في الوقت الذي يحاول فيه العالم التعافي من جائحة “كوفيد -19” والتي استمرت لمدة ثلاثة أعوام، وبعد أن بدأ العالم يأمل أن تمر السنوات القادمة بسلام، جاءت الآمال مخيبة لتأتي الحرب الروسية- الأوكرانية وتحمل أزمات اقتصادية واجتماعية وبيئية، وتزداد بموجة انتشار جديدة لعدد من الفيروسات سواء إنفلونزا الطيور أو فيروس ماربورج، بعودة قد تكون أكثر ضراوة في الانتشار من ذي قبل.
فيروس ماربورج… يعود من جديد
في أغسطس عام 1967، ظهر على مجموعة من المرضى في مدينة فرانكفورت بألمانيا ويوغوسلافيا آنذاك أعراض مرض معدٍ وحمى شديدة، وتفاقمت حالة المرضى خلال أيام قليلة، حتى أصابهم نزيف شديد، وبلغ عدد الوفيات (7) من أصل (31) مصابًا. وبعد ثلاثة أشهر، اكتشف علماء الفيروسات في ماربورج أول فيروس خيطي، وهو شبيه بفيروس إيبولا، وقد تم نقل الفيروس عن طريق القرود الخضراء الأفريقية المصابة من أوغندا.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ظهر في العديد من الحالات في دول أفريقية، خاصة في الكهوف والمناجم المليئة بالخفافيش. وفي عام 2004، واجهت أنجولا في وسط أفريقيا أكبر انتشار معروف لمرض فيروس ماربورج، بعد أن أصيبت ما يقرب من 252 حالة وتوفي على إثره 227 أي (90 ٪) من عدد المصابين.
وقد تنتج عدوى ماربورج عند التعرض المطول للمناجم أو الكهوف التي تسكنها مستعمرات “خفافيش الفاكهة”، وبمجرد إصابة الشخص يمكن أن ينتشر ماربورج عبر الانتقال من شخص إلى آخر من طريق الاتصال المباشر بالدم أو الإفرازات أو الأعضاء أو سوائل الجسم الأخرى لهؤلاء الأفراد، وكذلك الأسطح والمواد الملوثة بسوائل من مصابين، ولا ينتقل الفيروس عبر الهواء، وقد تراوحت معدلات الوفيات في الجائحات السابقة للفيروس ما بين بين 24% و88 %، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تبدأ الأعراض في الظهور “بشكل مفاجئ”، وتشمل ارتفاع درجة الحرارة والصداع الشديد وضيق التنفس، وتتراوح فترة حضانة الفيروس، وهي المدة الممتدة بين الإصابة بالفيروس وظهور الأعراض، من يومين إلى 21 يومًا، وطبقا للعديد من الدراسات إن تشخيص فيروس ماربورج قد يكون صعبًا، خاصة في ظل تشابه الأعراض مع أمراض أخرى مثل الإيبولا. وفي الحالات المميتة، تحدث الوفاة عادة ما بين ثمانية إلى تسعة أيام بعد ظهور المرض ويسبقها بشكل عام نزيف شديد، بالإضافة إلى اختلال في العديد من وظائف الجسم، وبالتالي يمكن وصف مظهر المرضى كما تقول منظمة الصحة العالمية، بأنه “يشبه الأشباح”، بملامح مرسومة، وعيون عميقة، ووجوه بلا تعبير وخمول شديد.
وفي يوليو 2022 أي بعد ما يقرب من 18 عامًا من موجة الانتشار السابقة، تم تحديد حالتين من مرض فيروس ماربورج في منطقة أشانتي في غانا بغرب أفريقيا. وبالتالي، كان خطر انتشار تفشي فيروس ماربورج في عام 2022 مرتفعًا جدًا على مستوى الدول الأفريقية ومنخفضًا على المستوى العالمي، لكن كانت هناك شرارة خطر من وباء قد يتفشى عالميًا؛ وذلك نتيجة لزيادة معدلات السفر بين الدول، وبالتالي يشكل احتمالية حدوث جائحة، خاصة بالنظر إلى ارتفاع معدل الوفيات، وذلك لأن أول مريض تم الإبلاغ عنه قد سافر من غانا إلى منطقة أشانتي قبل أيام قليلة من ظهور الأعراض.
وهو ما حدث بالفعل في 13 فبراير 2023، بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تفشي فيروس ماربورج بمقاطعة “كي نتيم” في غينيا الاستوائية بوسط أفريقيا، بناءً على عينات أُرسلت من السلطات الصحية في غينيا الاستوائية إلى مختبر معهد باستور في السنغال بدعم من منظمة الصحة العالمية لتحديد سبب المرض، ثم أعلنت غينا وفاة ما يقرب من 9 حالات، واكتشاف ما لا يقل عن 16 حالة.
