حسابات جيوسياسية.. هل تنجح أوروبا في إيجاد بديل للغاز الروسي؟

مروة عبد الحليم

 

في ظل الرهانات الحالية بمواجهة جيوسياسية مرتقبة على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، تزايدت المخاوف من حدوث أزمة طاقة إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا وأوقفت صادرات الغاز الطبيعي ردًا على العقوبات الأمريكية والأوروبية. إذ تعتمد أوروبا على روسيا في حوالي 35٪ من الغاز الطبيعي، الذي يأتي معظمه عبر خط أنابيب غاز “يامال – أوروبا” الذي يمر عبر: روسيا وبيلاروسيا وبولندا وألمانيا، بالإضافة إلى نورد ستريم 1، الذي يذهب مباشرة إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق وأوكرانيا.

شهدت السنوات الخمس عشرة الماضية خلافات عدة بين روسيا وأوكرانيا حول الغاز؛ ففي عام 2006، قطعت شركة جازبروم إمداداتها عن أوكرانيا لمدة يوم واحد بسبب الأسعار والمدفوعات المتأخرة. وفي شتاء 2008-2009،  أغلقت روسيا جميع أنابيب الغاز التي تزود غرب أوروبا عبر أوكرانيا، وذلك في ظل التصعيد الخطير للخلاف بين موسكو وكييف. وفي عام 2014، قطعت روسيا الإمدادات عن كييف بعد ضم شبه جزيرة القرم. وتوقفت أوكرانيا عن شراء الغاز الروسي في نوفمبر 2015.

وأثارت التوترات بين روسيا وأوكرانيا مخاوف بشأن تدفقات الغاز الروسي، حيث تواجه أوروبا نقصًا في مخزونات الغاز الطبيعي قد يصل إلى انخفاض يقدر بـ 15 مليار متر مكعب بنهاية مارس المقبل. مما دفع الولايات المتحدة إلى طمأنة الحلفاء الأوروبيين بأنها ستساعد في إيجاد إمدادات بديلة. واتهمت أوروبا روسيا باستخدام أسعار الغاز المرتفعة كوسيلة ضغط في نزاع على مشروع خط أنابيب نورد ستريم 2 المدعوم من جازبروم.

إشكاليات تعقد مشهد الطاقة في أوروبا

يستورد الاتحاد الأوروبي 60% من احتياجاته من الطاقة، والأزمة التي يشهدها حاليًا ليست مفاجئة فقد ظهرت بوادرها خلال الصيف الماضي عندما تراجع المخزون الاستراتيجي للغاز دون المستوى المعتاد جراء تضاعف الأسعار أكثر من ثلاث مرات خلال عام 2021. إلى جانب تضافر مجموعة من الإشكاليات غير المسبوقة التي عكرت مشهد الطاقة في الأسواق الأوروبية أبرزها:

تقليل الكربون: أسهمت أوروبا في أزمة الطاقة التي تمر بها حاليًا جراء الهوس بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري، فقد ظلت على مدى العقدين الماضيين منشغلة بطرق التخلص من الطاقة الأحفورية. وساهم الاتفاق العالمي على تقليل انبعاثات الكربون في اتفاقية باريس للمناخ 2015، في أن تزيد نسبة اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي، الأمر الذي أدى إلى ارتباط وثيق بين اعتماد أوروبا على الغاز الروسي وطريقة تعاملها مع موسكو سياسيًا.

خفض توريدات الغاز الروسي: خفضت شركة “جازبروم” الروسية ضخ الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط أنابيب الغاز “يامال – أوروبا” بنسبة 25% في الربع الرابع من 2021 على أساس سنوي. مما تسبب في عدم القدرة على إعادة ملء المخازن قبل فصل الشتاء، وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بشكل حاد في أوروبا لتصل إلى 166 يورو/ ميجاوات ساعة في ديسمبر الماضي، أي أكثر من ثمانية أضعاف مستواها في بداية عام 2021.

