القائمة الموحدة للإرهاب .. التنظيمات والمرشحون الجدد

خالد عكاشة

 

تقدم الأمم المتحدة عبر العديد من أجهزتها، دعما للدول الأعضاء في إطار مكافحة التهديدات الإرهابية التي تتعرض لها، أبرز أشكال هذا الدعم هو اصدار قائمة للكيانات التي تعد وفق التصنيف الأممي مع ما تضمه من أشخاص أيضا، القائمة المعتمدة دوليا، واعتبارهم مهدد مباشر للسلام الدولي، وتفرض حزمة من القيود على من ورد بتلك القائمة، أهمها بالطبع تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة. يفتح الإدراج في هذه القائمة الباب أمام الملاحقة الأمنية والقضائية لكل من ورد بها، فضلا عن أشكال من التعاون الأمني والاستخباراتي قد يجري اعتمادها ما بين الدول، استنادا إلى الإدراج المشار إليه.

هذا الجهد التعاوني ما بين الدول بشكل ثنائي أو من خلال مجموعة دول يعد الأثر الأنجح بلا شك، خاصة في عمليات الملاحقة التي تتسم عادة بالتعقيد والصعوبة بالنظر إلى أعضاء تلك الكيانات الإرهابية أو قياداتها، كون أغلبهم يتمتع بمهارة التخفي والانتقال من دولة وأخرى، أو من منطقة إلى ما قد يصل في كثير من الحالات إلى قارة مختلفة. وعادة صار لكل كيان إرهابي مؤخرا مجموعة من العناصر التي تتركز مهامها ومهاراتها، في تأمين الملاذات الآمنة داخل بلدان ومناطق بعينها، لاستقبال الفارين من أعضاء وقيادات التنظيم الذي ينتمون إليه. ولهذا تعد التقارير الأممية على درجة من الأهمية؛ بما وفرته من فاعلية لعمليات المكافحة، تمثلت في دعم القدرة على الوصول إلى مناطق ظلت عصية لفترات طويلة مضت، منها تعقب الأموال وتجميد الأصول التي يجري الانفاق من عوائدها على النشاطات الإرهابية. كما سمحت أيضا للأجهزة الأمنية بالقدرة على حجب تدفقات السلاح، في حال تأكد أن مستخدمها النهائي “كيان إرهابي”، حتى وإن ظهر في عملية اتمام الصفقات عناصر وكيانات وسيطة، ويعزز هذا الأمر بالطبع، وجود معلومات استخباراتية قادرة على اقناع المنظومة الأممية القائمة على اعداد القوائم.

هناك ثلاثة تنظيمات كبرى تحتل المساحة الأبرز في التقرير الأممي، هي “القاعدة” و”داعش” و”طالبان”، فضلا عن ما يثبت أنه يمثل أفرع أو كيانات ملحقة عقائديا أو حركيا بهذه التنظيمات الشهيرة. ففي عام 1999 صدر قرار “مجلس الأمن” رقم (1267) لفرض حظر جوي على حركة “طالبان” وتجميد أصولها، مما دفع إلى إصدار ما سيصبح معروفا بـ”القائمة الموحدة”. في عام 2011 قسم قراران جديدان القائمة إلى قسمين، أحدهما يركز على تنظيم “القاعدة” والآخر على حركة “طالبان”، حيث يقدم كل منهما تقرير منفصل نصف سنوي عن التهديدات العالمية التي تشكلها كل مجموعة وشبكاتها. وفي عام 2015 تم توسيع “القائمة الموحدة” بالقرار رقم (2253) لتشمل أيضأ تنظيم “الدولة الإسلامية”، حينها وسع “فريق الرصد” التابع لـ”الأمم المتحدة”، من نطاق تقاريره التي تركز على تنظيم “القاعدة” لتشمل التهديد الذي تشكله “داعش” باعتبارها الجماعة الجديدة المنشقة عن التنظيم الأم. و”فريق الرصد” يقوم بمهمتين رئيسيتين؛ أولهما مساعدة لجان العقوبات في وضع قوائم جزاءات “الأمم المتحدة”، والثانية وهي الأهم تقديم تقييمات منتظمة عن التهديدات الإرهابية للسلم والأمن الدوليين. وفي تلك الأخيرة تأتي المعلومات الواردة في التقارير عادة من الدول الأعضاء التي تشارك المعلومات مع “فريق الرصد”، وفي الأغلب تركز الدول الأعضاء ملاحظاتها الموجهة إلى الفريق الأممي على مسألة تقييم التهديد، وفي تلك المساحة تنشأ خلافات في التقييم، أو في اقتراحات لكيانات بعينها، أو شخصيات تتوصل أجهزة الدول الأعضاء إلى أدوارها الفاعلة، مما يستوجب إدراجها بالقائمة الدولية واخضاعها للعقوبات بالتبعية.

