كيف نقرأ الاستهداف الحوثي لأبو ظبي 2022؟

 إيهاب عمر

 

أعلنت شرطة إمارة أبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، عن مقتل 3 أشخاص وإصابة ستة آخرين في انفجار 3 صهاريج نقل محروقات بترولية، ما أدى إلى اندلاع حريق محدود بمطار أبو ظبي.

وقد سارعت حكومة جماعة الحوثي في اليمن بإعلان مسؤوليتها عن الحادث، وأصدرت القوات المسلحة التابعة للجماعة بيانًا تعلن فيه عن استهداف عدد من المناطق الحيوية في أبو ظبي ودبي عبر ما أسمته سلاح الجو المسيّر، بينما أعلنت منصات إعلامية تابعة لجماعة الحوثي أن العدوان قد شهد استخدام بعض الصواريخ الباليستية.

العدوان هو الثاني من نوعه عقب عدوان مماثل على مطار أبو ظبي عام 2018، وتتهم منصات إعلامية إيرانية في اليمن ولبنان السلطات الإماراتية بأنها تخفي تفاصيل وخسائر العدوان الحوثي عامي 2018 و2022 وتكتفى بنشر بعض التفاصيل فحسب.

وسارعت بعض القراءات الخاطئة في ربط التطور الحوثي بمجريات مباحثات الملف النووي الإيراني، أو جلسات المباحثات الإيرانية الخليجية التي يتم الإعلان عنها بشكل دوري في العراق وسلطنة عمان، بينما يعود التصعيد الحوثي إلى التطورات الأخيرة في ملف اليمن.

والحاصل أنه مع بداية يناير 2022، بدأت عملية تحرير محافظة شبوة من السيطرة الحوثية، والمدينة الواقعة جنوب وسط اليمن، تحتل أهمية كبرى على ضوء أنها مفتاح الانطلاق إلى محافظتي مأرب والبيضاء، إضافة إلى سواحلها الطويلة مع المحيط الهندي عبر بحر العرب، وتمتلك ميناء بلحاف ذا الأهمية الاستراتيجية في تصدير الغاز والنفط اليمني.

وعلى عكس العمليات السابقة، حققت القوات الحكومية تقدمًا كاسحًا ضد القوات الحوثية وحلفائها، ومع اليوم العاشر للعملية بدأ الحديث عن حقيقة أن محافظة شبوة قد تحررت من السيطرة الحوثية، وبدأ الإعلام الإيراني في الحديث عن دعم لوجيستي من الإمارات للقوى اليمينة التي حررت شبوة. الحكومة اليمنية لم تخف هذا الدعم، بل وخرج وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني يشكر الإمارات بالاسم على دعمها لهذه العملية.

الإمارات كانت قد دعمت حملة مماثلة على محافظة الحديدة في الساحل الغربي لليمن عامي 2018 و2019، ولكن تحرير الساحل الغربي من هيمنة الحوثيين لم ينجح وتوقفت العملية بنهاية العام 2019، كما كانت أبو ظبي داعمة لجهود الرئيس الأسبق على عبد الله صالح لتفكيك النفوذ الحوثي في صنعاء، وأتى اغتياله ضربة لهذه الجهود.

هكذا تعود الإمارات إلى الملعب اليمني في يناير 2022 بعد الانسحاب المعلن في فبراير 2020، وبعد الانتصار المهم في شبوة وبدء استعدادات الزحف على محافظتي مأرب والبيضاء. ووجه المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة للحوثيين تحذيرًا للإمارات قبل خمسة أيام من العدوان الأخير بأن ما جرى في شبوة سوف يتم دفع ثمنه.

ولا يوجد للإمارات قوات عسكرية على الأرض، ولكن المنصات الإيرانية تتهم أبو ظبي بتسليح وتمويل الجيش اليمني وألوية العمالقة التابعة للحراك الجنوبي، وأن طيران الإمارات يقوم بتوفير الغطاء الجوي لهذه التحركات، وهي تفاصيل لم تقدم المنصات الإيرانية أو التيار الحوثي أي دلائل قاطعة حولها.

وللإمارات استثمارات ضخمة في محافظة عدن جنوب اليمن في محيط وداخل ميناء عدن الاستراتيجي، ويشكل فتح الطريق بين شبوة وعدن مستقبلًا حالة من الرواج الاقتصادي الضخم لليمن. وقد بدأت سلطات الحكومة اليمنية في إرسال مسؤوليها بالتدريج إلى مديريات محافظة شبوة المحررة، في إشارة واضحة إلى أن تحرير المحافظة الساحلية ليس حدثًا عارضًا، بل أصبح أمرًا واقعًا يجب القياس عليه حينما يتم التعامل مع معطيات الملف اليمني.

وهكذا، فإن العدوان الحوثي الأخير على أبو ظبي لم يكن له علاقة بالملف النووي بين إيران والغرب، أو مصالح التطبيع بين إيران والخليج العربي، بل كان يحمل اتصالًا واضحًا بالملف اليمني، وعادة ما كانت تلجأ إيران إلى تحريك التيار الحوثي لضرب أبو ظبي كما جرى عام 2018 من أجل إرسال رسالة واضحة بالكف عن العمل في الملف اليمني وإلا فإن الإمارات العربية المتحدة ليست بعيدة عن مرمى صواريخ الحوثيين.

ولعل سؤال الساعات المقبلة في خط مستقيم من شبوة إلى أبو ظبي، هل يحقق هذا الإنذار الإيراني نجاحًا ونرصد تقليص المساعدات الإماراتية لصالح القوى الساعية لفرض الاستقرار في شبوة وتحرير مأرب والبيضاء، أم تحدث انتكاسة تفصح عن نجاح هذا الإنذار؟

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/66660/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M