السياسة عطَّلت الألعاب الأولمبية ثلاث مرات

ما الدورات الأولمبية؟ وكيف تطورت حتى باتت أعظم مهرجان رياضي عالمي على الإطلاق؟ تعيد “المجلة” نشر تقرير من عددها الأول 16-22 فبراير 1980 عن أولمبياد موسكو 1980 لمناسبة أولمبياد باريس التي تنطلق الجمعة:

– اعداد إياد أبو شقرا:

يبدو أن عدد المقاطعين لدورة الألعاب الأولمبية في الاتحاد السوفياتي يزداد يوما بعد يوم، إذ تؤكد آخر المعلومات الواردة من وزارة الخارجية الأميركية أن ربع عدد الدول المشاركة عادة في الألعاب الأولمبية والبالغ 137 دولة، قد أبلغ واشنطن حتى الآن موافقته على مقاطعة دورة موسكو، منها أستراليا والصين واليابان و28 دولة إسلامية بما فيها المملكة العربية السعودية وست دول من أميركا اللاتينية وست دول أفريقية. وقد أرسل الرئيس الأميركي كارتر، بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي إلى القارة الأفريقية، وبعض دول العالم الثالث، لإقناع حكامها بمقاطعة ألعاب موسكو، كما تؤكد المعلومات الأميركية أن أكثر من 60 دولة سوف تشارك واشنطن موقفها من دورة موسكو.

وعلى الرغم من أن الدول الأوروبية الغربية، وأغلبية دول العالم، لم تحسم رأيها بعد بالنسبة إلى موضوع المقاطعة، فهناك مواقف عدة قد تتغير في نهاية الأمر وتقلب أكثر التوقعات.

ولكن، ما هي الدورات الأولمبية في الأصل؟ وكيف تطورت مفاهيمها ونشاطاتها حتى باتت أعظم مهرجان رياضي عالمي على الإطلاق؟

عرف اليونانيون القدماء في أولمبيا دورات رياضية تنافسية منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت هذه الدورات تشمل مسابقات للجري والوثب والمصارعة ورمي القرص وسباقات العربات، مخصصة للرجال الأحرار، وتعتبر جزءا لا يتجزأ من الحضارة اليونانية.

وقد توقفت هذه الدورات في حلول عام 393م، إبان عهد الإمبراطور ثيودوسيوس.

ولكن في اليوم الأول من عام 1863م أبصر النور في باريس باعث الفكرة الأولمبية الحديثة وواضع أسسها التربوية والخلقية والرياضية، وهو البارون بيار دي كوبرتان.

الخطوات الأولى

وأولى الخطوات العملية في تاريخ الحركة الأولمبية ترجع إلى العام 1894، عندما عقد مؤتمر في مسرح معهد السوربون في قلب جامعة باريس، وأقر خلاله 79 نائبا و49 هيئة رياضية يمثلون 12 دولة، مبدأ قيام الدورات الأولمبية طبقا للتقاليد الهيللينية (اليونانية) القديمة، وفي عهدها الأول فكانت دورة أثينا 1896. كذلك أقر المجتمعون المبادئ الأولمبية الأساسية، وبينها أن تكون مقصورة على الهواة دون المحترفين، (وإن كانت التحديات الحديثة المتمثلة في أشكال أخرى للاحتراف كالتمويل والرعاية وما إليها، ستفرض على الحركة الأولمبية إعادة تحديد تلك المبادئ بصورة أكثر وضوحا). وأن تكون اللجنة الأولمبية الدولية، هي الجهاز المشرف على الرياضة الأولمبية، والحارس الأمين لقيمها ومبادئها، والهيئة المولجة وضع الأنظمة والقواعد ومراقبتها أو تعديلها.

وتبعا لقرارات المؤتمر التأسيسي، حدد دي كوبرتان هذه المسؤوليات، واختار بنفسه اللجنة الأولى التي تضمه إلى جانب 14 عضوا آخر.

حتى عام 1966 كان أعضاء اللجنة الأولمبية ينتخبون مدى الحياة. ولكن منذ ذلك التاريخ اعتمدت سن الثانية والسبعين للتقاعد، مع التأكيد على وجوب كون العضو من السكان المقيمين في بلاده. ولذا عندما اضطر ملك اليونان السابق قسطنطين (الذي سبق أن انتخب عضوا في اللجنة عام 1963) عام 1974 توجب عليه تقديم استقالته.

