ما الذي يمنع العراق من الانضمام الى منظمتي شنغهاي وبريكس؟

د. جواد الهنداوي

 

يحضرُ التساؤل، هذه المرّة وبقوة، عن سبب أو أسباب عدم إنضمام العراق الى هذه المنظمات الدولية، والمُهّمة على كافة الصُعد، والتي تلتقي و مصالح العراق بمشتركات جغرافية (آسيا)، اقتصادية، تنمويّة، وحتى سياسيّة، حيث سيكون الانضمام دليلاً على انفتاح العراق على كافة الدول والمنظمات و المحاور .

وتأسسّت بريكس، عام ٢٠٠٦، وأستراتيجيتها كانت ولا تزال هي دعم الدول النامية، والدفاع عن السلام العالمي. وإنعقاد قمة بريكس، من يوم ٢٢ ولغاية يوم ٢٥ /٨، في مدينة جوهانسبرغ، في جنوب افريقيا، هو المناسبة في تناول الموضوع، عنوان المقال. يجتمع قادة دول المنظمة (الصين، روسيا،الهند،جنوب افريقيا، البرازيل )، وفي أجندتهم،هذه المرّة، أسئلة ذات بُعد استراتيجي. فما هي؟

ماهي المعايير التي تتبناها المنظمة للبت في طلبات الانضمام،والتي تتزايد، سنة بعد اخرى ؟

هل ينبغي التركيز على البعد الاقتصادي للمنظمة، دون الانجرار خلف الابعاد العقائدية والسياسيّة ؟

النقاش في هذه المحاور، والتي طرحناها بصيغة اسئلة، سيقود الى تعزيز كيان وتأثير المنظمة وتفاديها لخلافات تؤدي الى عرقلة توسّع المنظمة وجمودها وتفككّها، قيادة الصين للمنظمة، وبالتعاون مع روسيا، يعطيها بعداً عقائديا، وهويّة محورية آسيويّة، والبعض لا يتردّدْ في رؤية مستقبلية للمنظمة كحلف آسيوي مقابل حلف الناتو الغربي .

ولكن مشاركة الهند والبرازيل وجنوب افريقيا، وبعضوية فاعلة، وبأعتبارها دول مؤسسة (بأستثناء جنوب افريقيا والتي انضمت لاحقاً، في عام ٢٠١٠، بعد تأسيس المنظمة عام ٢٠٠٦)، يخفّف قليلاً وطأة البعد العقائدي للمنظمة، ويمنح المنظمة صفة التدويل و الانفتاح على جميع بلدان العالم بأستثناء امريكا و بريطانيا و فرنسا (إن لم نقل دول الناتو).

وهذا الاستثناء وردَ صراحة، على لسان نائب وزير خارجية روسيا، سركي ريا بكوف، حيث ابلغت الخارجية الروسية سلطات دولة جنوب افريقيا بعدم موافقتها على توجيه دعوة للرئيس الفرنسي ماكرون للمشاركة في المؤتمر، بالرغم من اعلان فرنسا، ومنذ شهر حزيران الماضي،عن رغبة الرئيس ماكرون المشاركة في افتتاح قمة بريكس، واضافت الخارجية الروسية أن روسيا لا ترحّب بحضور دول،وصفتها،غير الصديقة لروسيا، وفي مقدمتها امريكا و بريطانيا وفرنسا.

وتجدر الاشارة الى أنَّ موقف الصين جاء متطابقاً مع الموقف الروسي، حيث عبرّ الرئيس الصيني بقبول حضور وفد فرنسي صغير للمشاركة، ما يهمّنا هو عديد الدول العربية، التي تقدمّت بطلباتها ومنذ مُدّة، للانضمام الى منظمة بريكس؛ المملكة العربية السعودية، ومصر، و الامارات، والبحرين، والجزائر، والسلطة الفلسطينية.

ومن المتوقع ان توافق المنظمة، في مؤتمرها الحالي، على الموافقة بأنضمام الامارات والسعودية و مصر، و الامارات هي اصلاً عضو في بنك التنمية الجديد، وهو البنك الذي تأسس من قبل ولخدمة منظمة بريكس، ويُحسبْ له ان يكون منافساً لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي في تمويل مشاريع التمنية.

لا أروم الخوض كثيراً في المنافع الاقتصادية و التنمويّة التي ستُتاح الى الدول الساعية للانضمام، ولدول المنظمة، و احاول أن اجد تفسيراً او سبباً لعدم تقدّم العراق، حتى الآن بطلب رسمي للانضمام الى منظمة شنغهاي او/ ومنظمة بريكس.

لم نغفلْ اهمية الانضمام الى منظمة شنغهاي، خلال عملنا في وزارة الخارجية، وكنت حينها رئيساً لدائرة آسيا،وتقدّمنا،اكثر من مرّة، بتقرير موسّع يدعو الى الانضمام، في عام ٢٠٠٨ وكذلك في عام ٢٠١٥، وحضرنا اكثر من اجتماع دولي، بدعوة من المنظمة، وبهدف تعزيز الثقة وتبادل المعلومات بين دول غرب و وسط اسيا، لمكافحة الارهاب و تجارة المخدرات والتمهيد لانضمام الدول الى المنظمة، ولكن للاسف لم تُسفر التقارير عن نتائج ملموسة، لا عن الانضمام و لا عن اسباب رفض او تريث بالانضمام.

ولا أظّنُ دورا لوزارة الخارجية، غير مُشّجع للأنضمام، وأعزي الامر الى تلكؤ وعدم اهتمام وعدم معرفة في اهمية الموضوع، في مفصل من مفاصل التواصل البيروقراطي الاداري، وهذا التلكؤ وعدم الاهتمام او حتى اللامبالاة، لمسناه في مواقف استراتيجية اخرى، مهمّة للعراق من النواحي السياسية والاقتصادية، مثل الاتفاقية الاستراتيجية بين الاتحاد الاوربي و العراق .

العراق يمتلك كل المقومات الاساسية للانضمام، وسيلاقي كل الدعم و الترحيب من قبل الدول الاعضاء، وخاصة الصين و روسيا، و انضمام العراق سيكرّس سياسة العراق بالانفتاح على كل المحاور وعلى كل الدول، وسيعزّز ثقة المواطن بسياسة العراق الحياديّة، وعدم ارتهانه بالسياسة والشروط الامريكية، ناهيك عن حجم الدعم الاقتصادي والتنموي الذي سيحظى به العراق عند نيله لعضوية المنظم ، اعتقدُ أن طلب دولة البحرين وطلب السلطة الفلسطينية بالانضمام سيشجعان العراق على الاقدام و على التفكير بالانضمام.

 

.

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/36073

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M