الرسائل النووية… موسكو والناتو بين “الرعد” و”الظهيرة الثابتة”

محمد منصور

 

تطورات لافتة ومهمة طرأت خلال الشهر الجاري في سياق مسلسل  “الرسائل النووية” المتبادلة بين موسكو من جهة وواشنطن وحلف الناتو من جهة أخرى منذ بداية العمليات العسكرية في أوكرانيا، تمثلت فيما بدا أنه “تبادل” للمناورات النووية بين الجانبين، بعد أن بدأ حلف الناتو في السابع عشر من الشهر الجاري مناورات “الظهيرة الثابتة” النووية التكتيكية، ثم حذت حذوه موسكو عبر مناورات “الرعد” النووية التي بدأت في السادس والعشرين من الشهر الجاري، بإشراف مباشر من الرئيس فلاديمير بوتين.

تاريخيًا، كانت المناورات النووية الدورية، معلمًا أساسيًا من معالم حقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وهي مناورات كان الهدف الرئيسي منها –بجانب اختبار جاهزية القوة النووية الاستراتيجية- هو توجيه رسائل ردع عسكري أو سياسي تتعلق بشكل أو بآخر بتطورات دولية أو اقليمية كانت تطرأ من حين لآخر في تلك الحقبة التي اتسمت بوتيرة متسارعة من التغيرات الجيوسياسية.

هذه المناورات كانت تشترك جميعها في ملامح تكتيكية واحدة، حيث ارتكزت في فترة الخمسينيات على اختبار مدى إمكانية عمل كتائب المشاة والكتائب المدرعة في ظل ظروف ميدانية متأثرة بإشعاعات نووية، ومن أبرز أمثلة ذلك مناورة “توتسكوي” السوفيتية التي تمت في سبتمبر 1954، وتضمنت تفجير قنبلة نووية بلغت قوتها ما يناهز 40 كيلو طن، ومن ثم تم المناورة بقوات بلغ تعدادها 45 ألف جندي، للتدريب على سيناريو استخدام قنبلة نووية في إطار هجوم على هدف معادي شديد التحصين.

جدير بالذكر أن هذه المناورة كانت بمثابة رد على سلسلة مناورات “ديزيرت روك” الأمريكية، التي تمت بنفس النسق بين عامي 1951 و1957، وتم إيقافها في النهاية لصالح المناورات الصاروخية التي يتم من خلالها اختبار قدرات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، مع احتفاظ كلا الجانبين بهامش من التجارب النووية التي كانت مخصصة لاختبار قدرات التفجير النووي وتقنياته المختلفة.

تغيرات جوهرية في العقيدة النووية الروسية

تراجعت بطبيعة الحال وتيرة هذه المناورات ذات الطبيعة النووية في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، لكن داومت كل من حلف الناتو وموسكو والولايات المتحدة الأمريكية على تنفيذ مناورات دورية لاختبار جاهزية الوحدات النووية الاستراتيجية، وكذا القيام بتجارب لإطلاق الصواريخ العابرة للقارات، وإن كانت وتيرة هذه التجارب متباعدة وأقل كثافة نتيجة لاعتبارات سياسية ولوجستية. لكن لوحظ خلال السنوات الأخيرة تصاعد تدريجي في حجم ومستوى مناورات اختبار جاهزية الوحدات النووية الروسية الاستراتيجية، وتحديدًا منذ عام 2012 الذي شهد بداية المناورات النووية “جروم” أو “الرعد”، والتي كانت تتم على مدار يوم واحد.

كان ضم موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014، حدثًا كان له أثر واضح على الاستراتيجية العسكرية الروسية في ما يتعلق بالأسلحة النووية، حيث بدأت الرؤية الروسية في هذا الصدد تتلمس العوامل السياسية جنبًا إلى جنب مع العوامل الاستراتيجية والتكتيكية، وهو ما عكسه مضمون خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام الجمعية الفيدرالية في مارس 2018، والذي كان ملخصه أن الترسانة النووية الروسية هي أداة سياسية بنفس القدر الذي تعتبر فيه أداة عسكرية، وهو ما يفسر حرص بوتين على المشاركة بشكل شخصي في مناورات “الرعد” النووية منذ 2012 وحتى نسخة هذا العام.