وقالت روسيا إن سبب خفض الغاز يعد تغيرًا موسميًا لتحويل المزيد من الغاز الطبيعي الى كهوف التخزين استعداًدا لارتفاع الطلب المحلى خلال فصل الشتاء. في حين أن سبب الخفض تزامن مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بشأن أوكرانيا، وعدم استكمال خط أنابيب نورد ستريم 2، وجهود روسيا لترهيب مفوضية الاتحاد الأوروبي لدعم الموافقة النهائية لخط الأنابيب.

تنامي الطلب الآسيوي على الطاقة: عادة ما تكون أسعار الغاز الطبيعي أعلى في آسيا، مما يعني أن معظم موردي الغاز يمنحون الأولوية للأسواق الآسيوية قبل الأسواق الأوروبية. وللحد من هذه الإشكالية تميل الدول الأوروبية إلى تخزين احتياطيات الغاز بشكل انتهازي عندما تكون الأسعار منخفضة لاستخدامها في محطات الذروة (والتي يتم تشغيلها في الأوقات التي يكون فيها الطلب على الشبكة مرتفعًا). ولكن منذ أن بدأ الطلب الآسيوي في الارتفاع بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، أصبح الإمداد العالمي من الغاز الطبيعي مقيدًا بشكل كبير، ولم تتمكن أوروبا من تجديد مخزونها من الغاز الطبيعي.

عمليات الإغلاق: ومما زاد من تعقيد مشهد الطاقة أن عمليات الإغلاق الأولية بسبب وباء كورونا ساهمت في انخفاض الطلب العالمي على الطاقة بشكل كبير. ونتيجة لذلك، انخفضت أسعار الغاز الطبيعي. ولكن مع تراجع عمليات الإغلاق في النصف الأول من عام 2021، انتعش استهلاك الغاز الطبيعي بسرعة؛ مدفوعًا بالإنتاج الصناعي الذي يمثل حوالي 20% من استهلاك الغاز الطبيعي، مما عزز الطلب في وقت كانت فيه الإمدادات منخفضة نسبيا.

وتزامن هذا مع انخفاض الإنتاج في مناجم الفحم الإندونيسية والأسترالية والهندية نتيجة أن إمكانيات تخزين الطاقة من المصادر الطبيعية مثل الشمس والرياح كانت محدودة جدًا بسبب سكون الهواء وقلة الطاقة الصادرة عن الرياح. وهو ما دفع آسيا وخاصة الصين إلى الاعتماد بشكل أكبر على الغاز الطبيعي لتغذية انتعاشها الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى زيادة خفض الإمدادات المتاحة لأوروبا.

وما زاد الأمر سوءًا هو تراكم أعمال الصيانة المتأخرة، وزيادة طول الفترة المسبقة التي تستلزمها المشروعات الجديدة، والاهتمام الهزيل من جانب المستثمرين في شركات الطاقة المولَّدة من الوقود الأحفوري. فإنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لا يزال دون مستويات ما قبل الأزمة، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج في هولندا والنرويج أيضًا.

مدى اعتماد أوروبا على الغاز الروسي

يمثل الغاز الطبيعي حوالي خمس الطاقة الأولية المستخدمة في جميع أنحاء أوروبا. وتعد روسيا أكبر موردي الغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي الذي سعى في السابق إلى تقليل اعتماده على الغاز الروسي. ومع ذلك، تواصل روسيا توفير حوالي 35٪ من استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي، بينما يصل الإمداد النرويجي إلى 24%، وتغطي الشركة العالمية للغاز الطبيعي المسال حوالي 19%. 

تُظهر البيانات الصادرة عن وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي الطاقة أن الدول الأوروبية الأكثر عرضة لانقطاع إمدادات الغاز الروسي هي ألمانيا حيث تستورد حوالي نصف احتياجاتها من الغاز من روسيا، بينما تحصل فرنسا على ربع إمداداتها فقط من روسيا، وفقًا لأحدث البيانات المتاحة. وكان أكبر مصدر للغاز الفرنسي هو النرويج، حيث تم توريد 35% منها، وستكون إيطاليا أيضًا من بين أكثر الدول تأثرًا لاعتمادها على الغاز الروسي بنسبة 46%.