ومقر اللجنة في مدينة لوزان السويسرية، وقد بلغ عدد أعضائها 89 يمثلون 71 دولة. أما العلم الأولمبي، وهو عبارة عن حقل أبيض تتوسطه 5 دوائر مترابطة حمراء وسوداء وزرقاء وخضراء وصفراء، فيذكر أن دي كوبرتان وجد ما أوحى له به في دلفي (اليونان) عام 1913.

الدورات الأولمبية

والدورات الأولمبية هي التالية:

دورة أثينا 1896: نظمت الدورة الأولمبية في أثينا عاصمة اليونان عام 1896، وسط مصاعب مالية كانت تعانيها الحكومة اليونانية حينذاك.

حضر حفل الافتتاح حشد قدّر بثمانين ألفا عزف خلاله النشيد الأولمبي الذي وضع ألحانه اليوناني سبيروس ساماراس لأول مرة. واشترك في الدورة 311 رياضيا من 10 دول (أكثر من نصفهم من الرياضيين المحليين) خاضوا 10 مباريات، وتنافسوا على الميداليات الذهبية في 42 مسابقة، وكانت الرياضات التي شملها برنامج الدورة هي: الدراجات، كرة المضرب، ألعاب الجمباز، السباحة، ألعاب القوى، السلاح، رفع الأثقال، الرماية، المصارعة، والتجديف، وقد تألق الرياضيون الأميركيون في أكثر المسابقات، خصوصا ألعاب القوى، إذ لم تفلت من ميدالياتها الذهبية سوى ميداليات مسابقة الماراثون التي أحرزها اليوناني لويس، والـ800 والـ1500 متر اللتين فاز بهما الأسترالي فلاك. وكان أبرز نجوم الفريق الأميركي توماس بيرك بطل الـ100 والـ200 متر، إذ ضمن ميداليتين ذهبيتين من أصل 11 ذهبية، كانت رصيد الولايات المتحدة في المرتبة الأولى، واحتلت اليونان المرتبة الثانية بـ8 ميداليات ذهبية فألمانيا بـ4 ميداليات.

 

دورة لندن 1908 اشتركت فيها النساء للمرة الأولى، ودورة استكهولم 1912 كانت أمتع الدورات

 

 

دورة باريس 1900: إذا كان الرئيس الأميركي كارتر يقترح الآن إعادة الألعاب الأولمبية إلى اليونان لتكون مقرها الدائم، فإنه لم يأت بجديد. فالرياضيون الأميركيون كانوا أول من بادر إلى دعم اقتراح اليونان، ومطالبتها بحصر الألعاب فيها عام 1896، إلا أن دي كوبرتان نجح في تنظيم الدورة الثانية في باريس. وأضيفت رياضات جديدة إلى برنامج الألعاب الأولمبية وهي: كرة القدم، والقوس والنشاب، والملاكمة والبولو. وأكد الرياضيون الأميركيون مجددا تفوقهم، وتألق منهم بشكل خاص راي أوري بطل ألعاب القوى، ولكنهم مع هذا احتلوا المركز الثاني بعد الفرنسيين الذين حصلوا على 28 ميدالية ذهبية، مقابل 22 للولايات المتحدة و14 لبريطانيا من بينها ذهبية كرة القدم وذهبية كرة الماء. وقد بلغ عدد الدول المشتركة 20 دولة وعدد المسابقات 60.
دورة سانت لويس 1904: المسرح الثالث للدورات الأولمبية كان في الولايات المتحدة. وكان من المقرر أن تستضيف مدينة شيكاغو هذه الدورة، إلا أن ظروفا عدة تداخلت وجعلت دي كوبرتان يوافق على قبول تحكيم الرئيس الأميركي- الرياضي ثيودور روزفلت الذي أقر مدينة سانت لويس مركزا للدورة. ولم تحظ هذه الأخيرة باهتمام عالمي كبير بسبب تردي الأوضاع السياسية العالمية. حتى إن بريطانيا لم تتمثل إلا برياضي واحد. ولم يزد عدد الدول المشتركة على 10 دول. واستفادت الولايات المتحدة من التعديلات الواسعة على برنامج الدورة، فهيمنت على أحداثها، وظفرت بـ78 ميدالية ذهبية مقابل 5 لكل من كوبا وألمانيا (عدد المسابقات 67 مسابقة).

