على حافة الركود: أزمة أسواق الأسهم وتداعياتها على الاقتصاد العالمي

  • مر أسواق المال العالمية حالياً بحالة من الترنح واللايقين بعد صدور بيانات أمريكية غير متفائلة بشأن مستويات التوظيف في ظل تثبيت الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، ما أدى لحالة من الانهيار في العديد من أسواق المال حول العالم.
  • كان من المتوقع أن تتنبأ البنوك المركزية بالاضطرابات الاقتصادية الأخيرة وتتخذ إجراءات أكثر مرونة، لكنها لم تنجح في تقدير دورة الطلب الناتجة عن الجائحة، وعدَّتها ظاهرة مؤقتة، ما جعل الوضع الحالي يبدو قاتماً، ويستلزم تدخلات غير تقليدية لمنع الانهيار الاقتصادي.
  • المؤشرات الأساسية المرتبطة بتأخر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة، لا زالت هي المؤثرة في تحركات الأسواق، وهو ما أدخل الاقتصاد العالمي في حالة من الترقب والانتظار لتحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تجاه أسعار الفائدة.
  • في ظل الوضع الحالي من المتوقع أن يُسرِّع الفيدرالي الأمريكي من نسب الخفض الخاصة به، ويزيد من مستواها لتصل إلى 50 نقطة أساس في المرة الواحدة لكن دون عقد اجتماعات طارئة، لخطورة هذا الأمر على الأسواق، وما قد يعطيه من دلالات سلبية.

 

أدى تثبيت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، خلال اجتماعه الأخير في بداية أغسطس 2024، إلى دخول سوق الأسهم في بورصة وول ستريت الأمريكية والبورصات العالمية في نفق مظلم بعد أن صدر تقرير الوظائف الأمريكية بأقل من المتوقع، ما أثار مخاوف من انهيار الاقتصاد الأمريكي تحت وطأة تكاليف الاقتراض المرتفعة. وقد سيطر اللون الأحمر على تداولات أسواق المال العالمية، حيث هوت مؤشرات بورصة اليابان لأدنى مستوى لها منذ 1987، وسرعان ما لحقتها البورصات العالمية، والأسواق الآسيوية والعربية والأوروبية، إضافة إلى خسائر النفط والعملات المشفرة.

 

وفي الوقت الذي تحاول أسواق الأسهم العالمية الصمود بعد عمليات بيع “عنيفة” محت حوالي 6.4 تريليون دولار من قيمتها، ثار الجدل حول إمكانية رضوخ الفيدرالي الأمريكي للضغوط وعقد اجتماع طارئ لخفض الفائدة وتغيير سياسته النقدية، ومدى تأثُّر الاقتصاد العالمي بالأزمة الراهنة. وفي هذا السياق، ترصد هذه الورقة أسباب ومؤشرات هذه الأزمة، وتداعياتها على الأسواق العالمية، بما فيها الأسواق العربية، والسيناريوهات المستقبلية لهذه الأزمة، وحدود التدخل المتوقع من الفيدرالي الأمريكي.

 

أسباب الأزمة ومؤشراتها

يمكن القول إن الأسباب الرئيسة لهذه الأزمة تتمحور في الآتي:

 

  • تزايُد المؤشرات الاقتصادية السلبية المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي، ومن أبزر هذه المؤشرات تقرير الوظائف الأمريكي الذي شمل بيانات ضعيفة للغاية وأشعل المخاوف من دخول أكبر اقتصاد في العالم مرحلة ركود، حيث ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة في يوليو 2024 إلى 4.3%، وهي نسبة أكبر من النسبة التي كانت متوقعة وهي 4.1% ، كما تُعد هذه النسبة أعلى معدل للبطالة في الولايات المتحدة منذ أكتوبر 2021، كما تباطأت معدلات نمو القطاع الصناعي والسلع المعمرة.