أما المملكة المتحدة ففي وضع مختلف، حيث تسحب نصف إمداداتها من الغاز من المصادر المحلية وتستورد في الغالب من النرويج وقطر، وتستورد 3% فقط من الغاز الروسي. وتعتمد بعض الدول الأوروبية الصغيرة بشكل حصري على الغاز الروسي، وهي مقدونيا الشمالية والبوسنة والهرسك ومولدوفا، وكان الاعتماد أيضا أعلى من 90% من إمدادات الغاز في فنلندا ولاتفيا، و89% في صربيا.

وفي حين يلوح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بفرض عقوبات إضافية على روسيا حال شنها هجوم على أوكرانيا، اتبعت موسكو عددًا من التدابير الاقتصادية والاستراتيجيات منذ 2014 لإنشاء منطقة عازلة اقتصادية بعد العقوبات التي عاشتها خلال معظم العقد الماضي تمثلت في:

استراتيجية صندوق الحرب: في السنوات الأخيرة، قامت روسيا بوضع ميزانيتها الفيدرالية على نحو سمح لها برفع احتياطي روسيا الدولي من الذهب والعملات الأجنبية متجاوزًا حاجز 638 مليار دولار في ديسمبر 2021. ويتألف احتياطي روسيا الدولي من: الذهب، والنقد الأجنبي، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي في صندوق النقد الدولي وهو عبارة عن أصول أجنبية عالية السيولة موجودة لدى المصرف المركزي والحكومة الروسية.

وبوسع القادة الروس استخدام هذه الأموال للتغلب على أي عقوبات جديدة أو تغييرات غير متوقعة في أسعار النفط. بالإضافة إلى ذلك، استند الكرملين في تقديره لأسعار النفط إلى تقدير منخفض نسبيًا بلغ 45 دولار للبرميل، في حين أن أسعار النفط في عام 2021 قد بلغت 71 دولار للبرميل، مما وفر ربحًا كبيرًا وغير متوقع في الميزانية وإيرادات حكومية كبيرة. من خلال هذه الاستراتيجية، حشد الرئيس الروسي صندوق حرب لتحمل أي جولة جديدة من العقوبات، أو حتى الخسارة الكاملة لعائدات تصدير الغاز الطبيعي من أوروبا لفترة من الزمن.

استراتيجية روسيا الحصينة: من المتوقع أن يلجأ الغرب إلى حظر معاملات البنوك الروسية بالدولار، واستبعاد موسكو مِن نظام “سويفت” المالي العالمي الذي يربط بين البنوك، فضلًا عن عرقلة خط “نورد ستريم 2”.

ولإنقاذ نفسها اتبعت موسكو سياسة “إزالة الدولرة” لسنوات عدة، ودعت شركاءها، مثل الصين والهند، إلى تسديد مدفوعاتها بعملات أخرى، وأطلقت نظام الدفع الخاص بها “مير” الذي يستخدم على نطاق واسع في روسيا وفي بلدان الاتحاد السوفييتي السابق.

ولضمان عدم انهيار الاقتصاد أو النظام المالي الروسي جراء فرض عقوبات جديدة، فإن صندوق الثروة السيادي الروسي، لديه أصول بقيمة 182 مليار دولار، أو ما يقرب من 12% من الناتج المحلي الإجمالي. ولدى البلاد ديون خارجية ضئيلة مقارنة مع القوى العالمية الأخرى، واحتياطي كبير من العملات الأجنبية المتراكمة لدى البنك المركزي.

توافق روسي صيني: عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا في عام 2014 بعد ضم شبه جزيرة القرم، لجأ بوتين إلى الصين كمصدر بديل للاستثمار والتجارة، ووقعت الصين صفقة غاز بقيمة 400 مليار دولار مع روسيا. ومن المتوقع أن تساعد الصين مرة أخرى في تخفيف حدة تأثير العقوبات، فالصين الآن مشترٍ كبير للأسلحة والأسماك والأخشاب الروسية، وفي عام 2020 كانت أكبر مستورد للنفط الخام والغاز الطبيعي.

