معتقدات فانس السياسية التي تمزج بين الانعزالية والشعبوية الاقتصادية تتوافق مع معتقدات ترامب، وتضع الرجلين على خلاف مع الحرس القديم للحزب الجمهوري، حيث لا يزال صقور السياسة الخارجية والمبشرون بالسوق الحرة يتمتعون بنفوذ. إن فانس غير وجهات نظره عن ترامب لأنه رأى النجاحات التي حققها ترامب كرئيس…
اختار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يوم الاثنين السناتور الجمهوري عن ولاية أوهايو جيه.دي فانس ليخوض الانتخابات معه على بطاقة نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية.
وكان فانس قد انتقد ترامب في السابق بعبارات لاذعة لكنه أصبح بعد ذلك أحد أقوى المدافعين عنه.
وأوردت منصة تروث سوشيال التابعة لترامب هذا النبأ مع بدء المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي استمر أربعة أيام في ميلووكي لإعلان مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية.
وقد يؤدي اختيار فانس إلى زيادة إقبال مناصري ترامب على التصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني نظرا لأنه يحظى بشعبية كبيرة بين قاعدة المرشحين الجمهوريين.
لكنه لن يجذب على الأرجح الكثير من الناخبين الجدد بل وربما ينفر منه بعض المعتدلين.
ونجا ترامب (78 عاما) من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا يوم السبت على يد مسلح، وهو الهجوم الذي لا تزال دوافعه مجهولة.
وكان فانس قد انتقد ترامب بقوة قبل فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2016 واستمر انتقاده لما بعد الانتخابات، واصفا إياه بأنه “أحمق” و”هتلر أمريكا”، من بين ألقاب أخرى.
ولكن مع استعداد فانس للترشح لمجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو في 2022، تحول إلى أحد أكثر المدافعين عن ترامب وأعلن دعمه له حتى عندما رفض بعض زملائه في مجلس الشيوخ القيام بذلك.
وفي مسيرته السياسية القصيرة، سعى فانس (39 عاما) إلى صياغة نزعات ترامب الشعبوية في شكل قائمة أولويات سياسية متماسكة قد تجعل الولايات المتحدة تلعب دورا أقل هيمنة على الساحة الدولية.
وأدت المخاوف من احتمال تولي ترامب لفترة ولاية ثانية إلى انخفاض الأسهم يوم الأربعاء، وتضررت بشدة شركات صناعة الرقائق بخاصة بعد أن قال ترامب لمجلة بلومبرج بيزنسويك في مقابلة إنه يتعين على تايوان دفع كلفة الدفاع عن نفسها.
وعارض فانس الذي انتخب عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي قبل أقل من عامين المساعدات العسكرية لأوكرانيا ودافع عن محاولات ترامب لإلغاء خسارته في الانتخابات عام 2020 أمام الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وقال إنه يتعين على الحكومة بذل جهد أكبر لمساعدة الطبقة العاملة من خلال تقييد الواردات ورفع الحد الأدنى للأجور واتخاذ إجراءات صارمة ضد سخاء الشركات. وتتعارض هذه المواقف مع الموقف التقليدي المؤيد للأعمال التجارية الذي يتبناه الحزب الجمهوري، لكنها قريبة الشبه بقائمة أولويات ترامب.
على الرغم من هذه التحولات السياسية، أصبحت سطوة ترامب على الحزب الجمهوري أقوى من أي وقت مضى بعد محاولة اغتياله.
وأبدت نيكي هيلي ورون ديسانتيس المنافسان الرئيسيان السابقان لدونالد ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية تأييدهما الكامل لترشحه في المؤتمر.
وهيلي هي السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة وحاكمة ولاية ساوث كارولاينا. ووصفت هيلي في حملتها الانتخابية ترامب بأنه غير صالح للمنصب لكنها قالت في المؤتمر “ليس عليك أن تتفق مع ترامب بنسبة 100 بالمئة للتصويت له”.