نظريًا، لا يجب النظر لنسخة هذا العام من مناورات “الرعد” النووية بمعزل عن عدة سياقات أساسية، أولها هو السياق العملياتي والتدريبي للقوات النووية الروسية، والذي دخل مرحلة نشطة منذ قرار موسكو تفعيل حالة الجاهزية القصوى لقوة الردع النووية الروسية في فبراير الماضي. نقطة البداية في هذا السياق كانت في نفس الشهر – فبراير 2022 – عبر تنفيذ مناورات نووية تكتيكية، تم اعتبارها بمثابة نسخة العام الماضي من مناورات “الرعد” نظرًا لأن هذه المناورات لم تقم في موعدها العام الماضي، وقد تم خلال هذه المناورات إطلاق صواريخ “كينجال” الفرط صوتية، بجانب صاروخ “SS-29/Yars” العابر للقارات.

المحطة التالية في هذا المسار كانت في مارس الماضي، حين حلقت أربعة طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي نحو جزيرة “جوتلاند” السويدية، اكتشفت السلطات السويدية لاحقًا أن اثنتين منها، وهما قاذفتين من نوع “سوخوي-24″، كانتا تحملان ذخائر نووية. تلا ذلك تجربة صاروخية هامة تمت في أبريل الماضي، لإطلاق الصاروخ العابر للقارات “SS-28/Sarmat”، الذي بدأ تطويره أوائل الألفية الحالية، ودخل إلى الخدمة عام 2021. يتراوح مداه الأقصى بين 10.000 و18.000 كيلو متر، ويتم إطلاقه حصرًا من صوامع تحت أرضية، ويتزود بمحرك ثلاثي المراحل يعمل بالوقود السائل، ويستطيع حمل حمولة تصل زنتها إلى 10 طن، سواء على شكل رؤوس حربية، أو على شكل مركبات انزلاقية أو ما يعرف بـ “مركبات إعادة الدخول”. جدير بالذكر أن الوحدات الصاروخية الروسية في منطقة “كالينجراد”، قامت في مايو الماضي بتنفيذ عملية محاكاة إلكترونية لإطلاق صواريخ “إسكندر” الباليستية التكتيكية، والتي تمتلك القدرة على حمل رؤوس نووية.

في يونيو الماضي، قامت الوحدات الصاروخية الروسية في منطقة “إيفانوفو” شمال شرق موسكو، بتنفيذ تدريبات لقياس جاهزية منصات إطلاق صواريخ “يارس” العابرة للقارات، في خطوة أخرى يمكن وضعها ضمن هذا السياق “النووي”، لكن كانت الخطوة الأكثر لفتًا للانتباه في هذا السياق التحركات الغامضة التي قامت بها إحدى أهم وأحدث الغواصات النووية الروسية وهي الغواصة النووية “بيلوجراد”، التابعة لأسطول بحر الشمال من الفئة “أوسكار-2″، والتي ظل مكان وجودها الحالي محل شكوك غربية كبيرة، خاصة كونها الغواصة الروسية الوحيدة المؤهلة لحمل الطوربيد النووي “بوسايدون” أحد أهم الأسلحة البحرية الروسية على الإطلاق.

بدا من هذا الغموض ان موسكو كان “تناور” بهذه الغواصة لإحداث حالة من الهلع لدى الدول الأوروبية، تكمل بها السياقات النووية التي تحاول من خلالها الإيحاء بوجود استعدادات جدية لاستخدام أسلحة نووية. اتضح بعد ذلك أن هذه الغواصة كانت قد غادرت قاعدتها في “سيفيرودفينسك” في سبتمبر الماضي، وظهرت الشهر الحالي في بحر بارنتس أثناء عودتها إلى قاعدتها.