وهو ما سيوفر لروسيا مزيدًا من المرونة في حالة فرض الغرب عقوبات على بعض الصادرات الروسية. وكذا، أعلنت الصين الشهر الماضي أن التجارة مع روسيا وصلت حوالي 147 مليار دولار، مقارنة بـ 68 مليار دولار في عام 2015، بعد عام من ضم شبه جزيرة القرم ودعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا.

وكشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن صفقات روسية جديدة للنفط والغاز مع الصين تقدر قيمتها بنحو 117.5 مليار دولار، واعدًا بزيادة صادرات روسيا من الشرق الأقصى. ووقعت شركة النفط الروسية العملاقة “روسنفت”، التي يرأسها حليف بوتين القديم “إيغور سيشين”، اتفاقًا مع شركة البترول الوطنية الصينية لتوريد 100 مليون طن من النفط عبر كازاخستان على مدى 10 سنوات.

هل من بديل للغاز الروسي؟

أزمة الطاقة التي تشهدها أوروبا حاليًا تؤكد أن التاريخ يعيد نفسه، فقبل 41 عامًا، حاول الرئيس الأمريكي “رونالد ريجان” في عام 1981، إغلاق خط أنابيب الغاز السوفيتي خلال الحرب الباردة. وحذر أوروبا من اعتمادها المتزايد على الطاقة الروسية، وحثها على البحث عن موردين بديلين، لا سيما من شمال إفريقيا. والآن يجدد الرئيس “جو بايدن” تحذيره، ويحث الاتحاد الأوروبي على ضرورة البحث عن مصادر أخرى للغاز الطبيعي من شمال إفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا والولايات المتحدة نفسها.

تعهدت الولايات المتحدة بالمساعدة من خلال زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال، وشدد الرئيس “جو بايدن” في بيان مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، على أن هناك التزامًا مشتركًا بالمحافظة على أمن الطاقة في أوروبا، واستدامتها وتسريع التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة. ولكن، إذا توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، فلن تكون التدابير لاستبدال الإمدادات كافية. وهناك تحديان تواجههما أوروبا: إيجاد بديل لإمدادات الغاز الروسي، وكبح مستويات الطلب محليًا لمواجهة التداعيات اقتصاديًا واجتماعيًا.

المباحثات الأمريكية الأوروبية لتأمين مصادر بديلة للطاقة وضعت الجزائر في بؤرة الضوء بوصفها ثالث أكبر مزود للغاز للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج. وصدرت الجزائر، التي لديها خطوط أنابيب عبر البحر المتوسط ​​إلى إسبانيا وإيطاليا، بالإضافة إلى محطة للغاز الطبيعي المسال، حوالي 34 مليار متر مكعب من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2021. ما يعني 8% من إجمالي واردات الاتحاد، وفق مؤسسة الإحصاء الأوروبية “يوروستات”.

ودخلت قطر كذلك في المعادلة عندما طلب الرئيس الأمريكي من أمير قطر تحويل التصدير الضخم من الغاز نحو أوروبا حال اقتضت الضرورة. وعبرت قطر التي تعد إلى حد بعيد المنتج الأكبر في العالم للغاز المسال الأقل تكلفة في العالم، والحليف القوي للولايات المتحدة؛ عن استعداد لمناقشة الأمر. وتبحث دول الاتحاد الأوروبي أيضًا إمكانية عقد صفقات مع شركاء آخرين مثل أذربيجان بغية زيادة إمدادات الغاز إلى القارة.

