التربية الهجينة بين الفطرة الإسلامية والصبغة الغربية

زهراء وحيدي

 

يعيش الانسان اليوم داخل منظومة الكترونية معقدة، استطاعت أن توصل الشرق بالغرب، والجنوب بالشمال، وأصبح من السهل جدا التواصل مع الأشخاص الذين يبعدون عنا آلاف الكيلومترات، إذ إن الانترنت قلب الحياة رأسا على عقب وساهم بصورة كبيرة في جعل العالم قرية صغيرة.

وعلى أساس ذلك فإن بيت كل شخص منا يعتبر مرتكزا أساسيا لاستقبال الثقافات واللغات والأفكار الغربية والشرقية، فحتى لو كنت عربيا بكبسة زر واحدة تستطيع ان تتعلم الثقافة الاغريقية أو الاوربية وتدخلها في روتين حياتك…  نعم يا صديقي، انها العولمة!

في الآونة الأخيرة تعرضت مجتمعاتنا إلى الخمول الفكري وأصبحت كجهاز استقبال أكثر من كونها جهاز ارسال، فبات أبناء المجتمع يستقبلون المعلومات والأفكار التي يقدمها الاخرون لهم عن طريق الانترنت سواء من خلال الأفلام او المسلسلات أو صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها من الطرق المبتكرة.

فالعائلة لم تعد هي المسؤولة الوحيدة عن تربية أطفالها بل أن هذه المدخلات الغربية باتت تشارك العائلة في التربية وتلعب دورا كبيرا في تنشئة الأطفال وتكوين شخصيتهم.

ولأن أساس التربية الإسلامية تعتمد على القيم والمبادئ المحمدية التي تخلق من الانسان شخصا صالحا ونافعا في المجتمع، إلاّ أن وجود هذه المدخلات الفكرية جعلت التربية هجينة بين الفطرة الإسلامية والصبغة الغربية، ولقد أطلقنا كلمة صبغة على الفكر الغربي، لأنها لا تكون موجودة في فطرة الانسان بل تكون دخيلة ومستحدثة ومن الممكن ازالتها وتغيرها.

ولا ننكر بأن التربية اليوم باتت صعبة جدا مع كل هذه التحديات التي يواجهها الوالدين وما يعرض اليوم على التلفاز والموبايل والكتب!

اذ اننا نجد بأن الغرب يحاول بكل الطرق ان يزرع مفاهيمه في الجيل العربي ويشوه كل القيم والمبادئ التي تربى عليه الانسان ويصورها على أنها وجه للتخلف والرجعية!

فالحرية المزيفة التي ينادي بها الغرب والتي تكون بلا حدود تسبب استهتارا للمجتمع وتجعل الانسان يلغي كل الاعتبارات المهمة ويتخطى جميع الحدود الموضوعة للحفاظ على كينونة المجتمع، في حين ان الحرية الحقيقية هي ممارسة الأفعال التي لا تضر بالاخرين!

وهذا ما تعلمناه من الدين والعرف بأن لكل شيء حدود وان احترام الاخرين هو عنصر مهم واساسي جدا في المنظومة المجتمعية.

ولكن الغرب كان ولا يزال يحاول ان يدخل مفهوم (الحرية بلا حدود) في عقول اجيالنا، لكي تعم الفوضى في المجتمع وينخرط الجيل الى الهاوية.

ولأن الأفكار الغربية أصبحت تشارك العوائل في التربية بل وتتحداهم في التأثير

يجب ان يلتفت الناس جيدا الى هذه النقطة بحيث يسيطروا على مقود التربية ولا يدعو الغرب يتحكم في عقول الأطفال.

وذلك من خلال:

– التوجيه المستمر وتعزيز الوازع الديني في نفوس الأطفال منذ الصغر، وتعريفهم على الدين الحقيقي الذي يحمل في طياته المحبة والسلام ويحث على التطور والعلم.

-فصل الدين المصنّع الذي جاءوا به أصحاب العمائم المزيفة والذين كانوا سببا رئيسيا في تشويه وجه الدين السمح في العالم.

-فتح مساحة نقاش مع الأطفال والمراهقين والجواب على كل الشكوك والشبهات التي تدور في بالهم.

-تعليم الأطفال منذ نعومة اظفارهم على الحدس والتشخيص لتنصقل في نفوسهم هذه الملكة ويصبح من السهل جدا ان يميزوا الصديق من العدو والباطل من الحق.

-احترام شخصية المراهق ومنحه مساحة خاصة به في استخدام الانترنت تحت المراقبة والتوجيه الخفي، وحجب المواقع والشبكات التي لا تصلح للمشاهدة.

-مراقبة الأفكار المنحرفة الذي يقدمها الغرب على اطباق من ذهب في البرامج والمسلسلات.

-مواكبة التطور التكنولوجي بوعي ونضج ومتابعة كل جديد يحصل في الساحة الاعلامية من قبل الاهالي، لكي يعرفوا التحركات الجديدة التي يتبعها العدو في اللعب على العقول.

فالأمة الإسلامية اليوم تواجه تحديات خطيرة من الغرب، بقناع التطور ومفهوم العصرنة والثقافة والاعلام الجديد، وهذا ما لا يتطابق مع مفاهيمنا العامة، لأنها محشوة بالانحرافات الأخلاقية والتربوية، وتهدف إلى تضليل الجيل وانخراطه إلى الهاوية.

فأمتنا المجيدة لا يمكن أن تنمو وتزدهر إلاّ عن طريق العائلة التي تمثل نواة المجتمع المتغطرسة بالمفاهيم الإسلامية القويمة والحاوية في مضامينها روح الثورية والتي تتحسس الخطر تجاه ديننا وأمتنا وأطفالنا وثقافتنا من كل الأفكار المنحرفة التي يحاول العدو دسها في عموم المجتمع.

 

.

رابط المصدر:

https://bushra.annabaa.org/education/7691

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M