أما ديسانتيس، حاكم فلوريدا المحافظ الذي تعثرت حملته الانتخابية في وقت مبكر من العام، فقد حظي بترحيب حار من الجمهور عندما هاجم بايدن (81 عاما) باعتباره أكبر سنا من أن يتمكن من تولي المنصب.
وابتسم ترامب الذي ظهر وضمادة على أذنه اليمنى وصفق من مقعده بجانب فانس.
وكان الهدف من إشاعة أجواء من الوفاق والوحدة إظهار التناقض مع الحزب الديمقراطي الذي تملكه خلاف منذ أسابيع عما إذا كان يجب على بايدن التخلي عن الترشح لفترة جديدة بعد تعثره في المناظرة في 27 يونيو حزيران مع ترامب (78 عاما).
وتركزت اهتمام خطابات المساء في ميلووكي على موضوع القانون والنظام وتشبعت بخطاب ترامب المناهض للمهاجرين ووجه المتحدثون انتقادات غاضبة لسياسات بايدن في الحدود الجنوبية.
وسجل عبور الحدود مستويات قياسية في فترة ولاية بايدن لكن الاعتقالات انخفضت بشدة في يونيو حزيران بعد أن طبق الرئيس حظرا واسع النطاق على اللجوء.
وتعهد ترامب بتدشين أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين في تاريخ الولايات المتحدة.
وتتناقض بعض الانتقادات المحتدمة مع رسالة الوحدة الوطنية التي وعد ترامب ببثها بعد محاولة اغتياله في تجمع انتخابي في بنسلفانيا يوم السبت.
وفي أعقاب حادث إطلاق النار، زادت مخاوف الناخبين من شدة الاستقطاب في البلاد قبل انتخابات الخامس من نوفمبر تشرين الثاني.
وأظهر استطلاع أجرته رويترز-إبسوس يومي الاثنين والثلاثاء أن 80 بالمئة من الناخبين، وبحصص مماثلة من الجمهوريين والديمقراطيين، يتفقون على أن “البلاد تخرج عن نطاق السيطرة”.
ولم تحدد السلطات بعد الدافع وراء محاولة اغتيال ترامب. وقُتل المسلح البالغ من العمر 20 عاما في مكان الحادث على يد جهاز الخدمة السرية الأمريكية.
وفي أول خطاب في حملته الانتخابية منذ محاولة الاغتيال، قال بايدن للناخبين من أصول أفريقية في لاس فيجاس يوم الثلاثاء إنه “مستعد تماما” لإعادة انتخابه، رافضا مرة أخرى دعوات بعض الديمقراطيين للتنحي.
وفي بين الأوفياء
بالنسبة إلى مرشّح للرئاسة، غالباً ما يأتي هذا الخيار في إطار هدف جذب ناخبين جدد، أو التعويض عن نقاط ضعف محدّدة تتعلّق بالصورة أو بالبرنامج.
وفي السياق، سيعمل على جاي دي فانس الآتي من عائلة متواضعة الحال، والذي يتمتّع بمسيرة مختلفة تتمثّل في انضمامه سابقاً إلى الجيش وعمله في سيليكون فالي أيضا، على طمأنة الناخبين الأكثر يمينية في الحزب، بينما يسعى دونالد ترامب إلى استمالة الناخبين المعتدلين.
وكان فانس قد برز في مجلس الشيوخ من خلال معارضته الشرسة لتقديم المساعدات لأوكرانيا، مطالباً بأن يتم تخصيص هذه الأموال بدلاً من ذلك لمكافحة الهجرة غير النظامية.
وإذا انتُخب دونالد ترامب البالغ 78 عاماً رئيساً، فإنّ جاي دي فانس سيضخّ دماً شاباً في البيت الأبيض حيث سيصبح ثالث أصغر نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.
غير أنّ صفة واحدة قد تكون رجحت كفلة اختياره أكثر من غيرها وهي الولاء.
فعلى الرغم من أنّه كان ينتقد دونالد ترامب في الماضي، حقّق جاي دي فانس تحوّلاً كاملاً ليثبت نفسه كواحد من أكثر المدافعين حماسة عن المرشح الجمهوري وإيديولوجيته المتمثلة في شعار “جعل أميركا عظيمة مجدّداً”.