 

  • ردود الفعل السلبية للاقتصاديات العالمية الأخرى المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي، وعلى رأسها الاقتصاد الياباني، حيث رفع البنك المركزي الياباني أسعار الفائدة بأكثر من المتوقع عند 25 نقطة أساس. وقد تفاقمت عمليات البيع العالمية بسبب تصفية ما يسمى بتجارة الفائدة على الين، حيث استغل المتداولون أسعار الفائدة المنخفضة في اليابان للاقتراض بالين وشراء الأصول المحفوفة بالمخاطر.[1]

 

  • التوترات الجيوسياسية المتنامية في منطقة الشرق الأوسط، على وقع التصعيد بين إيران ووكلائها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. وتتعرض الأسواق إلى ضغط إضافي في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، ومقتل القائد العسكري الكبير بجماعة حزب الله اللبنانية، فؤاد شكر، في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية ببيروت.

 

  • الأزمات المركبة في بنية الاقتصاد العالمي؛ حيث تتزايد هذه الأزمات في ظل تباطؤ الاقتصاد الصيني بسبب ضعف الطلب الاستهلاكي، وكذلك التداعيات السلبية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة للتباطؤ في بعض الاقتصاديات الأوروبية، وتأثُّر الاقتصاديات الناشئة والنامية بالتداعيات السلبية لارتفاع الأسعار العالمية وتزايد أزمات الديون.

 

هوت مؤشرات بورصة اليابان لأدنى مستوى لها منذ 1987، وسرعان ما لحقتها البورصات العالمية (AFP)

 

ومن أبرز مؤشرات أزمة الأسواق العالمية الأخيرة، ما يلي:

 

  • موجات بيع متزامنة عنيفة، أسفرت عن خسائر كبيرة طالت معظم القطاعات الاقتصادية؛ حيث حدث انخفاض في عوائد الأسهم والسندات في بورصة وول ستريت في نيويورك، واستقر “مؤشر الخوف”  VIX في وول ستريت – المعروف أيضاً بمؤشر التقلّب أو مؤشر “فيكس” – عند نحو 38، بعد أن بلغ ذروته عند 65، والتي تمثل أعلى نقطة له منذ بداية انتشار جائحة كورونا[2]. وقد خسر مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من ألف نقطة تقريباً، كما تهاوى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 3 %، ليسجل أسوأ أداء يومي منذ العام 2022، وأدنى مستوى في ثلاثة أشهر، كما تراجع مؤشر ناسداك بنسبة 3.43 %.[3]

 

  • تراجُع أسواق الأسهم الآسيوية؛ حيث حدث انخفاض في المؤشرات في افتتاحية الأسبوع بالأسواق الأسيوية، خاصةً في طوكيو التي تراجع مؤشرها الرئيس، نيكاي، بنسبة 12.4%، بمقدار 4400 نقطة مسجلاً أسوأ انخفاض تاريخي له منذ انهيار سوق الأسهم في أكتوبر1987. كما هبط مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً بنسبة 12.23%، وانخفضت بورصتا تايوان بأكثر من 8%، وسيول بأكثر من 9%. فيما تراجعت أسواق الأسهم الصينية على نحو أكثر اعتدالاً، حيث انخفض مؤشر هونج كونج هانج سنج 2.13% في التعاملات الأخيرة، وانخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.54%، ومؤشر شنتشن بنسبة 1.85%.

 

  • تراجُع الأسهم الأوروبية؛ حيث سجلت المؤشرات الأوروبية انخفاضات ملحوظة تجاوزت 2 % بالنسبة للمؤشر العام “ستوكس 600″، كما تراجع مؤشر داكس الألماني بنسبة 1.8 % ، وتهاوى مؤشر كاك الفرنسي بنسبة 1.4 % مغلقاً عند مستوى 7148 نقطة، وسجَّل مؤشر فوتسي البريطاني تراجعاً بنحو 2 %.

 

  • تراجع أسواق الأسهم في الشرق الأوسط والمنطقة العربية؛ حيث انخفض مؤشر دبي بنسبة 4.5%، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ مايو 2022، واختتم المؤشر السعودي التعاملات على انخفاض 2.1%، وهو أدنى مستوى إغلاق له منذ منتصف ديسمبر 2023، وانخفض مؤشر سوق أبو ظبي للأوراق المالية بنسبة 3.4%، كما انخفض المؤشر الرئيس للبورصة المصرية بنسبة 2.3%، فيما كان مؤشر بورصة إسطنبول 100 التركي الأكثر تأثراً، حيث انخفض بأكثر من 5.5%. وانخفض أيضاً مؤشر بورصة تل أبيب تي أيه -35 بنسبة 0.9%.

