كيف تضع قواعد للحياة التربوية مع أبنائك؟

عندما لا تكون الضوابط مفهومة فإنها تترك حيزاً كبيراً لسوء الفهم وربما التلاعب بها وبمعانيها، وتحدث صراعات كثيرة بين الاطفال أنفسهم أو مع والديهم لهذا السبب. وبعض المربين يعتقد أن الطفل أو المراهق يفهم الضابط مثل الكبير، مع العلم أن الفارق في الفهم قد يكون كبيراً…

لكل بيت نظام وقواعد تربوية، يتعامل على أساسها الجميع ويعيشون من خلالها وبها، ومنها يتبين ما يجب على كل فرد وما يستحق وماذا يحدث لو لم يتم المطلوب لسبب أو لآخر، والقياس هنا على المجتمع والمدرسة والعمل فكل هذه الأماكن له قواعد تسير بموجبها وتنتظم الحياة فيها من خلال هذه الأنظمة والقواعد، ولو غابت هذه القواعد أو لم توجد أصلا فان الحياة داخل هذا المكان ستكون صعبة للغاية، وهكذا البيت والأسرة هناك حاجة ماسة أن يكون لهما قواعد وأنظمة ليست بالضرورة مكتوبة لكنها واضحة معروفة بل وقابلة للنقاش والحوار لتعديلها أو تطويرها.

والعادة أن تكون الأنظمة والقواعد أو لِنَقُل الضوابط محدودة جداً إلا في حال كون أحد الاطفال مراهقاً أو صغيراً صعب الطباع أو مضطرب السلوك وعند ذاك تكون الحاجة ماسة لوضع ضوابط أكثر تسمح للطفل بضبط نفسه وتساعده على المهارة الاجتماعية اللازمة ألا وهي احترام وكسب من حاوليه.

والغالب أن طبيعة هذه الضوابط ترتبط بطبيعة الطفل والمراهق ومناطق ضعفهم وقوتهم.

وقبل أن تكون الضوابط أساسية علينا وضع سلسلة من الإجراءات التي تحمي أبناءنا وبناتنا من الخطأ.

ولهذا قد يكون هدفنا منعهم من فعل الخطأ بل نستبق ذلك بجعلهم يعيشون في طبيعة أفضل وكذلك تعليمهم اختيار الأصدقاء.

ومن الإجراءات الضرورية مثلاً عندما تكون المدرسة إحدى الصعوبات تعويد الطفل علي أن حضور المدرسة أمر حتمي، عمل الواجب أمر ليس فيه تنازل، ويمكن إلحاق هذا بالتقرير الأسبوعي الذي يطلع عيه الوالدان… هذا يكون بدلاً من أن نكتفي بالعقوبة وقت الخطأ (أي الرسوب مثلاً) بل تستمر كل هذه الإجراءات لتمنع الوصول إلى النتيجة التي نخشاها، بل وتفيد هذه الضوابط في إعطاء أكبر فرصة للنجاح من خلال هذا الجو الجيد.

كما أن هذه الإجراءات توفر حماية لازمة للطفل والمراهق من الخطأ، كما أنها تعطيك القدرة على التنبه لأي صعوبة قبل استفحالها.

وأما الطفل الصعب فالأفضل أن يتعود أن يحاسب على الأشياء ولو بسيطة في وقتها بدلاً من أن نضطر لمواجهتها وقت استفحالها، فهذا أيضا يساعد كثيراً في نجاح العملية التربوية.

تنفيذ الضوابط:-

عندما تكون الضوابط التربوية موجودة في المنزل فلابد أن تطبق وتنفذ، لا أن تكون حبراً على ورق أو أوامر تفقد مصداقيتها ولا تنفذ.

ولهذا يجب أن تكون الضوابط وفق الأربع نقاط التالية:-

1- واضحة مفهومة.

2- أن تكون هناك متابعة لتطبيقها.

3- التطبيق الدائم لها.

4- أن تكون عواقب مخالفتها فعالة ومفيدة في دفع الاطفال والمراهقين لتطبيقها.

وعندما تفقد الضوابط أحد هذه المعطيات تفقد فاعليتها ويؤثر هذا على تطبيقها والانسجام معها.

1- أن تكون الضوابط واضحة ومفهومة:-

عندما لا تكون الضوابط مفهومة فإنها تترك حيزاً كبيراً لسوء الفهم وربما التلاعب بها وبمعانيها، وتحدث صراعات كثيرة بين الاطفال أنفسهم أو مع والديهم لهذا السبب.