وبعد ساعات قليلة من إطلاق النار الذي استهدف الرئيس الأميركي السابق السبت، اتهم جاي دي فانس الرئيس الديموقراطي جو بايدن بأنّه “تسبّب بشكل مباشر بمحاولة الاغتيال هذه” من خلال خطاباته عن مخاطر نهج ترامب.
ودعا جاي دي فانس، مواطنيه إلى “اختيار مسار جديد” من خلال التصويت للرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، معلنا أيضا قبوله رسميا ترشيح الحزب له.
وقال السناتور عن ولاية أوهايو أمام مؤتمر الحزب الجمهوري في ولاية ويسكنسن “الليلة هي ليلة أمل واحتفال بما كانت عليه أميركا ذات يوم، وبفضل الله، بما ستكون عليه قريبا مرة أخرى”.
وأضاف فانس البالغ 39 عاما “وهي تذكير بالواجب المقدس الذي يقع على عاتقنا” والمتمثل “في الحفاظ على التجربة الأميركية واختيار طريق جديد لأبنائنا وأحفادنا”.
وتابع فانس “أقف هنا وأنا أشعر بالتواضع، ويغمرني الامتنان لأقول إنني أقبل رسميا بترشيحكم لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية”.
وأشاد ب”الرؤية الاستثنائية” لدونالد ترامب الذي كان حاضرا في مجمع ميلووكي الرياضي الكبير حيث ملأ آلاف من مناصريه المدرجات في أجواء احتفالية حاملين لافتات كتب عليها شعار ترامب الشهير “لنجعل أميركا عظيمة مجدّدا”.
وقدّم فانس الذي يأتي من عائلة متواضعة الحال ومؤلّف كتاب كان من الأكثر مبيعا، تحية لوالدته “الممتنعة عن تعاطي المخدرات منذ 10 سنوات”. كذلك، أشاد بجدته الراحلة التي ربّته، مشيرا إلى أنها كانت تملك 19 سلاحا ناريا.
وتعهّد فانس الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض في تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال “ولى زمن ـن نكون في خدمة وول ستريت. سنُدافع عن العامل. لقد انتهى استيراد العمالة الأجنبيّة. سنُكافح من أجل المواطنين الأميركيّين ووظائفهم وأجورهم”.
وقبل صعوده على خشبة المسرح، عانق فانس زوجته أوشا، وهي محامية ناجحة قدّمها على أنها “مثال بارز للحلم الأميركي”.
إحداث تغيير جذري
وفي سياق متصل تبنى الحزب الجمهوري مطلع الأسبوع برنامجه للانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، إلا ان خارطة طريق أخرى غير رسمية وأكثر راديكالية أعدها مقربون من المرشح دونالد ترامب، هي التي يتركز عليها كل الاهتمام.
أطلق على هذا البرنامج اسم “مشروع 2025” ويقع في 887 صفحة وأعدته مؤسسة هيريتيدج وهي مؤسسة فكرية محافظة مؤثرة في الولايات المتحدة.
تنص الخطة خصوصا على إصلاح وضع الموظف الحكومي الفدرالي الذي كان حتى الآن محميا الى حد كبير من التناوب في السلطة السياسية، ما قد يتيح لترامب، في حال عودته الى البيت الابيض في 2025، تعيين محافظين متشددين موالين له في مناصب أساسية.
يقترح النص أيضا إعادة هيكلة الوكالات الفدرالية من أجل تركيز السلطة التنفيذية في أيدي البيت الأبيض وبالتالي إفساح المجال أمام تطبيق سياسة محافظة جدا بشأن مواضيع تراوح بين الهجرة والإجهاض.
يثير هذا البرنامج استهجان معارضي الرئيس الجمهوري السابق الذين يرون فيه مجموعة من الأفكار السلطوية واليمينية المتطرفة.