 

تداعيات أزمة سوق الأسهم على الاقتصاد العالمي

يُمكن إجمال أهم تداعيات الأزمة الأخيرة على الاقتصاد العالمي في النقاط الآتية:

 

  • تراجُع أسعار النفط، وهو محفز رئيس للأسواق المالية في منطقة الخليج، بفعل مخاوف حيال الطلب العالمي على الطاقة، ما طغى على قلق المستثمرين من التأثير المحتمل على الإمدادات جراء اتساع التوترات في الشرق الأوسط وأزمات الأسواق العالمية.

 

  • ارتفاع مخاوف المستثمرين العالميين والميل نحو الأصول الآمنة بعيداً عن المخاطرة، حيث زاد التوجه نحو الذهب الذي ارتفعت أسعاره ارتفاعاً قوياً خلال الأيام الماضية، وبلغ ذروته فوق 2430 دولاراً للأوقية.

 

  • انخفاض حاد في أسعار العملات المشفرة، إذ انخفضت عملة بيتكوين بنسبة 13.8% لتصل إلى حدود 51 ألف دولار، وفقدت البيتكوين نحو 200 مليار دولار من قيمتها السوقية مع ابتعاد المستثمرين عن أصول المخاطرة تحت وطأة حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق.

 

  • انخفاض أسهم العديد من البنوك العالمية، حيث تعرَّضت أسهم البنوك بصفة خاصة لضغوط كبيرة؛ ففي اليابان انخفض سهم مجموعة ميتسوبيشي يو إف جيه المالية بنسبة 13.5%، ومجموعة سوميتومو ميتسوي المالية بنسبة 14.6%، وميزوهو بنسبة 12.8%، ونومورا بنسبة 18.59%. وفي أوروبا، تراجع بنك يونكريديت بنسبة 6.54%، وإنتيسا سان باولو في ميلانو بنسبة 5.57%، ودويتشه بنك في فرانكفورت بنسبة 5.12%، وسوسيتيه جنرال في باريس بنسبة 5.05%، وباركليز في لندن بنسبة 5.08%.

 

  • انخفاض أسهم قطاع التكنولوجيا، إذ أغلق سهم إنفيديا منخفضاً بنسبة 6.4%، كما هبط سهم أبل بنسبة 4.8%، وتسلا بنسبة 4.2%. على نحو ملحوظ، وفي أمستردام، تراجع سهم ASML بنسبة 4.46%، وسهم “BE Semiconductor Industries” بنسبة 5.17%. وفي فرانكفورت، انخفض سهم إنفينيون “Infineon” بنسبة 2.34%. وفي باريس، انخفض سهم “STMicroelectronics” بنسبة 5.10%، و”Capgemini” بنسبة 2.93%.

 

أخذ العديد من المستثمرين في الابتعاد عن أصول المخاطرة تحت وطأة حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق (Shutterstock)

 

السيناريوهات المستقبلية للأزمة الحالية

أثارت بيانات الوظائف الأمريكية حالة من التخوف حيال مستقبل سوق العمل، واحتمالية تعريض الاقتصاد للركود، وقد ساعدت بيانات الخدمات الأمريكية المشجعة في تحقيق الاستقرار النسبي البسيط للأسواق، كما عوضت عائدات سندات الخزانة الأمريكية بعض خسائرها عقب تلك البيانات الجديدة، إلا أن المؤشرات الأساسية المرتبطة بتأخر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة، لا زالت هي المؤثرة في تحركات الأسواق خلال الفترة الأخيرة، وهو ما أدخل الاقتصاد العالمي في حالة من الترقب والانتظار لتحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تجاه أسعار الفائدة، ومدى إمكانية قيامه بتدخل عاجل وطارئ وغير مخطط لرفع سعر الفائدة، بالإضافة للمتغيرات الأخرى التي تزيد من تعقيد الأزمة، من قبيل تزايد حالة الاستقطاب في منطقة الشرق الأوسط، واحتمالية اتساع الصراع الراهن وتمدُّده، والتداعيات المستمرة للحرب الروسية الأوكرانية، وتغيرات أسواق السلع والمواد الخام الأساسية مثل النفط وغيره.