وبناء على ذلك، تم نشر فرق في المناطق المصابة لتتبع المخالطين واتخاذ إجراءات العزل وتقديم الرعاية الطبية للأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض، وقامت منظمة الصحة العالمية بتسهيل شحن خيام مختبرية لفحص العينات، بالإضافة إلى مجموعة من معدات الحمى النزفية الفيروسية التي تشمل معدات الوقاية الشخصية التي يمكن أن يستخدمها 500 عامل صحي.
وأكد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا، الدكتور ماتشيديسو مويتي، أنه بفضل الإجراءات السريعة والحاسمة التي اتخذتها سلطات غينيا الاستوائية، يمكن أن تصل الاستجابة الطارئة إلى قوتها الكاملة حتى ننقذ الأرواح ونوقف الفيروس في أقرب وقت ممكن.
ولم يقف الأمر عند غينيا الاستوائية، بل أعلنت الكاميرون عن إصابتين ليس لهما تاريخ سفر إلى غينيا الاستوائية. وتعتبر غينيا الاستوائية ثالث دولة في غرب أفريقيا تبلغ عن تفشي لفيروس ماربورج خلال ثلاث سنوات، مما جعل الجابون والكاميرون تفرض قيودًا على السفر إليها.
انتشار فيروس ماربورج على مستوى العالم
السنة | الدولة | أصل المشتبه به | عدد الحالات البشرية المبلغ عنها | عدد الوفيات المبلغ عنه | الموقف |
1967 | ألمانيا | أوغندا | 31 | 7 (23%) | حدث في معمل مختبرات يتعاملون مع القرود الأفريقية المستوردة من أوغندا، بالإضافة إلى 31 حالة تم الإبلاغ عنها |
1975 | جنوب أفريقيا | زيمبابوي | 3 | 3 (33%) | من خلال رجل له تاريخ سفر حديث إلى زيمبابوي إلى مستشفى في جنوب أفريقيا، وانتشرت العدوى من الرجل إلى رفيقه في السفر وممرضة بالمستشفى، مات الرجل ، لكن الحالتان تلقتا العلاج وتم شفائهم |
1980 | كينيا | كينيا | 2 | 1 (50%) | كانت الحالة المصابة في زيارة كهف في كينيا، تم تلقى العلاج في نيروبي، لكن توفي المريض، وظهرت الأعراض على الطبيب والذي تعافى. |
1987 | كينيا | كينيا | 1 | 1(100%) | تم إدخال طفل دنماركي يبلغ من العمر 15 عامًا إلى المستشفى ولديه تاريخ من الصداع والشعور بالضيق والحمى والقيء لمدة 3 أيام. قبل تسعة أيام من ظهور الأعراض، كان قد زار ذات الكهف في الحالة التي كانت عام 1980 على الرغم من العلاج، لكنه توفي بعد 11 يوما |
1990 | روسيا | روسيا | 1 | 1 (100%) | نتيجة تلوث في المعمل |
1998-2000 | جمهورية الكونغو الديموقراطية | جمهورية الكونغو الديموقراطية | 154 | 128 (83%) | معظم الحالات بين عمال منجم للذهب في دوربا في الجزء الشمالي الشرقي من الكونغو، والتي ثبت أنها بؤرة تفشي المرض. تم اكتشاف حالات لاحقة في قرى مجاورة. |
2004-2005 | أنجولا | مقاطعة أويج ، أنجولا | 252 | 227 (90%) | بدأ تفشي المرض في مقاطعة أويج في أكتوبر 2004. وقد ارتبطت معظم الحالات المكتشفة في مقاطعات أخرى ارتباطًا مباشرًا بتفشي المرض في أويج |
2007 | الولايات المتحدة الأمريكية | أوغندا | 1 | 0 (0%) | مع عودة مسافر أمريكي من أوغندا في يناير 2008. وقد أصيب بالمرض بعد 4 أيام من عودته، وتم نقله إلى المستشفى وخرج من المستشفى وتعافى تمامًا. تم تشخيص المريض بأثر رجعي بأنه مصاب بعدوى فيروس ماربورج |
2008 | هولندا | أوغندا | 1 | 1(100%) | تم إدخال امرأة هولندية تبلغ من العمر 40 عامًا لها تاريخ حديث في السفر إلى أوغندا، إلى مستشفى في هولندا. قبل دخول المستشفى بثلاثة أيام، ظهرت الأعراض الأولى (حمى)، تبعها تدهور سريع. توفيت المرأة بعد 11 يوما. |