هذه الخطوات المتعددة في “السياق النووي” الذي تستهدف منه موسكو التأكيد على جاهزيتها استخدام هذا الخيار، شمل عدة خطوات جانبية، مثل الإعلان عن تمركز وحدات صاروخية من نوع “إسكندر” في بيلاروسيا، وتجهيز القاذفات البيلاروسية من نوع “سوخوي-25” بالتجهيزات الفنية التي تمكنها من حمل ذخائر نووية، وهذا بالطبع ضمن تحركات روسية أكبر في بيلاروسيا، تم من خلالها تكوين قوة مشتركة، وزيادة احتمالات إعادة تفعيل الجبهة الشمالية الأوكرانية، خاصة في ظل الحديث الروسي المتكرر عن احتمالية استخدام كييف “قنبلة قذرة” تحمل ذخائر نووية.

مناورات “الرعد” الروسية في الميزان

بالعودة إلى ملف المناورات النووية الروسية، يعد عام 2019 بمثابة البداية الحقيقية لمناورات “الرعد”، حيث شهدت نسخة هذا العام للمرة الأولى اختبار كافة أضلاع “الثالوث النووي” الروسي، والذي يتمثل في القاذفات الاستراتيجية والصواريخ العابرة للقارات والصواريخ الباليستية المطلقة من على متن الغواصات النووية. مناورات 2019 كانت ذات أهمية خاصة ليس فقط بسبب اختبار هذا الثالوث فقط، بل لأنها كانت دليلًا دامغًا على أن التسليح النووي ما زال ركنًا أساسيًا في منظومة الردع العسكري الروسية، خاصة أن هذه المناورات تضمنت التدريب على سيناريوهات نووية دفاعية وهجومية، سواء عبر تنفيذ ضربات نووية استباقية، أو ضربات انتقامية ردًا على هجمات معادية، وكذلك ظهور تكتيك جديد لا يعتمد على المبدأ الكلاسيكي “التصعيد المتدرج”، بل يعتمد على تنفيذ ضربات متزامنة ضد أهداف تقع على مسارح عمليات مختلفة باستخدام منظومات تقليدية وغير تقليدية بشكل مشترك، وهو ما كان واضحًا بشكل أكبر من خلال اختبار المنظومات الأساسية للثالوث النووي خلال مناورات 2019، وليس الاكتفاء باختبار ضلع واحد من أضلاعه كما كان الحال عليه في مناورات سابقة.

يضاف إلى ما سبق حقيقة أن المناورات النووية الروسية لعام 2019 كانت مرتبطة بشكل وثيق بمناورات أمريكية مماثلة تمت في نفس العام، وكذلك انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى في أكتوبر 2018، وهو الارتباط الذي وضع الجوانب المتعلقة بالعلاقة مع واشنطن وحلف الناتو بشكل أكبر ضمن دائرة الأهداف التي يراد من مثل هذه المناورات تحقيقها، وهو المنظور الذي يمكن من خلاله النظر إلى مناورات هذا الشهر “الرعد 2022″، التي تبدو -من حيث المبدأ- ردًا على المناورة الجوية النووية لحلف الناتو، والتي بدأت في السابع عشر من الشهر الجاري، وتستمر حتى نهايته.

فيما يتعلق بنسخة هذا العام من مناورات “الرعد”، يمكن القول إنها حملت شكلًا أوسع وأشمل من المناورات الجوية النووية لحلف الناتو، حيث جرت أحداثها في النطاق الشمالي الغربي للبلاد، وشارك في فعالياتها التي استمرت حتى التاسع والعشرين من الشهر الحالي نحو 12 ألف جندي، بجانب منصات لإطلاق صواريخ “SS-29/Yars” العابرة للقارات، والغواصة النووية “بوري” من الفئة “Delta IV”، حاملة لصواريخ “RSM-54 Sineva” العابرة للقارات، بجانب قاذفتين استراتيجيتين من نوع “توبوليف-95”. مناورات هذا العام طابقت من حيث المبدأ مناورات عام 2019، وبدا منها أن السيناريو الأساسي الذي يتم التدرب عليه هو سيناريو “الضربة الاستباقية متعددة الاتجاهات والوسائط”.