 

ويمكن النظر للسيناريوهات المستقبلية للأزمة الحالية على مستويين، وهما:

 

أولاً: السيناريوهات المتوقعة على مستوى تدخل الاحتياطي الفيدرالي لمعالجة السوق، ويحكمها عددٌ من المحددات المهمة، أبرزها الآتي:

  • خطورة التدخل المفاجئ عبر رفع الفائدة، ما قد يدفع بمؤشرات سلبية للسوق تزيد من حالة الذعر والتخبط تجاه قرارات البيع والتحوط من المخاطر.[4]
  • الارتباط الكبير بين قرارات الفيدرالي الأمريكي وسياسات وتحركات معظم البنوك المركزية العالمية.
  • التحول في سياسات بعض البنوك العالمية تجاه سياسة التشديد النقدي عبر رفع سعر الفائدة مثلما فعل البنك المركزي الياباني.
  • وضع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، حيث بدأ العام الحالي بارتفاع غير متوقع في التضخم مما أعطى الاحتياطي الفيدرالي فرصة للتوقف عن التحول إلى خفض أسعار الفائدة، ومع ذلك تُظهر البيانات الأحدث أن التضخم اقترب من مستوى 2% المستهدف من قبل الاحتياطي الفيدرالي، والذي من شأنه أن يسمح ببدء خفض أسعار الفائدة.

 

في إطار هذا المشهد، فإن السيناريوهات المتوقعة ستكون كالآتي:

 

السيناريو الأول: الاستمرار في نفس سياسة الخفض المقررة الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي، والتي من المتوقع أن تُخفَّض عبرها أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مرتين خلال ما تبقى من عام 2024، قبل تعزيز وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة في النصف الأول من عام 2025، وذلك في ضوء الرغبة في الخفض التدريجي للحفاظ على المكتسبات المتحققة فيما يتعلق بخفض نسب التضخم للوصول بها إلى مستويات ما قبل الجائحة أو مقاربة لها.

 

السيناريو الثاني: خفض مبكر وطارئ قبل الاجتماع القادم للاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر المقبل، إلا أن الانخفاض السريع في أسعار الفائدة أمر غير واقعي، كما أن التحرك الطارئ قد تكون له نتائج عكسية ويخلق حالة من الذعر.

 

السيناريو الثالث: تسريع وتيرة الخفض بنسب أكبر من المتوقع لكن دون عقد اجتماع طارئ، بحيث تُخفَّض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أو أكثر خلال كل اجتماع من الاجتماعات المتبقية في عام 2024.

 

ويعد السيناريو الثالث الأكثر احتمالاً في ضوء الحاجة لتسريع نسب الخفض بوتيرة أعلى من التي كانت مقررة، لكن دون الحاجة لعقد اجتماع طارئ قد يرسل إشارات سلبية للسوق تزيد من حالة الذعر وسط المستثمرين والتوجه نحو التحوط، باعتبار أن التدخل الطارئ للاحتياطي الفيدرالي سيعني إقراراً بأن الاقتصاد دخل بالفعل مرحلة الركود.

 

ثانياً، السيناريوهات المتوقعة على مستوى مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل الأزمة الحالية، ويحكمها عددٌ من المحددات المهمة، أبرزها الآتي:

  • مستوى تأثير سياسات الفيدرالي الأمريكي على أسواق المال العالمية وتوجهات المستثمرين العالميين نحو التحوط.
  • حجم الاقتصاد الأمريكي الكبير ومستوى نمو الناتج المحلي الإجمالي به، واللذين قد يُقللان من احتمالية الركود على المديين القريب والمتوسط.
  • تنامي المخاطر الجيوسياسية في العديد من مناطق العالم، بما يزيد من تداعياتها على الاقتصاد العالمي.
  • حالة الاستقطاب الحاد في الداخل الأمريكي وعدم اللايقين بشأن مستقبل السياسات الاقتصادية بعد الانتخابات الأمريكية المقبلة مع احتمالية عودة ترمب للرئاسة.
  • وضع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل احتمالية عودة ترمب.

