يمكن أيضًا أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة من خلال تعزيز ثقافة فرعية عسكرية ، في أجزاء من القوات المسلحة ، على خلاف مع المجتمع الذي أقسم هؤلاء الجنود على الدفاع عنه.
ـ لايزال ملف الاندماج في المانيا محط اهتمام السلطات الألمانية، والذي نشأ في جزء كبير منه بسبب التدفق التاريخي للاجئين بين عامي 2015 حيث وافقت الحكومة الألمانية على مجموعة من الإجراءات تهدف إلى تعزيز اندماج المهاجرين في المجتمع. تتراوح بين تدابير الاندماج الأولية مثل دورات اللغة ودورات الاندماج ، إلى الجهود المبذولة لتعزيز التماسك الاجتماعي من خلال الأنشطة الاجتماعية ومعالجة التمييز والعنصرية. ولكن رغم ذلك يبدو ان اليمين المتطرف في المانيا تحول الى “ظاهرة” وربما اصبحت تمثل “ثقافة” عن شريحة من المجتمع الالماني. وهذا يعني ان الحكومة الالمانية قد أخفقت بالنهوض بمستوى تحديات اليمين المتطرف.
ـ ان تهديد اليمين المتطرف، لم يعدد تهديدا الى اللاجئين والمهاجرين بقدر انه بات يهدد النظام السياسي من الداخل. مايحصل في المانيا هو إخفاق في سياسات الاندماج والتعايش السلمي داخل المجتمع الالماني، وانتهاك الى حقوق الجاليات الاخرى.
مايحصل في المانيا وتحديدا في مؤسسات الامن والدفاع، هو مؤشر خطير،ممكن ان يغير مسار المانيا ويعيد رسم سياساتها من جديد في السنوات القليلة القادمة، ويعود بها الى حقبة النازية ماقبل الحرب العالمية الثانية.