دبلوماسية المدرجات.. حدود التشابك بين الرياضة والسياسة

محمود قاسم

 

دومًا ما تمتزج الأحداث الرياضية الكبرى بالتحولات والتفاعلات السياسية المصاحبة لها، الأمر الذي بدا واضحًا خلال استضافة قطر لكأس العالم 2022، حيث طغت السياسة وتداخلت مع الرياضة في عدد من المباريات، بل أصبحت دبلوماسية المدرجات أحد أبرز الملامح التي شهدتها نسخة المونديال الحالية. وعلى الرغم من أن الاتحاد الدولي لكرة القدم ” فيفا” لا يسمح بإقحام السياسة أو الدين في الرياضة، إلا أن المحطات التاريخية المختلفة للمحافل الرياضية تؤكد على صعوبة أو استحالة الفصل بينهما.

وفي هذا الإطار، يمكننا الوقوف على طبيعة العلاقة بين السياسة والرياضة وحدود التأثير والتأثر فيما بينهما، وذلك للوقوف على الرسائل السياسية التي تفرزها التجمعات الرياضية، وتحديدًا كرة القدم، نظرًا لشعبيتها الجارفة، الأمر الذي أكده الزعيم الراحل “نيلسون مانديلا”، حيث قال إن كرة القدم هي أكثر وسائل الاتصال فاعلية، حيث تتجاوز وسائل الاتصال الشفوية والكتابية إذ إنها تصل إلى مليارات الأفراد في جميع أنحاء العالم مباشرة. ومن هنا يمكننا فهم أسباب التشابك والتداخل بين الرياضة وباقي المجالات وفي المقدمة منها السياسة. وترتيبًا على ما سبق، يمكننا تحديد الأصداء السياسية المختلفة والرسائل التي تحملها الأحداث الرياضية على النحو التالي.

صراع أم تعاون

تشكلت الجدلية الأساسية فيما يرتبط بالعلاقة بين الرياضة والسياسية وفقًا لنمطين متضادين. أولهما يرى أن الرياضة تعتبر مدخلًا للتعاون وتعزيز القيم الاجتماعية المشتركة ونشر السلام، حيث إنها تتجاوز الحدود الجغرافية، ولا تتقيد بنطاق مكاني محدد، إذ تقود لانصهار الجميع في منافسة تتجاوز الفوارق، ما يعزز من المساواة ويدعم التقارب بين الشعوب. وفي هذا الإطار، اعتبرت الأمم المتحدة أن الرياضة أداة فعالة التكلفة ومرنة لتعزيز أهداف السلام والتنمية.

من ناحية أخرى، يؤيد البعض فرضية أن الرياضة يمكن أن تصبح مدخلًا للصراعات، حيث تزيد من الانقسامات والاحتقان بين الشعوب، ويدعم أصحاب تلك الرؤية موقفهم بما حدث بين السلفادور وهندوراس عام 1969 فيما عُرف باسم “حرب كرة القدم” والتي اندلعت بينهما في أعقاب المباراة الفاصلة المؤهلة لكأس العالم في المكسيك عام 1970، بعدما نجحت السلفادور في الفوز بها وضمان التأهل لكأس العالم، وعلى الرغم من أن القضايا الخلافية والتشابكات بينهما كان تعود لفترات سابقة، إلا أن هذه المباراة كانت سببًا في اندلاع أحداث عنف بين الطرفين تطورت لقيام البلدين بنشر قوات عسكرية على الحدود، قبل أن تبدأ المواجهة العسكرية التي استمرت 4 أيام وأسفرت عن مقتل نحو 4 آلاف وإصابة 15 آلف آخرين.