المجلة المجلة

دورة لندن 1908: كانت النية أساسا متجهة إلى إقامة الدورة في روما، إلا أن إيطاليا اعتذرت عن عدم تمكنها من الوفاء بوعدها، فتقدمت لندن ونظمت الدورة في حي شبردز بوش غرب لندن يوم 13 حزيران (يونيو) 1908، فنالت نجاحا كبيرا ساده التنظيم والتجهيزات الفنية والرياضية الممتازة. بالإضافة إلى أنها كانت أول دورة تستقبل السيدات في الألعاب الأولمبية. كما بدأت فيها أول ملامح الدورات الشتوية مع إقامة أول مسابقة للتزحلق على الجليد. واشترك في هذه الدورة أكثر من ألفي رياضي من 22 دولة، وارتفع عدد المسابقات إلى 104. وتمكنت بريطانيا من الفوز بالمركز الأول، إذ اكتسحت منافسيها، وحصدت 56 ميدالية ذهبية، مقابل 22 للولايات المتحدة، و8 للسويد.
وكان أبرز النجوم في هذه الدورة العدّاء الأميركي ملفين شبرد، وبطل الحلبة الأميركي رالف روز، والبريطاني هالسويل، والسويدي ليمينغ.
دورة استكهولم 1912: يكاد يجمع مؤرخو الدورات الأولمبية على أن هذه الدورة تعتبر من أنجح وأمتع الدورات على الإطلاق. فقد اشترك فيها 4 آلاف رياضي من 28 دولة. وبالرغم من أن عدد المسابقات بلغ 106 فقط، فإنها عكست مدى قوة الدفع التي اكتسبتها الحركة الأولمبية. وقد انتزعت السويد في هذه الدورة المركز الأول بـ25 ميدالية ذهبية، وحلت الولايات المتحدة ثانية بـ22 ميدالية، فبريطانيا ثالثة بعشر ميداليات. الرياضيون الأميركيون ظفروا بأغلب مسابقات ألعاب القوى، كالعادة، لكنهم واجهوا لأول مرة التحدي الذي تصاعد في ما بعد متمثلا بالقوة الفنلندية في هذه المسابقات. إذ أحرز كولهماينين ذهبيتي الـ5 آلاف والـ10 آلاف متر. وتايبالي ذهبية رمي القرص.
دورة برلين 1916: بعد النجاح الكبير لدورة استكهولم، كانت دورة برلين 1916 أول دورة تسقط ضحية للتطورات السياسية العالمية. فأوروبا كانت تعيش في تلك الفترة محنة الحرب العالمية الأولى، ورفض دي كوبرتان طبقا للمبادئ الأولمبية تغيير مكان الدورة طالما لم تتخل ألمانيا رسميا عن تنظيمها. وهكذا حكم عليها بالإلغاء.
دورة أنتورب (انفير) 1920: أول دورة بعد الحرب العالمية الأولى نظمت في بلجيكا، إحدى الدول الأكثر تضررا من الحرب وقسوتها. لكن البلجيكيين تمكنوا من بذل جهود جبارة، وتنظيم دورة ناجحة تماما. مع العلم أن عددا من الأبطال العالميين أمثال الفرنسي جان بوان والألماني هانز براون، كانا بين ضحايا الحرب. وقد شاركت 29 دولة في هذه الدورة وتنافس الرياضيون في 154 مسابقة. وقد تمكنت الولايات المتحدة من استعادة زعامتها للرياضة الأولمبية، وأحرزت 41 ميدالية ذهبية، تلتها السويد بـ19، وفنلندا بـ15. ولكن الأمر الأبرز كان في تعرف العالم لأول مرة على أحد أعظم نجومه الرياضيين العداء الفنلندي بافو نورمي الذي احتل المرتبة الثانية في الـ5 آلاف متر. بعد الفرنسي جوزيف غويمو، إلا أنه ثأر منه وفاز بالعشرة آلاف متر، ثم أحرز قصب السبق باجتياز الضاحية وعزز مواطنه كولهماينين رصيد فنلندا بذهبية سباق الماراثون.
دورة باريس 1924: أصبحت باريس في عام 1924 أول مدينة تحظى بتنظيم الدورة الأولمبية مرتين. وكانت هذه الدورة الأخيرة التي تقام تحت رئاسة دي كوبرتان للجنة الأولمبية. وقد ارتفع عدد الدول المشاركة فيها إلى 44 بينما انخفض عدد المسابقات إلى 137. وانتزعت الولايات المتحدة فيها نصرا ساحقا وثأريا على فرنسا وحصلت على المركز الأول برصيد 45 ميدالية ذهبية. وجاءت فنلندا ثانية بـ17 ميدالية، ثم فرنسا بـ13 ميدالية. الفنلنديون، بقيادة نورمي وريتولا وستنروس، فازوا بمسابقات الجري الطويل، بينما نال البريطاني هارولد أبراهامز ذهبية الـ100م. من الأميركيين، وأحرز مواطنه دوغلاس لو ذهبية الـ800م.