2012 | أوغندا | أوغندا | 15 | 4 (27%) | تفشي فيروس ماربورج في مقاطعات كابالي وإيباندا ومبارارا وكمبالا على مدى فترة زمنية 3 أسابيع |
2014 | أوغندا | كمبالا | 1 | 1(100%) | تم تأكيد حالة واحدة وتم متابعة 197 مخالطًا لمدة 3 أسابيع. ظهرت الاعراض على 8 مخالطين، لكن جميعهم جاءت سلبية في معهد أبحاث الفيروسات الأوغندي |
2017 | أوغندا | أوغندا | 4 | 3(75%) | ثبتت إصابة في منطقة كوين في شرق أوغندا، في غضون 24 ساعة من التأكيد، بدأت الاستجابة السريعة لتفشي المرض. مع عدم وجود انتقال إضافي خارج الحالات الأربعة |
2021 | غينيا | جيكيدو | 1 | 1(100%) | تم الإبلاغ عن حالة واحدة، والتي توفت، لم يتم تأكيد أي حالات إضافية بعد رصد أكثر من 170 مخالطًا وتم عزلهم لمدة 21 يومً |
2022 | غانا | منطقة أشانتي | 3 | 2 | في 7 يوليو 2022، م التعرف على حالة مشتبه بها في منطقة أشانتي في غانا. تم التأكد أيضًا من إصابة اثنين من أفراد الأسرة، لم يتم تحديد حالات إضافية خارج مجموعة الأسرة. |
وطبقا للوضع الحالي، لا توجد علاجات مضادة للفيروسات أو لقاحات، ومع ذلك، قال الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، إن المنظمة تركز على تطوير اللقاحات، وقد تم تشكل لجنة لتحديد اللقاحات المرشحة، كذلك من الممكن تحسين فرص إبقاء المريض على قيد الحياة من طريق الحفاظ على رطوبة الجسم وتناول السوائل عبر الفم أو الوريد، والحفاظ على مستويات الأكسجين.
وقد أشار بعض خبراء الصحة إلى أن الأدوية المستخدمة في علاج الإيبولا يمكن أن تكون فعالة لكن العلاجات لم تثبت في التجارب السريرية، بجانب أن زيادة الوعي يمكن أن يساعد أيضًا في الوقاية والانتشار. ووفقا مؤسسة “جافي”، وهي منظمة دولية للقاحات، يجب على الناس في أفريقيا تجنب تناول لحوم حيوانات الغابة أو التعامل معها. وكذلك يجب على الأطباء والأسر توخي الحذر أثناء التعامل مع جثة الشخص المصاب، إذ يمكن أن تبقى معدية حتى بعد الوفاة، وبالتالي إذا استمر الوباء الحالي في الانتشار، فقد تعلن منظمة الصحة العالمية “حالة طوارئ عالمية”.
استعداد مبكر
في إطار الاستعداد المبكر لوزارة الصحة المصرية لمواجهة فيروس ماربورج -على الرغم من خلو مصر من أي حالات مصابة حتى الآن- شددت الوزارة على عرض القادمين من غينيا الاستوائية على الحجر الصحي قبل السماح بدخولهم، إلى جانب حالة من الاستنفار لرصد أي حالات قادمة من دول أفريقيا تحسبًا لانتشار الفيروس.
وعلى سبيل اتخاذ الإجراءات الوقائية، في 14 فبراير أي بعد إعلان الإصابات بغينيا الاستوائية بيوم واحد فقط، أصدر قطاع الطب الوقائي التابع لوزارة الصحة المصرية منشورًا يتضمن الإجراءات الصحية للحجر الصحي للتعامل مع القادمين من دولة غينيا الاستوائية، والمتمثلة في الفرز الصحي على جميع الركاب وأطقم وسائل النقل القادمة من دولة غينيا الاستوائية، على جميع الرحلات المباشرة أو غير المباشرة المدرجة بجداول التشغيل أو الرحلات الخاصة أو حتى رحلات البضائع، بمعرفة أطقم الحجر الصحي بمنافذ الدخول عن طريق الكاميرات الحرارية أو البوابات الحرارية أو أجهزة قياس درجة الحرارة عن بعد، دون التدخل في حركة الركاب.
