يد الطاقة الايرانية تحكم قبضتها على العراق

حيدر الحيدر الاجودي

 

يعيش العراق صراعه مع يد ايران الطولى في اراضيه، وهذه يد تطال الاخضر واليابس، وتحط رحالها في قطاع الطاقة وترمي بثقلها فيه تاركة العراق في خيارات يائسة للممتنع والصعب اليسير.

انحسار كبير يعيشه العراق في كميات الغاز المستورد من ايران، وعلى الرغم من وجود اتفاقات مسبقة بين الطرفين تنص على تزويد طهران لبغداد بـ(70 مليون متر مكعب) يوميا من الغاز صيفا، و(50 مليون متر مكعب) في الشتاء، الا ان امدادات الغاز الطبيعي الايراني تراجعت!، الامر الذي اثر سلبا على المحطات الكهربائية العراقية.

فالتدهور الكبير في واقع القطاع الكهربائي العراقي توافق مع توقف الجانب الايراني عن تزويد البلاد بالكهرباء والغاز بسبب تخلف الجانب العراقي عن سداد الديون المتراكمة عليه والتي تقدر بمليارات الدولارات حسب ما ذكرته تقارير عديدة.

وفي طريقها لحل الازمة اعلنت وزارة النفط العراقية سعيها الى استثمار جميع كميات الغاز المنتجة في حقولها النفطية، وخارجيا تقول بعض القوى السياسية ان بعض البدائل التي يبحث عنها العراق تظهر في خيارات عدة منها توجهه نحو روسيا وكازاخستان وقطر بما تحمله هذه الخيارات من صعوبات.

 

أزمة الغاز

منذ حوالي عام خفضت طهران وارداتها من الغاز الطبيعي الى العراق الى حوالي (5 ملايين متر مكعب) في اليوم الواحد بعدما كانت تبلغ (50 مليون متر مكعب) بسبب عدم دفع الديون المستحقة على العراق، وبعد ان قلصت طهران صادراتها يواجه العراق ازمة في توليد التيار الكهربائي، اذ تولد البلاد بنحو (14 الف ميكاواط) من الشبكة المحلية الى جانب (4 الاف ميكاواط) عن طريق استيراد الغاز والطاقة، ويستورد العراق شحنات غاز ايرانية بمعدل شهري يصل بنحو (28 مليون متر مكعب)، في وقت سابق قالت وزارة الكهرباء العراقية ان امدادات الغاز الايراني الى مناطق الوسطى والجنوبية انخفضت من (49 مليون متر مكعب) الى (8 مليون متر مكعب) في اليوم الواحد مما ادى الى خسارة شبكة الكهرباء الوطنية العراقية نحو (550 ميكاواط)، واعلنت وزارة الكهرباء العراقية تراجع الانتاج بنحو (3400 ميكاواط) بسبب تراجع اطلاق الغاز الايراني.

 

لماذا الغاز الايراني؟

لماذا يحتاج العراق الى استيراد الغاز بكميات كبيرة؟ لماذا الغاز الايراني على وجه الخصوص؟، منذ سنوات يعتمد العراق على الغاز الايراني لانتاج الكهرباء، واتفقت بغداد مع طهران على تزويدها بنحو (70 مليون متر مكعب) من الوقود يوميا في فصل الصيف حيث يزداد الطلب على الكهرباء بسبب حرارة الجو في البلاد، اما في الشتاء فتأتي بنحو (50 مليون متر مكعب) من الغاز الايراني الى العراق، وخلال السنوات الاخيرة انخفضت الامدادات الايرانية من الغاز متسببة بأزمة كهرباء في العراق، هذا التراجع ادى بحسب السلطات العراقية الى فقدان بنحو (3400 ميكاواط) من الكهرباء، علما بأن الحاجة اليومية للعراق من الكهرباء تتجاوز (30 الف ميكاواط) وهي اعلى من قدرة البلاد على انتاج هذه الكمية والتي تقدر استطاعته بـ(20 الف ميكاواط) والتي ايضا تعتمد بالدرجة الاولى على واردات الغاز الايراني.