ما بعد دي كوبرتان

دورة أمستردام 1928: كانت هذه الأخيرة أول دورة في عهد ما بعد دي كوبرتان. ولكن أفكاره كانت في هذه الفترة قد تعززت تماما، إذ ارتفع عدد الدول المشتركة إلى 46 دولة. وأحرز العرب في هذه الدورة أول انتصاراتهم الأولمبية، عندما حصل الرباع المصري سيد نصير (وزن خفيف الثقيل) والمصارع المصري إبراهيم مصطفى (وزن خفيف الثقيل) على الميداليتين الذهبيتين لوزنيهما في رفع الأثقال والمصارعة اليونانية- الرومانية. وفاز العداء العربي (الذي اشترك باسم فرنسا) العوافي بالميدالية الذهبية لسباق الماراثون.
في حين استمر تألق الأميركيين والفنلنديين. وارتفعت أسهم الألمان والإيطاليين والمجريين والسويسريين. وتصدرت الولايات المتحدة لائحة الميداليات بـ22 ذهبية مقابل 10 ألمانيا و7 لكل من إيطاليا وسويسرا.
دورة لوس أنجلوس 1932: جاءت الدورة الأولمبية الأميركية الثانية في عز فترة “الكساد الكبير”. ورغم بُعد المسافة، سافر إلى شواطئ المحيط الهادي حوالي 1500 رياضي من 34 دولة.
وقد فاز الأميركيون كما كان منتظرا بمسابقات الجري القصير. وانتكس الفنلنديون في سباق العشرة آلاف متر أمام البولندي كوزوشنسكي. ولمع اليابانيون ومعهم الإيطاليون والفرنسيون.
وكانت أبرز شخصيات هذه الدورة الأميركية ميلدريد ديدريكسون (زاها رياس) التي حطمت رقمين عالميين في ألعاب القوى (الـ80م. حواجز ورمي الرمح) وبعدها اعتزلت لتحترف لعبة الغولف وتصبح أعظم بطلات العالم بدون منازع فيها.
دورة برلين 1936: دورة “الفوهرر” أدولف هتلر التي تحدى خلالها الأميركي الملون جيسي أوينز العرقية الهتلرية وقهر خلالها رياضيي العالم في الـ100م. والـ200م. والوثب الطويل. وقد فاز الألمان بالمركز الأول، إذ حصدوا 33 ميدالية ذهبية تلاهم الأميركيون بـ24، فالمجريون بعشر ميداليات. وازدادت الميداليات العربية بفضل خضر التوني وفياض وشمس ووصيف ومصباح وسليمان من نجوم مصر.

وكان عدد الدول في هذه الدورة قد ارتفع إلى 49 دولة، كما عاد عدد المسابقات للارتفاع فبلغ 142 مسابقة.

 

 أ ف ب أ ف ب

البعثة الفرنسية تسير في الملعب الذي يتسع لمئة الف مشاهد فيما يرفع الحضور ايديهم بالتحية النازية اثناء حفل افتتاح اولمبياد برلين في الاول من آب 1936 