توظيف سياسي

يبدو أن الأصداء السياسية لا تنفصل بأية حال من الأحوال عن الأجواء الرياضية، ففي كل بطولة أو تجمع رياضي كبير غالبًا ما تبرز عددًا من الرسائل أو الدلالات السياسية المهمة، الأمر الذي يمكن تحديد ملامحه كما يلي:

أولًا) دعم وتعزيز التقارب بين الدول، يمكن أن توظف المحافل الرياضية لإزالة الخلافات بين الدول بعضها البعض، كما يمكن أن تعزز دبلوماسية المدرجات العلاقات الدولية وتدفعها للأمام، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال حرص عدد من القادة ورؤساء الدول على حضور المباريات الافتتاحية للفعاليات الكبرى. وخلال بطولة كأس العالم قطر 2022 برز هذا التوجه بصورة كبيرة وذلك عبر المصافحة التي تمت بين الرئيس “عبد الفتاح السيسي” والرئيس التركي “رجب طيب أرودغان”، وعلى الرغم من أن تلك المصافحة لم تأتٍ بشكل تلقائي، بل تم الإعداد والتخطيط لها عبر ترتيب وجهود قطرية، إلا أنها تحمل عدد من الدلالات على إمكانية تطويع الأحداث الرياضية لتقريب وجهات النظر والحد من التوترات السياسية.

فقبل المصافحة كانت الخلافات الجيوسياسية بين البلدين مستمرة، إلا أن تلك الخطوة من شأنها التخفيف منها والعمل على صياغة تفاهمات مشتركة وبناء الثقة المفقودة بين الطرفين، خاصة بعدما أعلنت تركيا أن تلك المصافحة يمكن أن تكون خطوة مهمة نحو تطبيع العلاقات مع مصر، الأمر الذي تسعى إليه أنقرة منذ عقد مباحثات استكشافية مع مصر في مايو 2021. وعليه يمكن أن تؤسس تلك المصافحة لمزيد من التقارب بين البلدين شريطة إظهار تركيا حسن نواياها، وتجاوبها مع المطالب المصرية التي تمثل في جوهرها مصالح أساسية للدولة المصرية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي ترتبط بالأمن القومي المصري.

كما لا يمكن تجاهل ظهور أمير قطر الشيخ ” تميم بن حمد” في مدرجات إستاد لوسيل رافعًا علم السعودية خلال لقائها مع منتخب الأرجنتين، يضاف لذلك ارتداء ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” وشاحًا عليه علم قطر خلال حضوره مباراة افتتاح البطولة، بجانب حضور نائب رئيس دولة الإمارات “الشيخ محمد بن راشد” للافتتاح، مما يشير لطبيعة التحول الذي طرأ على العلاقات العربية مع قطر، وهو ما يأتي في ضوء استكمال أو البناء على مسار ما بعد اتفاق العلا في يناير 2021 والذي وضع نهاية للمقاطعة العربية لقطر والتي بدأت في يونيو 2017.

وفي سبعينيات القرن الماضي، مهدت الرياضة لكسر الجمود الذي استمر نحو عقدين بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك فيما عُرف بدبلوماسية “البنج بونج”، حيث كانت زيارة فريق تنس الطاولة الأمريكي للصين في أبريل عام 1971 -كأول زيارة لوفد أمريكي منذ تأسيس الصين الشعبية عام 1949- مدخلًا لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، إذ أعقبها زيارة للرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون” للصين عام 1972 والتي أسست بدورها لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979.

ثانيًا) عالمية حقوق الإنسان مقابل الخصوصية الثقافية، أثار استضافة قطر لكأس العام جدلًا حول الخط الفاصل بين حقوق الإنسان باعتبارها قيمة عالمية واحترام الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمعات والشعوب العربية باعتبارها حقًا أصيلًا للدولة المستضيفة، حيث أعلنت عددًا من المنتخبات من بينها: إنجلترا، وويلز، وألمانيا، وفرنسا، وهولندا، وسويسرا، والدنمارك عن استعدادها لارتداء شارة” One Love” تعبيرًا عن تضامنهم مع قضايا المثليين جنسيًا. وهو الأمر الذي رفضته الدولة المضيفة باعتبار أن هذه السلوكيات تتنافى مع تعاليم الإسلام وتتجاوز تقاليد وثقافة الشعوب العربية. وعليه قامت الفيفا بحظر ارتدائها والتحذير من أن القيام بحمل تلك هذه الشارة يمكن أن يعرض حاملها لعقوبات رياضية. وقد انقسمت الآراء بشأن هذا الإجراء، ففي الوقت الذي عده البعض تعسفًا. نظرت الشعوب العربية والإسلامية إليه باعتباره حقًا من حقوق الإنسان كونه يتماشى مع الخصوصية المجتمعية لشعوب المنطقة.

ثالثًا) إدارة السمعة وتغيير الصورة النمطية، يمكن للرياضة واستضافة البطولات الكبرى ككأس العالم والأولمبياد أن تروج لمكانة الدولة وتعزز من حضورها على الساحة الدولية، فبجانب العوائد الاقتصادية والتسويق للدولة سياحيًا، يمكن أن تساهم المحافل الرياضية والقدرة على تنظيمها بشكل جيد في إضفاء مزيد من الزخم على الدول المستضيفة، الأمر الذي اتضح في عدد من المناسبات الرياضية، فعلى سبيل المثال، تشير عدد من التقديرات إلى أن الصين نجحت في الترويج لصعودها كقوة فاعلة في النظام الدولي من خلال نجاحها في استضافة أولمبياد عام 2008.

الأمر ذاته يمكن ملاحظته من خلال استضافة جنوب أفريقيا لكأس العالم 2010 كأول دول أفريقية تستضيف البطولة، ما اعتبرته “جوهانسبرجفرصة لإعادة تقديم نفسها كقوة إقليمية وأفريقية مؤثرة، حيث اعتبرت نفسها ممثلًا للقارة الأفريقية، كما قدمت نفسها بعيدًا عن الصورة النمطية للدول الأفريقية والمنحصرة في عدم الاستقرار والحروب الأهلية وانتشار العنف، كما أن جنوب أفريقيا استغلت الحدث في تقديم نفسها كدولة ديمقراطية، تحترم التعدد وتؤمن بالتنوع الثقافي بما يتجاوز حقبة الفصل والتمييز العنصري.

من ناحية أخرى، عولت موسكو على استضافة كأس العالم 2018 في تغيير الصورة النمطية عنها ومواجهة العزلة الدولية التي فرضت عليها على خلفية ضم شبه جزيرة القرم 2014، وقد اعتبر الرئيس الروسي “بوتين” أن صورة بلاده ترتبط بالنجاح في تنظيم بطولة كأس العالم. وقد نجح في تحقيق هذا الهدف عبر حضور نحو 14 من رؤساء العالم وكبار المسؤولين للمباراة النهائية من بينهم الرئيس الفرنسي “ماكرون”، كما تمكن بوتين من الترويج لقوة روسيا في الداخل، خاصة بعد فشل الحملات التي كانت تستهدف سحب تنظيم البطولة منها، مما ساهم في تعزيز ودعم شعبية الرئيس الروسي، علاوة على تغيير الصورة النمطية عن روسيا، حيث قال “بوتين” إن البطولة ساعدت في تحدي الصور النمطية عن بلاده.

على ذات المنوال، سعت قطر خلال استضافة كأس العالم 2022 إلى تعزيز مكانتها الدولية والإقليمية باعتبارها أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تتمكن من استضافة البطولة، الأمر الذي من شأنه أن يضفي مزيدًا من الزخم عليها في محاولة لتغيير الصورة المرتبطة بقطر وسياستها الخارجية تجاه عدد من الملفات، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف سجلت الدوحة أعلى معدل إنفاق في تاريخ تنظيم واستضافة كأس العالم بنحو 220 مليار دولار، بزيادة تتجاوز 14 مرة من إنفاق البرازيل على بطولة كأس العالم 2014، والتي كانت بمثابة الأكثر تكلفة وإنفاقًا قبل البطولة الحالية.

رابعًا) دعم ومناصرة الحقوق والمطالب السياسية، تعتبر التجمعات الرياضية والمحافل الدولية نافذة مهمة تلجأ إليها الجماهير لدعم ومناصرة عدد من القضايا والمطالب السياسية، الأمر الذي يمكن ملاحظته في عدد من المشاهد من بينها على سبيل المثال، حرص جمهور برشلونة على الهتافات خلال مباريات فريقه لدعم مطالب انفصال كتالونيا عن إسبانيا وذلك في أعقاب الدقيقة 17 و 12 ثانية من المباراة في إشارة لحصار برشلونة عام 1714، الذي وقع على خلفية حرب الخلافة الإسبانية وانتهت بفقدان كتالونيا استقلالها السياسي بعد ضمها من قبل الملك الأسباني “فيليب الخامس”.

الأمر ذاته بدا خلال كأس العالم 2022 عبر دعم القضية الفلسطينية من خلال ارتداء عدد من الجماهير في المدرجات كوفية تحمل علم فلسطين. كما عبر لاعبي منتخب إيران عن تضامنهم مع الاحتجاجات التي تشهدها البلاد على خلفية وفاة الشابة “مهسا أميني”، وذلك عبر امتناعهم عن أداء النشيد الوطني خلال مباراة الفريق مع منتخب إنجلترا، الأمر الذي واجهته السلطات الإيرانية بتهديد اللاعبين وأسرهم في حال تكرار هذا الأمر. كما لجأ الاتحاد الأمريكي لكرة القدم قبل ساعات من مباراة فريقه مع إيران لنشر علم إيران دون شعار الجمهورية الإسلامية، مشيرًا لأنه قرر التخلي عن العالم الإيراني “لإظهار الدعم لنساء إيران اللواتي يناضلن من أجل حقوق الإنسان الأساسية”.

ولم تبتعد المناكفات السياسية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية عن تلك المباراة التي جمعتهما في الجولة الأخيرة في مرحلة المجموعات، حيث سيطرت الأجواء السياسية على المباراة بشكل ملحوظ، خاصة في ظل حالة الاستقطاب بين البلدين، علاوة على أن تلك المواجهة لم تحدث منذ عام 1998 عندما فازت إيران على الولايات المتحدة، في مباراة اعتبرتها إيران انتصارًا سياسيًا على أمريكا، لدرجة أن المرشد الأعلى للثورة الإيراني “خامنئي” كان قد استدعي اللاعب الذي سجل الهدفين في مرمى الولايات المتحدة الأمريكية لمقر إقامته وقبل جبينه.

خامسًا) معاقبة وتطويق الخصوم، تعتبر عملية الإقصاء من المنافسات الرياضية الكبرى أو حرمان دولة ما من استضافتها أحد مظاهر امتزاج السياسة بالرياضة، فقد تُوظف الأخيرة كأداة لتطويق ومعاقبة الخصوم، ولعل توسيع قائمة العقوبات التي فرضتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على روسيا والتي امتدت للرياضة خير دليل على ذلك. ففي أعقاب العمليات العسكرية الروسية  في أوكرانيا في 24 فبراير 2022، بدأت الدول الأوروبية تستخدم سلاح العقوبات للضغط على روسيا لوقف التصعيد ضد أوكرانيا، ولم تكن الألعاب الرياضية واستبعاد روسيا من المشاركة أو استضافة المحافل الكبرى بعيدة عن تلك العقوبات.

ففي فبراير الماضي قرر الاتحاد الدولي والاتحاد الأوروبي لكرة القدم تعليق مشاركة الأندية الروسية والمنتخبات في كافة المسابقات والبطولات التابعة للاتحادين، ما نجم عنه استبعاد روسيا من المشاركة في تصفيات كأس العالم قطر 2022، علاوة على حرمانها من المشاركة في التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الأوروبية 2024. كما تم نقل نهائي دوري أبطال أوروبا النسخة الماضية من روسيا إلى فرنسا، يضاف لذلك قيام الاتحاد الأوروبي بعد نحو عشرة أعوام بفسخ عقد رعاية مع شركة “غازبروم”، وتبلغ قيمته 40 مليون يورو سنويًا، وذلك رغم أهمية العقد في تغطية تكاليف دوري أبطال أوروبا وعدد من المسابقات التي ينظمها الاتحاد. كما علقت شركة “أديداس” تعاونها مع فرق كرة القدم الروسية.

وامتدت العقوبات لبقية الرياضات الأخرى من بينها: التزلج، والجودو وهوكي الجليد والتايكوندو، حيث تم تجريد الرئيس الروسي من ألقابه كرئيس فخري وسفير لاتحاد الجودو، علاوة على سحب الحزام الأسود الفخري المقدم من اتحاد التايكوندو للرئيس الروسي في نوفمبر 2013.