بين الإجراءات التي تلاقي أشد الانتقادات من اليسار، تلك الهادفة الى إنشاء “مراقبة للإجهاض” على مستوى الولايات وحظر حبوب الإجهاض المستخدمة في غالبية حالات الإجهاض والحد من استخدام حبوب منع الحمل الطارئة.
ومن هذه الأجراءات أيضا، تلك الهادفة الى إنهاء كل برامج الطاقة النظيفة وتشجيع استغلال اوسع للوقود الأحفوري.
وقال كيفن روبرتس رئيس مؤسسة هيريتيدج في مطلع تموز/يوليو “نحن نتجه إلى ثورة أميركية ثانية تحصل بدون إراقة دماء، اذا لم يتصد لها اليسار” وذلك في تعليقه على قرار المحكمة العليا الأخير الذي اعترف بحصانة واسعة النطاق للرئيس السابق.
وهي تصريحات ندد بها قسم كبير من الطبقة السياسية.
في مواجهة الجدل المحيط بـ”مشروع 2025″، نأى ترامب بنفسه عن النص قائلا على شبكته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال “لم أره، وليس لدي أي فكرة عمن يقف وراءه” معلنا أن البرنامج المدعوم من الحزب الجمهوري “لا علاقة له” بذلك الذي أعده مركز الأبحاث هذا.
في 2022، وخلال عشاء نظمته هذه المؤسسة، أعلن الملياردير الأميركي أن العمل الذي نفذته هذه المنظمة آنذاك يطرح الأسس “لما ستفعله حركتنا” خلال ولاية ثانية.
إذا كانت خارطة الطريق التي أقرت خلال مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي تعرض مواقف أكثر اعتدالا لا سيما بشأن الإجهاض، فإن “مشروع 2025” يتناول الكثير من الأفكار التي طرحها دونالد ترامب.
على سبيل المثال، الطموح المتثمل بتفكيك وزارة التعليم وإصلاح الحكومة الفدرالية التي يقال أنها تستغل لمحاربة المحافظين، أو حتى تنفيذ اعتقالات او عمليات ترحيل جماعية لمهاجرين في أوضاع غير نظامية.
لم يتوان منافسه الديموقراطي جو بايدن في جعل خارطة الطريق هذه عنصرا أساسيا في حملته، متهما دونالد ترامب بمحاولة إخفاء صلاته بهذا المشروع الذي، بحسب قوله، يتضمن ما “يخيف” جميع الناخبين.
يذكر الديموقراطيون الكثير من أعضاء الدائرة المقربة من قطب العقارات الجمهوري، كانوا على ارتباط أو شاكروا في صياغة “مشروع 2025”.
بين هؤلاء ستيفن ميلر المستشار الرئيسي السابق لدونالد ترامب وبن كارسون وكريستوفر ميلر، العضوان السابقان في إدارته.
في ميلووكي حيث يعقد حاليا المؤتمر العام للحزب الجمهوري، علق الحزب الديموقراطي حوالى عشرة ملصقات تندد ب”البرنامج الرهيب لمشروع 2025″ الذي يطرحه دونالد ترامب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس جاي دي فانس.
وقال متحدثون باسم مؤسسة هيريتيدج في ميلووكي الاثنين إن تعليقات الديموقراطيين ترقى الى مستوى “تضليل إعلامي”.
واعتبر هؤلاء أن اليسار الأميركي يدعم “الدولة العميقة” – وهي كيان غامض يعمل بحسب رأي مؤيدي نظريات المؤامرة في كواليس الحكومة، وهذا هو بالضبط ما “يستهدفونه” من خلال هذا البرنامج.
أوروبا تشعر بالقلق
بدوره قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الأربعاء إن موسكو مستعدة للعمل مع أي رئيس أمريكي يعتزم الانخراط في “حوار عادل يحترم الطرفين” ورحب بموقف جيه.دي فانس، المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، تجاه أوكرانيا.
ويريد فانس الذي اختاره دونالد ترامب هذا الأسبوع ليخوض السباق إلى جانبه في منصب نائب الرئيس، قطع الدعم العسكري الأمريكي عن أوكرانيا في حربها مع روسيا، وقال إن كييف ليس لديها فرصة لاستعادة جميع الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ أن شنت غزوها الشامل على أوكرانيا في فبراير شباط 2022.