وبعض المربين يعتقد أن الطفل أو المراهق يفهم الضابط مثل الكبير، مع العلم أن الفارق في الفهم قد يكون كبيراً جداً بالذات في القضايا اليومية، مثلاً تحديد موعد لا يمكن تحديده فيقول الأب للإبناء: لابد أن تناموا باكراً وهو يقصد الثامن مساء أما هم فيفهمون أنها الحادية عشرة مساء مثلاً، أو أن يأمر الأب ابنه المراهق بالعودة للبيت بعد العشاء ولا يحدد وقتا فيكون هناك لبس شديد في هذا الأمر.

ولهذا يكون من الأفضل التحديد كي يفهم أبناؤنا الأمر وأحيانا يحسن كتابة مثل هذه الضوابط ووضعها أمام الطفل أو المراهق إذا كان من النوع الذي ينسى أو لا يركز كثيراً.

2- متابعة التطبيق:-

المتابعة من أهم الأمور لتطبيق أي نظام أو ضابط ونقله إلى أرض الواقع سواء في الأنظمة الاجتماعية أو داخل المنزل.

وكيفية المتابعة ومدى شدتها يحددها الواقع وطبيعة الأبناء، فالبعض يحتاج إلى متابعة قوية ولصيقة وبعضهم لا يحتاج الكثير منها، لكن لابد أن يشعر الأبناء بجديتك في تطبيق هذا النظام وانك ستتابع هذا الموضوع… هذا سيفيد في أمرين:-

الأول:- لن يتضايقوا حينما يكتشفون متابعتك لهذا الأمر.

الثاني:- سيدفعهم هذا إلى تطبيق المطلوب واحترام هذا الضابط بشكل أفضل.

وتكون المتابعة بعدة أشكال:-

– للدراسة يستخدم دفتر المتابعة مثلاً أو التقرير من المدرسة والغالب أن المدارس تفرح بأي طلب من هذا النوع وتتعاون مع الوالدين لتحقيقه.

– للأمور المنزلية: بالتواصل بين الوالدين والمتابعة الشخصية والمرور على الأولاد في أوقات متفاوتة.

– في الحي والمسجد: بالمتابعة من قبل الأب أو الأخ الكبير.

3- التطبيق الدائم:-

أكثر ما يضر في هذا الموضوع هو الاستثناء الكثير وعدم الاتفاق بين الوالدين في هذا الاتجاه أو ذاك، فيضعف إتباع الأبناء للضوابط والقواعد التي تصبغ جو الحياة الأسرية.. والنظام الذي لايطبق دائما يفشل المربي في فرضه على الاطفال.. وللعلم فالطبيعي أن الاطفال ينسون أو بعضهم يحاول كسر الضوابط ليختبر جدية الوالدين في هذا الأمر.

4- أن تكون عواقب مخالفتها فعالة:-

لابد من وجود عواقب لمخالفة الضوابط، وهذه تتفاوت من طفل لآخر لكن لابد من محاولة توحيدها داخل الأسرة الواحدة وعدم وجود تفاوت إلا ربما بحسب العمر وربما بعض الظروف الأخرى من مرض أو نحوه، كذلك ينبغي تحديدها بحسب رغبات الطفل وهواياته… فبعض الاطفال يستجيب للحرمان من الخروج والبعض لايستجيب، والآخر يستجيب للخصام وآخر لايستجيب، ويتفاوت الاطفال تفاوتاً كبيراً في هذا الباب ولهذا لابد من مراعاة أن تكون العقوبة فعالة بالنسبة للطفل ذاته.

إذا هناك ضوابط عدة:-

1- أن تكون للعقوبة معنى وأثر على الطفل.

2- إن تكون شدة العقوبة مناسبة لشدة الخطأ.

3- أن تقع العقوبة بشكل مباشر وسريع لأن الأبحاث دلت على أنها تفقد جدواها إذا تم تأخيرها.

لكن يمكن أن تضاف لها عقوبات أخرى آجلة عند الحاجة، وهذه غالباً تكون على شكل حرمان مستمر لمدة يوم أو يومين أو أكثر بحسب شدة المشكلة والخطأ وبحسب شخصية الطفل وطبيعة المنزل.

 

المصدر : https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/39765

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M