البدائل الاستراتيجية الوطنية للتكيف والحد من آثار التغير المناخي وانعكاساته على قضايا الأمن والتنمية في العراق

لقد تباطأت الدول والمنظمات الدولية في الاعتراف بأن تغير المناخ يؤثر على سياسات وممارسات القطاعات الاقتصادية، والتنموية وكذلك على قطاع الأمن بصورة بعيدة المدى، دلالة ذلك إن مقررات قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي للعام 2021  التي انعقدت في مدينة كلاسكو للفترة 31 تشرين الأول/أكتوبر-12 تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2021، لم تتطرق صراحة لموضوع الأمن كموضوع رئيس ضمن قائمة المواضيع الرئيسة وتم التركيز على التغير المناخي وعلاقته بأمن الدول بشكل غير مباشر عن طريق التأكيد على الحاجة إلى تعزيز قدرة النظم الاقتصادية والزراعية والصحية ونظم إدارة المياه واستدامتها، وحماية التنوع البيولوجي والبيئي وتحسين إدارة مخاطر الكوارث لمواجهة المخاطر ذات العلاقة بالتغيرات المناخية

لكن المجالات التي سبق ذكرها تقع في صميم العلاقة بين المناخ والأمن، وقد يؤدي الفشل في معالجتها إلى تعريض الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمعات للإخطار.لذلك، فإن هناك اعتراف متزايد في جميع أنحاء العالم بالصلات بين تغير المناخ والأبعاد المختلفة للأمن، بما في ذلك الأمن الغذائي والاضطرابات السياسية والصراعات والهجرة القسرية وغيرها، فضلاً عن أهمية المياه كمورد بالغ الأهمية، لذلك يسعى المختصون ليكون صانعوا القرار على دراية بأهمية المياه كحلقة وصل رئيسة بين المناخ والأمن

وعلى الرغم من وجود أدلة ملموسة حول تغير المناخ واندماجه في جميع جوانب ومستويات الأمن، لكن الخطابات السياسية والعمل بشان الروابط بين المناخ والأمن تكتسب زخماً بطيئاً نتيجة لعدة عوامل تفسر لنا ذلك:

1-عدم وجود اتفاق دولي في الآراء بشان مدى ملائمة تأطير تغير المناخ كمسألة أمنية.

2-عدم وجود إرادة سياسية بشان العمل المناخي بصفة عامة في إطار المستوى الوطني.

3-الفصل بين السياسات البيئية والسياسات الأمنية.

ومع تحول علاقة الإنسان بالظواهر الجوية المتطرفة إلى جزء من الحياة اليومية إلى جانب ربط الوعي العام المتزايد بالآثار الضارة لتغير المناخ، فقد نشأ شعور أكثر واقعية بالحاجة الملحة إلى ربط التغير المناخي بالقضايا الأمنية، وهذا سيسهم في توعية العالم بتعقيد التهديدات التي تشكلها الأزمات الأمنية غير التقليدية.

ففي كانون الثاني/ يناير العام 2020، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، إلى حجم الأزمات المناخية والبيئية العالمية المستمرة مسلطاً الضوء ليس فقط على أثارها الهائلة وانعكاساتها على أبعاد التنمية، بل أيضاً على التهديد الوجودي الذي تشكله على الدول الجزرية الصغيرة وأثارها غير المتناسبة على الدول الصغيرة، استجابة لذلك، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية أزمة المناخ في صميم السياسة الخارجية والأمن القومي لها حيث جاء في أمرها التنفيذي بشان معالجة أزمة المناخ داخلياً أو خارجياً، إلى أنه لم يتبقَ سوى القليل من الوقت لتجنب وضع العالم على مسار مناخي خطير قد يكون كارثياً.

أما في إطار الاتحاد الأوروبي، فقد تم المصادقة على مفهوم النهج المتكامل بشان تغير المناخ والأمن اعتباراً من أيلول/ سبتمبر2021، وتم إنشاء إطار عمل لمعالجة العلاقة بين المناخ والأمن، فضلاً عن أن خارطة الطريق للاتحاد الأوروبي ذات العلاقة بتغير المناخ والدفاع والتي تركز على تأثير تغير المناخ على إدارة الأزمات العالمية.

بصورة عامة، فإن الآثار الأمنية لتغير المناخ  متعددة المستويات، مما يولد مخاطر أمنية مباشرة وغير مباشرة على حد سواء، وهذه المخاطر لا يمكن التنبؤ بها وتمتد إلى مجالات أخرى مثل الاقتصاد، الصحة، الزراعة، بالإضافة إلى الأخطار التي تهدد البيئة والأمن البيئي، وقد تم الاعتراف بذلك في قمة المناخ الأخيرة في كلاسكو عام 2021 سالفة الإشارة.

 

المصدر : https://www.bayancenter.org/2024/07/11484/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M