منذ أيام قدم الأمين العام أنطونيو جوتيريش تقرير إلى “مجلس الأمن”، شمل مستجدات التهديدات التي تشكلها التنظيمات الكبرى، تحضيرا للتقرير القادم المتوقع صدوره يوليو 2022، بينما يعكف “فريق الرصد” على مراجعة التقارير الأخيرة التي صدرت مايو 2022، حيث يجري التدقيق والنظر فيما لم يتم تضمينه من كيانات إرهابية في قائمة تصنيف الإرهابيين الخاصة بـ”مجلس الأمن الدولي”. يتألف المرشحون “غير المدرجين في القائمة” من (38 شخصا، و16 مجموعة)، ويشير الأمين العام في احدى توصياته إلى أنه على الدول الأعضاء أن تنظر في جمع المزيد من المعلومات عنهم، كي تساعد فريق الرصد في استكمال إدراجهم على قائمة الإرهاب القادمة. خاصة فيما لو توافر بحقهم المعايير المطلوبة التي تشمل؛ المشاركة في تمويل أعمال أو أنشطة أو التخطيط لها، أو تيسير القيام بها أو الإعداد لها أو ارتكابها، أو المشاركة في ذلك مع التنظيمات الثلاثة الكبرى، أو باسمهم أو بالنيابة عنهم أو دعما لهم. كما يأتي في المعايير أيضا توريد الأسلحة وما يتصل بها من معدات إليهم أو بيعها لهم أو نقلها لهم أو لحسابهم، كما يشمل ذلك أيضا تجنيد الأفراد لهم في أي من تلك المهام المذكورة.

وربما يكون أبرز المرشحين للادراج القادم بحسب ما يعمل عليه “فريق الرصد”، العراقي (سامي الجبوري) الموجود لدى السلطات الأمنية العراقية باعتباره النائب الأول لخليفة تنظيم “داعش”. والأوغندي (ميدي نكالوبو) القيادي بالجماعة الإسلامية المتمردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي الجماعة التي أعلنت ولاءها لتنظيم “داعش” في كافة المناطق التي تعمل بها. وهناك أيضا (خالد باطرفي) زعيم تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب”، وهو قيادة يمنية منخرط في النشاط الإرهابي منذ عقود وله عديد من الوثائق المصورة، يعلن فيها عن التنظيم وأهدافه ومخططاته المستقبلية ضد الغرب وإسرائيل كما يزعم. الأشهر والأغرب في وجوده خارج القائمة حتى الآن (هبة الله خوند زادة) القيادي الأفغاني الأعلى لحركة “طالبان”، باعتبار أنه في ظل قيادته للحركة استهدفت ما يزيد عن 100 مسؤول أفغاني سابق، تمكنت من تصفيتهم بالقتل المباشر برصاص الحركة، قبل أن تدور دائرة الأحداث ويعود ليظهر مجددا في أفغانستان على صورة القيادة السياسية التي تحكم الآن. وأيضا (عبد البراء الصحراوي) وهو الأسم المتداول الآن كقيادة للفرع الداعشي بـ”الصحراء الكبرى”، وبالتحديد متهم رئيسي في مجازر وقعت بالنيجر ومالي وموزمبيق وبوركينا فاسو.

وهناك أيضا بعض الكيانات التي يبدو أنها على وشك استكمال ملفات الادراج الأممي، منها تنظيم “أنصار بيت المقدس” المصري العامل في شمال سيناء، باعتبار عناصره يخضعون للتحقيق أمام السلطات القضائية المصرية، متهمين بارتكاب عديد من العمليات الإرهابية المثبتة بالأدلة والقرائن المادية والاعترافات. و”كتيبة ماسينا” التابعة لجماعة نصرة الإسلام في وسط مالي، المدرج زعيمها على القائمة الدولية بشخصه ووفق النشاط الذي اقترفه في منطقة الساحل والصحراء. ومعه أيضا تنظيم “أهل السنة والجماعة” المعروف بداعش موزمبيق، وهي من التنظيمات الشرسة التي تستخدم العنف المسلح الكاسح تشبها بجماعة “بوكو حرام”، من القتل والذبح والترويع وخطف الإناث والأطفال أثناء غارات تدمير كامل لقرى ومناطق في شمال موزمبيق. هناك على ساحة العمل الإرهابي كيانات وأشخاص على ذات الشاكلة، لكن الاشكالية تتمثل في عدم اكتمال المعلومات الأمنية أو القضائية، بسبب هشاشة تلك الأجهزة والمؤسسات في الدول المشار إليها، كما في حالة اليمن ودول الساحل الأفريقي. ويبقى الإدراج في حد ذاته حتى وإن استلزم الأمر بعض الوقت، عامل هام ومساعد لمحاصرة التهديد وملاحقة عناصره الفاعلة.

 

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/19816/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M