وقال لافروف للصحفيين إن فانس “يؤيد السلام، ويؤيد إنهاء المساعدة التي يتم تقديمها، ولا يسعنا إلا أن نرحب بذلك لأن هذا هو ما نحتاج إليه، وهو التوقف عن ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا بالكامل وبعد ذلك ستنتهي الحرب”.
ويشعر حلفاء أمريكا الأوروبيون بقلق على نطاق واسع من اختيار فانس كمرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس في انتخابات الخامس من نوفمبر تشرين الثاني. وعبر ترامب عن عدم رضاه عن أحدث حزمة مساعدات قدمها الكونجرس لأوكرانيا بعد إقرارها في أبريل نيسان. لكنه، على عكس فانس، لم يعارض ذلك صراحة.
وقال ترامب أيضا أواخر الشهر الماضي إنه لا يقبل شروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب. وقال بوتين إن روسيا ستنهي الحرب إذا سلمت كييف المناطق الأربع في شرق وجنوب البلاد التي تطالب موسكو بالحق فيها.
ويتنافس ترامب الذي تولى الرئاسة من 2017 حتى 2021 والرئيس الأمريكي جو بايدن مرة ثانية في مواجهة انتخابية متقاربة النتائج، وفقا لمعظم استطلاعات الرأي.
وقال لافروف “سنعمل مع أي زعيم أمريكي، وسنظل على استعداد للعمل مع أي زعيم أمريكي ينتخبه الشعب الأمريكي”، إذا كان هذا الزعيم “مستعدا للانخراط في حوار عادل يحترم الطرفين”.
وأضاف لافروف “في عهد ترامب فرضت عقوبات أكثر وأكثر، عقوبات اقتصادية وعقوبات دبلوماسية، لكن حينذاك… كان الحوار جاريا بيننا وبين واشنطن على أعلى المستويات”.
وقال عن إدارة بايدن “في الوقت الحالي لا يوجد مثل هذا الحوار”، وإنه منذ أن بدأت حرب روسيا في أوكرانيا في عام 2022، تلاشت الاتصالات رفيعة المستوى بين واشنطن وموسكو.
ونشر مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية تقييما هذا الشهر جاء فيه أن روسيا “ما زالت تمثل الخطر الرئيسي على انتخاباتنا” وأن هناك “أطرافا روسية مؤثرة” لم تحددها تخطط سرا “للتأثير على الرأي العام” في الولايات المتأرجحة و”لتقليص الدعم الأمريكي لأوكرانيا”.
وقال لافروف “نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى. وهذا يشمل الولايات المتحدة”.
ووصل لافروف إلى نيويورك ليرأس اجتماعين لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إطار رئاسة روسيا للمجلس في يوليو تموز.
بدوره قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في رسالة لزعماء دول الاتحاد الأوروبي إن المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب مستعد للعمل “على الفور” كوسيط سلام في الحرب الروسية الأوكرانية إذا تم انتخابه في نوفمبر تشرين الثاني.
وصاغ أوربان الرسالة، التي وجهها إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل وجرت مشاركتها مع كل زعماء الاتحاد الأوروبي، بعد أن أجرى محادثات مع ترامب ومع زعماء أوكرانيا وروسيا والصين.
وكتب أوربان في الرسالة يقول “بوسعي (…) يقينا القول إنه بعد فترة وجيزة من فوزه في الانتخابات، لن ينتظر (ترامب) حتى تنصيبه، سيكون مستعدا للعمل كوسيط سلام على الفور. لديه خطط مفصلة وراسخة لذلك”.
بريطانيا دولة إسلامية
من جهتها قللت أنجيلا راينر نائبة رئيس الوزراء البريطاني يوم الثلاثاء من أهمية تصريحات جيه.دي فانس المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس الأمريكي بأن بريطانيا دولة إسلامية مسلحة نوويا، وقالت إنه سبق وأدلى بتصريحات “صادمة”.