دورة طوكيو ثم هلسنكي 1940: هي ثاني الدورات التي راحت ضحية الحربين العالميتين. وكانت في الأصل مقررة في طوكيو عاصمة اليابان، إلا أن نشوب الحرب في الهند الصينية أدى إلى نقلها إلى العاصمة الفنلندية هلسنكي. لكن الحرب العالمية الثانية كانت لها بالمرصاد.
دورة لندن 1942: الدورة الثالثة الملغاة بسبب الحرب.
دورة لندن 1948: ثاني الدورات الأولمبية التي استضافتها لندن. وقد قفز فيها عدد الدول المشاركة إلى 59 دولة، وعدد الرياضيين إلى 4500 رياضي ورياضية تنافسوا في 138 مسابقة. وكان ألمع نجوم الدورة العداء التشيكوسلوفاكي إميل زاتوبيك الذي بدأ منها زعامته الأولمبية في جري المسافات الطويلة، وتنافسه المثير مع البطل العربي الجزائري ألان ميمون (الذي كان يشترك باسم فرنسا). وكانت ميداليات مصرية أخرى على الطريق أحرزها أبطال رفع الأثقال والمصارعة: فياض وشمس وحمودة وحسين وعرابي. وفي لائحة الميداليات عادت الولايات المتحدة إلى الصدارة، بعدما حصلت على 38 ميدالية ذهبية، وحلت السويد في المركز الثاني بـ17 ميدالية، ثم المجر بـ10 ميداليات.

 

 أ ف ب أ ف ب

مسيرة الوفود الرياضية اثناء الحفل الافتتاحي لاولمبياد لندن في 26 يوليو 1948 في ملعب ويملبي 

دورة هلسنكي 1952: توجت فنلندا، الدولة الصغيرة ذات العشرة آلاف بحيرة، انتصاراتها المدهشة على الصعيد الأولمبي بتنظيمها الدورة الخامسة عشرة، حيث شهدت هذه الدورة عهدا جديدا مع دخول الاتحاد السوفياتي- لأول مرة- عالم المسابقات الأولمبية.
ولكن الاستعدادات الأوروبية الشرقية لم تحل دون فوز الولايات المتحدة بالدورة إذ حصلت على 40 ميدالية ذهبية مقابل 22 للاتحاد السوفياتي و16 للمجر. وكان إميل زاتوبيك مرة أخرى نجم الدورة، ومعه ألان ميمون. وقد برزت الأوستراليات وحصلن على بضع ميداليات ذهبية. كما حصل لبنان على أول ميدالياته الأولمبية بفضل مصارعيه زكريا شهاب (فضة) وخليل طه (برونز). وكان عدد الدول المشتركة في الدورة 69 فيما بلغ عدد المسابقات 149.
دورة ملبورن 1956: كانت هذه الأولى التي تقام في أستراليا، وقد جرت في عالم مضطرب ومتوتر سياسيا في أعقاب غزو المجر والعدوان الثلاثي على السويس. ورغم هذه الظروف، اشترك المجريون، بينما انسحبت الصين الشعبية من اللجنة الأولمبية بسبب اشتراك تايوان (الصين الوطنية). كذلك انسحب لبنان ومصر. وبلغ في نهاية الأمر عدد الدول المشاركة 67 دولة تنافس رياضيوها على بطولة 145 لعبة.
وخارج إطار السياسة خرجت زعامة الرياضة العالمية من قبضة الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ 1936، وأحرز الاتحاد السوفياتي بطولة الدورة إثر حصوله على 37 ميدالية ذهبية، وحلت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بـ32 ميدالية، فأستراليا ثالثة وبـ13 ميدالية.
أما أبرز نجوم هذه الدورة فكان العداء السوفياتي فلاديمير كوتس، وميمون الذي فاز بذهبية الماراثون والملاكم الأميركي فلويد باترسون (بطل العالم للوزن الثقيل في ما بعد).
دورة روما 1960: كانت هذه ثاني الدورات التي تنتهي لمصلحة السوفيات بفضل مجموعة من أقوى نجومهم العالميين، على رأسهم روبرت شافلا كادزه، والشقيقتان إيرينا وتامارا بريس وبيوتر بولوتنيكوف.
وقد برز في هذه الدورة التي شاركت فيها 84 دولة في 150 مسابقة العداء الأسترالي هيرب إيليوت (الـ1500م.م.) والنيوزيلندي بيتر سنيل (800م.) والبطل الإثيوبي أبيبي بيكيلا (الماراثون) والأميركية السوداء ويلما رودولف (الـ200م. والـ100م.) ومواطنها رالف بوسطن في الوثب الطويل.
وقد برز العرب من خلال المغربي الراضي بن عبدالسلام الذي فاز بفضية الماراثون بعد بيكيلا، والعراقي عزيز الحائز على برونزية رفع الأثقال لوزن الخفيف. وقد حصل في هذه الدورة على إحدى الميداليات الذهبية في الملاكمة (وزن خفيف الثقيل) كاسيوس كلاي (محمد علي في ما بعد). أما ترتيب الدول في لائحة الميداليات فكان: الاتحاد السوفياتي أول بـ43 ميدالية ذهبية فالولايات المتحدة بـ34 فإيطاليا بـ13.
دورة طوكيو 1964: استعادت الولايات المتحدة الزعامة الأولمبية في طوكيو بفارق 6 ميداليات ذهبية وارتفع عدد الدول المشتركة إلى 94 دولة، وبلغ عدد المسابقات رقما قياسيا هو 162 مسابقة (أعلى رقم منذ انتورب). وقد احتفظ النيوزيلندي بيتر سنيل بذهبية الـ800م. وأضاف إليها ذهبية الـ1500م. واكتسح الأميركيون- كالعادة- المسافات القصيرة. وحقق البطل التونسي محمد الجمودي ميدالية عربية جديدة عندما فاز بالميدالية الفضية للعشرة آلاف متر كما كرر أبيبي بيكيلا فوزه بذهبية الماراثون. وحصل السوفياتي فاليري بروميل على ذهبية الوثب العالي، والملاكم الأميركي جو فريزر على بطولة الملاكمة (وزن الثقيل). وقد حصلت الولايات المتحدة على المركز الأول بـ36 ميدالية ذهبية مقابل 30 للاتحاد السوفياتي و16 لليابان.

 

اف ب اف ب

مشهد عام للوفود اثناء حفل افتتاح اولمبياد طوكيو في 10 اكتوبر 1964 

آخر انتصار أميركي

دورة مكسيكو 1968: شهدت هذه الدورة آخر الانتصارات الأميركية الأولمبية، ومعه أكبر حشد من الأرقام القياسية العالمية المثيرة. فالعداء الأميركي جيمي هاينز تجاوز حاجز الـ10 ثوان في الـ100م. ومواطنه بوب بيمون سجل قفزته الأسطورية 8,90م. في الوثب الطويل. وانتصر أبطال أفريقيا وعلى رأسهم الكينيون في المسافات الطويلة. ففاز من هؤلاء كيبشوجي كينو ونفتالي تيمو وأموس بيووت بثلاث ميداليات ذهبية وفضية، وانتزع الإثيوبي مامو وولدي ذهبية الماراثون ليرث عرش مواطنه بيكيلا، بينما حقق الجمودي أعظم انتصاراته على الإطلاق وظفر لتونس والعرب بالميدالية الذهبية في الـ5 آلاف متر والفضية في العشرة آلاف متر.
ومن بين الأبطال التاريخيين الآخرين فاز الأميركي آل أورتر بذهبية رمي القرص للمرة الرابعة على التوالي، والسوفياتي فيكتور سانييف بذهبية الوثبة الثلاثية مبتدئا احتكار هذه المسابقة لثلاث دورات متتالية. كما هيمنت التشيكية فيرا كاسلافسكا على مسابقة الجمباز للسيدات، والسباح الأميركي دون شولاندر على السباحة. وفاز بخمس ميداليات ذهبية. أما ترتيب الدول في ختام الدورة فقد جاء على النحو التالي: الولايات المتحدة أولى بـ45 ميدالية ذهبية، تلاها الاتحاد السوفياتي بـ24 ميدالية، ثم فرنسا واليابان ولكل منهما 10 ميداليات. مع العلم أن عدد الدول تجاوز في هذه الدورة المئة وبلغ 109 دول. كما ارتفع عدد المسابقات ليصبح 172.

 

دورة أمستردام 1928 سجل فيها العرب أول انتصاراتهم في المصارعة ورفع الأثقال

 

 

