العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين بعد مرور عام على اتفاق الشراكة الاستراتيجية

يناقش سفيران مخضرمان الجهود الثنائية في مجالات الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا، ويشيران إلى إمكانية أن يكون الاتفاق نموذجاً لدول أخرى في المنطقة.

“في 9 أيلول/سبتمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع السفيرين ستيفن بوندي والشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة. وبوندي هو سفير الولايات المتحدة لدى البحرين، وشغل سابقاً منصب “القائم بالأعمال” و”نائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية” في الإمارات العربية المتحدة. والشيخ خليفة هو سفير البحرين لدى الولايات المتحدة وكان محافظاً سابقاً “للمحافظة الجنوبية” في المملكة. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهما”.

ستيفن بوندي

يشكل “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” أحدث مظاهر التقارب في العلاقة بين الولايات المتحدة والبحرين. ويهدف هذا “الاتفاق” إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي الثنائي في مجالات الدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا من خلال تطوير روابط تجارية واستثمارية، وتقوية العلاقات الشعبية، وتعزيز القيم المشتركة. وفي جوهره، يعكس “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” تقييماً مشتركاً للتهديدات العالمية ويسمح للبلدين بالوقوف علناً من أجل مبادئ مشتركة، بما في ذلك النظام الدولي القائم على القواعد واحترام الحدود والسيادة وحرية الملاحة.

ويقدم “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” نموذجاً مبتكراً للتعاون الأمني الثنائي من خلال توسيع نطاقه إلى ما يتخطى الإطار الدفاعي ليشمل القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية الرئيسية. ويُعتبر النمو الاقتصادي والأمن الوطني مترابطين بشكل وثيق، وتوفر البحرين بيئة استثمارية مثالية مفتوحة لـ “الصداقة الاقتصادية” – وهو مصطلح صاغته وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين يشير إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الأمريكي من خلال “تنويع سلاسل الإمداد عبر مجموعة واسعة من الحلفاء والشركاء الموثوقين”. وبالنظر إلى المستقبل، سيكون التركيز الرئيسي للشراكة الثنائية هو تعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي.

لقد أدت التحديات التي ظهرت نتيجة الحرب بين “حماس” وإسرائيل إلى تقريب الولايات المتحدة والبحرين من بعضهما البعض وأكدت التزام أمريكا تجاه الشرق الأوسط. وكانت البحرين الدولة العربية أو المسلمة الوحيدة التي انضمت علناً إلى عملية “حارس الازدهار” (“حارس الرخاء”)، وهي تحالف أمني متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة تم تشكيله في كانون الأول/ديسمبر 2023 للتصدي لتحديات الأمن البحري الإقليمي وضمان حرية الملاحة. وخلال هذه الأزمة، أثبتت الولايات المتحدة قدرتها على نقل الأشخاص والأنظمة والقدرات داخل المنطقة وخارجها للرد على التهديدات الناشئة والتحديات المتغيرة.

ويظل توسيع “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” ليشمل دولاً أخرى ذات تفكير مماثل هدفاً ثنائياً رئيسياً. ولا يستهدف “الاتفاق” أي دولة معينة – بل يهدف إلى توفير إطار للدول التي تدعم المبادئ المشتركة لإضفاء الطابع الرسمي على التزاماتها المتبادلة. ويوفر هذا “الاتفاق” فرصة مبتكرة لمثل هؤلاء الشركاء للمساهمة في بنية أمنية إقليمية جديدة وتشكيل شبكة موثوقة للتكامل في مجالات الدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا.

الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة

يأتي توقيع “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” في أعقاب تاريخ طويل من الثقة والاعتماد والشراكة المستدامة بين الولايات المتحدة والبحرين. وتستضيف البحرين بالفعل المقر الرئيسي “للقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية” و”الأسطول الخامس”، بما في ذلك حوالي 9000 من أفراد الجيش الأمريكي. ومع ذلك، يوفر “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” مخططاً جديداً للعلاقات الثنائية ومنصة مبتكرة لزيادة التعاون والتكامل في ثلاثة قطاعات رئيسية: الدفاع والأمن، الاقتصاد والتجارة، والعلوم والتكنولوجيا. وقد تم بالفعل تحقيق تقدم من خلال عدة نجاحات بارزة، من بينها الموافقة على ضمان قرض بقيمة 500 مليون دولار من “بنك التصدير والاستيراد الأمريكي” لدعم مجموعة من مشاريع “بابكو للطاقة” في البحرين.

وبعد وقت قصير من توقيع “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل”، فقدت البحرين عدداً من العسكريين في هجوم شنته جماعة الحوثيين اليمنية. وعلى الرغم من أن هناك ثمناً يجب دفعه لتحقيق السلام في المنطقة، إلّا أن الشرق الأوسط لا يمكنه تحمل المزيد من التصعيد. وتُعتبر الشراكات مثل “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” ضرورية لتعزيز قدرة البحرين على بناء القدرات وحماية البنية التحتية الحيوية للمملكة من التهديدات الناشئة. ويُظهر قرار الانضمام إلى عملية “حارس الازدهار” التزام البحرين بالشراكة الاستراتيجية الثنائية والقيم المشتركة التي تنعكس في “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل”، بما في ذلك حماية المجال الجوي وأمن الملاحة البحرية.

و لتعزيز التكامل الاقتصادي والتكنولوجي الأكبر، تسعى البحرين إلى إنشاء قطاعات جديدة يمكنها تسهيل احتياجات الشركاء الإقليميين والدوليين، ومساعدة المملكة على أن تكون الرائدة في استقطاب الاستثمارات الأمريكية في الشرق الأوسط. ومع تحوّل الصناعات إلى الرقمنة، بإمكان البحرين أن تكون مركزاً موثوقاً لتخزين البيانات والبنية الأساسية السحابية. ويوفر “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” منصة فريدة لتحقيق تكامل أكبر على طول سلاسل التوريد الحيوية التي يمكن أن تساعد في مواجهة التهديدات التقليدية وغير التقليدية، بما في ذلك الهجمات السيبرانية والشبكية.

وبالنظر إلى المستقبل، ستسعى البحرين إلى تحويل “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” من اتفاق تنفيذي إلى معاهدة رسمية، وبالتالي تعزيز التعاون وتحقيق أهداف الاتفاقية. وتم ترك “المادة 8” من “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” مفتوحة عمداً لتشجيع الدول الأخرى على الانضمام إلى الاتفاقية والمساهمة في إنشاء بنية أمنية إقليمية جديدة. ويوفر “اتفاق التكامل الأمني والازدهار الشامل” نموذجاً قيّماً للإمكانات التي تحملها هذه الشراكات لتعزيز الرخاء، بما يتجاوز نطاق التعاون الدفاعي وحده.

 

المصدر : https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/allaqat-byn-alwlayat-almthdt-walbhryn-bd-mrwr-am-ly-atfaq-alshrakt-alastratyjyt

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M