خلال المناورات الأخيرة، تم إطلاق صاروخ عابر للقارات من نوع  “RSM-54 Sineva” من الغواصة السالف ذكرها، من منطقة بحر بارنتس نحو ميدان الرماية في منطقة “كورا” بشبه جزيرة كامتشاتكا. صاروخ “سينيفا” يعد من ضمن ثلاثة أنواع من الصواريخ الروسية العابرة للقارات التي يمكن إطلاقها من على متن الغواصات. يعمل هذا الصاروخ بالوقود السائل ويمكن أن يحمل أربعة رؤوس حربية منفصلة، وتم بدء تجارب إطلاقه في فبراير 2004، ويصل مداه الأقصى إلى 11 ألف كيلو متر.

الضلع الثاني من أضلاع الثالوث النووي الذي تم استخدامه في هذه المناورات هو الصاروخ العابر للقارات “SS-29/Yars”، الذي تم إطلاقه من قاعدة “بليسيتسك” الجوية. دخل هذا الصاروخ ضمن قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية عام 2010، ويتم إطلاقه من صوامع ثابتة أو منصات ذاتية الحركة، وهو عامل بالوقود الصلب، ومزود بثلاثة رؤوس حربية منفصلة مزودة بتقنية “إعادة الدخول”، وإمكانية توجيه كل منها بشكل منفصل نحو أهداف مختلفة، وتبلغ زنة هذه الرؤوس مجتمعة 1200 كيلو جرام، وإجمالي قوتها في حالة ما إذا كانت نووية تصل إلى 200 كيلو طن، ويصل مداه الأقصى إلى 10.500 كيلو متر، وقد نفذت موسكو التجربة الأولى لإطلاق هذا الصاروخ أواخر عام 2017.

أما الضلع الثالث فيتمثل في مشاركة قاذفتين استراتيجيتين من نوع “توبوليف-95” في هذه المناورات، ويعتقد أنها قامت بإطلاق صواريخ جوالة من نوع “كي إتش-102″، التي دخلت الخدمة عام 2012، وتبلغ زنة الرأس الحربي الخاصة بها 450 كيلو جرام، ومداها الأقصى يبلغ 2800 كيلو متر، وتصل قدرة رأسها الحربي في حالة تزويده بشحنة نووية إلى 250 كيلو طن.

رسائل موسكو من وراء “الرعد النووي”

على المستوى العام، تستهدف موسكو من تنفيذ هذه التدريبات النووية في هذا التوقيت تحديدًا، توجيه مجموعة من الرسائل، تبدو واشنطن وحلف الناتو المستهدفين الأكبر من هذه الرسائل نظرًا لعوامل عدة:

– تصاعد الأنشطة العسكرية لحلف الناتو قرب الحدود الروسية: حيث بدأ حلف الناتو تدريبات الردع النووي “الظهيرة الثابتة” في السابع عشر من الشهر الجاري بمشاركة 14 دولة أوروبية، وما يصل إلى 60 مقاتلة. مسرح عمليات هذه المناورات شمل المجال الجوي البلجيكي، حيث تم اختيار قاعدة “كلاين بروغل” في مقاطعة “ليمبورغ” البلجيكية كقاعدة أساسية لهذه المناورات، بجانب المجال الجوي البريطاني وبعض أجزاء المجال الجوي لبحر الشمال.

هذه التدريبات التي تمت على بعد نحو 1000 كيلو متر من الأراضي الروسية، تشمل تدريب مقاتلات “أف-16” على استخدام القنابل النووية التكتيكية “بي-61″، وكذا تدريب الأطقم الأرضية على العمليات المتعلقة بإخراج هذه القنابل من مخازنها وتجهيزها، وهي التدريبات التي تكررت سابقًا في نوفمبر 2021، وحينها اقتربت قاذفات امريكية من الحدود الروسية من اتجاهين مختلفين، وتحدث حينها وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو عن قناعته بأن هذه الحادثة كانت تتضمن تدريبًا على توجيه ضربة نووية لروسيا.

هذه المناورات رفعت من حدة التوتر في النطاق الإقليمي الروسي، خاصة بعد أن وصلت مؤخرًا -وللمرة الأولى منذ 80 عام- وحدات تابعة لفرقة الإنزال الجوي 101 الأمريكية، كي تشارك في مجموعة من التدريبات، التي تضاف إلى تحركات تدريبية أمريكية أخرى، تتم في نطاق الأسطولين الخامس والسادس.