ووزع المنشور على كافة المستشفيات والجهات الصحية، والذي يعد ضمن خطة الاستعداد لأي أحداث صحية طارئة، وأكد قطاع الطب الوقائي على الفريق الطبي بالحجر الصحي اتخاذ الاحتياطات القصوى لمكافحة العدوى، عند التعامل مع الحالات المشابهة، وتحويل الحالات المشتبهة إلى مستشفى الحميات وإخطار المديريات والغرفة الوقائية والإدارة العامة للحجر الصحي بالوزارة فورًا.
إنفلونزا الطيور والوباء القادم
كانت جائحة الإنفلونزا التي امتدت في الفترة من 1918 إلى 1919، المعروفة بالإنفلونزا الإسبانية أخطر وباء، ويعتقد بعض الباحثين الآن أن هذا الفيروس الوبائي يمكن أن يكون إنفلونزا الطيور، لكن الفارق بين عام 1918 والآن هو أن الحرب العالمية الأولى أدت إلى زيادة تفشيها وتفاقم آثارها. وفي ذلك الوقت، لم تكن هناك لقاحات. ومع ذلك، في حين أن لدينا هذه الأدوات الإضافية لمكافحة انتشار إنفلونزا الطيور فإنها لا يتم نشرها بسهولة ولا تكون فعالة دائمًا.
اكتسحت الجائحة السكان في ثلاث موجات متتاليات، أولها في الربع الأول من عام 1918، والثانية وهي الأشد فتكًا وتسببت في قتل 90% من المصابين، والثالثة من أواخر نفس العام إلى منتصف1919، وبنهاية تلك الجائحة أصيب أكثر من نصف سكان العالم بالعدوى. ويشير المؤرخون وعلماء الأوبئة إلى أن نسب الوفاة تتراوح بين 2.5% إلى 5% من سكان العالم، وهو ما يتراوح بين 50 و100 مليون حالة وفاة.
وفي أكتوبر 2021، تم تحديد مئات الحالات في بريطانيا، ونفق أو تم إعدام أكثر من 5.5 ملايين طائر، وأواخر عام 2021، تلاحظ ظهور إنفلونزا الطيور في أمريكا الشمالية والتي تعد نقطة تحول في تطور الفيروس وانتشاره، تليها كندا في نوفمبر من نفس العام. وفى أكتوبر 2022، لاحظ العاملون في مزرعة المنك أن معدل وفيات المنك ارتفع من خط الأساس 0.25٪ أسبوعيًا إلى 0.77٪، مما أدى إلى إجراء اختبارات على الحيوانات المصابة، والتي ظهر إصابتها بفيروس إنفلونزا الطيور H5N1، حيث أصيبت جميع الحيوانات بالعدوى ونفقت، أُجبر العمال على إعدام جميع حيوانات المنك البالغ عددها 51986 في المزرعة. مع عدم وجود أي إصابات بشرية، كما تلاحظ أن بداية موجة الانتشار دائمًا ما تكون مع بداية شهر أكتوبر، وتصل إلى الذروة في شهر فبراير.
وعلى الصعيد العالمي، تم الإبلاغ عن 868 إصابة بشرية بفيروس إنفلونزا الطيور من 21 دولة في الفترة من يناير 2003 إلى 25 نوفمبر 2022، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. ودعا السير جيريمي فارار، كبير العلماء في منظمة الصحة العالمية الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تنظيم اللقاحات والإجراءات المضادة الأخرى بشكل عاجل، من أجل التصدي لتفشي إنفلونزا الطيور، لاسيما أن المرض انتقل مؤخرًا إلى الثدييات، وهناك مخاوف من انتشاره بين البشر، وإن فيروس إنفلونزا الطيور الذي يجتاح الطيور في العالم يشكل أكبر تهديد وبائي حالي للعالم بعد فيروس كورونا.
وأوضح أن القفزة الأخيرة للفيروس من الطيور إلى الثدييات، بما في ذلك: المنك والثعالب، وثعالب الماء، وأسود البحر، يجب اعتبارها دعوة رسمية لاتخاذ إجراءات حكومية، خاصة وأن حالات التفشي شديدة العدوى تظهر في أوروبا أو الشرق الأوسط أو أمريكا أو المكسيك، وبالتالي لن يكون هناك إمكانية لتطعيم العالم في خلال عام 2023.
خاصة وأن إنفلونزا الطيور H5N1 لديه بالفعل معدل وفيات يبلغ حوالي 50% بين البشر. ومع ذلك، تم اكتشاف أقل من 900 حالة بين البشر منذ عام 1997؛ لأنه لا ينتقل بسهولة بين البشر بالمقارنة بفيرةس إيبولا. وقد تم الإبلاغ عن عدد “غير مسبوق” من حالات إنفلونزا الطيور في جميع أنحاء العالم منذ أكتوبر 2021. وقالت المنظمة العالمية لصحة الحيوان إن الفيروس وصل إلى مناطق جديدة، وأن تفشي المرض يهدد الأمن الغذائي العالمي وسبل عيش المواطنين الذين يعتمدون على تربية الدواجن، فضلاً عن التسبب في “معدل مقلق” للوفيات بين الطيور البرية وبعض الثدييات.