سادسًا) التعبير عن السخط والرفض الدولي، تعتبر المحافل الدولية الكبرى من بين الوسائل التي يمكن اللجوء إليها للتعبير عن الرفض الدولي لسياسة معينة أو سلوك ما، دون الدخول في مواجهات عدائية أو اشتباك مع طرف من الأطراف الدولية، وعليه تقدم الرياضة وسيلة للتعبير عن حالة الرفض أو الغضب، ما يمكن ترجمته عبر مقاطعة المنافسات الرياضية أو عدم مصافحة الخصم أو رفض لعب مباراة معه.

فعلى سبيل المثال، قاطعت الدول الأفريقية كأس العالم 1966 اعتراضًا على ما وصفوه وقتها بسياسة التمييز وعدم المساواة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث خصص الأخير مقعدًا لمنتخبات أفريقيا وآسيا مجتمعين للمنافسة عليه. من هنا وجد الزعيم الغاني “كوامي نكروما” –آنذاك- الأجواء مهيئة لتوحيد القارة الأفريقية ومناصرة حقوقها، وعليه فقد طالب من الاتحاد الغاني برفض المشاركة في كأس العالم ومقاطعتها، وقد اُعتبر الزعيم الغاني محورًا رئيسًا في مقاطعة القارة بأكملها لكأس العالم في إنجلترا 1966.

كما قادت الولايات المتحدة الأمريكية حملة لمقاطعة أولمبياد موسكو 1980 اعتراضًا على الغزو السوفيتي لأفغانستان، الأمر الذي ردت عليه دول الاتحاد السوفيتي عبر مقاطعة الدورة الأولمبية في لوس أنجلوس عام 1984. ما يشير لإمكانية تطويع الرياضة للتعبير عن السخط أو الرفض الدولي لعدد من السياسات، ويرى البعض أن مثل هكذا وسيلة لا تحتاج لتكلفة كبيرة ويمكن أن تؤدي لنتائج مرضية.

سابعًا) تعزيز ودعم الاصطفاف المجتمعي، ينظر للمشاركة في المحافل الرياضية والمناسبات الكبرى باعتبارها إحدى أدوات تعزيز الانتماء وإظهار الولاء والاصطفاف المجتمعي، حيث ينعكس فوز الفرق أو المنتخبات المشاركة في تلك البطولات على الروح المعنوية للمواطنين. وفي هذا الإطار يمكننا ملاحظة حالة الاصطفاف سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي في كأس العالم 2022، حيث شكل حضور عدد من الزعماء والقادة العرب افتتاح البطولة أحد مظاهر الدعم والاصطفاف العربي والرغبة في إنجاح البطولة، خاصة أنها تقام للمرة الأولى على أرض عربية.

كما انتقل ذات الشعور للجماهير العربية التي ساندت ودعمت كافة المنتخبات العربية المشاركة في البطولة دون تمييز، فقد كان شعار العروبة هو السائد خلال مباريات كل من قطر، وتونس، والسعودية، والمغرب، ولعل الحالة الاحتفائية التي أعقبت صعود الأخير لدور 16 متصدرًا مجموعته في سابقة قد تكون الأولى من نوعها والتي يتمكن فيها منتخب عربي من الصعود كأول مجموعته، دليلًا على حالة الاصطفاف التي يمكن أن تخلقها الرياضة.

في الأخير، لا شك في أن الخبرة التاريخية تشير لأن توظيف السياسة في مجال الرياضة كان حاضرًا في عدد من المرات، حيث تعد الرياضة واستضافة البطولات والتجمعات الكبرى مدخلًا يمكن أن يساهم في تعزيز شرعية النظم السياسية، وتعزيز روح الانتماء والولاء، علاوة على أنها وسيلة منخفضة التكلفة للتعبير عن الغضب أو الاستياء من سياسات أو سلوكيات معينة، فضلًا عن كونها مدخلًا رئيسًا لتعزيز لغة الحوار والسلام بين الدول.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/74282/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M