قد يخطر في ذهن المتابعين، كيف لبلد غني بالنفط كالعراق ان يكون بحاجة الى استيراد الغاز من اجل انتاج الكهرباء؟، المسألة هنا ببساطة تتعلق بعدم امتلاك العراق للبنى التحتية الملائمة لجمع الغاز في حقول النفط، وتوجيهه بعد ذلك الى توليد الكهرباء، وبحسب التقارير فأفتقاد العراق لقدرات جمع الغاز والاستفادة منه في توليد الكهرباء ادى الى اهدار البلاد نصف الغاز الطبيعي المتواجد عندها والذي يصدر من حقول النفط، وفي هذا السياق قدر البنك الدولي حجم حرق العراق الغاز المرتبط بالنفط بنحو (18 مليار متر مكعب) مما يجعله في المرتبة الثانية عالميا في احراق الغاز بعد روسيا.

 

ازمة المياه

بالتوازي مع ازمة الطاقة يعيش العراق ايضا ازمة مائية حرجة سببها هو تحويل طهران لمجرى الانهر المشتركة، الامر الذي دفع بغداد لتدويل الازمة وتقديم شكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية، فملايين العراقيين مهددون بالعطش والجفاف، كل هذا يجري بما يستمر الجدل بشأن ترسيم الحدود بين العراق وايران، رغم انهما ابرما عقد صلح في الجزائر عام 1975 نصت على تسوية الخلاف الحدودي حول شط العرب والمناطق الحدودية الاخرى، الا ان بغداد تتهم طهران بعرقلة التفاوض لمنع الوصول الى تسوية.

فالتوترات بشأن نقص المياه في تصاعد مستمر وقد وصل الامر الى المحافل الدولية، فمنذ سنوات تطفو على سطح العلاقات بين ايران والعراق ازمة مياه قاسية كشف خلالها المسؤولون العراقيون غياب التنسيق بين الدولتين فيما يتعلق بقطع المياه منذ بداية شهر اذار 2021 حيث اوقفت ايران التدفق المائي في اهم نهر دولي مشترك وهو نهر سيروان، فكل عام ومع دخول فصل الصيف يشهد العراق تحديات كبيرة فيما يتعلق بانخفاض منسوب نهري دجلة والفرات نتيجة سوء تقاسم المياه مع جارتيها تركيا وايران اللذين طالبتهما الحكومة العراقية بتاريخ 11 تموز 2021 لاجابة بشأن الاتفاق على بروتوكول دولي حول تقاسم المياه، فقد اشترطت ايران بتاريخ 16 اب 2021 الاعتراف باتفاقية صدام مقابل جلوسها على طاولة المفاوضات مع العراق لحل مشكلة المياه، فالانخفاض غير المسبوق في منسوب نهر سيروان دفع المسؤولين العراقيين في 6 تشرين الاول 2021 الى التلويح بالادعاء على ايران عقب القلق ازاء التراجع الكبير في منسوب المياه شمال شرق العراق بفعل قلة الامطار واقامة السدود خلف الحدود من قبل الجارتين حيث منابع نهري دجلة والفرات، مما يؤثر على الزراعة والانتاج الكهربائي في البلاد الغارقة بالازمات، وفي 19 تشرين الثاني 2021 عندما شقت خطوات تدويل ازمة المياه بين العراق وايران طريقها بعد اعلان وزير الموارد المائية العراقي اتخاذ اجراءات اولية وقال ان بغداد لا تعطي لطهران الحق لتحويل مجاري الانهار وحرمان العراق من مورده الاساسي.

 

ازمة الغاز والكهرباء والمياه ليست وحدها العالقة بين بغداد وطهران، بل هناك ازمة تتعلق بمسألة السيادة العراقية والتدخلات الايرانية من خلال اذرعها الحزبية والعسكرية المتواجدة في العراق بما خفى وما ظهر حتى ان البعض لم يتردد بتلخيص المشهد على انه هيمنة مطلقة، بينما تقول ايران انها تحترم السيادة العراقية وامن واستقرار شعبه ومهتمة بالحفاظ على طاقاته وثرواته.

 

.

رابط المصدر:

https://www.mcsr.net/news719

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M