وأضافت أن بريطانيا ستعمل مع الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة أيا كان.
وقال فانس، في مؤتمر عقد في وقت سابق من الشهر بعد فوز حزب العمال البريطاني في انتخابات الرابع من يوليو تموز إن بريطانيا “أول دولة إسلامية بالفعل” تمتلك سلاحا نوويا، مما أثار ضحك الجمهور.
وأردف قائلا إنه كان يناقش مع أحد أصدقائه ما هي الدولة التي ستكون أول “دولة إسلامية تمتلك بالفعل سلاحا نوويا”.
وأضاف “قررنا في النهاية أنها ربما تكون بالفعل بريطانيا منذ أن تولى حزب العمال السلطة”، وهو الحزب الذي يتزعمه رئيس الوزراء كير ستارمر.
وقالت راينر لقناة آي.تي.في إن فانس قال “أشياء صادمة كثيرة من قبل”.
وأضافت “نحن معنيون بحكم بريطانيا، والعمل أيضا مع حلفائنا الدوليين”.
وانتقدت عدة شخصيات بارزة في حزب العمال ترامب منذ انتخابه رئيسا لأول مرة في عام 2016. كما انتقد رئيس بلدية لندن صادق خان مقترحاته لتقييد سفر المسلمين إلى الولايات المتحدة.
لكن شخصيات بارزة تسعى إلى مد الجسور في الفترة التي تسبق الانتخابات الأمريكية التي ستجرى في نوفمبر تشرين الثاني لأن استطلاعات الرأي أظهرت أن ترامب في طريقه للفوز.
والتقى وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي، الذي شارك عام 2018 في احتجاج ضد زيارة ترامب إلى لندن، في مارس آذار مع فانس، الذي كان من منتقدي ترامب في السابق.
وقللت راينر من أهمية انتقاداتها السابقة لترامب، وقالت إن حزب العمال سيكون مختلفا في الحكومة عنه عندما كان في صفوف المعارضة وسيعمل بشكل بناء مع الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وأضافت “الولايات المتحدة حليف رئيسي لنا، وإذا قرر الشعب الأمريكي من هو رئيسه ونائبه، فسنعمل معهما، بالطبع سنفعل ذلك”.
من هو فانس مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس؟
وتساءل الديمقراطيون، بل وبعض الجمهوريين عما إذا كانت الانتهازية وليس التوجه الفكري هي التي تحرك فانس الذي كتب مذكرات أكثر مبيعا بعنوان “مرثية هيلبيلي” وهو الآن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أوهايو. وهيلبيلي كلمة تعني شخصا من سكان المناطق الريفية الجبلية الفقيرة بالولايات المتحدة.
لكن ترامب وكثيرين من مستشاريه، يرون أن تحول فانس صادق.
ويشيرون إلى أن معتقدات فانس السياسية التي تمزج بين الانعزالية والشعبوية الاقتصادية تتوافق مع معتقدات ترامب، وتضع الرجلين على خلاف مع الحرس القديم للحزب الجمهوري، حيث لا يزال صقور السياسة الخارجية والمبشرون بالسوق الحرة يتمتعون بنفوذ.
وقال السناتور الجمهوري جون باراسو من وايومنج الذي وصفه فانس بأنه معلمه لرويترز إن فانس غير وجهات نظره عن ترامب لأنه “رأى النجاحات التي حققها ترامب كرئيس للبلاد”.
كما أثلجت معارضة فانس المعلنة للمساعدات الأمريكية لأوكرانيا في حربها مع روسيا صدور غلاة المحافظين من حلفاء ترامب، حتى في الوقت الذي أزعجت فيه بعض زملائه في مجلس الشيوخ.
وقال المعلق المحافظ تاكر كارلسون، وهو من أشد مؤيدي فانس، لرويترز “إنه يفهم علام يترشح ترامب (برنامجه)، ويتفق معه، على عكس بقية أعضاء الحزب الجمهوري في واشنطن”.