– الوضع الميداني الأوكراني وتصاعد المساعدات التسليحية الأوروبية: يمكن النظر للمناورات الروسية من زاوية الوضع الميداني العام في أوكرانيا، والذي يشهد معارك عنيفة في كل من جبهة “كاخوفا” في المنطقة الشرقية، وجبهة “خيرسون” في الجنوب الغربي؛ فبالإضافة إلى الجانب المعنوي لهذه المناورات تحاول موسكو من خلال إدامة التلويح بالورقة النووية التأكيد على مبدأ كان قد أقره الرئيس الروسي في يونيو 2020، ضمن سياسة الردع النووي الروسية يسمح له باستخدام أسلحة نووية للرد على أي هجوم بأسلحة تقليدية على البنية التحتية المدنية أو العسكرية الموجودة على الأراضي الروسية، وهو ما تحاول موسكو التأكيد عليه مرارًا، وعلى استعدادها التام لاتخاذ الخيارات النووية المتاحة، في حالة ما إذا استمر الزخم الهجومي الأوكراني، أو تصاعد حجم الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا من جانب حلف الناتو، ليشمل منظومات أكثر نوعية، خاصة في ما يتعلق بالدفاع الجوي والصواريخ.

– التحركات الأمريكية العسكرية في نطاق الاهتمام الروسي: الظهور المفاجئ للغواصة النووية الأمريكية “”يو إس إس وست فيرجينيا” المحملة بصواريخ باليستية في بحر العرب في العشرين من أكتوبر الماضي كان كذلك بمثابة محفز إضافي لتنفيذ موسكو مناوراتها النووية، فواشنطن تعد هذه الفئة من الغواصات بمثابة “جوهرة التاج” للثالوث النووي الأمريكي، علمًا بأن التحركات الأمريكية في هذا الإطار لم تقتصر فقط على هذا التحرك النوعي -الذي قد يكون له ارتباطات بملفات اخرى مثل الملف الصيني أو الإيراني- بل تضمنت تنفيذ تجربة صاروخية في أغسطس الماضي لإطلاق الصاروخ الباليستي العابر للقارات “LGM-30G Minuteman”، من قاعدة “فاندنبيرغ” الجوية، في اتجاه جزر مارشال، وقطع الصاروخ خلال هذه التجربة مسافة تناهز سبعة آلاف كيلو متر.  يعد هذا الصاروخ النوع الوحيد في الترسانة الصاروخية الأمريكية العابرة للقارات الذي يمكن إطلاقه من منصات أرضية وتحت أرضية، ويعد الضلع الأول في “الثالوث” النووي الأمريكي الذي يشمل صواريخ “ترايدنت” الباليستية التي يتم إطلاقها من على متن الغواصات، والقنابل النووية التكتيكية التي يتم إطلاقها من القاذفات الإستراتيجية.

وأخيرًا، لا يمكن إغفال الرسالة السياسية للمناورات النووية الروسية، خاصة في ظل حرص الرئيس الروسي على المشاركة بشكل شخصي في مناورات هذا العام كما فعل في كافة النسخ السابقة، بحيث يتم توجيه رسائل أيضًا للداخل الروسي، فيما يتعلق بالعمليات العسكرية في أوكرانيا. النقطة الواجب ذكرها في هذا الصدد هي تكرار الحديث الروسي عن احتمالات توسع ميدان الصراع مع حلف الناتو بشكل لا يجعله يقتصر فقط على الميدان الأوكراني، وربما من هذه الزاوية يمكن النظر إلى حديث أحد النواب الروس عن إمكانية نقل صواريخ “فويفودا” الباليستية المتقادمة إلى سوريا، لكن الأكيد أن موسكو تبدو أكثر إصرارًا على إظهار أنها تمتلك العزم الكافي لرفع مستوى التحدي في أوكرانيا ليشمل الجانب النووي، في حالة ما إذا خرجت الوضع الميداني والتكتيكي والتسليحي عن الخطوط الروسية الحمراء التي لم تعد ظاهرة بشكل واضح وسط غبار معارك جنوب أوكرانيا.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/73699/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M