سُبُل الممهدين _ السبيل التاسع والثلاثون

بهاء النجار

بينّا في السبيل السابق دور الإعلام والإعلاميين في التمهيد لدولة العدل الإلهية ، باعتبارهم حلقة الوصل بين المتلقي والحقيقة ، ولكن ما وراء الحقيقة لا يعرفها كل متلقي ، لأن الناس لهم مستويات ثقافية ومعرفية وفكرية مختلفة ولا يمكنهم فهم كل ما يجري ما وراء ما تنقله وسائل الإعلام ، لأن ذلك يتطلب تخصصاً وخبرة عملية في قراءة مسببات ومخرجات الأحداث ، وهذا دور مراكز البحوث المختصة والمحللين ، فهؤلاء يبيّنون حقيقة ما يجري ، بينما الإعلام ينقل ما يجري ، كما أن بإمكانهم استشراف المستقبل الذي يساعد في وضع الخطط المستقبلية سواء لمواجهة الأزمات أو لاستثمار الطاقات .
والدور الذي تلعبه مراكز البحوث يساهم في خلق عقلية متفتحة لا تستسلم لكل ما يقال ، وإنما تحلل كل ما تتلقاه ، وهذا بحد خطوة كبيرة ومهمة في طريق التمهيد للدولة المهدوية ، فالمهدوي ينبغي أن يمتلك مثل هذه العقلية التحليلية لمواجهة أي حركة تضليلية جاهلة تريد إبعاده عن طريق إمامه المنتظر عليه السلام .
كما أن ما تقوم به مراكز البحوث تساعد المتلقي في التعامل مع كل وسائل الإعلام على حد سواء ، المهنية والمنصفة منها أم المغرضة والمضللة ، لأن قراءة ما وراء الخبر أهم من الخبر نفسه ، وبذلك يكون المتلقي بمأمن كبير من التأثُّر بالأخبار المنقولة بشكل تضليلي ، فالخبر قد يكون حقيقياً ولكن طريقة إيصاله الى الناس تحمل خُبثاً وتضليلاً ، لكن صاحب الذهنية المحللة يمكنه تجاوز الغايات الإعلامية المنحرفة ويأخذ ما يستفيد منه بارتياح .
وفي الواقع أن كل متلقي يمكنه تحليل أي خبر وقراءة ما وراءه من أسباب ونتائج ، وذلك بحكم ما يمتلكه من خلفية ثقافية ، ولكن التحليل الصحيح للأحداث لا يؤخذ إلا من المختصين المتبحرين من ذوي الخبرة ، وأن يكون التحليل وفق أسس علمية صحيحة لا وفق أهواء وتلبية رغبات وسائل الإعلام المستضيفة للحصول على حفنة دولارات رخيصة .
وهنا على كل متلقي مهدوي أن يطوّر قابلياته التحليلية ليميز المحللين المهنيين من المرتزقة على الأقل ، وأن يتابع النشرات والمقالات والدوريات التي تصدرها مراكز البحوث ليتمرن على ميكانيكية التحليل ليكتسب خبرة ولو بسيطة لمعرفة ما يجري من وراء الأحداث ، كي يكون كيّساً فطناً لا يُخدَع من قبل المتحرّفين في حرف الحقائق ، سواء على المستوى السياسي او حتى الديني والاجتماعي ، وأن يسعى لنشر هذه الثقافة ( ثقافة التحليل ) كي يكون ممهداً للدولة العالمية المنتظَرة من خلال خلق ذهنية تحليلية للأحداث تعم أغلب المهدويين .

 

.

رابط المصدر:

https://t.me/Al_Mahdi_State

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M