ولكن، في إطار البحث عن بدائل للغاز الروسي، هناك عراقيل تقف أمام وصول الغاز إلى أوروبا كمصدر بديل عن الغاز الروسي:

محدودية قدرة التنقيب والإسالة: قد لا يتمكن منتجو النفط من زيادة إنتاجهم من الغاز و/أو تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا. فقد تم استخدام سعة التسييل العالمية بالكامل وكذلك سفن الغاز الطبيعي المسال، مما يحد بشكل كبير من كميات الغاز الطبيعي المسال الإضافية التي يمكن طرحها في السوق العالمية. بجانب أن أوروبا ليس لديها بديل عن الغاز الروسي، وقد وعدت دولًا غنية بالغاز بتزويد الاتحاد الأوروبي، لكنها سرعان ما اكتشفت أنها لن تكون قادرة على استبدال المصدّر الرئيس (روسيا).

تحديات قانونية واقتصادية: لن يكون من السهل على موردي الطاقة إعادة توجيه بعض وارداتهم إلى أوروبا في ظل ارتباطهم بعقود طويلة الآجل مع دول آسيا والأمريكتين. وستكون هناك مشكلات تعاقدية؛ إذ تأتي بعض العقود طويلة الأجل مع بند الوجهة الذي ينص على مكان وجود البضائع، وتسليمها والحد من المشترين من إعادة بيع الغاز الزائد.

وقد يفضل منتجو الغاز الطبيعي المسال عدم التنازل عن علاقاتهم طويلة الأمد مع المشترين الآسيويين لتقديم دعم مؤقت لأوروبا؛ إذ إن آسيا هي سوقهم الأساسي. ومن غير المرجح أن يتمكن منتجو الغاز الآخرون في شمال إفريقيا من المساعدة في تخفيف أزمة الغاز الأوروبية. فمثلًا ليبيا، التي تكافح بالفعل لتزويد عملائها لأجل طويل وتعاني من عدم الاستقرار السياسي والمسؤوليات الأمنية، ليس لديها قدرة إضافية على صادرات الغاز.

عدم جاهزية البنية التحتية الأوروبية: تأتي صادرات الغاز عالميًا على شكلين، الأول عبر أنابيب الغاز كما يجري مع روسيا، والثاني عبر شاحنات ضخمة من العاز المسال كما الولايات المتحدة أو قطر. ولم تقم الحكومات الأوروبية المتعاقبة بإنشاء بنية تحتية قادرة على استيراد الغاز الطبيعي المسال الأكثر تكلفة من المصدّرين الرئيسين، وبالتالي فأغلب الدول الأوروبية مجهزة لاستقبال النوع الأول عبر أنابيب الغاز، بينما يحتاج النوع الثاني منشآت خاصة لإعادة تحويله من الحالة السائلة إلى الغازية قبل استخدامه.

ختامًا، إن قطع روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا أمر غير مرجح بسبب حاجة روسيا لعائدات النفظ والغاز التي تشكل حوالي نصف الميزانية الفيدرالية لروسيا. وعلى الرغم من توقيع موسكو اتفاقًا للغاز مع الصين، إلا أن أوروبا مصدر رئيسي للدخل. ومن المتوقع أن تتجنب أوروبا فرض أي عقوبات غربية تستهدف إمدادات الطاقة الروسية بشكل مباشر. وفي هذا الصدد، حثت روسيا على فصل الخلافات الدبلوماسية عن تجارة الطاقة، والبحث عن مقترحات بناءة وضمانات أمنية. وهو ما تمثل في الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” إلى موسكو لخفض التصعيد والشروع ببناء استجابة مفيدة لروسيا ولسائر أوروبا تهدف إلى تجنّب نشوب حرب. بموازاة ذلك، التقي المستشار الألماني “أولاف شولتس” الرئيس “جو بايدن” في واشنطن، فيما تزور وزيرة خارجيته “أنالينا بيربوك” أوكرانيا. وسيلتقي “شولتس” و”بوتين” في موسكو لبحث مسائل تقديم الضمانات القانونية لأمن روسيا والتسوية في أوكرانيا. ومن المقرر أن يجتمع بوتين والرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” لمناقسة سبل خفض التصعيد. 

 

.

رابط المصدر:

 

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M