ولد فانس (39 عاما) في أسرة فقيرة في جنوب ولاية أوهايو. وقد يساعد اختياره في تعزيز موقف حملة ترامب في منطقة حزام الصدأ التي تضم أوهايو في سباق سيحسمه ناخبون في عدد قليل من الولايات الحاسمة، بما في ذلك بنسلفانيا وميشيجان المجاورتين، على الرغم من أن آرائه المحافظة قد تنفر الناخبين المعتدلين.
وقال ديفيد نيفن، أستاذ السياسة المساعد بجامعة سينسيناتي الذي كتب خطب اثنين من الحكام الديمقراطيين “مدى دعمه بطاقة ترشح الجمهوريين للرئاسة (حتى الفوز) سيمثل استعادة كونه صوت الحلم الأمريكي”، في إشارة إلى صعود فانس من الفقر إلى عضو مجلس الشيوخ الأمريكي وترشيحه إلى منصب نائب الرئيس.
وبعد الخدمة في مشاة البحرية، والالتحاق بكلية الحقوق بجامعة ييل والعمل كرأسمالي مغامر في سان فرانسيسكو، صعد فانس على المستوى الاتحادي بفضل كتابه “مرثية هيليبلي” الذي صدر عام 2016. وفي هذه المذكرات، استكشف المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه مسقط رأسه وحاول شرح شعبية ترامب بين الأمريكيين البيض الفقراء للقراء.
وانتقد فانس ترامب بشدة، علنا وفي جلساته الخاصة، وفي عام 2016 وخلال المراحل الأولى من ولايته 2017-2021.
وكتب إلى أحد زملائه على فيسبوك في عام 2016 “أتأرجح بين الاعتقاد بأن ترامب غبي خبيث مثل نيكسون الذي ربما لم يكن بهذا السوء (وربما كان يوسعه أن يثبت أنه نافع) وبين أنه هتلر أمريكا”.
وفي 2022 حين تحدثت تقارير لأول مرة عن تعليقه الذي شبه فيه ترامب بهتلر، لم يدحضه المتحدث باسمه، لكنه قال إنه لم يعد يمثل آراء فانس.
وحين ترشح فانس لمجلس الشيوخ في 2022، أثمر تأييده لترامب الذي تضمن التقليل من شأن هجوم أنصار الرئيس السابق في السادس من يناير كانون الثاني 2021 على مبنى الكونجرس، عن حصوله على دعم ترامب في المقابل، وهو ما ساعد في وضعه على القمة في انتخابات تمهيدية تنافسية.
وفي مقابلات إعلامية، قال فانس إنه لم تكن هناك لحظة “كشف” غيرت وجهة نظره تجاه ترامب. وبدلا من ذلك، أدرك تدريجيا أن معارضته للرئيس السابق كان سببها أساسا الأسلوب وليس الجوهر.
فعلى سبيل المثال، وافق على ادعاءات ترامب بأن التجارة الحرة أدت إلى تقويض الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة بسحق التصنيع المحلي وأن قادة البلاد يسارعون بشدة في التورط في حروب خارجية.
وقال فانس لصحيفة نيويورك تايمز في يونيو حزيران “سمحت لنفسي بالتركيز كثيرا على أسلوب ترامب لدرجة أنني تجاهلت إلى حد بعيد الطريقة التي كان يقدم بها شيئا مختلفا تماما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، والتجارة، والهجرة”.
وفي المقابلة نفسها، قال فانس إنه اجتمع مع ترامب في 2021 وإن الاثنين تقاربا خلال حملته في مجلس الشيوخ.
ورفض فانس إجراء مقابلة مع رويترز من أجل هذا التقرير ورفض المتحدث باسمه التعليق عليه.
ويرى منتقدو سناتور ولاية أوهايو أن تحول آرائه هو حيلة ماكرة للصعود في صفوف السياسة الجمهورية.
وقال نيفن، أستاذ السياسة “ما تراه هو بعض من الانتهازية العميقة حقا”
المصدر : https://annabaa.org/arabic/reports/39517