ونتيجة لذلك، أعلنت ما يقرب من 16 دولة حالة الطوارئ الصحية كمحاولة لكبح انتشار الفيروس، منها الأرجنتين، خاصة بعد تحديد حالات بعدد من المقاطعات، وأعلنت أوروجواي حالة الطوارئ الصحية بعد اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور “شديد الانتشار” في البجع الأسود الذي عثر عليه ميتًا. كذلك في كوبا بحديقة الحيوانات الوطنية في هافانا، وفي كوستاريكا تم التعرف عليها في البجع والطيور الأخرى، وفي هندوراس تم تسجيل نفوق حوالي 250 من طيور البجع، وفي بنما تم تسجيل ثلاث حالات وتم إعدام أكثر من 2500 طائر، وفي تشيلي تم تأكيد نفوق أكثر من 10 آلاف طائر، أما في بيرو فقد تم تحديد 20 نوعًا من الفيروسات التي تصيب الحيوانات والطيور وأكثرهم انتشارًا هي إنفلونزا الطيور.
أما في بوليفيا، فقد انتشر فيروس إنفلونزا الطيور بشكل كبير، وتم العثور على مزرعة دجاج بها حوالي 35 ألف طائر مصاب وأخرى تضم 202 طائر، بما في ذلك البط والإوز والدجاج، وأعلنت بوليفيا على الفور حالة الطوارئ الصحية بعد ارتفاع عدد نفوق وإعدام الطيور والتي وصلت إلى 1.2 مليون طائر. وفي فنزويلا، تم اكتشاف وجود إنفلونزا الطيور في البجع، ولهذا السبب تم إعلان حالة التأهب الصحي في خمس ولايات ساحلية.
وبالتالي يترتب على انتشار فيروس إنفلونزا الطيور العديد من التداعيات سواء الاقتصادية أو البيئية أو الاجتماعية؛ فعلى صعيد الأمن الغذائي، ارتفعت أسعار البيض في الولايات المتحدة عام 2022، وكانت الأسعار في ديسمبر أعلى بثلاث مرات تقريبًا من العام السابق. وتم تقييد العرض بسبب انتشار إنفلونزا الطيور الشديدة بين الدجاج، وقد أدى ذلك إلى تقليل الإمدادات المحلية من البيض بنحو 7.5% شهريًا في المتوسط وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية. وأسهم ارتفاع تكاليف المدخلات أيضًا في زيادة الأسعار، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعلاف نتيجة للحرب في أوكرانيا والذي يسبقه الإغلاق نتيجة وباء كوفيد -19، حيث قضت إنفلونزا الطيور على أكثر من 19 مليون دجاجة في المزارع التجارية بالولايات المتحدة هذا العام في أسوأ تفش منذ عام 2015 مما قضى على نحو 6% من الدواجن.
كذلك فإن إنفلونزا الطيور والتي تجتاح قطاع الدواجن العالمية هو الآن الأسوأ منذ أن بدأت السجلات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البيض، مما يهدد الدجاج ويخاطر بآثار طويلة المدى على صحة الحيوان، حيث وصلت خسائر الدواجن منذ أكتوبر بنسبة 70٪ تقريبًا عن وتيرة العام الماضي، لتصل إلى 16.1 مليون بحلول ديسمبر 2022، وفقًا للمنظمة العالمية لصحة الحيوان.
علاوة على ذلك، من المتوقع أن يكون لتفشي إنفلونزا الطيور تأثير على أسعار الدجاج والبيض عالميًا، بالإضافة إلى ما هو متوقع بالفعل بسبب التضخم وتأخر سلسلة التوريد. لم ينعكس تأثير الإنفلونزا بالكامل على الأسعار حتى الآن، لكن من المتوقع أنه سيكون قادمًا. وسيكون تأثير ذلك على المزارعين وجميع موردي الدواجن أكثر وضوحًا، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا من الإنفلونزا. وقد يمتد تأثير فقدان القطيع إلى الصناعات الأخرى من الأعلاف إلى السياحة الزراعية، وبالتالي يسعى المزارعون وموردو الدواجن إلى تشديد الأمن البيولوجي للحفاظ على المتاح، والاستعداد لكل احتمال.
.
رابط المصدر: