الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان.. هل التصدير خيار مناسب؟

تسير سلطنة عمان بخطى ثابتة ضمن سباق الهيدروجين الأخضر، بما قد يجعلها أكبر مُصدر على مستوى العالم بحلول منتصف القرن، حال تمكنها من استغلال إمكاناتها.

وسلّط مقال حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- الضوء على خطط سلطنة عمان لتطوير الهيدروجين والتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة.

وأشار المقال إلى أن السلطنة تتمتع بظروف تُحسد عليها لإنتاج الهيدروجين الأخضر (القائم على الطاقة المتجددة)، وأبرزها كالآتي: موارد ممتازة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأراضٍ مفتوحة وغير مستغلة إلى حدٍ كبير، وخط ساحلي طويل مع سهولة الوصول إلى الأسواق المحتملة الرئيسة.

كما أنها تتمتع بخبرة واسعة في قطاعي الطاقة والمواد الكيميائية؛ لكنه يتعيّن عليها أن تتخطى بعض العقبات لتنفيذ خططها المعدة جيدًا نحو خط النهاية.

إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان

حدّدت شركة هيدروم الحكومية 6 مساحات رئيسة من الأراضي من الجنوب إلى الشمال، تغطي نحو 50 ألف كيلومتر مربع، مع إمكان إنتاج 500 غيغاواط من الطاقة المتجددة، أو 25 مليون طن سنويًا من إنتاج الهيدروجين.

ويُقارن هذا بهدف الاتحاد الأوروبي لاستيراد 10 ملايين طن من الهيدروجين بحلول عام 2030، وهدف اليابان لاستهلاك 3 ملايين طن بحلول عام 2030، و20 مليون طن بحلول عام 2050، وخطة كوريا الجنوبية لأكثر من 5 ملايين طن بحلول عام 2040.

وبما أن ذروة الطلب المحلي في سلطنة عمان تُقدّر بنحو 8.6 غيغاواط فقط بحلول عام 2030، فمن المفترض أن يكون هناك فائض كبير، وفق المقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في منصة “أرابيان غلف بيزنس إنسايت” (Arabian Gulf Business Insight).

وأشار كاتب المقال روبين ميلز، إلى أنه بحلول ذلك الوقت، تخطط سلطنة عمان لإنتاج ما بين 1 و1.5 مليون طن من الهيدروجين، من بين 16 و20 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة، ويرتفع إلى 8.5 مليون طن بحلول عام 2050.

وفي نهاية أبريل/نيسان، منحت سلطنة عمان أحدث قطعتين من الأراضي المخصصة لإنتاج الهيدروجين ومدخلاته التي تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وذهبت إحدى الأراضي إلى تحالف يضم شركة جي باور اليابانية (J-Power)، وشركة إي دي إف الفرنسية (EDF) وشركة يامنة البريطانية الناشئة (Yamna)، والأرض الأخرى إلى شركة فورتسكيو الأسترالية (Fortescue)، وشركة أكتيس البريطانية (Actis).

وبذلك، يصل إجمالي المحفظة الممنوحة إلى 8 مشروعات، بسعة تقارب 1.4 مليون طن، وهي قريبة بالفعل من المستوى الأعلى لهدف 2030.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة أهداف مشروعات الهيدروجين في سلطنة عمان (2030-2050):

خريطة طريق الهيدروجين الأخضر في عمان

أزمة تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر

ذكر كاتب المقال روبين ميلز، أنه بعد الاندفاع الأولي في عام 2021، اتضح الآن للعملاء أن الهيدروجين لن يكون رخيصًا، خاصة بعد أخذ تكاليف النقل في الحسبان بالسوق.

على سبيل المثال، أمّنت شركة إتش 2 غلوبال (H2Global)، المدعومة من الدولة في ألمانيا، ربع مليون طن من الهيدروجين بدءًا من عام 2027، على شكل أمونيا خضراء، ستصنعها في مصر شركة الأسمدة التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية، بما يعادل 4.9 دولارًا لكل كيلوغرام من الهيدروجين.

وهذا يعادل نحو 40 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، في حين تُتداول الكمية نفسها من الغاز الطبيعي، المقرر تسليمها في عام 2027 في أوروبا حاليًا بنحو 9 دولارات.

والأمل هو أن التكاليف ستنخفض مع زيادة حجم المشروعات، ونضوج سلسلة التوريد، واكتساب المطورين الخبرة، وتحسّن التكنولوجيا، وفق ما جاء في التقرير الذي اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على تفاصيله.

لكن في الوقت الحالي، تحتاج الصناعة الناشئة إلى مشترين مستعدين لدفع علاوات كبيرة للتحول إلى البيئة الخضراء، أو الذين يتلقون الدعم من حكوماتهم، بحسب كاتب المقال.

وستعمل معظم المشروعات العمانية، مثل غالبية خطط التصدير في جميع أنحاء العالم، على تحويل الهيدروجين إلى أمونيا.

ويُعد نقل الأمونيا أسهل بكثير من نقل الهيدروجين، إذ يمكن إسالتها بسهولة، كما أن هناك بالفعل تجربة شحن دولية.

وتُعد الأمونيا سمادًا مهمًا، ويُمكن استعمالها -أيضًا- بصورة مباشرة في توليد الكهرباء، وربما وقودًا للشحن.

الهيدروجين الأخضر

الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان

شدد كاتب المقال روبين ميلز على أن سلطنة عمان لا تركز فقط على التصدير؛ إذ تعني صعوبات نقل الهيدروجين، أو تحويله إلى أشكال أخرى، أن الاستعمال المحلي سيكون دائمًا هو الأفضل.

وتخطط هيدروم لبناء أو تحويل شبكة من خطوط الأنابيب، أولًا لخدمة المناطق الصناعية في الدقم وأماكن أخرى في الجنوب بحلول عام 2030، ثم ربط صلالة وميناء صحار الصناعي الشمالي بحلول عام 2040، وأخيرًا إلى العاصمة مسقط بحلول عام 2050.

وبدأت شركة جيندال للصلب الهندية (Jindal Steel)، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بناء مصنع فولكان في الدقم، الذي سيستعمل الهيدروجين لصنع الفولاذ الأخضر.

ووقّعت شركة فولكسفاغن (Volkswagen) اتفاقية أولية مع مصنع فولكان لتوسيع نطاق استعمالها للفولاذ منخفض الكربون.

ووافقت شركة التعدين البرازيلية العملاقة فالي في مايو/أيار 2023 على إنشاء مجمع للصلب الأخضر في الدقم أيضًا.

كما وقعت شركة هيدروم مذكرة تفاهم في ديسمبر/كانون الأول 2023 مع شركة سيمنس إنرجي الألمانية (Siemens Energy) لتصنيع أجهز تحليل الهيدروجين الكهربائية، وبالتالي توطين جزء من سلسلة التوريد.

وقد تتحول البلاد تدريجيًا في صناعتها وتوليد الكهرباء إلى مزيج من الهيدروجين والطاقة المتجددة، إذ تكون احتياطياتها من الغاز أصغر نسبيًا وأكثر تكلفة لإنتاجها مقارنةً بجيرانها في الخليج.

وحتى النجاح الكامل في طموحاتها التصديرية لن يكون حلًا، بحسب كاتب المقال؛ إذ ستحصل سلطنة عمان على إيرادات تتراوح بين 13 مليارًا و17 مليار دولار من إنتاج الهيدروجين المخطط له، إذا انخفضت تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050 إلى ما بين دولار ونصف ودولارين للكيلوغرام الواحد.

وفي المقابل، من المتوقع أن تُدِر صادرات النفط في العام الجاري (2024) نحو 25 مليار دولار.

 

المصدر : https://attaqa.net/2024/07/26/%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%8a%d8%af%d8%b1%d9%88%d8%ac%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d8%b6%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d9%84%d8%b7%d9%86%d8%a9-%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%86-%d9%87%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M