 

وفي إطار ذلك، فإن السيناريوهات المتوقعة ستكون كالآتي:

 

السيناريو الأول: تعرُّض الاقتصاد العالمي لأزمة اقتصادية تنهار على إثرها الأسواق نتيجة حدوث ركود تضخمي في الاقتصاد الأمريكي مع تزايد المخاطر الجيوسياسية العالمية.

 

السيناريو الثاني: تعافي محدود للاقتصاد العالمي على المدى المتوسط، ومن ثم الطويل، نتيجة لتحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتوقعة والتي يمكن أن يكون لها مردود إيجابي على أسواق المال الأمريكية التي لديها من المرونة الكافية لمواجهة الأزمات والحفاظ على استقرار أسواق المال العالمية، ويدعم ذلك أن مؤشرات الاقتصاد الأمريكي لا تزال قوية، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي خلال الفترة الماضية بدعم قوة إنفاق المستهلكين، لكن تبقى المخاطر الجيوسياسية والحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مع إمكانية تحول السياسات الاقتصادية في حال عاد ترمب للرئاسة هي التحدي الأساسي الذي يمكن أن يواجه هذا السيناريو.

 

ويعد السيناريو الثاني الأكثر احتمالاً في ضوء تحركات الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على أسواق الأسهم، لكن يظل التحدي الأساسي أمام هذا السيناريو هو المخاطر الجيوسياسية، والتداعيات المرتبطة بالانتخابات الأمريكية المقبلة.

 

يترقب الاقتصاد العالمي تحركات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تجاه أسعار الفائدة (Shutterstock)

 

خلاصة وتوقعات

تمر أسواق المال العالمية حالياً بحالة من الترنح واللايقين بعد صدور بيانات أمريكية غير متفائلة بشأن مستويات التوظيف في ظل تثبيت الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، ما أدى لحالة من الانهيار في العديد من أسواق المال حول العالم، واندفاع العديد من المستثمرين للتوجه للاستثمار في الأصول الأقل مخاطرة والأكثر أمناً، ومن بينها الاستثمار في الذهب للتحوّط من مخاطر الركود الذي يلوح في الأفق.

 

وتشير هذه التطورات إلى دخول الأسواق المالية العالمية مرحلة من الاضطراب، حيث يعاني المستثمرون من حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، وكان من المتوقع أن تتنبأ البنوك المركزية بهذه الاضطرابات وتتخذ إجراءات أكثر مرونة، لكنها أخفقت في تقدير دورة الطلب الناتجة عن الجائحة، وعدَّتها ظاهرة مؤقتة، ما جعل الوضع الحالي يبدو قاتماً ويستلزم تدخلات غير تقليدية لمنع الانهيار الاقتصادي.

 

ومن المتوقع، في ظل الوضع الحالي، أن يسرع الفيدرالي الأمريكي من نسب الخفض الخاصة به، ويزيد من مستواها لتصل إلى 50 نقطة أساس في المرة الواحدة لكن دون عقد اجتماعات طارئة لخطورة هذا الأمر على الأسواق وما قد يعطيه من دلالات سلبية، الأمر الذي سينعكس على الاقتصاد العالمي الذي سوف يتأثر بخطوات الفيدرالي الأمريكي في ظل وجود متغيرات أخرى حاكمة كالتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والحروب التجارية العالمية.

 

وفي ظل تراجُع مؤشر الخوف VIX (الذي يعد تقلبه بهذه الوتيرة المتسارعة أمراً غاية في الخطورة) خلال جلسات نهاية الأسبوع الأول من أغسطس 2024، فإن هناك فرصة لحدوث انخفاض في حالة التوتر بالأسواق، على أمل أن يكون تدخل الفيدرالي الأمريكي أكثر تأثيراً وحسماً في الاجتماع المقبل.

 

المصدر : https://epc.ae/ar/details/featured/azmat-aswaq-alashum-watadaeiatuha-ala-alaiqtisad-alalami

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M