دورة ميونيخ 1972: لا يحب المعلقون الغربيون أن يذكروا هذه الدورة إلا ومعها التركيز على حادث الفريق الإسرائيلي في القرية الأولمبية. وإذا كان هذا الحادث تاريخيا، فإن ثمة حدثا رياضيا لا يقل أهمية عنه وهو تقدم ألمانيا الشرقية إلى مجموعة القوى المتقدمة رياضيا في العالم. فقد سقطت الولايات المتحدة في هذه الدورة بشكل دراماتيكي بعد انتصارها الساحق في مكسيكو، ولم تفز من أصل مسابقات ألعاب القوى للرجال إلا بالـ400م. (فينس ماثيوز) والـ800م. (ديف ووتر) والماراثون الذي فاز بذهبية فرانك شورتر بعد سيطرة إثيوبية امتدت من 1960. وانتزع السوفياتي بروزوف سباقي الـ100م. والـ200م. وسيطرت العداءات والسباحات الألمانيات الشرقيات ومعهن السوفياتيات في ألعاب القوى، والرجال السوفيات في ألعاب القوى والجمباز. أما الأميركي مارك سبيتز فحاول تعويض حجم التراجع الأميركي ما أمكن فحصد بمفرده 7 ميداليات ذهبية في السباحة. وتألقت السوفياتية أولغا كوربوت في الجمباز للسيدات، والألماني الشرقي رولاند ماتيس في السباحة (ظهر). وانتزع الفنلندي الطائر لاسي فيرين ذهبيتي الـ5 آلاف والعشرة آلاف متر. وأضاف الجمودي ومعه الرباع اللبناني محمد خير الطرابلسي ميداليتين فضيتين عربيتين جديدتين: الأول في الـ5 آلاف متر والثاني في رفع الأثقال (وزن المتوسط). أما بالنسبة إلى ترتيب الدول فقد تصدّر الاتحاد السوفياتي الدول الـ112 المشتركة محققا 50 ميدالية ذهبية مقابل 33 للولايات المتحدة، و20 لألمانيا الشرقية. مع العلم أن عدد المسابقات ارتفع إلى رقم قياسي جديد هو 195 مسابقة.

 

أ ف ب أ ف ب

العلم الاولمبي منكسا في المدرج في برلين في 6 سبتمبر 1972 اثناء احياء ذكرى قتلى الفريق الاسرائيلي جراء هجوم مجموعة مسلحة فلسطينية 

دورة مونتريال 1976: هذه الدورة كانت دورة المقاطعة الأوسع للألعاب. حيث قاطعت الدول الأفريقية اعتراضا على اشتراك نيوزيلندا إثر قيام فريق الركبي الوطني النيوزيلندي بالتباري مع جنوب أفريقيا. وهكذا انخفض عدد الدول المشتركة في الدورة إلى 89 دولة فقط.
ألمانيا الشرقية كانت الاكتشاف الأكبر في مونتريال. وقد تمكنت من إزاحة الولايات المتحدة من أحد مركزي الطليعة إلى المركز الثالث وذلك لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأولمبي. أما الاتحاد السوفياتي فقد تابع سيطرته المطلقة على الرياضات المتخصص فيها، بينما هزم نجوم ألعاب القوى والملاكمة من بلدان البحر الكاريبي أقوى منافسيهم من الأميركيين في مسابقات تعتبر من معاقل الولايات المتحدة، شبه المضمونة. فقد فاز هيزلي كراوفورد (ترينيداد) بذهبية الـ100م. ودون كواري (جامايكا) بذهبية الـ200م. وألبرتو خوانتورينا (كوبا) بذهبيتي الـ400م. والـ800م. أما الميداليات الأخرى في ألعاب القوى الرجالية فذهب أبرزها إلى الفنلندي لاسي فيرين الذي احتفظ بسيطرته على الـ5 آلاف والعشرة آلاف متر. والنيوزيلندي جون ووكر الفائز بالـ1500م. والألماني الشرقي شربنسكي في الماراثون.
كذلك حافظ الكوبي تيوفيلو ستيفنسون على الميدالية الذهبية للملاكمة (وزن الثقيل) وذلك للمرة الأولى في تاريخ الملاكمة الأولمبية (مع الإشارة إلى أن بطل دورة مكسيكو كان الأميركي جورج فورمان بطل العالم السابق). وحصل ليون سبنكس الأميركي على ذهبية خفيف الثقيل.
أما في الجمباز فقد كرر السوفيات فوزهم، فيما تألقت الرومانية ناديا كومانتسي وسيطرت على فئة للسيدات.
وفي حساب الميداليات حصل الاتحاد السوفياتي على 47 ميدالية ذهبية واحتل المركز الأول، وجاءت ألمانيا الشرقية ثانية بـ40 ميدالية، فالولايات المتحدة ثالثة بـ34 ميدالية.

 

المصدر : https://www.majalla.com/node/321608/%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D9%88%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%B9%D8%B7%D9%91%D9%8E%D9%84%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AA

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M